السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}
تفسير الطبري من القرآن الكريم موقع الإسلم :
يَعْنِي جَلّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } كَمَا هَدَيْنَاكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَخَصَّصْنَاكُمْ التَّوْفِيق لِقِبْلَةِ إبْرَاهِيم وَمِلَّته , وَفَضَّلْنَاكُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل ; كَذَلِكَ خَصَّصْنَاكُمْ فَفَضَّلْنَاكُمْ عَلَى غَيْركُمْ مِنْ أَهْل الْأَدْيَان بِأَنْ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْأُمَّة هِيَ الْقَرْن مِنْ النَّاس وَالصِّنْف مِنْهُمْ وَغَيْرهمْ . وَأَمَّا الْوَسَط فَإِنَّهُ فِي كَلَام الْعَرَب : الْخِيَار , يُقَال مِنْهُ : فُلَان وَسَط الْحَسَب فِي قَوْمه : أَيْ مُتَوَسِّط الْحَسَب , إذَا أَرَادُوا بِذَلِكَ الرَّفْع فِي حَسْبه , وَهُوَ وَسَط فِي قَوْمه وَوَاسِط , كَمَا يُقَال شَاة يَابِسَة اللَّبَن , وَيَبَسَة اللَّبَن
, وَكَمَا قَالَ جَلّ ثَنَاؤُهُ : { فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْر يَبَسًا }
_ وَقَالَ زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمَى فِي الْوَسَط : هُمْ وَسَط يَرْضَى الْأَنَام بِحُكْمِهِمْ إذَا نَزَلَتْ إحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَمِ قَالَ : وَأَنَا أَرَى أَنَّ الْوَسَط فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ الْوَسَط الَّذِي بِمَعْنَى الْجُزْء الَّذِي هُوَ بَيْن الطَّرَفَيْنِ , مِثْل " وَسَط الدَّار " , مُحَرَّك الْوَسَط مُثَقَّله , غَيْر جَائِز فِي سِينه التَّخْفِيف .
وَأَرَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ وَسَط لِتَوَسُّطِهِمْ فِي الدِّين فَلَا هُمْ أَهْل غُلُوّ فِيهِ غُلُوّ النَّصَارَى الَّذِينَ غَلَوْا بِالتَّرَهُّبِ وَقَيْلهمْ فِي عِيسَى مَا قَالُوا فِيهِ , وَلَا هُمْ أَهْل تَقْصِير فِيهِ تَقْصِير الْيَهُود الَّذِينَ بَدَّلُوا كِتَاب اللَّه وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُمْ وَكَذَبُوا عَلَى رَبّهمْ وَكَفَرُوا بِهِ ; وَلَكِنَّهُمْ أَهْل تَوَسُّط وَاعْتِدَال فِيهِ , فَوَصَفَهُمْ اللَّه بِذَلِكَ , إذْ كَانَ أَحَبّ الْأُمُور إلَى اللَّه أَوْسَطهَا .
وَأَمَّا التَّأْوِيل فَإِنَّهُ جَاءَ بِأَنَّ الْوَسَط الْعَدْل , وَذَلِكَ مَعْنَى الدِّيَار لِأَنَّ الْخِيَار مِنْ النَّاس عُدُولهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ : الْوَسَط الْعَدْل .
- حَدَّثَنَا سَالِم بْن جُنَادَةَ وَيَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : " عُدُولًا "
* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَا : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله .
- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : " عُدُولًا " .
- حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن سُلَيْمَان , عَنْ حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله : { جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : " عُدُولًا " .
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : عُدُولًا .
- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلّ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : عُدُولًا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله .
- حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : عُدُولًا .
- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { أُمَّة وَسَطًا } قَالَ : عُدُولًا .
وهي سبحان الله الآية الوحيدة التي ورد فيها ذكر الوسطية وكأنها دلالة على الوحدة الإسلامية التي على المسلمين ان ينتبهوا لها ولا تتشتت أفهامهم إلى غير هذا السياق المهم والذي كان فيه شرط حصول الشهادة على الناس هو أن تكون الأمة الإسلامية هي أمة الوسطية.
إن القضية التي لابد من إيضاحها كما يقول الأستاد عمر عبيد حسنة أن الإسلام والعمل الإسلامي ليس ملكا لجماعة أو حزب او جمعية ، وليس حكرا على احد حتى يتصرف به كيفما يشاء ويمارسه كما يريد إنه ملك للأمة جميعا التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بان من خصائصها، أنها تمارس عملية التصويب ولا تتواطأ على الخطأ والضلال، وجعلها بحسبة المر بالمعروف والنهي عن المنكر خير امة اخرجت للناس ....وان نتائج العمل الإسلامي ومضاعفات أخطائه سوف تعود على المة جميعا بل وعلى الحضارة الإنسانية .
من هنا نقول :لابد لنا جميعا من السهر على ترشيد العمل الإسلامي والحراسة الدائمة للقيم الإسلامية الأصيلة وإدانة كل ألوان الرفض والخروج والمغالاة وتجاوز عقدة الوهم من ان إدانة دالك قد يوظف لصالح أعداء الإسلام ، فنتوقف عن المناصحة ونسكت عن الحق تحت شعار درء المفاسد مقدم على جلب المصالح...دالك ان السكوت عن الإنحراف والباطل وتشويه صورة الإسلام يحمل من المخاطر المستقبلية في مسيرة الإسلام الطويلة مالا يقارن ببعض الإصابات والأدى الموقوت ، الدي يمكن ان يستغله العداء.عمر عبيد حسنة كتاب :حتى لاتكون فتنة ص 111
وعليه وبناءً على نقاط يجب الإتفاق عليها اولاص وهي :
1- وجوب رد التنازع إلى الله ورسوله الكتاب والسنة
2-تحري الحق سواء ظهر على لسان علمائنا او خصومهم تاسيل بقول الشافعي :" ما ناظرت احداً إلاَ رجوة الله ان يظهر الحق على لسانه "
3-ضرورة أخذ الكلام على الوجه الصحيح إحسنا بالظن.
4-لاعصمة لأحد عند الله إلا للكتاب والسنة.
5-يقول إبن تيمية : "أهل السنة والجماعة يأخدون الحق الدي عند كل طائفة "
6-لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن اهل بدر ، وأهل بدر فقط :" اللهم إن تهلك هده العصبة فلن تعبد في الأرض " المر الدي لم يكن ولن يكون لغيرهم كائنا ما كان وفي اي عصر كان.
7- ومن سنن الله في التدرج وحكمة الله سبحانه وتعالى ورحمته بنا ان العقل يحتاج إلى نضج فكري يستمده من أخد العبرة من المم السابقة ومن مختلف المداهب الإسلامية.
وعليه علينا أن نسلم انه ليس هناك أي سبب يمكن تعليل الإختلاف به ثم يكون هذا السبب راجعاً إلى الدين ، فالإسلام كما لايخفى علينا دين الحق والحق أحق ان يتبع وفي الدين دعوة صريحة إلى الإئتلاف و الوحدة والتقارب والمودة وفي القرآن الكريم من النصوص الصريحة الداعية إلى الوحدة ما يغني عن أي دليل.
ما كان صواب فمن توفيق الله سبحانه وتعالى وما كان خطأ فهو مني ومن الشيطان نعوذ بالله منه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول للافاده