خلف حِطام جدرانه وقفت شوق ابنة العاشرة وبائعة الذرة المشوى تتهامس مع صديقتها «مريم» بجوار قسم كرداسة، تتعالى ضحكاتها من حين لآخر وأخذت تتنقل ما بين حجرات المبنى المُظلمة للاختفاء من صديقتها، وخلال لحظة واحدة ارتجف جسد الفتاة الضئيل بعد رؤيتها رجلا خمسينيا رث الثياب وصاحب شعر أشعث ولحية طويلة يفترش الأرض لتنطلق منها صرخة مدوية تكسر هدوء الشارع الهادئ مرددة عبارة: «قتيل.. قتيل». يندفع الأهالى إلى الداخل ليفاجأوا بـ«مجذوب» انتفض جسده من الخوف وابتسم ابتسامة باهتة وأسرع خطواته خارجا حتى لا يلحق الأهالى به الذين حذروا الفتيات من الدخول مرة أخرى إلى قسم كرداسة المُحترق.
عام كامل مر على حرق قسم كرداسة بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة من قبل مسلحين إسلاميين. مسرح الجريمة لم يتغير حتى الآن، لاتزال جدران القسم يكسوها اللون الأسود، مختلطة بدماء الضحايا المتجلطة، ويتناثر الرماد بين غرفها لتكون الشاهد الوحيد على احتراق جميع محتويات القسم، ويتحول إلى مأوى للمجاذيب وأطفال الشوارع.
أمام قسم كرداسة المحترق جلست عواطف محمد، بائعة جرجير، أعلى حجر وأسفل مظلة من البلاستيك تقيها من حرارة الشمس المحرقة، تتحدث عن النقيب هشام شتا، أحد شهداء كرداسة، الذى وصفته بالشهامة والرجولة. وقالت: «تعارك ابنى مع مجموعة من الشباب العاطلين فى ٦ أكتوبر وتم حجزه داخل القسم، ووقفت عاجزة عن مساعدة ابنى فتوجهت إلى القسم وقابلت هشام بيه وحكيت له الموقف وطلبت منه مساعدتى، فتدخل على الفور واتصل بزملائه لمعرفة سبب المشاجرة ولم يبت ابنى وقتها فى الحجز، ولم تتوقف شهامته عند هذا الموقف بل كان يعطينى مساعدات مادية من وقت لآخر».
يبدو أن آثار الجريمة لم تغير كثيرا فى سلوك مرتكبيها أو المتعاطفين معهم، إذ انتشرت على جدران القسم فى شعارات مناهضة للسيسى والجيش والشرطة، مؤكدين أنهم لن ينسوا دماء من سقطوا فى رابعة والنهضة.
«كرداسة تعيش بلا حكومة».. كلمات قصيرة وصف بها حامد عبدالمجيد، أحد الأهالى، حال كرداسة بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة. يقول: «إحنا عايشين بلا حكومة بقالنا سنة كاملة، فالمشاجرات تحدث يوميا بين السائقين وبعضهم بالأسلحة البيضاء والأهالى بسبب استغلالهم غلق قسم الشرطة، ولا يمر يوم واحد إلا وتحدث سرقة توك توك أو محل. أنا تعرضت لسرقة الكشك الذى أمتلكه أمام القسم ٥ مرات. كنت زمان بقفل الكشك بتاعى الساعة ٢ بعد منتصف الليل، لكن دلوقتى بقفل الساعة ١٠ مساء. الداخلية بتنزل كرداسة على فترات ولكن تأثيرها مش زى القسم اللى كانت الناس بتعمله حساب».
يؤكد عبدالمجيد أن أهالى كرداسة يطبقون القانون بأنفسهم، مستشهدا بالحادثة الأخيرة التى وقعت فى كفر حجازى بكرداسة ولم يتطرق لها الإعلام منذ شهرين. «فى شهر يونيو الماضى حصلت مشاجرة بين عدد من الأهالى فى كفر حجازى تسببت فى وفاة شخص وقام أهله بطرد عائلته من بيوتهم، ثم أشعلوا النيران فيها دون تدخل من أفراد الشرطة».
يقول ياسر إبراهيم، سائق، أحد أهالى كرداسة: «نعانى بسبب عدم ترميم القسم حتى الآن، فنحن نذهب إلى القرية التى تبعد عنا مسافة كبيرة نضطر فيها لركوب ثلاث مواصلات للوصول إليها لتخليص أوراق رسمية، خاصة أننا فى موسم تقديم أوراق أبنائنا فى المدارس والجامعات، ولا نعرف السبب الرئيسى وراء عدم ترميم القسم حتى الآن».
