بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته..
الحمدلله ، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم ، وبعد : فهذا جمع لما تيسر من
فتاوى العلماء الأجلاء ؛ حول أحكام " شعر المرأة " ، أسأل الله أن ينفع به .
وهنا أمور أنبه عليها في جمعي ؛ وهي :
• قد لا ألتزم بلفظهم ؛ لكن لا يتغير معناه - إن شاء الله - .
• قد أصيغ العبارة كلها مني ، وأقول في آخرها : ( بنحوه ) ، وأذكر إسم العالم .
• قد أشير إلى الدليل ؛ دون ذكره كله .
• وضعت الرموز الخاصة بكل عالم آخر الفتاوى .
والله الموفق .
(
1 ) جمع المرأة شعرها أعلى رأسها لا يجوز لحديث أبى هريرة - رضي الله عنه -
؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صنفان من أهل النار لم
أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات
عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ؛ لا يدخلن الجنة ولا
يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وَكذا ) . رواه مسلم . ( ج )
( 2 ) جمع شعرها ، أو لفه حول رأسها ؛ حتى يصير كالعمامة - كالرجل - لا يجوز . وعلته : لما فيه تشبه بالرجال . ( ج )
قلت
: أو ما يسمونه بـ ( الكعكة ) ؛ فيحشونه حتى يكبر ؛ فهذا منهي عنه أيضًا .
والله أعلم ، وقد نبه عليه أيضًا الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - .
( 3
) جمعه ، وجعله قرنًا واحدًا أو أكثر ، وسدله على الظهر مظفورًا - وغير
مظفور - ؛ فلا حرج ما دام مستورًا عمن لا يحل لهم . والعلة : عدم ورود
النهي عن ذلك . ( ج )
( 4 ) ولو كان الشعر على الرقبة ؛ فلا بأس إلا إن خرجت للسوق ، فقد يظهر من خلفها ؛ فيكون من التبرج . ( ع )
( 5 ) يحرم وصل شعر المرأة بغيره من الشعر ، وغيره مما يلتبس به الشعر للأدلة الناهية عنه . ( ج )
قلت
: لحديث : ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ) ، وعند النسائي من حديث : سعيد
المقبري قال : رأيت معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - على المنبر ،
ومعه في يده كبه من كبب النساء من شعر ؛ فقال : ما بال المسلمات يصنعن مثل
هذا ؟! إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ يقول : ( أيما امرأةٍ
زادت في رأسها شعرًا ليس منه ، فإنه زور تزيد فيه ) . قال الشيخ الألباني :
( صحيح ) .
( 6 ) تجعيد الشعر : وهو تخشين الشعر الناعم ؛ فلا بأس ،
وهو الأصل ، وإن كان تجعيده لأجل التشبه بالفاجرات الكافرات ؛ فلا يجوز . (
ع )
قلت : للحديث : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
( 7 ) لا يجوز وضع
شرائط في الشعر ، أو بكلات ؛ تزيد من حجم الشعر وتكبيره ، وتزيد في طوله ،
وسواء جمع الشعر أعلى الرأس ، أو بجانبه بحيث يصبح وكأنه رأسان ، وقد جاء
الوعيد في الحديث السابق : والذي فيه : ( رؤوسهن كأسنمة البختِ المائلة ) .
( ف )
( 8 ) الشرائط التي لا تكبر حجم الرأس ، ويحتاج إليها لإصلاح
الشعر ؛ فلا بأس بها ، أما لو كانت على صورة حيوانات أو آلات موسيقية ؛ فلا
تجوز لحرمة الصور ، واستخدامها في لباس وغيره . ( ف )
( 9 ) فرق الرأس
ينبغي أن يكون من الوسط من الناصية - وهو السنة - ، ويكون الشعر من
الجانبين على حد سواء ، وفرقه من جانب واحد لا ينبغي لا سيما إن كان فيه
تشبه بغير المسلمات ؛ فإنه يكون حرامًا ، وربما يدخل في حديث : ( المائلات
المميلات ) لتفسير بعض العلماء بأنهن : اللاتي يمشطن المشطة المائلة ؛ ولكن
الصواب : المائلة عما يجب عليها من الحياء . ( ع )
قلت : وكذا التشبه بالفاسقات من ممثلات ، ونحوهن لحديث : ( من تشبه بقوم ؛ فهو منهم ) .
( 10 ) لو ذهبت المرأة لماشطة تمشطها بأجرة سهلة يسيرة - وليست باهظة فتدخل في حد الإسراف - بقصد التجمل لزوجها ؛ فلا بأس . ( ع )
( 11 ) الذهاب للكوافيرات فيه عدة محذورات ، أهمها :
• تحلي الكوافيرات الشعور بحلي الكفار ؛ وفيه تشبه بهم .
• عملهن فيه النمص ، وهو محرم بالنص : ( لعن الله النامصة والمتنمصة ) ، واللعن : الطرد والإبعاد من رحمة الله .
