العشق في الستين..! نزوة، أم جنون، أم ماذا..؟
محمد ح. الحاج
لماذا استخدمت في توصيف الحالة كلمة العشق ولم أستخدم الحب مثلاً..؟ ونعلم أن التوصيف في هذا المجال يبدأ بالإعجاب ثم الهوى، فالحب، فالغرام، فالعشق الذي قد يصل إلى درجة الهُيام وهي أشد الحالات قسوة على العاشق...
في الستين..! البعض يستغرب لدرجة الاستنكار وقد يفغر فاه دهشة... نعم في الستين وعشق حتى الهيام.
الحديث عن الهوى والحب والغرام بين جيل الشباب منذ اليفاعة وحتى نهايات العقد الثالث أمر طبيعي جداً، ثم يقولون أن للرجل كما المرأة في كثير من الأحيان يقظة في هذا الاتجاه مع بداية العقد الخامس أي بعد سن الأربعين، ويقولون في العامية: جهل الأربعين.. يارب تعين..
لو أمعنا التفكير قليلاً لما كانت دهشة، ولما كان استغراب أو استنكار، فالأمور التي ذكرناها، ونعالج جانباً منها هي مجرد مشاعر إنسانية، لا يمكن التحكم بها أو تصنعها لدرجة الإتقان، لأن الفارق كبير والبون شاسع بين مشاعر حقيقية متدفقة، وبين المصطنعة.. وهكذا يمكن لكل ذي قلب، وعقل أن يكتشف الحقيقة.
يقول العاشق: ما الغريب في الأمر.. لقد تدرجت مشاعري بشكل طبيعي في كل المراحل، ولكن بصمت، فميزة النضوج الكامل عند الرجل تعطي القدرة على تجاوز المراهقة، وبالتالي فهي تفرض حالة من السلوك المحكوم بالعقلانية، لا أعاني من أي نقص في حياتي العادية، مع ذلك لفتت انتباهي طويلاً وتكررت اللقاءات العامة، وفي كثير من المناسبات، تتميز بصفات أراها رائعة، أربعينية عاقلة، رزينة، وهي حرة غير مرتبطة، بدأت أهوى خصالها واحدة إثر أخرى، أحببتها، ولا أنكر أن للعطف عليها، وشعوري بأنها تستحق السعادة دور في تنمية مشاعري التي انقلبت إلى حب جارف دون البوح بأي شيء، سنوات طويلة، انقلب حبي لها إلى عشق لا يحتمل، فأصبحت هيماناً تنتابني كآبة شديدة إن لم أرها أو أكلمها بشكل متواتر، والكل يعلم أن الإنسان يبحث عن الذريعة ويبدع اللحظة، وكانت على قدر من الذكاء فلم يفتها الحال ولا المشاعر، ويقولون العاشق تفضحه عيونه... فكانت مصارحة، وبقي الحب عذرياً وفي منتهى الرومانسية.
في تحليل نفسي تقول المرشدة: ربما تكون أحوال الرجل العائلية فيها بعض المعاناة، وهذا دافع للبحث عن الراحة النفسية بعيداً عن البيت، وإذا كان الرجل لا يبحث عن المتعة، وينظر إلى المرأة بهذه العذرية فلا بد من وجود أسباب خفية كامنة كأن يكون في شبابه قد تجاوز لسبب ما..مراحل مراهقته، فبقيت كامنة لتستيقظ متأخرة كل هذه المدة، مع ذلك فالرجل الستيني إن كان يتمتع بكامل قواه ولا يعاني من أمراض، فإنه أقرب إلى الشباب خصوصاً في ظروف الرعاية الصحية التامة ووجود أنواع التمرين والرياضات التي تحافظ على سلامة الجسد والبنية والرشاقة، وهناك الكثير من الرجال يظهرون وكأنهم أصغر من حقيقة أعمارهم بكثير... ولكن يبقى السؤال الملح: إلى أين..، وما هي النهاية، وكيف تنظر المرأة إلى هذا الوضع..؟ ثم إن القرار يعتمد على مدى ثقتها خصوصاً في حالة الرجل المتزوج، وطموحاتها وخطط حياتها وأحلامها.
