السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفرق بين مغفرة الذّنوب وتكفير السّيِّئات في القرآن الكريم حيثما وردت الذّنوب في القرآن المراد بها الكبائر، وحيثما وردت السّيّئات المراد بها الصّغائر. قال ابن القيم في شرح منازل السّائرين: [فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ] وقد جاء في كتاب اللهِ تعالى ذِكْرُهُمَا مُقْتَرِنَيْنِ، وذِكْرُ كُلًّ منهما مُنْفَرِدًا عنِ الْآخَرِ، فَالْمُقْتَرِنَانِ كقوله تعالى حَاكِيًا عن عباده المؤمنين: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} آل عمران:193. والمُنْفَرِدُ كقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} محمّد:2. وقوله في المغفرة: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} محمّد:15، وكقوله: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} آل عمران:147. وَنَظَائِرِهِ. فها هنا أربعة أمورٍ: ذُنُوبٌ، وَسَيِّئَاتٌ، وَمَغْفِرَةٌ، وَتَكْفِيرٌ. فالذُّنوب: الْمراد بها الكبائر، والمراد بالسَّيِّئَاتِ: الصّغائر، وهي ما تَعْمَلُ فيه الكَفَّارَةُ، من الخطأ وما جرى مَجْرَاهُ، ولهذا جُعِل لها التَّكفير، ومنه أُخِذَت الكفَّارة. وعند التأمّل في آيات القرآن الكريم نجد أنّ لفظ (المغفرة) يرد مع الذّنوب، ولفظ (التّكفير) يرد مع السّيّئات، قال تعالى: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} وذلك لأنّ لفظ المغفرة يتضمّن الوقاية والحفظ، ولفظ التّكفير يتضمّن السّتر والإزالة. والدليل على أنّ السَّيِّئَات هي الصّغائر والتّكفيرِ لها قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} النّساء:31. وفي صحيحِ مسلم من حديث أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: “الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ”. وحاصله أنّ السّيِّئات والذّنوب لفظان إذا اجتمعَا في اللّفظ افترقَا في المعنى، واختصّ لفظ الذّنوب بالكبائر والسّيّئات بالصّغائر، وإذا افترقَا اجتمعَا فدخل كلّ منهما في الآخر. سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك