دور التنشئة الاجتماعية في تكوين السلوك الديمقراطي
د. طلال عبد المعطي مصطفى
ازداد عدد من يتحدث عن الديمقراطية في الآونة الأخيرة، ورفعت كشعار لدى الكثيرين، الذين لم يرفعوها سابقاً، والأسئلة التي تدور حول الديمقراطية كثيرة، هل الديمقراطية الحل السحري للمشاكل الكثيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية؟ هل هي فعلاً ضرورة تاريخية وحضارية؟ أم أنها مجرد شعار استهلاكي يوظف لخدمة هذه السياسة أو تلك!!
وفي الواقع ان للحديث عن الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية محاذير كثيرة، أولها الخوف من استعداء السلطة! إلى عدم الضمانة - على الإطلاق- من رحابة صدر الناس حول ما نريد التحدث عنه!
فكم من الناس يتشدقون بالحديث عن الديمقراطية، وفي الوقت نفسه لا يرضون إلا بالديمقراطية ـ التي توافق هواهم وأمزجتهم، وكم من الناس يشدد –وفي كل مناسبة- على التمسك بمبادئ الديمقراطية، مثل حرية الفكر والعمل والقول، والعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، ولكنهم كثيراً ما يضيقون ذرعاً بوجهات نظر الآخرين حتى ولو كانت صائبة ومنطقية، بل يصل الأمر إلى فقدان صداقة زميل لنا، فيما إذا اختلفنا معه في وجهة نظر سياسية كانت أم اجتماعية أم مهنية …الخ وتصل إلى حد الخصومة، والأسى يزداد عندما تأتي هذه الخصومة من أصدقاء نالوا حظاً وافراً من المعرفة والاطلاع، وفي الوقت نفسه يشتكون دائماً من غياب الديمقراطية.
وسنتناول مفهوم الديمقراطية في دراستنا بمعناها العام كطريقة في الحياة يستطيع فيها كل فرد في المجتمع أن يتمتع بتكافؤ الفرص عندما يشارك في الحياة الاجتماعية، وهي بمعنى أضيق تعني الفرصة التي يتيحها المجتمع لأفراده للمشاركة بحرية في اتخاذ القرارات في نواحي الحياة المختلفة.
ويتضمن هذا المفهوم مجموعة من المعايير، وهذه المعايير تترجم بدورها إلى سلوك ومعتقدات وقيم، ويرى الباحثون أن القيم التي ترتبط بالديمقراطية ويلتزم بها الأفراد تنتقل إليهم من ثقافتهم عبر الأجيال المختلفة، ومن أهم هذه القيم:
1-تقدير المشاركة العامة في اتخاذ القرار، وضمان حرية التعبير
2-مسؤولية الفرد عن أفعاله
3-الاهتمام بالحقوق الإنسانية والابتعاد عن استغلال الآخرين
4-تحقيق العدالة بين جميع أفراد المجتمع (durio ,1976 ,56)
أما أهم الخصائص التي يجب أن يتصف بها الإنسان الديمقراطي كما أجمع الباحثون:
1-المشاركة الاجتماعية والمساواة في هذه المشاركة
2-الاجتهاد في فهم مشاعر الآخرين واهتماماتهم
3-أن يتقبل الفرد الأفراد الآخرين على أنهم متساوون معه
4-إذا حدث صراع بين فرد وآخر فلا يصل هذا الصراع إلى طريق العنف.
5-أن يتقبل الفرد الصراع الذي يكون محتوماً في بعض الأحيان.m ullcwolf ,1978,32))
وهذا يعني أن الفرد الذي يتمسك بقيم الديمقراطية سيدفعه ذلك إلى أن يلتزم في سلوكه مع الآخرين.
وعندما توصل العلماء إلى تحديد خصائص السلوك الديمقراطي، اصبح من الممكن لعلماء العلوم الاجتماعية عامة وعلماء النفس خاصة دراسة هذا السلوك دراسة علمية.
