فرضت زكاة الفطر في الثامن والعشرين من رمضان عام 2 هـ - فرض الله تعالى على عباده زكاة الفطر - وكانت قد فرضت قبل زكاة الأموال ، وهي واجبة من القرآن والسنة والإجماع .

وقد شرعت زكاة الفطر تطهيراً للنفس من أدرانها من الشح وغيره من الأخلاق الرديئة وتطهيراً للصيام مما قد يؤثر فيه وينقص ثوابه من اللغو والرفث ونحوهما وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح ومواساة للفقراء والمساكين وإغناءً لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد ، فعن ابن عباس مرفوعاً : (( فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو واللعب ، وطُعمة للمساكين )) .

وفيها إظهار شكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وما يسر من قيامه وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه ، وفيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم .

وتجب زكاة الفطر زكاة على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى حراً كان أو عبداً وسواء كان من أهل المدن أو القرى أو البوادي بإجماع مَن يعتد بقوله من المسلمين ، ولذا كان بعض السلف يخرجها عن الحمل .



ومن أدلة وجوبها

حديث ابن عمر قال : (( فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة )) .

ونحو هذا الحديث مما فيه التصريح بالفرض والأمر ، وإنما تجب على الغني - وليس المقصود بالغنى في هذا الباب الغنى في باب زكاة الأموال - بل المقصود به زكاة الفطر مَن فضل عنده صاع أو أكثر يوم العيد وليلته من قوته وقوت عياله ، ومَن تجب عليه نفقته ، وغير المكلفين كالأيتام والمجانين ونحوهم يخرجها راعيهم من مالهم مَن له عليه ولاية شرعية ، فإن لم يكن لهم مال فإنه يخرجها عنهم من ماله ممَن تجب عليه نفقتهم لعموم ما روي عن النبي أنه قال : (( أدوا الفطر عمَن تمونون )) .

وتخرج زكاة الفطر من الأصناف التي دل عليها حديث النبي وهي التمر والشعير والزبيب والأقط ، وقد أجاز الحنفية إخراج زكاة الفطر نقداً إعمالاً للمصلحة وفق مقاصد التشريع الحكيم ، وهو (( أولى ليتيسر للفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد لأنه قد لا يكون محتاجاً إلى الحبوب بل هو محتاج إلى ملابس أو لحم أو غير ذلك ، فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد مَن يشتري منه الحبوب ، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية ، هذا كله في حالة اليسر ، ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير )) .