بَادِرْ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرْ (1)
العناصر:
(1) قصة الحياة ( 2) رحلة كد وتعب
(3) غرباء (4) بادر قبل أن تبادر
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونسترضيه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا سبحانه له الدوام ولخلقه الزوال والصلاة والسلام علي نبيه العدنان محمد بن عبد الله اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلي آله وصحبه وسلم تسليما عدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك وارض اللهم عن سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين وارض اللهم عنا معهم أجمعين
وبعد
أيها الأحباب نودع العام تلو العام فما أسرع ما تمضي وتنقضي وما أعظم ما تحوي هذه الأيام والأعوام فكم من اختبار وبلاء يمر بنا وكم من السيئات اجترحنا وكم من عزيز بات ذليلا وكم من ذليل أصبح عزيزا وكم من فقير أضحى غنيا وكم من غني أمسى فقيرا وكم فارقنا من الأحباب وكم شيعنا من أب وأم وكم نعينا من ولد وبنت وكم دفنا من أخ وأخت وكم وكم .....
هي طبيعة الأيام يوم يسلِّم ليوم وأسبوع يعقبه أسبوع وشهر يأتي تلو شهر
قصة الحياة
قصة تتكرر في كل يوم مرات ومرات قصة طفل يولد فيفرح به أبواه ويسعد به أهله ثم يحبو ويخطو بقدميه ثم يصبح صبيا يلعب ويمرح ثم يضحى شابا قويا فتيا له أحلامه وطموحاته وأمانيه وتمر الأيام حتى يمسي رجلا كبيرا له بيته وزوجته وأولاده ثم تتعاقب عليه الأيام فيبيت شيخا هرما أو عجوزا كبيرة ضعف السمع وقل البصر وفقدت الأسنان وثقل اللسان وانحنى الظهر وامتلأ الرأس شيبا.... ثم ماذا ثم المصير المحتوم المكتوب علي كل صغير وكبير ذكر وأنثي رجل وامرأة ثم موت ثم قبر ثم حشر ثم حساب ثم جنة أبد أو والعياذ بالله نار أبدا هذه قصة مكرورة فكم من مولود يولد في كل يوم مئات يولدون في كل يوم في العالم وكم من ميت يقبر في كل يوم مئات
هذه هي قصة الحياة قصتك وقصتي بكل سهولة وبكل وضوح
نبهنا القرآن الكريم إلي هذه القصة فذكرها في تمثيل وتشبيه رائع نراه أيضا أمام أعيننا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[ الحديد :20]
هذه هي حقيقة الدنيا مثلها مثل الزرع الذي تزرعه ينبت ضعيفا نبتا صغيرا بورقة أو ورقتين مثل الطفل تماما ثم يكبر ويكبر ويشتد ساقه حتى يأتي يوم الحصاد وقد ذبل واصفر وذهبت منه الحياة هذه هي الحياة تفاخر بما نملك وبما نجمع ثم في الآخرة عذاب للمغرورين بهذه الزينة ومغفرة من الله ورضوان لمن عرف أن الدنيا مُزَيَّنة فلم يغتر بها ولم يركن إليها
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف : 45،46]
الدنيا زينة نتزين بها وقتا ثم يزول أو نزول عنها ، والباقي هو ما نعمله من الصالحات ، عند ربك هو الذي يحصيه لنا ويرعاه لنا حتى يوم نلقاه ينجينا به وبرحمته ربنا ، حتى الأولاد لن ينفعوك في الآخرة إلي ما زرعت فيهم من الصالحات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} التغابن[14- 15]
رحلة كد وتعب
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} الإنشقاق [6]
أي ساع إلى ربك سعيا ، وإذا مضي عام فقد قربت من قبرك عام ، وعام وراء عام حتى لا يبقي لنا إلا دقائق وثوان ، فالأيام التي نعدها هي تعدنا وتحصي علينا الأنفاس