ويلاحظ أن علماء النفس –منذ الخمسينات- عندما درسوا السلوك الديمقراطي كان معظم تركيزهم على نقيض الديمقراطية وهو التسلطية، فبرهنت بحوثهم على أن التسلطية ترتبط بانخفاض قوة الأنا عند الفرد، والشعور بالعداوة، وانخفاض القدرة على ضبط النفس، وعدم القدرة على التحكم في التقلبات الوجدانية، والمبالغة في تضخيم الذات، وكما نلاحظ فإنها على النقيض من خصائص سلوك الشخص الديمقراطي (ابراهيم، 1970، 209-235)
بذلك ابتعد علماء النفس بمفهوم الديمقراطية من معناه السياسي البحت إلى معناه العام وهو المعنى النفسي الاجتماعي.
ويرى علماء النفس أن أي سلوك يصدر عن شخصية الفرد، ولذلك يمكن القول أن شخصية الفرد هي التي تجعله يسلك سلوكاً ديمقراطياً أو سلوكاً تسلطياً ولذلك من المهم أن تعرف ما هي الشخصية؟
أولاً - تعريف الشخصية:
54) ذلك لأن الشخصية ليست مجرد مجموعة من السمات أو القدرات المتراصة بعضها إلى جانب بعض والتي يحيطها غلاف من الجليد وإنما تقوم بين جميع عناصرها وأبعادها وسماتها علاقات تفاعل، أي تأثير وتأثر أو تأثير متبادل، وتتضمن شخصية الفرد سماته الوراثية والمكتسبة وعاداته وقيمه واهتماماته وعواطفه واتجاهاته وميوله، وسمات الشخصية ليست ثابتة ثبوتاً مطلقاً وإنما يحتويها التغير والتطور والنمو، ولذلك لا تتمتع إلا بالثبات النفسي (الحفني، 1978، 54)
ومن هذا التعريف يتبين أن لعملية التنشئة الاجتماعية في مرحلة النمو المبكرة للطفل دوراً أساسياً في تشكيل شخصيته في الكبر، ولذلك سنقف قليلاً عند هذه العملية الهامة وهي التنشئة الاجتماعية لعلاقتها المباشرة بموضوع السلوك الديمقراطي
د. طلال عبد المعطي مصطفى
ازداد عدد من يتحدث عن الديمقراطية في الآونة الأخيرة، ورفعت كشعار لدى الكثيرين، الذين لم يرفعوها سابقاً، والأسئلة التي تدور حول الديمقراطية كثيرة، هل الديمقراطية الحل السحري للمشاكل الكثيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية؟ هل هي فعلاً ضرورة تاريخية وحضارية؟ أم أنها مجرد شعار استهلاكي يوظف لخدمة هذه السياسة أو تلك!!
وفي الواقع ان للحديث عن الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية محاذير كثيرة، أولها الخوف من استعداء السلطة! إلى عدم الضمانة - على الإطلاق- من رحابة صدر الناس حول ما نريد التحدث عنه!
فكم من الناس يتشدقون بالحديث عن الديمقراطية، وفي الوقت نفسه لا يرضون إلا بالديمقراطية ـ التي توافق هواهم وأمزجتهم، وكم من الناس يشدد –وفي كل مناسبة- على التمسك بمبادئ الديمقراطية، مثل حرية الفكر والعمل والقول، والعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، ولكنهم كثيراً ما يضيقون ذرعاً بوجهات نظر الآخرين حتى ولو كانت صائبة ومنطقية، بل يصل الأمر إلى فقدان صداقة زميل لنا، فيما إذا اختلفنا معه في وجهة نظر سياسية كانت أم اجتماعية أم مهنية …الخ وتصل إلى حد الخصومة، والأسى يزداد عندما تأتي هذه الخصومة من أصدقاء نالوا حظاً وافراً من المعرفة والاطلاع، وفي الوقت نفسه يشتكون دائماً من غياب الديمقراطية.
وسنتناول مفهوم الديمقراطية في دراستنا بمعناها العام كطريقة في الحياة يستطيع فيها كل فرد في المجتمع أن يتمتع بتكافؤ الفرص عندما يشارك في الحياة الاجتماعية، وهي بمعنى أضيق تعني الفرصة التي يتيحها المجتمع لأفراده للمشاركة بحرية في اتخاذ القرارات في نواحي الحياة المختلفة.