عدم ترميم قسم كرداسة وبقائه على حاله منذ تعرضه للهجوم من عام سبب حالة من الحزن والخوف لأهالى كرداسة، لأنه يعيد إلى أذهانهم ليلة الهجوم عليه وكأنها أحداث مرت بالأمس وليست منذ عام. «شكله بيجيبلى كآبة».. كلمات ألقتها سعاد ناصر، أحد الأهالى، وتسكن بجوار القسم، قائلة: «إحنا بنصحى الصبح على منظر القسم وده بيرجع لنا تفاصيل ليلة الهجوم عليه ويسبب لنا الخوف وكأنه لم يمر عام كامل على الحادث، وإغلاقه خلق حالة من عدم الأمان فى شوارع كرداسة. أنا بنتى أخاف أمشيها فى الشارع لوحدها، إحنا بنبقى فى شغلنا وخايفين على أولادنا فى البيوت».
يشير أحمد ممدوح، أحد الأهالى، إلى بعض المحاولات التى يقوم بها الإخوان المسلمون فى كرداسة لافتعال أزمة بين الأهالى والدولة. «يستغل التجار المنتمون لتنظيم الجماعة غلق قسم الشرطة ويمتنعون عن تسلم حصتهم منذ شهر يونيو الماضى لإحداث وقيعة بين الشعب والحكومة، إلى جانب إقامة منصة بالقرب من مسجد سلامة الشاعر يحرصون فيها على التجمع لمناهضة النظام الحاكم، وتحدث اشتباكات بيننا وبينهم لمنعهم من إقامة هذه المنصة، لذلك نطالب بترميم القسم فى أقرب وقت لأنه الرادع الحقيقى لهم».
حالة من الركود يعيشها أصحاب المحال التجارية فى الشارع السياحى بمنطقة كرداسة بعد مرور عام من فض رابعة والنهضة، يشتكى فيها عدد منهم من «وقف الحال»، وطرحوا مبادرة بترميم قسم الشرطة على نفقتهم الشخصية من أجل عودة سمعة كرداسة السياحية من جديد.
يطالب أحمد منصور، صاحب محل تجارى بكرداسة، الإعلام بالوقوف إلى جانب الأهالى فى محنتهم ورسم الصورة الصحيحة للمركز السياحى بعد تطهيره من العناصر الإرهابية طوال عام كامل. «نطالب الإعلام بتحسين صورة كرداسة التى شوهت طوال العام الماضى، خاصة بعد القبض على المتورطين فى حرق القسم، فأهل كرداسة طيبون وغلابة، ودلوقتى إحنا مش عارفين نعمل إيه فى الحال الواقف، وما فيش حد فكر فى الخسارة اللى شالها أصحاب المحال بقالهم سنة من يوم فض اعتصام رابعة وحرق قسم الشرطة».
يتابع منصور: «الناس بتخاف تنزل كرداسة علشان مفيش قسم يحمى الناس وبتوصل لغيرها إن كرداسة فيها إرهاب طالما الداخلية رافضة ترميم القسم لغاية دلوقتى، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق فالناس هنا عاوزة تعيش فى أمن وسلام وعندها استعداد للتعاون مع رجال الشرطة».لنلانتنبمبكمفنفنغنخ
عام كامل مر على حرق قسم كرداسة بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة من قبل مسلحين إسلاميين. مسرح الجريمة لم يتغير حتى الآن، لاتزال جدران القسم يكسوها اللون الأسود، مختلطة بدماء الضحايا المتجلطة، ويتناثر الرماد بين غرفها لتكون الشاهد الوحيد على احتراق جميع محتويات القسم، ويتحول إلى مأوى للمجاذيب وأطفال الشوارع.
أمام قسم كرداسة المحترق جلست عواطف محمد، بائعة جرجير، أعلى حجر وأسفل مظلة من البلاستيك تقيها من حرارة الشمس المحرقة، تتحدث عن النقيب هشام شتا، أحد شهداء كرداسة، الذى وصفته بالشهامة والرجولة. وقالت: «تعارك ابنى مع مجموعة من الشباب العاطلين فى ٦ أكتوبر وتم حجزه داخل القسم، ووقفت عاجزة عن مساعدة ابنى فتوجهت إلى القسم وقابلت هشام بيه وحكيت له الموقف وطلبت منه مساعدتى، فتدخل على الفور واتصل بزملائه لمعرفة سبب المشاجرة ولم يبت ابنى وقتها فى الحجز، ولم تتوقف شهامته عند هذا الموقف بل كان يعطينى مساعدات مادية من وقت لآخر».
يبدو أن آثار الجريمة لم تغير كثيرا فى سلوك مرتكبيها أو المتعاطفين معهم، إذ انتشرت على جدران القسم فى شعارات مناهضة للسيسى والجيش والشرطة، مؤكدين أنهم لن ينسوا دماء من سقطوا فى رابعة والنهضة.
