الأدب الإفريقي ـــ د. سليمان الأزرعي
على تباعد أقطارهم وقبائلهم وعروقهم، يشكل الأفارقة في ميدان الأدب والإبداع وربما سائر فروع الفن أمة واحدة. فيما لا نستطيع أن نقول ذلك عن أمم أية قارة أخرى غير أفريقيا!. رغم أن ما يوحّد أوروبا ـ مثلاً في مجال السياسة والعلاقات الدولية ـ أكثر بكثير مما يوحّد أفريقيا.
أفريقيا، تلك القارة المبتلاة بالخلافات الحدودية وصراعات القبائل والمذابح الجماعية ونظم الديكتاتورية المتعددة الألوان والأشكال والممتلئة بعناصر الفرقة تتوحد عند ميدان الإبداع والأدب فيما يسمى (بالزنوجة)!. ذلك هو الإحساس الذي يجمع أبناء القارة السوداء على اختلاف قبائلهم وأقطارهم. فقد عانى الإنسان الأسود ما لم يعاينه بيض أوروبا وصفر آسيا وربما حمر أمريكا، منذ أرتبط اللون الأسود بفعل العبودية كما عبّر عنها الشاعر السوداني محمد الفيتوري:
ألأن وجهي أسودٌ
ولأن وجهك أبيضٌ
سميّتني عبدا.
ووطئت روحانيتي
وحقرت إنسانيتي.
وصنعت لي قيداً!.
الفيتوري هنا لا يدافع عن أبناء وطن أو شعب. إنه يتحدث عن أمة. أمة صاغ وجدانها الإنساني خطر العبودية المحدق بكل أسود بغض النظر عن بلاده وقبيلته.
هنا في موقع التعبير الإبداعي يلتقي كل السود. وتتعاظم مشاعر (الزنوجة) حتى ليقول (سارتر): (الأسود يظل ذكر الأرض. ولا يوجد أوروبي واحد لديه مثل هذا الإحساس والمعنى الكوني للجنس إلاّ د. هـ. لورنس).
وبهذا المعنى يهتف الشاعر (ليبولد سنجور) الرئيس السنغالي:
(أواه يا كونجو
يا من تتمدّد في فراشها
المصنوع من الغابات
يا ملكلة أفريقيا الأسيرة
خلّي الجبال الفحلة ترفع رأسها عالياً
لأني أعرف أنك امرأة بوجهي ولساني).
(علي شلق، مختارات من الأدب الأفريقي، وزارة الثقافة والإعلام، آفاق 1986). أما (لومومبا) فيبوح باسم ابن قارته السوداء:
(من تلك الموسيقا العظيمة
نشأت بداية الجاز
صاخبة،
مهتاجة.
معلنة للبيض بنبرات مسموعة
أن الأرض لم تكن بأسرها وفقاً عليهم..).
عجيب وملفت أن نرى أكثرية قادة ثورات أفريقيا شعراء وأدباء. كسنجور ولومومبا وسامورا ماشيل واغستينونيتو وغيرهم وغيرهم ممن حملوا لواء الكفاح من أجل تحرير أوطانهم والقارة السوداء. ربما تكون ظاهرة السياسي / الإبداع موجودة هنا أو هناك. فالرئيس التشيكي (فاتسلاف هافل) مبدع مسرحي. و(ماوتسي تونغ) شاعر. وكذلك (هو تشي منه) قرأت له ذات يوم ديواناً بعنوان (حفنة أرزّ). حتى (ماركس) أصدر في بدايات حياته ديواناً شعرياً متواضعاً. ونتذكر في هذا السياق (غوته) المبدع الألماني الذي شغل منصب رئيس وزراء (بافاريا).. الأمثلة كثيرة في العالم ولكنها لا تشكل ظاهرة. اما في أفريقيا فإن تلازم السياسي بالأديب يشكل ظاهرة واضحة وملموسة بشكل ملفت.. ولقد عبّروا عن قضايا بلادهم وأوطانهم الصغيرة.. فقط، لأن اللون الأسود ارتبط بالعبودية. وجعل من الأفارقة أمة واحدة في ميدان الأدب والإبداع.. أمة تعبر عن هاجس واحد. وقضية واحدة. وطموح واحد في مواجهة السيد الأبيض. والظاهرة بحاجة إلى المزيد من الدرس والتفحص.