ويتضمن هذا المفهوم مجموعة من المعايير، وهذه المعايير تترجم بدورها إلى سلوك ومعتقدات وقيم، ويرى الباحثون أن القيم التي ترتبط بالديمقراطية ويلتزم بها الأفراد تنتقل إليهم من ثقافتهم عبر الأجيال المختلفة، ومن أهم هذه القيم:
1-تقدير المشاركة العامة في اتخاذ القرار، وضمان حرية التعبير
2-مسؤولية الفرد عن أفعاله
3-الاهتمام بالحقوق الإنسانية والابتعاد عن استغلال الآخرين
4-تحقيق العدالة بين جميع أفراد المجتمع (durio ,1976 ,56)
أما أهم الخصائص التي يجب أن يتصف بها الإنسان الديمقراطي كما أجمع الباحثون:
1-المشاركة الاجتماعية والمساواة في هذه المشاركة
2-الاجتهاد في فهم مشاعر الآخرين واهتماماتهم
3-أن يتقبل الفرد الأفراد الآخرين على أنهم متساوون معه
4-إذا حدث صراع بين فرد وآخر فلا يصل هذا الصراع إلى طريق العنف.
5-أن يتقبل الفرد الصراع الذي يكون محتوماً في بعض الأحيان.m ullcwolf ,1978,32))
وهذا يعني أن الفرد الذي يتمسك بقيم الديمقراطية سيدفعه ذلك إلى أن يلتزم في سلوكه مع الآخرين.
وعندما توصل العلماء إلى تحديد خصائص السلوك الديمقراطي، اصبح من الممكن لعلماء العلوم الاجتماعية عامة وعلماء النفس خاصة دراسة هذا السلوك دراسة علمية.
ويلاحظ أن علماء النفس –منذ الخمسينات- عندما درسوا السلوك الديمقراطي كان معظم تركيزهم على نقيض الديمقراطية وهو التسلطية، فبرهنت بحوثهم على أن التسلطية ترتبط بانخفاض قوة الأنا عند الفرد، والشعور بالعداوة، وانخفاض القدرة على ضبط النفس، وعدم القدرة على التحكم في التقلبات الوجدانية، والمبالغة في تضخيم الذات، وكما نلاحظ فإنها على النقيض من خصائص سلوك الشخص الديمقراطي (ابراهيم، 1970، 209-235)
بذلك ابتعد علماء النفس بمفهوم الديمقراطية من معناه السياسي البحت إلى معناه العام وهو المعنى النفسي الاجتماعي.
ويرى علماء النفس أن أي سلوك يصدر عن شخصية الفرد، ولذلك يمكن القول أن شخصية الفرد هي التي تجعله يسلك سلوكاً ديمقراطياً أو سلوكاً تسلطياً ولذلك من المهم أن تعرف ما هي الشخصية؟
أولاً - تعريف الشخصية:
54) ذلك لأن الشخصية ليست مجرد مجموعة من السمات أو القدرات المتراصة بعضها إلى جانب بعض والتي يحيطها غلاف من الجليد وإنما تقوم بين جميع عناصرها وأبعادها وسماتها علاقات تفاعل، أي تأثير وتأثر أو تأثير متبادل، وتتضمن شخصية الفرد سماته الوراثية والمكتسبة وعاداته وقيمه واهتماماته وعواطفه واتجاهاته وميوله، وسمات الشخصية ليست ثابتة ثبوتاً مطلقاً وإنما يحتويها التغير والتطور والنمو، ولذلك لا تتمتع إلا بالثبات النفسي (الحفني، 1978، 54)
ومن هذا التعريف يتبين أن لعملية التنشئة الاجتماعية في مرحلة النمو المبكرة للطفل دوراً أساسياً في تشكيل شخصيته في الكبر، ولذلك سنقف قليلاً عند هذه العملية الهامة وهي التنشئة الاجتماعية لعلاقتها المباشرة بموضوع السلوك الديمقراطي