«كرداسة تعيش بلا حكومة».. كلمات قصيرة وصف بها حامد عبدالمجيد، أحد الأهالى، حال كرداسة بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة. يقول: «إحنا عايشين بلا حكومة بقالنا سنة كاملة، فالمشاجرات تحدث يوميا بين السائقين وبعضهم بالأسلحة البيضاء والأهالى بسبب استغلالهم غلق قسم الشرطة، ولا يمر يوم واحد إلا وتحدث سرقة توك توك أو محل. أنا تعرضت لسرقة الكشك الذى أمتلكه أمام القسم ٥ مرات. كنت زمان بقفل الكشك بتاعى الساعة ٢ بعد منتصف الليل، لكن دلوقتى بقفل الساعة ١٠ مساء. الداخلية بتنزل كرداسة على فترات ولكن تأثيرها مش زى القسم اللى كانت الناس بتعمله حساب».
يؤكد عبدالمجيد أن أهالى كرداسة يطبقون القانون بأنفسهم، مستشهدا بالحادثة الأخيرة التى وقعت فى كفر حجازى بكرداسة ولم يتطرق لها الإعلام منذ شهرين. «فى شهر يونيو الماضى حصلت مشاجرة بين عدد من الأهالى فى كفر حجازى تسببت فى وفاة شخص وقام أهله بطرد عائلته من بيوتهم، ثم أشعلوا النيران فيها دون تدخل من أفراد الشرطة».
يقول ياسر إبراهيم، سائق، أحد أهالى كرداسة: «نعانى بسبب عدم ترميم القسم حتى الآن، فنحن نذهب إلى القرية التى تبعد عنا مسافة كبيرة نضطر فيها لركوب ثلاث مواصلات للوصول إليها لتخليص أوراق رسمية، خاصة أننا فى موسم تقديم أوراق أبنائنا فى المدارس والجامعات، ولا نعرف السبب الرئيسى وراء عدم ترميم القسم حتى الآن».
عدم ترميم قسم كرداسة وبقائه على حاله منذ تعرضه للهجوم من عام سبب حالة من الحزن والخوف لأهالى كرداسة، لأنه يعيد إلى أذهانهم ليلة الهجوم عليه وكأنها أحداث مرت بالأمس وليست منذ عام. «شكله بيجيبلى كآبة».. كلمات ألقتها سعاد ناصر، أحد الأهالى، وتسكن بجوار القسم، قائلة: «إحنا بنصحى الصبح على منظر القسم وده بيرجع لنا تفاصيل ليلة الهجوم عليه ويسبب لنا الخوف وكأنه لم يمر عام كامل على الحادث، وإغلاقه خلق حالة من عدم الأمان فى شوارع كرداسة. أنا بنتى أخاف أمشيها فى الشارع لوحدها، إحنا بنبقى فى شغلنا وخايفين على أولادنا فى البيوت».
يشير أحمد ممدوح، أحد الأهالى، إلى بعض المحاولات التى يقوم بها الإخوان المسلمون فى كرداسة لافتعال أزمة بين الأهالى والدولة. «يستغل التجار المنتمون لتنظيم الجماعة غلق قسم الشرطة ويمتنعون عن تسلم حصتهم منذ شهر يونيو الماضى لإحداث وقيعة بين الشعب والحكومة، إلى جانب إقامة منصة بالقرب من مسجد سلامة الشاعر يحرصون فيها على التجمع لمناهضة النظام الحاكم، وتحدث اشتباكات بيننا وبينهم لمنعهم من إقامة هذه المنصة، لذلك نطالب بترميم القسم فى أقرب وقت لأنه الرادع الحقيقى لهم».
حالة من الركود يعيشها أصحاب المحال التجارية فى الشارع السياحى بمنطقة كرداسة بعد مرور عام من فض رابعة والنهضة، يشتكى فيها عدد منهم من «وقف الحال»، وطرحوا مبادرة بترميم قسم الشرطة على نفقتهم الشخصية من أجل عودة سمعة كرداسة السياحية من جديد.
يطالب أحمد منصور، صاحب محل تجارى بكرداسة، الإعلام بالوقوف إلى جانب الأهالى فى محنتهم ورسم الصورة الصحيحة للمركز السياحى بعد تطهيره من العناصر الإرهابية طوال عام كامل. «نطالب الإعلام بتحسين صورة كرداسة التى شوهت طوال العام الماضى، خاصة بعد القبض على المتورطين فى حرق القسم، فأهل كرداسة طيبون وغلابة، ودلوقتى إحنا مش عارفين نعمل إيه فى الحال الواقف، وما فيش حد فكر فى الخسارة اللى شالها أصحاب المحال بقالهم سنة من يوم فض اعتصام رابعة وحرق قسم الشرطة».
يتابع منصور: «الناس بتخاف تنزل كرداسة علشان مفيش قسم يحمى الناس وبتوصل لغيرها إن كرداسة فيها إرهاب طالما الداخلية رافضة ترميم القسم لغاية دلوقتى، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق فالناس هنا عاوزة تعيش فى أمن وسلام وعندها استعداد للتعاون مع رجال الشرطة».لنلانتنبمبكمفنفنغنخ