على تباعد أقطارهم وقبائلهم وعروقهم، يشكل الأفارقة في ميدان الأدب والإبداع وربما سائر فروع الفن أمة واحدة. فيما لا نستطيع أن نقول ذلك عن أمم أية قارة أخرى غير أفريقيا!. رغم أن ما يوحّد أوروبا ـ مثلاً في مجال السياسة والعلاقات الدولية ـ أكثر بكثير مما يوحّد أفريقيا.
أفريقيا، تلك القارة المبتلاة بالخلافات الحدودية وصراعات القبائل والمذابح الجماعية ونظم الديكتاتورية المتعددة الألوان والأشكال والممتلئة بعناصر الفرقة تتوحد عند ميدان الإبداع والأدب فيما يسمى (بالزنوجة)!. ذلك هو الإحساس الذي يجمع أبناء القارة السوداء على اختلاف قبائلهم وأقطارهم. فقد عانى الإنسان الأسود ما لم يعاينه بيض أوروبا وصفر آسيا وربما حمر أمريكا، منذ أرتبط اللون الأسود بفعل العبودية كما عبّر عنها الشاعر السوداني محمد الفيتوري:
ألأن وجهي أسودٌ
ولأن وجهك أبيضٌ
سميّتني عبدا.
ووطئت روحانيتي
وحقرت إنسانيتي.
وصنعت لي قيداً!.
الفيتوري هنا لا يدافع عن أبناء وطن أو شعب. إنه يتحدث عن أمة. أمة صاغ وجدانها الإنساني خطر العبودية المحدق بكل أسود بغض النظر عن بلاده وقبيلته.
هنا في موقع التعبير الإبداعي يلتقي كل السود. وتتعاظم مشاعر (الزنوجة) حتى ليقول (سارتر): (الأسود يظل ذكر الأرض. ولا يوجد أوروبي واحد لديه مثل هذا الإحساس والمعنى الكوني للجنس إلاّ د. هـ. لورنس).
وبهذا المعنى يهتف الشاعر (ليبولد سنجور) الرئيس السنغالي:
(أواه يا كونجو
يا من تتمدّد في فراشها
المصنوع من الغابات
يا ملكلة أفريقيا الأسيرة
خلّي الجبال الفحلة ترفع رأسها عالياً
لأني أعرف أنك امرأة بوجهي ولساني).
(علي شلق، مختارات من الأدب الأفريقي، وزارة الثقافة والإعلام، آفاق 1986). أما (لومومبا) فيبوح باسم ابن قارته السوداء:
(من تلك الموسيقا العظيمة
نشأت بداية الجاز
صاخبة،
مهتاجة.
معلنة للبيض بنبرات مسموعة
أن الأرض لم تكن بأسرها وفقاً عليهم..).
عجيب وملفت أن نرى أكثرية قادة ثورات أفريقيا شعراء وأدباء. كسنجور ولومومبا وسامورا ماشيل واغستينونيتو وغيرهم وغيرهم ممن حملوا لواء الكفاح من أجل تحرير أوطانهم والقارة السوداء. ربما تكون ظاهرة السياسي / الإبداع موجودة هنا أو هناك. فالرئيس التشيكي (فاتسلاف هافل) مبدع مسرحي. و(ماوتسي تونغ) شاعر. وكذلك (هو تشي منه) قرأت له ذات يوم ديواناً بعنوان (حفنة أرزّ). حتى (ماركس) أصدر في بدايات حياته ديواناً شعرياً متواضعاً. ونتذكر في هذا السياق (غوته) المبدع الألماني الذي شغل منصب رئيس وزراء (بافاريا).. الأمثلة كثيرة في العالم ولكنها لا تشكل ظاهرة. اما في أفريقيا فإن تلازم السياسي بالأديب يشكل ظاهرة واضحة وملموسة بشكل ملفت.. ولقد عبّروا عن قضايا بلادهم وأوطانهم الصغيرة.. فقط، لأن اللون الأسود ارتبط بالعبودية. وجعل من الأفارقة أمة واحدة في ميدان الأدب والإبداع.. أمة تعبر عن هاجس واحد. وقضية واحدة. وطموح واحد في مواجهة السيد الأبيض. والظاهرة بحاجة إلى المزيد من الدرس والتفحص.