- تكبير الصورةالإجرام يهدد الأمن الاجتماعي بإسرائيل
محمد محسن وتد-أم الفحم
تتوقع الشرطة الإسرائيلية خلال عام 2012 اتساع دائرة الجرائم الانتقامية
لجماعات اليمين والمستوطنين، وتصعيد نشاط الجماعات اليسارية ضد الاستيطان
والتهويد بالقدس، واندلاع مواجهات في النقب ومحيط المسجد الأقصى.
ووفقا لإحصاءات الشرطة بشأن العنف والجريمة بإسرائيل لعام 2011، فقد
سُجلت 141 جريمة قتل، منها 64 جريمة ضحاياها من فلسطينيّي 48، وفتح نحو 45
ألف ملف جنائي في قضايا عنف مختلفة كالسرقة والسطو والإضرار بالممتلكات،
ونحو 60% من هذه الملفات سجلت بواسطة اليهود.
وحذرت الشرطة -في توصيات قدمتها للحكومة- من اتساع نشاط عصابات الإجرام
المنظم، وتصاعد وتيرة العنف في المجتمع، مما يؤدي إلى سفك مزيد من الدماء،
واحتمال احتدام الصراع والنزاع بين العصابات ليشمل القيادات في الحكم
المحلي.
وعرضت وحدة الاستخبارات على القائد العام للشرطة يوحنان دنينو سلسلة
قضايا من المتوقع أن تشغل المخابرات، حيث ينظر لفلسطينيي 48 كقنبلة موقوتة
بسبب الملاحقة السياسية والقوانين العنصرية، ونشاط جماعات اليمين ضدهم،
وغياب سلطة القانون لمكافحة الجريمة، وتعزز الانتماء القومي الفلسطيني.
العنف المجتمعي
وقالت النائبة في الكنيست حنين زعبي إن إسرائيل
أدركت منذ الانتفاضة الثانية أن سياسات القمع والتهويد لم تحد من الانتماء
الوطني لفلسطينيي 48، وأشارت إلى أن السلطات الإسرائيلية لجأت -بعد فشل
سياسات الاحتواء بضبط الولاء والسلوك السياسي لصالحها- إلى هدم مقومات
المجتمع الفلسطيني.
وأوضحت للجزيرة نت أن نسبة الجريمة في الداخل الفلسطيني ارتفعت عشرة
أضعاف خلال العقد الأخير، من ست جرائم قتل إلى 64 جريمة في 2011، ووصلت
نسبة الجريمة إلى ثلاثة أضعاف نسبة العرب من السكان بإسرائيل.
وبينما تتحدث الشرطة عن ثبات نسبة الجريمة في إسرائيل، تؤكد زعبي أن هذا
"الثبات" العام هو محصلة مضللة ومغايرة للواقع، ويتضمن هبوطا بنسبة
الجريمة في الوسط اليهودي رغم تنامي العنف المجتمعي والسياسي هناك، وارتفاع
حاد بنسبة الجريمة في أوساط فلسطينيي 48.
وخلصت إلى القول إن "سياسات الشرطة غير كافية لتفسير الارتفاع بنسبة
الجريمة في الداخل الفلسطيني، فالتسرب من المدارس والفقر وانعدام الأطر
الثقافية والرياضية، يؤدي بالشباب إلى حياة منعدمة الفرص".
الصورة القاتمة
واستهجن النائب في الكنيست دوف حنين التعامل
المهادن من الشرطة مع مظاهر العنف والإجرام وغياب سلطة القانون في إسرائيل،
خصوصا في أوساط الشرائح الاجتماعية الفقيرة من العرب واليهود والقادمين
الجدد من إثيوبيا.
واستغرب حنين -في حديث مع الجزيرة نت- تفاخر الشرطة بانخفاض معدلات
الجريمة في إسرائيل قياسا بالدول الأوروبية، لافتا إلى أنها تتستر على
الإحصائيات والمعطيات كي لا تفضح الصورة القاتمة.
واعتبر أن "تل أبيب من أكثر مدن العالم أمنا وهذه حقيقة، لكن في الأحياء
الجنوبية ومدينة يافا الملاصقة لها ينعدم الأمن والأمان، حيث القتل
وانتشار العنف وتحديدا في مناطق يسكنها العرب واليهود".
ولاحظ حنين "هدما للنسيج الاجتماعي" في التجمعات السكنية العربية
واليهودية التي تعاني الفقر وانتشار العنف والجريمة، مشيرا إلى أن "الأمر
يزداد سوءا بتنامي عنف جماعات اليمين المتطرف".
الاستقطاب السياسي
وبدوره، قال الباحث في القضايا الاجتماعية
والسياسية مهند مصطفى إن السبب الرئيسي لاتساع العنف الاجتماعي والإجرام
لدى فلسطينيي 48 هو غياب سلطة القانون، وانعدام الثقة الجماهيرية بالمؤسسة
الإسرائيلية التي أبقت الفلسطينيين محاصرين بتجمعاتهم السكنية وضيقت الحيز
عليهم.
وأوضح للجزيرة نت أن سياسات إسرائيل جذرت النظام الاجتماعي التقليدي لدى
فلسطينيي 48، مستدلا بتنامي المظاهر العصبية والعائلية وحجب عملية التمدن
والعولمة.
وعن اتساع مظاهر العنف المجتمعي والسياسي عند اليهود، أشار مصطفى إلى أن
المجتمع الإسرائيلي مركب من جماعات مهاجرة من مختلف المجتمعات، وهو ما
يبرز في الاستقطاب السياسي بين اليهود الذي بدأ قبل النكبة، ووصل أوجه
بمقتل رئيس الوزراء السابق إسحق رابين .
وأكد أن المبنى السياسي والاجتماعي في إسرائيل لم يعد باستطاعته استيعاب
الاستقطاب في ظل تغلغل التيار الديني والفكر الصهيوني الديني حتى في أوساط
المجتمع اليهودي العلماني، وسعي كل طرف لفرض إيديولوجيته على المجتمع.