[size=24]قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الماتع شرف أصحاب الحديث [/size]
عن مكانة أصحاب الحديث وذم من خالفهم كلام يكتب بماء الذهب ...
قال رحمه الله:
( ولو أن صاحب الرأي المذموم شغل نفسه بما ينفعه من العلوم ، وطلب
سنن رسول رب العالمين ، واقتفى آثار الفقهاء والمحدثين ، لوجد في
ذلك ما يغنيه عما سواه واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه ، لأن الحديث
يشتمل على معرفة أصول التوحيد ، وبيان ما جاء من وجوه الوعد
والوعيد ، وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين والإخبار
عن صفات الجنة والنار ، وما أعد الله تعالى فيهما للمتقين والفجار ،
وما خلق الله في الأرضين والسموات من صنوف العجائب وعظيم
الآيات ، وذكر الملائكة المقربين ، ونعت الصافين والمسبحين . وفي
الحديث قصص الأنبياء ، وأخبار الزهاد والأولياء ، ومواعظ البلغاء ،
وكلام الفقهاء ، وسير ملوك العرب والعجم ، وأقاصيص المتقدمين من
الأمم ، وشرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسراياه وجمل
أحكامه وقضاياه ، وخطبه وعظاته ، وأعلامه ومعجزاته ، وعدة أ
زواجه وأولاده وأصهاره وأصحابه . وذكر فضائلهم ومآثرهم . وشرح
أخبارهم » ومناقبهم « ، ومبلغ أعمارهم ، وبيان أنسابهم . وفيه تفسير
القرآن العظيم ، وما فيه من النبإ والذكر الحكيم . وأقاويل الصحابة في
الأحكام المحفوظة عنهم ، وتسمية من ذهب إلى قول كل واحد منهم من
الأئمة الخالفين والفقهاء المجتهدين . وقد جعل الله تعالى أهله أركان
الشريعة ، وهدم بهم كل بدعة شنيعة . فهم أمناء الله من خليقته ،
والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ، والمجتهدون في حفظ
ملته . أنوارهم زاهرة ، وفضائلهم سائره ، وآياتهم باهرة ، ومذاهبهم
ظاهرة ، وحججهم قاهرة ، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه ، أو
تستحسن رأيا تعكف عليه ، سوى أصحاب الحديث ، فإن الكتاب عدتهم
، والسنة حجتهم ، والرسول فئتهم ، وإليه نسبتهم ، لا يعرجون على
الأهواء ، ولا يلتفتون إلى الآراء ، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ،
وهم المأمونون عليه والعدول ، حفظة الدين وخزنته ، وأوعية العلم
وحملته . إذا اختلف في حديث ، كان إليهم الرجوع ، فما حكموا به ،
فهو المقبول المسموع . ومنهم كل عالم فقيه ، وإمام رفيع نبيه ، وزاهد
في قبيلة ، ومخصوص بفضيلة ، وقارئ متقن ، وخطيب محسن . وهم
الجمهور العظيم ، وسبيلهم السبيل المستقيم . وكل مبتدع باعتقادهم
يتظاهر ، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا » يتجاسر « . من كادهم
قصمه الله ، ومن عاندهم خذلهم الله . لا يضرهم من خذلهم ، ولا يفلح
من اعتزلهم المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير ، وبصر الناظر بالسوء
[size=24]إليهم حسير وإن الله على نصرهم لقدير ).[/size]