تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الكتاب : المقتضب
المؤلف : محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى : 285هـ)
الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير وجوه العربية وإعراب الأسماء والأفعال
فالكلام كله: اسم، وفعل، وحرف جاء لمعنى. لا يخلو الكلام - عربيّا كان أو أعجميّا من هذه الثلاثة.
والمعرب: الاسم المتمكّن، والفعل المضارع. وسنأتي على تفسير ذلك كله إن شاء الله.
أما الأسماء فما كان واقعاً على معنى، نحو: رجل، وفرس، وزيد، وعمرو، وما أشبه ذلك وتعتبر الأسماء بواحدة: كل ما دخل عليه حرف من حروف الجر فهو اسم، وإن امتنع من ذلك فليس باسم.
وإعراب الأسماء على ثلاثة أضرب: على الرفع، والنصب، والجر.
فأما رفع الواحد المعرب غير المعتل فالضم ؛ نحو قولك: زيدٌ، وعبد الله، وعمرٌو.
ونصبه بالفتح: نحو قولك: زيداً، وعمرواً، وعبد الله.
وجرّه بالكسرة ؛ نحو قولك: زيدٍ، وعمروٍ، وعبد الله.
فهذه الحركات تسمى بهذه الأسماء إذا كان الشيء معرباً، فإن كان مبنيّاً لا يزول من حركة إلى أخرى، نحو: حيث، وقبل، وبعد - قيل له مضموم. ولم يقل مرفوع ؛ لأنه لا يزول عن الضم.
وأين و كيف يقال له مفتوح، ولا يقال له منصوب، لأنه لا يزول عن الفتح.
ونحو: هؤلاء، وحذار، وأمس مكسورٌ، ولا يقال له مجرور، لأنه لا يزول عن الكسر وكذلك من، وهل، وبل يقال له موقوف، ولا يقال له مجزوم. لأنه لا يزول عن الوقف.
وإذا ثنّيت الواحد ألحقته ألفاً، ونوناً في الرفع.
أما الألف فإنها علامة الرفع، وأما النون فإنها بدل من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد. فإن كان الاسم مجروراً أو منصوباً، فعلامته ياءٌ مكان الألف وذلك قولك: جاءني الرجلان، ورأيت. الرجلين، ومررت بالرجلين.
يستوى النصب، والجر في ذلك، وتكسر النون من الاثنين لعلة سنذكرها مع ذكر استواء الجر، والنصب في موضعها إن شاء الله.
فإن جمعت الاسم على حدّ التثنية ألحقته في الرفع واواً، ونوناً.
أما الواو فعلامة الرفع، وأما النون فبدلٌ من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد. ويكون فيه في الجر، والنصب ياء مكان الواو. ويستوي الجر، والنصب في هذا الجمع ؛ كما استويا في التثنية ؛ لأن هذا الجمع على حد التثنية، وهو الجمع الصحيح.
وإنما كان كذلك ؛ لأنك إذا ذكرت الواحد، نحو قولك: مسلم ثم ثنّيته أدّيت بناءه كما كان، ثم زدت عليه ألفاً، نوناً، أو ياء ونوناً فإذا جمعته على هذا الحدّ أديت بناءه أيضاً، ثم زدت عليه واواً، ونوناً، أو ياء ونوناً، ولم تغيّر بناء الواحد عمّا كان عليه.
وليس هكذا سائر الجمع ؛ لأنك تكسر الواحد عن بنائه، نحو. قولك: درهم، ثم تقول: دراهم: تفتح الدال، وكانت مكسورة، وتكسر الهاء وكانت مفتوحة، وتفصل بين الراء والهاء بألف تدخلها. وكذلك أكلب، وأفلس، وغلمان.
فلذلك قيل لكل جمع بغير الواو، والنون: جمع تكسير. ويكون إعرابه كإعراب الواحد ؛ لأنه لم يأت على حد التثنية.
ونون الجمع الذي على حد التثنية أبداً مفتوحة.
وإنما حركت نون الجمع، ونون الاثنين، لالتقاء الساكنين، فحركت نون الجمع بالفتح لأن الكسر، والضم لا يصلحان فيها. وذلك أنها تقع بعد واو مضموم ما قبلها، أو ياءٍ مكسور ما قبلها، ولا يستقيم توالي الكسرات والضّمّات مع الياء والواو، ففتحت.
وكسرت نون الاثنين، لالتقاء الساكنين على أصل ما يجب فيهما إذا التقيا. ولم تكن فيهما مثل هذه العلّة فتمتنع.
وإذا جمعت المؤنث على حدّ التثنية فإن نظير قولك: مسلمون في جمع مسلم أن تقول في مسلمة: مسلمات، فاعلم.
وإنّما حذفت التاء من مسلمة ؛ لأنها علم التأنيث، والألف والتاء في مسلمات علم التأنيث ومحال أن يدخل تأنيث على تأنيث.
فإذا أردت رفعه قلت: مسلماتٌ فاعلم، ونصبه وجرّه: مسلماتٍ.
يستوي الجر، والنصب ؛ كما استويا في مسلمين، لأن هذا في المؤنث نظير ذلك في المذكر.
وإنما استوى الجر والنصب في التثنية، والجمع ؛ لاستوائهما في الكناية. تقول: مررت بك، ورأيتك. واستواؤهما أنهما مفعولان ؛ لأن معنى قولك: مررت بزيد: أي فعلت هذا به. فعلى هذا تجري التثنية، والجمع في المذكر، والمؤنث من الأسماء.
فأما الأفعال فإنا أخرنا ذكرها حتى نضعها في مواضعها. بجميع تفسيرها إن شاء الله.
هذا باب
الفاعل
وهو رفع. وذلك قولك: قام عبد الله، وجلس زيدٌ.