يقول الشهيد سيد قطب : هذا النداء العلوي للإنسان ، وأمامه الكون بسمائه وأرضه مستسلماً لربه هذا الاستسلام : يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحاً ، تحمل عبئك ، وتجهد جهدك ، وتشق طريقك لتصل في النهاية إلى ربك . فإليه المرجع وإليه المآب . أيها الإنسان إنك كادح حتى في متاعك فأنت لا تبلغه في هذه الأرض إلا بجهد وكد . إن لم يكن جهد بدن وكد عمل ، فهو جهد تفكير وكد مشاعر . الواجد والمحروم سواء . إنما يختلف نوع الكدح ولون العناء ، وحقيقة الكدح هي المستقرة في حياة الإنسان ثم النهاية في آخر المطاف إلى الله سواء .في ظلال القرآن
جُبِلَتْ على كَدَرٍ وأنت تُريدُها… صَفْواً مِنَ الأقذارِ والأكْدارِ
ومَكَلِّفُ الأيامِ ضِدَّ طِباعِها … مُتَطَلِّبٌ في الماءِ جَذْوَةَ نارِ
غرباء
نعم نحن في سفر سفر إلي الدار الآخرة ونحن في هذه الدنيا غرباء ليست أرضنا وليست مسكننا وليست بلدنا إنما بلدنا الحقيقي هو الجنة التي سكنها من قبل أبونا آدم وأخرجه الشيطان منها وإنا إليها راجعون إن شاء الله ، فنحن في غربة ، مسافرون ، غرباء ، كما بين ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِى فَقَالَ « كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . البخاري وزاد الترمذي « وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ»
فالدنيا محطة نتزود فيها للسفر ثم ننطلق إلي غايتنا إلي هدفنا إلي الله إلي الجنة
ولله ضر القائل
فحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا و نسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِى جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِى وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا » . قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني .
ما هي إلا قنطرة ممر لا يجب أن ننشغل بها عن الأصل الدنيا قنطرة فالقنطرة نَعْبُرُهَا لا نَعْمُرُهَا فهل تتخيل من يستظل بذل شجرة لساعة يبني ويعمر ويشيد وينسي أنه مسافر وكأنه مخلد فيها ؟!فعاب القرآن علي المنشغلين بالقنطرة المتمسكين بالمحطة عن السفر الذي هو سبيل غايتهم يعيب علي من يظنون أنهم مخلدون ويبدو ذلك من أفعالهم فيقول ربنا تبارك وتعالي { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) } التكاثر
يقول الشهيد سيد قطب : أيها السادرون المخمورون . أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون . أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه . أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر استيقظوا وانظروا فقد { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } ..... ثم يلقي بالإيقاع الأخير ، الذي يدع المخمور يفيق ، والغافل يتنبه ، والسادر يتلفت ، والناعم يرتعش ويرتجف مما في يديه من نعيم { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } !لتسألن عنه من أين نلتموه؟ وفيم أنفقتموه؟ أمن طاعة وفي طاعة؟ أم من معصية وفي معصية؟ أمن حلال وفي حلال؟ أم من حرام وفي حرام؟ . هل شكرتم؟ هل أديتم؟ هل شاركتم؟ هل استأثرتم؟ {لَتُسْأَلُنَّ} عما تتكاثرون به وتتفاخرون . . فهو عبء تستخفونه في غمرتكم ولهوكم ولكن وراءه ما وراءه من هم ثقيل!