في تحليل آخر يقول محلل وكاتب دراما: أنا لا أرى في الأمر ما يثير العجب، وسواء كان الرجل أم المرأة فمشاعر الحب وحتى العشق والهيام هي طبيعية، إنها حالة إنسانية يعيشها المرء بمنتهى البساطة وربما مع رومانسية مفرطة، ولكن دون قدرة على التحكم بها، وسواء راهق الرجل في شبابه أو بعد نضوجه، فإن من حقه.. وضمن أصول، أن يمارس إنسانيته ويعبر عن مشاعره، دون أن يتعرض للنقد أو تدخل حتى الأبناء أو الأهل في مثل هذه الحالة، ولكني أرى من الأفضل أن لا يكون من طرف واحد، المرأة وتجاوبها على قاعدة من الثقة ومداراة واقع المجتمع وأعرافه وقوانينه أمر مهم، حتى ولو كانت الأعراف جائرة في بعض تفاصيلها، مع ذلك أرى أن المرأة هي صاحبة الحق في القرار بالنهاية.
- وماذا لو كان الأمر مجرد نزوة عابرة..؟
يقول العاشق: بالتأكيد لا، فقد ناقشت الأمر مطولاً وأجريت أكثر من محاكمة ذاتية - عقلانية لسلوكي ومشاعري، وأؤكد أنها لا يمكن أن تكون نزوة، فالنزوة عارضة، وقد تنطبق على حال الإعجاب المحكوم بوقت ما، أو الهوى الآني، وهو عارض، وكثير من الحب يفشل فيكون نزوة، لكنه العشق، يفرض وجهاً آخر للمسألة، أن تتساءل عن سلوك الكبار أجيبك: في مجال السلوك، أنا لا أسمح لنفسي بإيذاء الطرف الآخر(المرأة) ولو من حيث الظاهر، للمثال السمعة، وأنا أنظر لها بنوع من القدسية، وأتحاشى ما يلفت انتباه المحيط، ومن حيث المشاعر قد أتحمل الكثير حتى لا تفضحني هذه المشاعر وتكون السبب في ما أتحاشاه من سلوك، وتسألني إلى أين..؟ أقول: لا أستطيع جواباً لهذا السؤال فمن المبكر اتخاذ قرار من طرف واحد.
هل يمارس الستيني نوعاً من الجنون، أم ماذا..؟
واستطراداً ما هو وجه الخلاف بين مجانين العشق عبر التاريخ، من الناحية الإنسانية، وبين أهل هذا الزمن..؟ الجنون لا يتغير من حيث الجوهر، تتغير الظروف وما هو متاح اليوم لا يدفع إلى جنون الماضي الذي خلدته الكتب... لا يمكننا أن نطلق على العشق في حالتنا الراهنة ولو بلغ الدرجة القصوى من الهيام... جنوناً، بل أميل إلى القول أن كثيراً من حالات العشق هي إنسانية بكل معنى الكلمة، بعضها رومانسي – عذري،.. والاستثناء موجود.
ويبقى السر في موقف المرأة... استجابة أو عزوفاً فللمرأة أيضاً طموحاتها وخططها المستقبلية في بيت وأسرة، ورعاية رجل يوفر لها الحنان... وليس العشق فقط، حتى ولو جاوزت الأربعين، وهذا حق من حقوقها تطالب به، بل أقل حق.
هل تكفي الأمنية أو الرغبة..؟ المرأة تستحق من الرعاية والتقدير أكثر مما تلقى بكثير، وإذ نراقب أبواب المحاكم، وأفواج الداخلين والخارجين، وتجاوز عدد المنفصلين بكثير لأعداد المقترنين، نقول: الحب، والعشق حتى الهيام ضروريان لنا كبشر، ولكن ليس من النظرة الأولى بل بعد روية وطول تفكير.
محمد ح. الحاج- (العشق في الستين..! نزوة، أم جنون، أم ماذا..؟)
محمد ح. الحاج
لماذا استخدمت في توصيف الحالة كلمة العشق ولم أستخدم الحب مثلاً..؟ ونعلم أن التوصيف في هذا المجال يبدأ بالإعجاب ثم الهوى، فالحب، فالغرام، فالعشق الذي قد يصل إلى درجة الهُيام وهي أشد الحالات قسوة على العاشق...
في الستين..! البعض يستغرب لدرجة الاستنكار وقد يفغر فاه دهشة... نعم في الستين وعشق حتى الهيام.
الحديث عن الهوى والحب والغرام بين جيل الشباب منذ اليفاعة وحتى نهايات العقد الثالث أمر طبيعي جداً، ثم يقولون أن للرجل كما المرأة في كثير من الأحيان يقظة في هذا الاتجاه مع بداية العقد الخامس أي بعد سن الأربعين، ويقولون في العامية: جهل الأربعين.. يارب تعين..
لو أمعنا التفكير قليلاً لما كانت دهشة، ولما كان استغراب أو استنكار، فالأمور التي ذكرناها، ونعالج جانباً منها هي مجرد مشاعر إنسانية، لا يمكن التحكم بها أو تصنعها لدرجة الإتقان، لأن الفارق كبير والبون شاسع بين مشاعر حقيقية متدفقة، وبين المصطنعة.. وهكذا يمكن لكل ذي قلب، وعقل أن يكتشف الحقيقة.
يقول العاشق: ما الغريب في الأمر.. لقد تدرجت مشاعري بشكل طبيعي في كل المراحل، ولكن بصمت، فميزة النضوج الكامل عند الرجل تعطي القدرة على تجاوز المراهقة، وبالتالي فهي تفرض حالة من السلوك المحكوم بالعقلانية، لا أعاني من أي نقص في حياتي العادية، مع ذلك لفتت انتباهي طويلاً وتكررت اللقاءات العامة، وفي كثير من المناسبات، تتميز بصفات أراها رائعة، أربعينية عاقلة، رزينة، وهي حرة غير مرتبطة، بدأت أهوى خصالها واحدة إثر أخرى، أحببتها، ولا أنكر أن للعطف عليها، وشعوري بأنها تستحق السعادة دور في تنمية مشاعري التي انقلبت إلى حب جارف دون البوح بأي شيء، سنوات طويلة، انقلب حبي لها إلى عشق لا يحتمل، فأصبحت هيماناً تنتابني كآبة شديدة إن لم أرها أو أكلمها بشكل متواتر، والكل يعلم أن الإنسان يبحث عن الذريعة ويبدع اللحظة، وكانت على قدر من الذكاء فلم يفتها الحال ولا المشاعر، ويقولون العاشق تفضحه عيونه... فكانت مصارحة، وبقي الحب عذرياً وفي منتهى الرومانسية.
في تحليل نفسي تقول المرشدة: ربما تكون أحوال الرجل العائلية فيها بعض المعاناة، وهذا دافع للبحث عن الراحة النفسية بعيداً عن البيت، وإذا كان الرجل لا يبحث عن المتعة، وينظر إلى المرأة بهذه العذرية فلا بد من وجود أسباب خفية كامنة كأن يكون في شبابه قد تجاوز لسبب ما..مراحل مراهقته، فبقيت كامنة لتستيقظ متأخرة كل هذه المدة، مع ذلك فالرجل الستيني إن كان يتمتع بكامل قواه ولا يعاني من أمراض، فإنه أقرب إلى الشباب خصوصاً في ظروف الرعاية الصحية التامة ووجود أنواع التمرين والرياضات التي تحافظ على سلامة الجسد والبنية والرشاقة، وهناك الكثير من الرجال يظهرون وكأنهم أصغر من حقيقة أعمارهم بكثير... ولكن يبقى السؤال الملح: إلى أين..، وما هي النهاية، وكيف تنظر المرأة إلى هذا الوضع..؟ ثم إن القرار يعتمد على مدى ثقتها خصوصاً في حالة الرجل المتزوج، وطموحاتها وخطط حياتها وأحلامها.
في تحليل آخر يقول محلل وكاتب دراما: أنا لا أرى في الأمر ما يثير العجب، وسواء كان الرجل أم المرأة فمشاعر الحب وحتى العشق والهيام هي طبيعية، إنها حالة إنسانية يعيشها المرء بمنتهى البساطة وربما مع رومانسية مفرطة، ولكن دون قدرة على التحكم بها، وسواء راهق الرجل في شبابه أو بعد نضوجه، فإن من حقه.. وضمن أصول، أن يمارس إنسانيته ويعبر عن مشاعره، دون أن يتعرض للنقد أو تدخل حتى الأبناء أو الأهل في مثل هذه الحالة، ولكني أرى من الأفضل أن لا يكون من طرف واحد، المرأة وتجاوبها على قاعدة من الثقة ومداراة واقع المجتمع وأعرافه وقوانينه أمر مهم، حتى ولو كانت الأعراف جائرة في بعض تفاصيلها، مع ذلك أرى أن المرأة هي صاحبة الحق في القرار بالنهاية.
- وماذا لو كان الأمر مجرد نزوة عابرة..؟
يقول العاشق: بالتأكيد لا، فقد ناقشت الأمر مطولاً وأجريت أكثر من محاكمة ذاتية - عقلانية لسلوكي ومشاعري، وأؤكد أنها لا يمكن أن تكون نزوة، فالنزوة عارضة، وقد تنطبق على حال الإعجاب المحكوم بوقت ما، أو الهوى الآني، وهو عارض، وكثير من الحب يفشل فيكون نزوة، لكنه العشق، يفرض وجهاً آخر للمسألة، أن تتساءل عن سلوك الكبار أجيبك: في مجال السلوك، أنا لا أسمح لنفسي بإيذاء الطرف الآخر(المرأة) ولو من حيث الظاهر، للمثال السمعة، وأنا أنظر لها بنوع من القدسية، وأتحاشى ما يلفت انتباه المحيط، ومن حيث المشاعر قد أتحمل الكثير حتى لا تفضحني هذه المشاعر وتكون السبب في ما أتحاشاه من سلوك، وتسألني إلى أين..؟ أقول: لا أستطيع جواباً لهذا السؤال فمن المبكر اتخاذ قرار من طرف واحد.
هل يمارس الستيني نوعاً من الجنون، أم ماذا..؟
واستطراداً ما هو وجه الخلاف بين مجانين العشق عبر التاريخ، من الناحية الإنسانية، وبين أهل هذا الزمن..؟ الجنون لا يتغير من حيث الجوهر، تتغير الظروف وما هو متاح اليوم لا يدفع إلى جنون الماضي الذي خلدته الكتب... لا يمكننا أن نطلق على العشق في حالتنا الراهنة ولو بلغ الدرجة القصوى من الهيام... جنوناً، بل أميل إلى القول أن كثيراً من حالات العشق هي إنسانية بكل معنى الكلمة، بعضها رومانسي – عذري،.. والاستثناء موجود.
ويبقى السر في موقف المرأة... استجابة أو عزوفاً فللمرأة أيضاً طموحاتها وخططها المستقبلية في بيت وأسرة، ورعاية رجل يوفر لها الحنان... وليس العشق فقط، حتى ولو جاوزت الأربعين، وهذا حق من حقوقها تطالب به، بل أقل حق.
هل تكفي الأمنية أو الرغبة..؟ المرأة تستحق من الرعاية والتقدير أكثر مما تلقى بكثير، وإذ نراقب أبواب المحاكم، وأفواج الداخلين والخارجين، وتجاوز عدد المنفصلين بكثير لأعداد المقترنين، نقول: الحب، والعشق حتى الهيام ضروريان لنا كبشر، ولكن ليس من النظرة الأولى بل بعد روية وطول تفكير.
محمد ح. الحاج- (العشق في الستين..! نزوة، أم جنون، أم ماذا..؟)