الحمد لله رب العالمين
، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه وتابعيهم
بإحسان إلى يوم الدين . .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
قال الله تعالى : " إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ
أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا "
سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق ـ رضي الله عنها وعن
أبيها ـ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ( كان خلقه القرآن ) .
قـال بشر بن الحارث : سمعت عيسى بن يونس ( ت 187 هـ ) يقول :
إذا ختـمَ العبدُ قبّـل الملَك بين عينيـه ، فينبغي له أن يـجعلَ القرآن
ربيعـاً لقلبه ، يَعْمُـرُ ماخرِبَ من قلبِـهِ ، يتـأدبُ بـآدابِ القرآن
،ويتخلّـقُ بأخلاقٍ شريفةٍ يتميّـز بـها عن سائرِ النّاس ممن لايقرأ القرآن
.
فـأول ماينبغـي له أن يستعملَ تقوى
الله في السّـرّ والعلانية : باستعمال الورع في مطعمـه ومشربه ومكسبـه ،
وأن يكونَ بصيـراً بزمانه وفساد أهلـه ، فهو يـحذرهـم على دينـه ؛ مقبلاً
على شـأنه ، مهموماً بـإصلاح مافسد من أمره ، حافظـاً للسانـه ، مميِّـزاً
لكلامه ؛ إن تـكلّم تكـلّم بعـلم إذا رأى الكلامَ صواباً ، وإن سكت سكت
بعلـم إذا كان السكوت صـواباً ، قليـلَ الـخوض فيمـا لايعنيـه : يـخاف من
لسانه أشدّ ممـا يـخاف من عدوّه ، يـحبس لسانـه كـحبسه لعدوّه ، ليـأمن
شـرّه وسوءَ عاقبتِـه ؛ قليلَ الضّـحك فيما يضـحك منه النّـاس لسـوء عاقبـة
الضّـحك ، إن سُـرَّ بشـيءٍ مما يوافقُ الـحقَّ تبسَّـم ، يـكره الـمزاح
خوفـاً من اللعب ، فـإن مـزح قال حقـاً ، باسطَ الـوجه ، طيّـب الكلام ،
لايـمدحُ نفسه بـما فيه ، فكيف بـما ليس فيـه ، يـحذر من نفسه أن تـغلبـه
على ما تهوى مما يُسـخط مولاه ، ولايغتـابُ أحداً ولايحقر أحداً ، ولايشمـت
بـمصيبة ، ولايبغي على أحـد ، ولايـحسده ، ولايسـيءُ الظـنّ بـأحدٍ إلا
بـمن يستحق ؛ وأن يكون حافظـاً لـجميع جوارحـه عمّـا نُهـي عنه ، يـجتهد
ليسـلمَ النّـاسُ من لسانه ويده ، لايظلم وإن ظُلـم عفـا ، لايبغي على أحد ،
وإن بُغـي عليه صبـر ، يكظم غيظـه ليرضـي ربّـه ، ويغيظَ عدوّه . وأن يكون
متواضعاً في نفسه ، إذا قيـل له الـحق قَبِـله من صغيـرٍ أو كبير ، يطلب
الرفعـة من الله تعالى لامن الـمخلوقين .
وينبغي أن لايتـأكلَ بـالقرآن
ولايـحبّ أن تُقضى له به الـحوائج ، ولايسعى بـه إلى أبناء الـملوك ،
ولايـجالس الأغنياء ليكرموه ، إن وُسِّـع عليـه وسَّـع ، وإن أمسِـك عليه
أمسَك . وأن يُـلزم نفسه بِـرَّ والديه : فيخفضُ لهما جناحـه ، ويخفصُ
لصوتهما صوتـه ، ويبذل لهما ماله ، ويشكر لهما عند الكبـر . وأن يـصلَ
الرحم ويكره القطيعـة ، مَن قطعه لـم يقطعـه ، ومن عصى الله فيه أطاع الله
فيه ، مَن صحِبـه نفعـه ، وأن يكون حسن الـمجالسة لمن جالس ، إن علّـم غيره
رفق بـه ، لايعنّف من أخطأ ولايـخجله ، وهو رفيقٌ في أموره ، صبورٌ على
تعليـم الخير ، يـأنس بـه المتعلـم ، ويفرح به المـجالس ، مـجالسته تفيد
خيـراً .