. وما يقرأ الإنسان هذه السورة الجليلة الرهيبة العميقة ، بإيقاعاتها الصاعدة الذاهبة في الفضاء إلى بعيد في مطلعها ، الرصينة الذاهبة إلى القرار العميق في نهايتها . . حتى يشعر بثقل ما على عاتقه من أعقاب هذه الحياة الوامضة التي يحياها على الأرض ،
ثم يحمل ما يحمل منها ويمضي به مثقلاً في الطريق! ثم ينشئ يحاسب نفسه على
الصغير والزهيد!!! في ظلال القرآن بتصرف يسير
آه لنا عند المقابر مشيعين أو زائرينا ننشغل بالتكاثر والمال والأطيان والمصانع و...و.. ،
يقرأ النبي صلي الله عليه وسلم هذه الآيات فيقول عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) قَالَ « يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى - قَالَ - وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ » . رواه مسلم وزاد في رواية « ومَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ » ينادي ابن آدم فيقول مالي مالي كنوزي وثرواتي مصانعي شركاتي أطياني ذهبي فضتي أسهمي ، مسكين هو !! أي مال وأي ثروة التي هو تاركها لمن بعده ولو دامت لغيره ما وصلت إليه ، أي مال ؟ الطعام الشراب والملبس جميعا إلي فناء بعد دقائق تزول لذة أي شهوة ويبقي الحساب عليها والعمل الصالح هو الباقي
يحكى أن رجلا كان يسكن في بيت قديم متواضع وكانت أمنياته وحلمه أن يبني بيتا جديدا قصرا كبيرا فظل يجتهد ويكدح وسافر هنا وهناك حتى استطاع أن يبني بناء مشيدا علي أحدث نظام وعلي أروع ما يكون وكان يحلم بيوم النقلة إلي البيت الجديد حتى جاء هذا اليوم وانتقلت الأسرة إلي قصرها الجديد وأقاموا لذلك حفلا وسهروا وأكلوا وشربوا وضحكوا وسعدوا سعادة بالغة ثم نام الجميع مبتهجين وفي الصباح إذا بهم يوقظون هذا الرجل من نومه فما قام من رقدته جاءه ملك الموت وهو نائم ، بني
بيتا جديد لتقبض فيه روحه في أول ليلة ، بني قصرا وسكن قبرا ، بني قصرا وأراد أن يسكنه وكتب الله له قبرا ليدخله ، ثم تزوجت امرأته برجل آخر هو الذي سكن هذا القصر ...بني وسكن غيره... وهو يحاسب علي بيته الذي لم يسكنه فكم من بني وسكن غيره وكم من جمع وأكل وارثه وكم من كدح وتمتع غيره وكم من تعب ليستريح من بعده وهو في التراب يحاسب علي متعة غيره
دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّامَ فَقَالَ : يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْمَعُوا قَوْلَ أَخٍ نَاصِحٍ ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ : مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ .
إنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ بَنَوْا مَشِيدًا ، وَأَمَّلُوا بَعِيدًا ، وَجَمَعُوا كَثِيرًا فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا ، وَجَمْعُهُمْ ثُبُورًا ، وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا .أدب الدنيا والدين
أيها المعتبرون اعتبروا بمن سبقكم يا من تبيعون الآخرة بدنيا غيركم اعلموا أن الدنيا تزول مع أول قدم في الآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ . وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ » رواه مسلم
هل أنت متخيل أنعم أهل الدنيا وهو من أهل النار سيارات وقصور ونساء وأموال وصحة وعلم و..... و... و.... و... يزول كل هذا النعيم مع أول صبغة في جهنم صبغة واحد في جهنم تمحو كل هذا النعيم فما حال من يخلد في نار جهنم والعياذ بالله
وتخيل حال أشد الناس بؤسا مرض وفقر وكد وتعب وشقاء وجوع وحرمان و... و... و... ولكنه من أهل التقوى من أهل الجنة يزول كل هذا مع أول صبغة في الجنة صبغة واحدة تزيل كل هذا وكأنه لم يكن ينسى كل بؤسه وشقائه فأنى بالخلود في الجنة ؟!