قلت : ويلتحق به التشقير ؛ فهو في حكم النمص .
• إضاعة المال الكثير بلا فائدة بل لما يكون فيه مضرة . ( ع )
قلت : والشرع حرم إضاعة المال ؛ ففي الحديث : ( نهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة المال ) .
•
تنمية لأفكار النساء أن يأخذن مثل هذه الحلي التي يتمتع بها نساء الكفار
حتى تميل المرأة بعد ذلك إلى أعظم من هذا من تحلل وفساد في الأخلاق .
• ما توضع على أفخاذ النساء مما تسمى بالحلوى ؛ ففيه إطلاع على عورة المراة دون حاجة ، وهو محرم لا يجوز . ( ع )
قلت
: ومنه أيضًا : ما يفعل الآن مما يسمونه مساجًا واستخدام الصوابين
المغربية ، ونحوها في تغسيل جسم المرأة والاطلاع على عورتها ، وكلها من
المحرمات - والله المستعان - .
( 12 ) أما الرجال الذين يعملون الكوافير
؛ فلا يجوز الذهاب إليهم ، وهو محرم على النساء أن يطلع على عوراتهن
وشعورهن رجال أجانب . ( ز )
( 13 ) قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئا ؛
والمنهي عنه : الحلق ، وللمرأة أن تقص من طوله أو من كثرته ؛ فلا بأس به
ولو للتزين للزوج بشرط لا يكون فيه تشبهًا بالكافرات . ( ز ، ع )
قلت : ولا بالفاسقات .
عنها أو كان فيه كلفة على المرأة بالغسل والمشط . ( ز ، ف )
قلت : ودليل الجواز فعل عائشة - رضي الله عنها - وحلقه لعلة أو مرض لا بأس . ( ز )
قلت
: حديث علي - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (
نهى أن تحلق المرأة رأسها ) . رواه الترمذي والنسائي . وهو : ضعيف .
وإن كان القص كهيئة شعر الرجل ؛ فحرام لأنه تشبه بالرجال ، وفي الحديث : ( لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ) . ( ع )
قلت : وفيه قول آخر : لا يجوز قصه إلا للحاجة فقط . ( ف ) ، والأول عندي أصح ، وفي قول : أنه مكروه أي : القص وهو مشهور مذهب أحمد .
(
14 ) هناك قصص يعملنها بشعورهن النساء ؛ كالتي يسمونها : " قصة ديانا " -
إسم لامرأة كافرة - ، و " قصة الأسد " و " قصة الفأر " ، وغيرها مما هو
شبيهًا بها أو مما يتجدد الآن ؛ كله حرام لأن فيه تشبه بالكفار وبالحيوانات
. - بنحوه - . ( ف )
( 15 ) يجوز لها إزالة كل شعر الجسم ما عدا الحاجب
والرأس ؛ فلا يجوز إزالتهما ولا شيئا منهما ، وتتولى ذلك بنفسها ، أو
زوجها ، أو أحد محارمها ، أو أمرأة ؛ فيما يجوز لهم : أن يطلعوا عليه من
جسمها . ( ج )
( 16 ) إن قصت المرأة شعرها من فوق جبهتها وجعلت خصلات
تتدلى عليها : فإن كان تشبهًا بنساء الكافرات والملحدين ؛ فحرام لا يجوز ؛
للتشبه ، وقد مضى دليله . وإن كان لعادة النساء فيما بينهن ، وأردن به
التجمل لأزواجهن أو أمام أقربائهن ؛ فلا يظهر لنا بأس . ( ج )
( 17 ) لو قصت لأجل أنه يتساقط ؛ فلاحرج . ( ج )
(
18 ) الباروكة محرمة ، والسبب : دخولها في الوصل المنهي عنه - بنحوه - ( ع
) ، ولو لم تعد وصلاً ؛ فهي تظهر رأس المراة أطول من حقيقته ؛ فتشبه الوصل
، والواصلة ملعونة ؛ كما في الحديث ( ع ) ، وسواء كان بإذن الزوج أو بغير
إذنه ؛ لأن المحرم لا إذن ولا رضى فيه .
( 19 ) إن كانت المرأة قرعاء ؛ فعلى قول : يجوز لها استخدام الباروكة ( ع ) ، وعلى قول : لا يجوز لها .
قلت
: يظهر لي قول ابن عثيمين : الجواز ، وقد بناها الشيخ على أن هذا عيب ،
ويجوز ستر العيوب كمن أذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - في اتخاذ أنف من
ذهب ؛ لما قطع أنفه في أحد الغزوات .
( 20 ) مسائل التجميل بين الحل
والحرمة : إن كان لإزالة عيب موجود مثل : من كان في أنفه إعوجاج ؛ فيعدله ،
أو بقعة سوداء فيزيلها ؛ فلا بأس . ( ع )
قلت : ومثل لو كان : كان في
الوجه إسوداد وكان فاتحًا من قبل ؛ فاستخدمت ما يفتح البشرة ؛ فلا حرج - إن
شاء الله - ، والتجميل - حرام - إن كان لغير إزالة عيب كالوشم والنمص
والباروكة . ( ع )
قلت : ومنه أيضًا : تضخيم الفم والأثداء وبعض أماكن الجسم ، وبالأخص إن كان تقليدًا للكافرات والفاسقات .
(
21 ) صبغ الشعر وأحكامه : صبغ الشعر باللون الأسود الخالص : حرام لقوله -
عليه الصلاة والسلام - : ( غيروا هذا الشيب ، وجنبوه السواد ) ، وتغيير
الشيب : سنة ، ولو خلط معه لونًا آخر ؛ حتى صار أدهمًا ؛ فلا بأس ( ع ) ،
وحينه ؛ فلا بأس أن تصبغه باللون البني والأشقر ونحوهما بشرط : لا يكون فيه
تشبه بالكافرات ، أو العاهرات ، أو الفاجرات ؛ فحينها يكون حرامًا - بنحوه
- . ( ع )
( 22 ) ولا بأس أن يكون بالحناء ، ولو في أيام الحيض ( ج ) ، ولا يفطر من الصوم لو وضعته أيام الصوم . ( ع )
قلت : وقد كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخضبن شعورهن بالحناء .
(
23 ) ولا يمنع - الحناء - صحة الوضوء ؛ فليس له جرم يمنع وصول الماء ،
وإنما هو لون فقط ، والذي يمنع من وصول الماء ما كان له جسم ؛ فلا بد من
إزالته حتى يصح الوضوء . ( ع )
قلت : مثل ما يسمونها بالمناكير . وقد كانت الصحابيات يخضبن بالليل ؛ فهذا أفضل - والله الموفق - .
(
24 ) صبغ أجزاء من الشعر كأطرافه ، أو أعلاه - ما يسمى بالميش - ، والأصل
فيه الحل إلا إن يكون باللون الأسود ، أو كان فيه تشبه بالكافرات أو
الفاجرات . ( ع )
( 25 ) الألوان التي يصبغ بها الشعر ثلاثة :
• قسم مأمور به : كالحناء والكتم لتغيير الشيب للدليل .
• قسم منهي عنه : وهو السواد لتغيير الشيب .
•
قسم مسكوت عنه : وما سكت عنه مما الأصل فيه الحل ؛ فهو حلال ، فيكون حكم
تغييره من أسود لأحمر جائز ؛ إلا للتشبه فحرام - كما تقدم غير مرة - . ( ع )
قلت : وهناك قول بالمنع ؛ لأنه لم يأت الدليل إلا بتغيير الشيب ، ولا داعي لتغيير الأسود ؛ فهو من تغيير الخلقة . بنحوه . ( ف )
(
26 ) أحكام متفرقة : حكم دفن الشعر الساقط ، أو السن ، أو الظفر ، فهو
مستحب عند بعض العلماء ؛ لأثر عن ابن عمر ، وفعل صحابي أولى من فعل غيره . (
ع )
( 27 ) لا بأس بالأخذ مما ينبت كاللحية في الوجه أو الشارب ،
لأنهما ليسا من أصل الخلقة ، أما لو كان من أصل الخلقة ؛ فلا يجوز ( ج ، ز )
، وكذا شعر الساقين أو اليدين ؛ فلم يرد النهي فيهما . ( ج ، ز )
( 28 ) يجوز كشف الرأس أمام والدها ، وعمها ، والأولى تغطيته لأنهما من المحارم . ( عح ) .
قلت : وباقي المحارم أيضًا ؛ إلا أن يكون كشفها - لهم - فيه فتنة بها ، أو لهم .
(
29 ) يجوز كشف المرأة شعرها ووجهها أمام المرأة الكافرة على قول ( ع ) ،
والقول الثاني : لا يجيزه ( ب ) ، وكلاهما استدل بالآية ، وهي : ﴿ وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ
أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ
لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ . [ النور : 31 ] .
فهل ﴿ نِسَائِهِنَّ ﴾ - هنا - : أي جنس النساء عمومًا ؟ أو الكافرات ؟
فمن قال بالأول : جوز الكشف أمام الكافرات ، ومن قال بالثاني : لم يجوزه .
قلت : والصحيح عندي الجواز .
تم بحمد الله تعالى
جمع وإعداد : عبد الله بن حميد صوان الغامدي
__________________________
الرموز المستخدمة :
• ( هـ ) : الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .
• ( ز ) : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
• ( عح ) : الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد .
• ( ع ) : الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
• ( ب ) : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
• ( ف ) : الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان .
• ( ج ) : فتاوى " اللجنة الدائمة " .
• ( قلت ) : الشيخ عبد الله بن حميد صوان الغامدي .