الكتاب : المقتضب
المؤلف : محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى : 285هـ)
الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير وجوه العربية وإعراب الأسماء والأفعال
فالكلام كله: اسم، وفعل، وحرف جاء لمعنى. لا يخلو الكلام - عربيّا كان أو أعجميّا من هذه الثلاثة.
والمعرب: الاسم المتمكّن، والفعل المضارع. وسنأتي على تفسير ذلك كله إن شاء الله.
أما الأسماء فما كان واقعاً على معنى، نحو: رجل، وفرس، وزيد، وعمرو، وما أشبه ذلك وتعتبر الأسماء بواحدة: كل ما دخل عليه حرف من حروف الجر فهو اسم، وإن امتنع من ذلك فليس باسم.
وإعراب الأسماء على ثلاثة أضرب: على الرفع، والنصب، والجر.
فأما رفع الواحد المعرب غير المعتل فالضم ؛ نحو قولك: زيدٌ، وعبد الله، وعمرٌو.
ونصبه بالفتح: نحو قولك: زيداً، وعمرواً، وعبد الله.
وجرّه بالكسرة ؛ نحو قولك: زيدٍ، وعمروٍ، وعبد الله.
فهذه الحركات تسمى بهذه الأسماء إذا كان الشيء معرباً، فإن كان مبنيّاً لا يزول من حركة إلى أخرى، نحو: حيث، وقبل، وبعد - قيل له مضموم. ولم يقل مرفوع ؛ لأنه لا يزول عن الضم.
وأين و كيف يقال له مفتوح، ولا يقال له منصوب، لأنه لا يزول عن الفتح.
ونحو: هؤلاء، وحذار، وأمس مكسورٌ، ولا يقال له مجرور، لأنه لا يزول عن الكسر وكذلك من، وهل، وبل يقال له موقوف، ولا يقال له مجزوم. لأنه لا يزول عن الوقف.
وإذا ثنّيت الواحد ألحقته ألفاً، ونوناً في الرفع.
أما الألف فإنها علامة الرفع، وأما النون فإنها بدل من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد. فإن كان الاسم مجروراً أو منصوباً، فعلامته ياءٌ مكان الألف وذلك قولك: جاءني الرجلان، ورأيت. الرجلين، ومررت بالرجلين.
يستوى النصب، والجر في ذلك، وتكسر النون من الاثنين لعلة سنذكرها مع ذكر استواء الجر، والنصب في موضعها إن شاء الله.
فإن جمعت الاسم على حدّ التثنية ألحقته في الرفع واواً، ونوناً.
أما الواو فعلامة الرفع، وأما النون فبدلٌ من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد. ويكون فيه في الجر، والنصب ياء مكان الواو. ويستوي الجر، والنصب في هذا الجمع ؛ كما استويا في التثنية ؛ لأن هذا الجمع على حد التثنية، وهو الجمع الصحيح.
وإنما كان كذلك ؛ لأنك إذا ذكرت الواحد، نحو قولك: مسلم ثم ثنّيته أدّيت بناءه كما كان، ثم زدت عليه ألفاً، نوناً، أو ياء ونوناً فإذا جمعته على هذا الحدّ أديت بناءه أيضاً، ثم زدت عليه واواً، ونوناً، أو ياء ونوناً، ولم تغيّر بناء الواحد عمّا كان عليه.
وليس هكذا سائر الجمع ؛ لأنك تكسر الواحد عن بنائه، نحو. قولك: درهم، ثم تقول: دراهم: تفتح الدال، وكانت مكسورة، وتكسر الهاء وكانت مفتوحة، وتفصل بين الراء والهاء بألف تدخلها. وكذلك أكلب، وأفلس، وغلمان.
فلذلك قيل لكل جمع بغير الواو، والنون: جمع تكسير. ويكون إعرابه كإعراب الواحد ؛ لأنه لم يأت على حد التثنية.
ونون الجمع الذي على حد التثنية أبداً مفتوحة.
وإنما حركت نون الجمع، ونون الاثنين، لالتقاء الساكنين، فحركت نون الجمع بالفتح لأن الكسر، والضم لا يصلحان فيها. وذلك أنها تقع بعد واو مضموم ما قبلها، أو ياءٍ مكسور ما قبلها، ولا يستقيم توالي الكسرات والضّمّات مع الياء والواو، ففتحت.
وكسرت نون الاثنين، لالتقاء الساكنين على أصل ما يجب فيهما إذا التقيا. ولم تكن فيهما مثل هذه العلّة فتمتنع.
وإذا جمعت المؤنث على حدّ التثنية فإن نظير قولك: مسلمون في جمع مسلم أن تقول في مسلمة: مسلمات، فاعلم.
وإنّما حذفت التاء من مسلمة ؛ لأنها علم التأنيث، والألف والتاء في مسلمات علم التأنيث ومحال أن يدخل تأنيث على تأنيث.
فإذا أردت رفعه قلت: مسلماتٌ فاعلم، ونصبه وجرّه: مسلماتٍ.
يستوي الجر، والنصب ؛ كما استويا في مسلمين، لأن هذا في المؤنث نظير ذلك في المذكر.
وإنما استوى الجر والنصب في التثنية، والجمع ؛ لاستوائهما في الكناية. تقول: مررت بك، ورأيتك. واستواؤهما أنهما مفعولان ؛ لأن معنى قولك: مررت بزيد: أي فعلت هذا به. فعلى هذا تجري التثنية، والجمع في المذكر، والمؤنث من الأسماء.
فأما الأفعال فإنا أخرنا ذكرها حتى نضعها في مواضعها. بجميع تفسيرها إن شاء الله.
هذا باب
الفاعل
وهو رفع. وذلك قولك: قام عبد الله، وجلس زيدٌ.