إن من نظر إلي الدنيا بعين البصيرة أيقن أن نعيمها ابتلاء وحياتها عناء حلالها حساب وحرامه عقاب جديدها يبلي ومالها يفني وعزيزها يذل وكثيرها يقل ودها يموت وخيرها يفوت
نعم نعيمها ابتلاء {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} ]الملك: 2 [ الدنيا بحياتها وموتها وبكل ما فيها للاختبار والامتحان
وبعد الامتحان حساب علي الحلال والحرام
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ » .رواه الترمذي وصححه الألباني
يقولُ الحسنُ البصرِيُّ رحِمَهُ اللهُ: "أدركتُ أقواماً لا يَفْرحونَ بشيءٍ مِنَ الدنيا أُوتُوه، ولا يأسفونَ علَى شيءٍ مِنْها فاتَهم، ولقَدْ كانَتِ الدنيا أهونَ عليهِم مِنَ الترابِ الذي يمشونَ عليهِ"، وكانَ أحدُهم إذا بلغَ أربعينَ سنةً طوَى فِراشَه، لا ينامُ مِنَ الليلِ إلا قليلاً، يُصَلِّي ويُسبِّحُ ويَستغفرُ، لِيستدرِكَ ما مضَى مِنَ العمرِ، ولِيسَتعدَّ لِما أقبلَ مِنَ الأهوالِ والغِيَرِ، حتىَّ إنَّهم لَيَصدقُ فِيهم قولُ القائلِ:
إنَّ للهِ عِـبــاداً فُــطَنا … … طَلَّقُوا الدُّنيا وخافُوا الفِتَنا
نَظَرُوا فِيها فلمَّا عَلِمُوا … … أنَّها ليـسَـتْ لِـحَيٍّ سَكَنا
جعلوها لُجَّةً واتَّخذوا … … صَالحَ الأعــمالِ فِيها سُفُنَا
وقال الحسن البصري : أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم ما كانوا يفرحون بشىء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شىء منها أدبر ولهى كانت أهون في أعينهم من هذا التراب الذى تطئونه بارجلكم أن كان احدهم ليعيش عمره كله ما طوى له ثوب ولا أمر أهله بصنعة طعام قط ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم تجرى دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله ان يتقبلها وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم والله ما زالوا كذلك وعلى ذلك ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا الا بالمغفرة إحياء علوم الدين
بادر قبل أن تبادر
هذا ليس معناه أن ترك الدنيا ونهملها ونعيش عالة علي غيرنا أو أننا نحرم الحياة الدنيا وزينتها ليس هذا هو المقصود ولكن عش وتمتع وكل واشرب وافعل ما بدا لك ما دام حلالا ولكن اعمل حسابا ليوم الحساب تذكر الآخرة عيش في الدنيا عيشة الغريب الذي يتمتع ويأكل ولكن يضع نصب عينيه هدفه وهو الآخرة جنة عرضها السموات والأرض وغايته وهو الله عز وجل وكما تعمل للدنيا بقدر بقائك فيها فلا بد أن تعمل للآخرة بقد حياتك فيها
{جَاءَ جِبْرِيلُ , عَلَيْهِ السَّلاَمُ , إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ.} رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبى ، ورواه البيهقى فى شعب الإيمان ، والخطيب ، وابن عساكر. وأبو نعيم فى الحلية وحسنه الألباني
عش وتمتع ولكن اعلم أن هناك آخرة حساب وعرض وصراط وكتب تتطاير وجنة ونار واعلم قيمة الدنيا التي هي فانية
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ « أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا » . رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الترمذي
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ : « أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » . قَالَ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ : « أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ » . ابن ماجة وفي رواية ( ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة ) قال العراقي والمنذري إسناده جيد وقال الهيثمي إسناده حسن وحسنه الألباني
الكيس الذكي هو الذي يديم ذكر الموت ليعمل لهذا اليوم يوم موته فيبادر بالصالحات قبل أن يبادره أجله قبل أن يبادره الموت فينهي عمله ويختم علي كتابه فلا يستطيع أن يزد فيه حسنة
ولــدتــك أمـك يـا ابن أدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسـك أن تكون إذا بكوا في يـوم مـوتك ضاحكاً مسرورا
نسأل الله تبارك وتعالى الإخلاص في القول والعمل، والسرِّ والعلَن،
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]،
والصلاة والسَّلام على مَن:
بَـلَـغَ العُلَى بِـكَـمَـالِــهِ *** كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
عَظُمَتْ جَمِيعُ خِصَالِـهِ *** صَـلُّــوا عَـلَـيْـهِ وَآلِــهِ
العناصر:
(1) قصة الحياة ( 2) رحلة كد وتعب
(3) غرباء (4) بادر قبل أن تبادر
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونسترضيه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا سبحانه له الدوام ولخلقه الزوال والصلاة والسلام علي نبيه العدنان محمد بن عبد الله اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلي آله وصحبه وسلم تسليما عدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك وارض اللهم عن سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين وارض اللهم عنا معهم أجمعين
وبعد
أيها الأحباب نودع العام تلو العام فما أسرع ما تمضي وتنقضي وما أعظم ما تحوي هذه الأيام والأعوام فكم من اختبار وبلاء يمر بنا وكم من السيئات اجترحنا وكم من عزيز بات ذليلا وكم من ذليل أصبح عزيزا وكم من فقير أضحى غنيا وكم من غني أمسى فقيرا وكم فارقنا من الأحباب وكم شيعنا من أب وأم وكم نعينا من ولد وبنت وكم دفنا من أخ وأخت وكم وكم .....
هي طبيعة الأيام يوم يسلِّم ليوم وأسبوع يعقبه أسبوع وشهر يأتي تلو شهر
قصة الحياة
قصة تتكرر في كل يوم مرات ومرات قصة طفل يولد فيفرح به أبواه ويسعد به أهله ثم يحبو ويخطو بقدميه ثم يصبح صبيا يلعب ويمرح ثم يضحى شابا قويا فتيا له أحلامه وطموحاته وأمانيه وتمر الأيام حتى يمسي رجلا كبيرا له بيته وزوجته وأولاده ثم تتعاقب عليه الأيام فيبيت شيخا هرما أو عجوزا كبيرة ضعف السمع وقل البصر وفقدت الأسنان وثقل اللسان وانحنى الظهر وامتلأ الرأس شيبا.... ثم ماذا ثم المصير المحتوم المكتوب علي كل صغير وكبير ذكر وأنثي رجل وامرأة ثم موت ثم قبر ثم حشر ثم حساب ثم جنة أبد أو والعياذ بالله نار أبدا هذه قصة مكرورة فكم من مولود يولد في كل يوم مئات يولدون في كل يوم في العالم وكم من ميت يقبر في كل يوم مئات
هذه هي قصة الحياة قصتك وقصتي بكل سهولة وبكل وضوح
نبهنا القرآن الكريم إلي هذه القصة فذكرها في تمثيل وتشبيه رائع نراه أيضا أمام أعيننا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[ الحديد :20]
هذه هي حقيقة الدنيا مثلها مثل الزرع الذي تزرعه ينبت ضعيفا نبتا صغيرا بورقة أو ورقتين مثل الطفل تماما ثم يكبر ويكبر ويشتد ساقه حتى يأتي يوم الحصاد وقد ذبل واصفر وذهبت منه الحياة هذه هي الحياة تفاخر بما نملك وبما نجمع ثم في الآخرة عذاب للمغرورين بهذه الزينة ومغفرة من الله ورضوان لمن عرف أن الدنيا مُزَيَّنة فلم يغتر بها ولم يركن إليها
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف : 45،46]
الدنيا زينة نتزين بها وقتا ثم يزول أو نزول عنها ، والباقي هو ما نعمله من الصالحات ، عند ربك هو الذي يحصيه لنا ويرعاه لنا حتى يوم نلقاه ينجينا به وبرحمته ربنا ، حتى الأولاد لن ينفعوك في الآخرة إلي ما زرعت فيهم من الصالحات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} التغابن[14- 15]
رحلة كد وتعب
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} الإنشقاق [6]
أي ساع إلى ربك سعيا ، وإذا مضي عام فقد قربت من قبرك عام ، وعام وراء عام حتى لا يبقي لنا إلا دقائق وثوان ، فالأيام التي نعدها هي تعدنا وتحصي علينا الأنفاس
يقول الشهيد سيد قطب : هذا النداء العلوي للإنسان ، وأمامه الكون بسمائه وأرضه مستسلماً لربه هذا الاستسلام : يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحاً ، تحمل عبئك ، وتجهد جهدك ، وتشق طريقك لتصل في النهاية إلى ربك . فإليه المرجع وإليه المآب . أيها الإنسان إنك كادح حتى في متاعك فأنت لا تبلغه في هذه الأرض إلا بجهد وكد . إن لم يكن جهد بدن وكد عمل ، فهو جهد تفكير وكد مشاعر . الواجد والمحروم سواء . إنما يختلف نوع الكدح ولون العناء ، وحقيقة الكدح هي المستقرة في حياة الإنسان ثم النهاية في آخر المطاف إلى الله سواء .في ظلال القرآن
جُبِلَتْ على كَدَرٍ وأنت تُريدُها… صَفْواً مِنَ الأقذارِ والأكْدارِ
ومَكَلِّفُ الأيامِ ضِدَّ طِباعِها … مُتَطَلِّبٌ في الماءِ جَذْوَةَ نارِ
غرباء
نعم نحن في سفر سفر إلي الدار الآخرة ونحن في هذه الدنيا غرباء ليست أرضنا وليست مسكننا وليست بلدنا إنما بلدنا الحقيقي هو الجنة التي سكنها من قبل أبونا آدم وأخرجه الشيطان منها وإنا إليها راجعون إن شاء الله ، فنحن في غربة ، مسافرون ، غرباء ، كما بين ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِى فَقَالَ « كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . البخاري وزاد الترمذي « وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ»
فالدنيا محطة نتزود فيها للسفر ثم ننطلق إلي غايتنا إلي هدفنا إلي الله إلي الجنة
ولله ضر القائل
فحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا و نسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِى جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِى وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا » . قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني .
ما هي إلا قنطرة ممر لا يجب أن ننشغل بها عن الأصل الدنيا قنطرة فالقنطرة نَعْبُرُهَا لا نَعْمُرُهَا فهل تتخيل من يستظل بذل شجرة لساعة يبني ويعمر ويشيد وينسي أنه مسافر وكأنه مخلد فيها ؟!فعاب القرآن علي المنشغلين بالقنطرة المتمسكين بالمحطة عن السفر الذي هو سبيل غايتهم يعيب علي من يظنون أنهم مخلدون ويبدو ذلك من أفعالهم فيقول ربنا تبارك وتعالي { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) } التكاثر
يقول الشهيد سيد قطب : أيها السادرون المخمورون . أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون . أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه . أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر استيقظوا وانظروا فقد { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } ..... ثم يلقي بالإيقاع الأخير ، الذي يدع المخمور يفيق ، والغافل يتنبه ، والسادر يتلفت ، والناعم يرتعش ويرتجف مما في يديه من نعيم { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } !لتسألن عنه من أين نلتموه؟ وفيم أنفقتموه؟ أمن طاعة وفي طاعة؟ أم من معصية وفي معصية؟ أمن حلال وفي حلال؟ أم من حرام وفي حرام؟ . هل شكرتم؟ هل أديتم؟ هل شاركتم؟ هل استأثرتم؟ {لَتُسْأَلُنَّ} عما تتكاثرون به وتتفاخرون . . فهو عبء تستخفونه في غمرتكم ولهوكم ولكن وراءه ما وراءه من هم ثقيل!
