أن التفكير في الموت لم يأخذ حيزًا كبيرًا من حياتك، تصل لدرجة الشلل التام، وإنما هو أثر على نفسيتك في اتجاه بعض القرارات، وبعض التصرفات، أما ما سوى ذلك: فإن الأمور ما زالت على ما هي عليه، وما زالت في وضعٍ طيبٍ، ولا يوجد هناك إشكال يتعلق بها. والحمد لله أن الله -تبارك وتعالى- أكرمك، بأن وظَّفت الخوف بطريقة إيجابية، فأنت أساسًا ذكرت أنك لا تخاف من الموت، ولكن تخاف أن تموت على غير عملٍ صالحٍ أو تموت على معصية لله تعالى، وهذا الكلام هو الذي يشغل بالك، وهو الذي يشغل تفكيرك. وأنا أقول بارك الله فيك: إن هذا الأمر ما تمَّ وضعه إلا حماية للمسلمين من أمثالك، ومن أمثالي، ولذا فإن الله -تبارك وتعالى جل وعلا- منَّ عليك ألا تخاف من الموت، ولكنك تخاف أن تموت على معصية، أحب أن أبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات على شيءٍ بُعث عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما يُبعث العبد على ما مات عليه). فما دمت الآن حريص على طاعة الله، وقد أكرمك الله -تبارك وتعالى- بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وقراءة القرآن والأذكار، وقد تعلق قلبك بالله -سبحانه وتعالى-، وأصبح لسانك يلهج بذكر الله عز وجل، فأعتقد أنك في وضع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ)، فهذه الوضعية التي أنت عليها وضعية رائعة جدًّا، وسوف ينفعك الله -تبارك وتعالى- بها في الدنيا والآخرة؛ لأنك بدأت تؤدي العبادات بقناعاتك الشخصية، ولا يعدو الأمر كما كان سابقًا، أنه مجرد إرضاءً لوالديك، وهذا في حد ذاته يعتبر إنجازًا رائعًا. أتمنى أن تحافظو على الصلوات في أوقاتها، تحافظو على وردكم من القرآن الكريم يوميًا، أن تُكثرو من ذكر الله -تبارك وتعالى- أن تُكثرو من الاستغفار، وأن تُكثرو من الصلاة على النبي محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- و-بإذن الله تعالى- هذه الحالة هي التي غالبًا ستموتون عليها بعد عُمرٍ طويل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا:" أن العبد يُبعث على ما مات عليه"، فأهل الطاعة يُبعثون على الطاعة، وأهل المعاصي يُبعثون على المعاصي. بجانب ذلك أن يسأل الإنسان الله تعالى الثبات، وأن يدعو بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين. اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك) وغير ذلك من الأدعية. كونك تخاف أنك ستموت على معصية الله، هذا خوفٌ في محلِّه، وهو كلامٌ رائعٌ وجيدٌ وواقعيٌ، ولكن بما أنك حريص على الطاعة لن تموت -إن شاء الله تعالى- إلا على الطاعة، أما إذا كان لديك معاصي فإنه يُخشى أن يموت العبد عليها، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها). ومن هنا أقول لك: عليك أن تطمئنو - باركَ الله فيكم -. وبالنسبة للخشوع: الله -تبارك وتعالى جل وعلا- جعل لكل شيءٍ سببًا، ومن هذه العبادات العظيمة (عبادة الخشوع)، تحتاج إلى الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله يرزقك عبادة الخشوع، ثم بعد ذلك تجتهد - من أول الأذان – في ترديد الأذان، والاستعداد للصلاة في أول وقتها، وحافظ على أن يكون وضوؤك وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- وحافظي على طاعة الله، التي بها تُعانو على مقاومة هذه السلبيات، وتدبرو الآيات والذكر والتسابيح التي تقرؤنها في الصلاة، وخير مثال للخشوع: هو وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- للإحسان، حيث قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) بمعنى: إذا حصل من العبد أن عبد الله كأنه يراه فقد حصل الخشوع، وإن لم يكن كذلك فليعلم أن الله يراه، فيُحْسِنُ صلاته ويعقلها. الأمر سهل ميسور بفضل الله، والناس يُحبون الخير ويحرصون عليه، والذي يُحب الخير ويحرص عليه، يموت عليه، فثقو وتأكدو أن الله لن يُضيعكم