عن عبد الله بن عمـر – رضي الله
عنهما - : " كنّا صدرَ هذه الأمّـة ، وكان الرجـل من خيـار أصـحاب رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – مامعـه إلا السّـورة من القرآن أو شبـه ذلك ؛
وكان القرآن ثقيـلاً عليهم ، ورُزقوا العمـل بـه . وإنّ آخـر هذه الأمّـة
يُخفّف عليهم القرآن حتّى يقـرأ الصّبـيّ والأعجمـيّ ، فلايعملون بـه " .
وعـن مجاهد – رضي الله عنه _ في قـوله تعـالى " يتلونـه حـقّ تلاوتـه " : " يعملون بـه حـقَّ عملـه " .
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله
عنه - : " ينبغـي لـحامل القرآن أن يُعرف بليلـه إذا النـاسُ نـائمون ،
وبنـهاره إذا النـاسُ مُفطرون ، وبـورعه إذا النـاس يـخلطون ، وبتواضعـه
إذا النـاسُ يـختالون ، وبـحزنه إذا النـاسُ يفرحون ، وببكائـه إذا النـاسُ
يضحكون ، وبصـمته إذا النـاسُ يـخوضون " .
وعن الفضيل بن عيـاض – رحمه الله
تعالى - : " حـامل القرآن حـامل رايةِ الإسلام .. لايينبغي لـه أن يلغـو مع
مـن يـلغو ، ولايسهـو مع مـن يسهـو ، ولايلهـو مع مَن يلهـو "
جعلنا الله تعالى ممن يتأدب بآداب القرآن ، ويتخلق بأخلاقه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه وتابعيهم
بإحسان إلى يوم الدين . .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
قال الله تعالى : " إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ
أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا "
سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق ـ رضي الله عنها وعن
أبيها ـ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ( كان خلقه القرآن ) .
قـال بشر بن الحارث : سمعت عيسى بن يونس ( ت 187 هـ ) يقول :
إذا ختـمَ العبدُ قبّـل الملَك بين عينيـه ، فينبغي له أن يـجعلَ القرآن
ربيعـاً لقلبه ، يَعْمُـرُ ماخرِبَ من قلبِـهِ ، يتـأدبُ بـآدابِ القرآن
،ويتخلّـقُ بأخلاقٍ شريفةٍ يتميّـز بـها عن سائرِ النّاس ممن لايقرأ القرآن
.
