السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب الرس فقصتهم كما ورد في رواية عن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هي كالتالي :
أتى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو .
فقال
: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا ، و أين كانت
منازلهم ، و من كان ملكهم ، و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا ، و
بما ذا أهلكوا ، فإني أجد في كتاب الله ذكرهم ، و لا أجد خبرهم ؟
فقال
له علي ( عليه السلام ) : " لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ، و لا
يحدثك به أحد بعدي إلا عني ، و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا
أعرف تفسيرها ، و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل ، و في أي وقت نزلت من ليل
أو نهار ، و إن هاهنا لعلماً جماً ـ و أشار إلى صدره ـ و لكن طلابه يسير ،
و عن قليل يندمون لو فقدوني " .
قال : " كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم
كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها " شاه درخت " ، كان يافث بن نوح
غرسها على شفير عين يقال لها " روشاب " كانت أنبطت لنوح ( عليه السلام )
بعد الطوفان ، و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض ، و ذلك
بعد سليمان بن داود ( عليه السلام ) و كانت لهم اثنتا عشر قرية على شاطئ
نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر ، و لم يكن يومئذ في
الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه ، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها ، تسمى
إحداهن أبان ، و الثانية آذر ، و الثالثة دي ، و الرابعة بهمن ، و الخامسة
إسفندار ، و السادسة فروردين ، و السابعة أرديبهشت ، و الثامنة خرداد ، و
التاسعة مرداد ، و العاشرة تير ، و الحادي عشرة مهر ، و الثاني عشرة
شهريورد ، و كانت أعظم مدائنهم إسفندار ـ و هي التي ينزلها ملكهم ، و كان
يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم ـ و
بها العين و الصنوبرة ، و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك
الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و
صارت شجرة عظيمة ، و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا
أنعامهم ، و من فعل ذلك قتلوه ، و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن
ينقص من حياتها ، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم ، و
قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على
الشجرة التي بها كُلّه من حرير فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاء و بقر
فيذبحونها قربانا للشجرة ، و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطح دخان
تلك الذبائح و قتارها في الهواء ، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا
للشجرة سجدا ، يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء
فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا
نفسا و قروا عينا ، فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون
بالمعازف و يأخذون الدستبند ، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون ،
و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه ، و آذر ماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء
تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا ، و عيد شهر كذا ، حتى
إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند
الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر
بابا كل باب لأهل قرية منهم ، و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و
يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجيء إبليس عند
ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و
يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رءوسهم من السجود
و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف
فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم
ينصرفون .
فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله عز و
جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا
يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه .
فلما رأى
شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و
النجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال : يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و
الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر ، فأيبس شجرهم أجمع ، و أرهم
قدرتك و سلطانك .
فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلها ، فهالهم ذلك و قطع
بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب
السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، و فرقة قالت لا بل
غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة
غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه .
فأجمع رأيهم
على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار
العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ ، و نزحوا ما فيها من
الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و
ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء ، و قالوا نرجو الآن
أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصدنا عن
عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان .
فبقوا
عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي
فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى
مات .
فقال الله جل جلاله لجبرئيل : يا جبرئيل أ يظن عبادي هؤلاء الذين
غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو
يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي ، و إني حلفت
بعزتي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين ، فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا
بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ،
ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد ، و أظلتهم سحابة سوداء فألقت
عليهم كالقبة جمرا يلتهب ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار ، فنعوذ
بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي
العظيم " ( بحار الأنوار : 14 / 148 ، نقلاً عن علل الشرايع و عيون أخبار
الرضا عليه السلام ) .
منقول
أصحاب الرس فقصتهم كما ورد في رواية عن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هي كالتالي :
أتى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو .
فقال
: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا ، و أين كانت
منازلهم ، و من كان ملكهم ، و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا ، و
بما ذا أهلكوا ، فإني أجد في كتاب الله ذكرهم ، و لا أجد خبرهم ؟
فقال
له علي ( عليه السلام ) : " لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ، و لا
يحدثك به أحد بعدي إلا عني ، و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا
أعرف تفسيرها ، و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل ، و في أي وقت نزلت من ليل
أو نهار ، و إن هاهنا لعلماً جماً ـ و أشار إلى صدره ـ و لكن طلابه يسير ،
و عن قليل يندمون لو فقدوني " .
قال : " كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم
كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها " شاه درخت " ، كان يافث بن نوح
غرسها على شفير عين يقال لها " روشاب " كانت أنبطت لنوح ( عليه السلام )
بعد الطوفان ، و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض ، و ذلك
بعد سليمان بن داود ( عليه السلام ) و كانت لهم اثنتا عشر قرية على شاطئ
نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر ، و لم يكن يومئذ في
الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه ، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها ، تسمى
إحداهن أبان ، و الثانية آذر ، و الثالثة دي ، و الرابعة بهمن ، و الخامسة
إسفندار ، و السادسة فروردين ، و السابعة أرديبهشت ، و الثامنة خرداد ، و
التاسعة مرداد ، و العاشرة تير ، و الحادي عشرة مهر ، و الثاني عشرة
شهريورد ، و كانت أعظم مدائنهم إسفندار ـ و هي التي ينزلها ملكهم ، و كان
يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم ـ و
بها العين و الصنوبرة ، و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك
الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و
صارت شجرة عظيمة ، و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا
أنعامهم ، و من فعل ذلك قتلوه ، و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن
ينقص من حياتها ، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم ، و
قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على
الشجرة التي بها كُلّه من حرير فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاء و بقر
فيذبحونها قربانا للشجرة ، و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطح دخان
تلك الذبائح و قتارها في الهواء ، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا
للشجرة سجدا ، يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء
فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا
نفسا و قروا عينا ، فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون
بالمعازف و يأخذون الدستبند ، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون ،
و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه ، و آذر ماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء
تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا ، و عيد شهر كذا ، حتى
إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند
الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر
بابا كل باب لأهل قرية منهم ، و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و
يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجيء إبليس عند
ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و
يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رءوسهم من السجود
و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف
فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم
ينصرفون .
فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله عز و
جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا
يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه .
فلما رأى
شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و
النجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال : يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و
الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر ، فأيبس شجرهم أجمع ، و أرهم
قدرتك و سلطانك .
فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلها ، فهالهم ذلك و قطع
بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب
السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، و فرقة قالت لا بل
غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة
غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه .
فأجمع رأيهم
على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار
العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ ، و نزحوا ما فيها من
الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و
ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء ، و قالوا نرجو الآن
أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصدنا عن
عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان .
فبقوا
عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي
فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى
مات .
فقال الله جل جلاله لجبرئيل : يا جبرئيل أ يظن عبادي هؤلاء الذين
غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو
يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي ، و إني حلفت
بعزتي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين ، فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا
بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ،
ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد ، و أظلتهم سحابة سوداء فألقت
عليهم كالقبة جمرا يلتهب ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار ، فنعوذ
بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي
العظيم " ( بحار الأنوار : 14 / 148 ، نقلاً عن علل الشرايع و عيون أخبار
الرضا عليه السلام ) .
منقول