. وما يقرأ الإنسان هذه السورة الجليلة الرهيبة العميقة ، بإيقاعاتها الصاعدة الذاهبة في الفضاء إلى بعيد في مطلعها ، الرصينة الذاهبة إلى القرار العميق في نهايتها . . حتى يشعر بثقل ما على عاتقه من أعقاب هذه الحياة الوامضة التي يحياها على الأرض ،
ثم يحمل ما يحمل منها ويمضي به مثقلاً في الطريق! ثم ينشئ يحاسب نفسه على
الصغير والزهيد!!! في ظلال القرآن بتصرف يسير
آه لنا عند المقابر مشيعين أو زائرينا ننشغل بالتكاثر والمال والأطيان والمصانع و...و.. ،
يقرأ النبي صلي الله عليه وسلم هذه الآيات فيقول عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) قَالَ « يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى - قَالَ - وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ » . رواه مسلم وزاد في رواية « ومَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ » ينادي ابن آدم فيقول مالي مالي كنوزي وثرواتي مصانعي شركاتي أطياني ذهبي فضتي أسهمي ، مسكين هو !! أي مال وأي ثروة التي هو تاركها لمن بعده ولو دامت لغيره ما وصلت إليه ، أي مال ؟ الطعام الشراب والملبس جميعا إلي فناء بعد دقائق تزول لذة أي شهوة ويبقي الحساب عليها والعمل الصالح هو الباقي
يحكى أن رجلا كان يسكن في بيت قديم متواضع وكانت أمنياته وحلمه أن يبني بيتا جديدا قصرا كبيرا فظل يجتهد ويكدح وسافر هنا وهناك حتى استطاع أن يبني بناء مشيدا علي أحدث نظام وعلي أروع ما يكون وكان يحلم بيوم النقلة إلي البيت الجديد حتى جاء هذا اليوم وانتقلت الأسرة إلي قصرها الجديد وأقاموا لذلك حفلا وسهروا وأكلوا وشربوا وضحكوا وسعدوا سعادة بالغة ثم نام الجميع مبتهجين وفي الصباح إذا بهم يوقظون هذا الرجل من نومه فما قام من رقدته جاءه ملك الموت وهو نائم ، بني
بيتا جديد لتقبض فيه روحه في أول ليلة ، بني قصرا وسكن قبرا ، بني قصرا وأراد أن يسكنه وكتب الله له قبرا ليدخله ، ثم تزوجت امرأته برجل آخر هو الذي سكن هذا القصر ...بني وسكن غيره... وهو يحاسب علي بيته الذي لم يسكنه فكم من بني وسكن غيره وكم من جمع وأكل وارثه وكم من كدح وتمتع غيره وكم من تعب ليستريح من بعده وهو في التراب يحاسب علي متعة غيره
دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّامَ فَقَالَ : يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْمَعُوا قَوْلَ أَخٍ نَاصِحٍ ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ : مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ .
إنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ بَنَوْا مَشِيدًا ، وَأَمَّلُوا بَعِيدًا ، وَجَمَعُوا كَثِيرًا فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا ، وَجَمْعُهُمْ ثُبُورًا ، وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا .أدب الدنيا والدين
أيها المعتبرون اعتبروا بمن سبقكم يا من تبيعون الآخرة بدنيا غيركم اعلموا أن الدنيا تزول مع أول قدم في الآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ . وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ » رواه مسلم
هل أنت متخيل أنعم أهل الدنيا وهو من أهل النار سيارات وقصور ونساء وأموال وصحة وعلم و..... و... و.... و... يزول كل هذا النعيم مع أول صبغة في جهنم صبغة واحد في جهنم تمحو كل هذا النعيم فما حال من يخلد في نار جهنم والعياذ بالله
وتخيل حال أشد الناس بؤسا مرض وفقر وكد وتعب وشقاء وجوع وحرمان و... و... و... ولكنه من أهل التقوى من أهل الجنة يزول كل هذا مع أول صبغة في الجنة صبغة واحدة تزيل كل هذا وكأنه لم يكن ينسى كل بؤسه وشقائه فأنى بالخلود في الجنة ؟!
إن من نظر إلي الدنيا بعين البصيرة أيقن أن نعيمها ابتلاء وحياتها عناء حلالها حساب وحرامه عقاب جديدها يبلي ومالها يفني وعزيزها يذل وكثيرها يقل ودها يموت وخيرها يفوت
نعم نعيمها ابتلاء {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} ]الملك: 2 [ الدنيا بحياتها وموتها وبكل ما فيها للاختبار والامتحان
وبعد الامتحان حساب علي الحلال والحرام
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ » .رواه الترمذي وصححه الألباني
يقولُ الحسنُ البصرِيُّ رحِمَهُ اللهُ: "أدركتُ أقواماً لا يَفْرحونَ بشيءٍ مِنَ الدنيا أُوتُوه، ولا يأسفونَ علَى شيءٍ مِنْها فاتَهم، ولقَدْ كانَتِ الدنيا أهونَ عليهِم مِنَ الترابِ الذي يمشونَ عليهِ"، وكانَ أحدُهم إذا بلغَ أربعينَ سنةً طوَى فِراشَه، لا ينامُ مِنَ الليلِ إلا قليلاً، يُصَلِّي ويُسبِّحُ ويَستغفرُ، لِيستدرِكَ ما مضَى مِنَ العمرِ، ولِيسَتعدَّ لِما أقبلَ مِنَ الأهوالِ والغِيَرِ، حتىَّ إنَّهم لَيَصدقُ فِيهم قولُ القائلِ:
إنَّ للهِ عِـبــاداً فُــطَنا … … طَلَّقُوا الدُّنيا وخافُوا الفِتَنا
نَظَرُوا فِيها فلمَّا عَلِمُوا … … أنَّها ليـسَـتْ لِـحَيٍّ سَكَنا
جعلوها لُجَّةً واتَّخذوا … … صَالحَ الأعــمالِ فِيها سُفُنَا
وقال الحسن البصري : أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم ما كانوا يفرحون بشىء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شىء منها أدبر ولهى كانت أهون في أعينهم من هذا التراب الذى تطئونه بارجلكم أن كان احدهم ليعيش عمره كله ما طوى له ثوب ولا أمر أهله بصنعة طعام قط ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم تجرى دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله ان يتقبلها وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم والله ما زالوا كذلك وعلى ذلك ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا الا بالمغفرة إحياء علوم الدين
بادر قبل أن تبادر
هذا ليس معناه أن ترك الدنيا ونهملها ونعيش عالة علي غيرنا أو أننا نحرم الحياة الدنيا وزينتها ليس هذا هو المقصود ولكن عش وتمتع وكل واشرب وافعل ما بدا لك ما دام حلالا ولكن اعمل حسابا ليوم الحساب تذكر الآخرة عيش في الدنيا عيشة الغريب الذي يتمتع ويأكل ولكن يضع نصب عينيه هدفه وهو الآخرة جنة عرضها السموات والأرض وغايته وهو الله عز وجل وكما تعمل للدنيا بقدر بقائك فيها فلا بد أن تعمل للآخرة بقد حياتك فيها
{جَاءَ جِبْرِيلُ , عَلَيْهِ السَّلاَمُ , إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ.} رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبى ، ورواه البيهقى فى شعب الإيمان ، والخطيب ، وابن عساكر. وأبو نعيم فى الحلية وحسنه الألباني
عش وتمتع ولكن اعلم أن هناك آخرة حساب وعرض وصراط وكتب تتطاير وجنة ونار واعلم قيمة الدنيا التي هي فانية
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ « أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا » . رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الترمذي
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ : « أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » . قَالَ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ : « أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ » . ابن ماجة وفي رواية ( ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة ) قال العراقي والمنذري إسناده جيد وقال الهيثمي إسناده حسن وحسنه الألباني
الكيس الذكي هو الذي يديم ذكر الموت ليعمل لهذا اليوم يوم موته فيبادر بالصالحات قبل أن يبادره أجله قبل أن يبادره الموت فينهي عمله ويختم علي كتابه فلا يستطيع أن يزد فيه حسنة
ولــدتــك أمـك يـا ابن أدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسـك أن تكون إذا بكوا في يـوم مـوتك ضاحكاً مسرورا
نسأل الله تبارك وتعالى الإخلاص في القول والعمل، والسرِّ والعلَن،
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]،
والصلاة والسَّلام على مَن:
بَـلَـغَ العُلَى بِـكَـمَـالِــهِ *** كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
عَظُمَتْ جَمِيعُ خِصَالِـهِ *** صَـلُّــوا عَـلَـيْـهِ وَآلِــهِ