فـأول ماينبغـي له أن يستعملَ تقوى
الله في السّـرّ والعلانية : باستعمال الورع في مطعمـه ومشربه ومكسبـه ،
وأن يكونَ بصيـراً بزمانه وفساد أهلـه ، فهو يـحذرهـم على دينـه ؛ مقبلاً
على شـأنه ، مهموماً بـإصلاح مافسد من أمره ، حافظـاً للسانـه ، مميِّـزاً
لكلامه ؛ إن تـكلّم تكـلّم بعـلم إذا رأى الكلامَ صواباً ، وإن سكت سكت
بعلـم إذا كان السكوت صـواباً ، قليـلَ الـخوض فيمـا لايعنيـه : يـخاف من
لسانه أشدّ ممـا يـخاف من عدوّه ، يـحبس لسانـه كـحبسه لعدوّه ، ليـأمن
شـرّه وسوءَ عاقبتِـه ؛ قليلَ الضّـحك فيما يضـحك منه النّـاس لسـوء عاقبـة
الضّـحك ، إن سُـرَّ بشـيءٍ مما يوافقُ الـحقَّ تبسَّـم ، يـكره الـمزاح
خوفـاً من اللعب ، فـإن مـزح قال حقـاً ، باسطَ الـوجه ، طيّـب الكلام ،
لايـمدحُ نفسه بـما فيه ، فكيف بـما ليس فيـه ، يـحذر من نفسه أن تـغلبـه
على ما تهوى مما يُسـخط مولاه ، ولايغتـابُ أحداً ولايحقر أحداً ، ولايشمـت
بـمصيبة ، ولايبغي على أحـد ، ولايـحسده ، ولايسـيءُ الظـنّ بـأحدٍ إلا
بـمن يستحق ؛ وأن يكون حافظـاً لـجميع جوارحـه عمّـا نُهـي عنه ، يـجتهد
ليسـلمَ النّـاسُ من لسانه ويده ، لايظلم وإن ظُلـم عفـا ، لايبغي على أحد ،
وإن بُغـي عليه صبـر ، يكظم غيظـه ليرضـي ربّـه ، ويغيظَ عدوّه . وأن يكون
متواضعاً في نفسه ، إذا قيـل له الـحق قَبِـله من صغيـرٍ أو كبير ، يطلب
الرفعـة من الله تعالى لامن الـمخلوقين .
وينبغي أن لايتـأكلَ بـالقرآن
ولايـحبّ أن تُقضى له به الـحوائج ، ولايسعى بـه إلى أبناء الـملوك ،
ولايـجالس الأغنياء ليكرموه ، إن وُسِّـع عليـه وسَّـع ، وإن أمسِـك عليه
أمسَك . وأن يُـلزم نفسه بِـرَّ والديه : فيخفضُ لهما جناحـه ، ويخفصُ
لصوتهما صوتـه ، ويبذل لهما ماله ، ويشكر لهما عند الكبـر . وأن يـصلَ
الرحم ويكره القطيعـة ، مَن قطعه لـم يقطعـه ، ومن عصى الله فيه أطاع الله
فيه ، مَن صحِبـه نفعـه ، وأن يكون حسن الـمجالسة لمن جالس ، إن علّـم غيره
رفق بـه ، لايعنّف من أخطأ ولايـخجله ، وهو رفيقٌ في أموره ، صبورٌ على
تعليـم الخير ، يـأنس بـه المتعلـم ، ويفرح به المـجالس ، مـجالسته تفيد
خيـراً .
عن عبد الله بن عمـر – رضي الله
عنهما - : " كنّا صدرَ هذه الأمّـة ، وكان الرجـل من خيـار أصـحاب رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – مامعـه إلا السّـورة من القرآن أو شبـه ذلك ؛
وكان القرآن ثقيـلاً عليهم ، ورُزقوا العمـل بـه . وإنّ آخـر هذه الأمّـة
يُخفّف عليهم القرآن حتّى يقـرأ الصّبـيّ والأعجمـيّ ، فلايعملون بـه " .
وعـن مجاهد – رضي الله عنه _ في قـوله تعـالى " يتلونـه حـقّ تلاوتـه " : " يعملون بـه حـقَّ عملـه " .
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله
عنه - : " ينبغـي لـحامل القرآن أن يُعرف بليلـه إذا النـاسُ نـائمون ،
وبنـهاره إذا النـاسُ مُفطرون ، وبـورعه إذا النـاس يـخلطون ، وبتواضعـه
إذا النـاسُ يـختالون ، وبـحزنه إذا النـاسُ يفرحون ، وببكائـه إذا النـاسُ
يضحكون ، وبصـمته إذا النـاسُ يـخوضون " .
وعن الفضيل بن عيـاض – رحمه الله
تعالى - : " حـامل القرآن حـامل رايةِ الإسلام .. لايينبغي لـه أن يلغـو مع
مـن يـلغو ، ولايسهـو مع مـن يسهـو ، ولايلهـو مع مَن يلهـو "
جعلنا الله تعالى ممن يتأدب بآداب القرآن ، ويتخلق بأخلاقه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .