فرويد: مختارات من "مختصر التحليل النفسي"
توطئة
الهدف من هذا المؤلف المقتضب جمع مذاهب التحليل النفسي لعرضها عرضا تقريريا ان جاز القول، في أوضح شكل ممكن وأكثره تركيزا. ولم نرم فقط، بعملنا هذا، إلى كسب ثقة أو انتزاع اقتناع.
إن تعاليم التحليل النفسي تنهض على عدد لا يقع تحت حصر من المشاهدات والتجارب، ومن لم يتحقق، في نفسه أو لدى الآخرين، من هذه المشاهدات لا يملك أن يصدر عليها حكما مستقلا.
القسم الأول: طبيعة النفسية
الفصل الأول: الجهاز النفسي
ينهض التحليل النفسي على مسلمة أساسية يقع على عاتق الفلسفة نقاشها، وإن تكن نتائجها تبرز قيمتها. فما نسميه بالنفسية (أو الحياة النفسية) نعرف عنه شيئين: أولاً العضو البدني لهذه النفسية، مسرح عملها، أي المخ (أو الجهاز العصبي)، وثانياً أفعالنا الشعورية التي لنا بها معرفة مباشرة والتي ليس لأي وصف أن يزيدنا بها علماً. أما كل ما يقع بين هذين القطبين فيبقى مجهولا لنا، وإن يكن بينهما ارتباط ما فليس من شأنه أن يمدنا بأكثر من تحديد دقيق لموضع السيرورات الشعورية، من غير أن يتيح لنا فهمها.
وتتصل فرضيتانا بهذين الحدين أو هاتين البدايتين لمعرفتنا. والفرضية الأولى ذات صلة بتحديد الموضع. فنحن نسلم بأن الحياة النفسية وظيفة لجهاز نعزو إليه امتدادا في المكان ونفرض أنه مؤلف من أقسام عدة. ومن ثم فإننا نتصوره ضربا من مقراب أو مجهر أو شيئا من هذا القبيل. وبناء هذا التصور واستكماله حدث علمي جديد، وإن كانت محاولات مماثلة قد جرت في هذا السبيل.
إن دراسة تطور الأفراد هي التي أتاحت لنا أن نعرف هذا الجهاز النفسي. ونحن نطلق على أقدم هذه المناطق أو الهيئات النفسية اسم الهذا؛ ويشمل مضمونه كل ما يحمله الكائن الإنساني معه عند ولادته، كل ما هو متعين في الجبلة، أي في المقام الأول الدوافع الغريزة الصادرة عن التنظيم البدني والتي تجد في الهذا، من خلال أشكال مجهولة لنا، أول نمط من أنماط التعبير النفسي.
وتحت تأثير العالم الخارجي الواقعي المحيط بنا، يطرأ على شطر من الهذا تطور خاص. فبدءا من الطبقة اللحائية الأصلية المزودة بأعضاء قادرة على تلقي التنبيهات، وكذلك على اتقائها، قام تنظيم خاص وما لبث ان صار وسيطا بين الهذا والخارج. وإنما على هذا الشطر من نفسيتنا نطلق اسم الأنا.
توطئة
الهدف من هذا المؤلف المقتضب جمع مذاهب التحليل النفسي لعرضها عرضا تقريريا ان جاز القول، في أوضح شكل ممكن وأكثره تركيزا. ولم نرم فقط، بعملنا هذا، إلى كسب ثقة أو انتزاع اقتناع.
إن تعاليم التحليل النفسي تنهض على عدد لا يقع تحت حصر من المشاهدات والتجارب، ومن لم يتحقق، في نفسه أو لدى الآخرين، من هذه المشاهدات لا يملك أن يصدر عليها حكما مستقلا.
القسم الأول: طبيعة النفسية
الفصل الأول: الجهاز النفسي
ينهض التحليل النفسي على مسلمة أساسية يقع على عاتق الفلسفة نقاشها، وإن تكن نتائجها تبرز قيمتها. فما نسميه بالنفسية (أو الحياة النفسية) نعرف عنه شيئين: أولاً العضو البدني لهذه النفسية، مسرح عملها، أي المخ (أو الجهاز العصبي)، وثانياً أفعالنا الشعورية التي لنا بها معرفة مباشرة والتي ليس لأي وصف أن يزيدنا بها علماً. أما كل ما يقع بين هذين القطبين فيبقى مجهولا لنا، وإن يكن بينهما ارتباط ما فليس من شأنه أن يمدنا بأكثر من تحديد دقيق لموضع السيرورات الشعورية، من غير أن يتيح لنا فهمها.
وتتصل فرضيتانا بهذين الحدين أو هاتين البدايتين لمعرفتنا. والفرضية الأولى ذات صلة بتحديد الموضع. فنحن نسلم بأن الحياة النفسية وظيفة لجهاز نعزو إليه امتدادا في المكان ونفرض أنه مؤلف من أقسام عدة. ومن ثم فإننا نتصوره ضربا من مقراب أو مجهر أو شيئا من هذا القبيل. وبناء هذا التصور واستكماله حدث علمي جديد، وإن كانت محاولات مماثلة قد جرت في هذا السبيل.
إن دراسة تطور الأفراد هي التي أتاحت لنا أن نعرف هذا الجهاز النفسي. ونحن نطلق على أقدم هذه المناطق أو الهيئات النفسية اسم الهذا؛ ويشمل مضمونه كل ما يحمله الكائن الإنساني معه عند ولادته، كل ما هو متعين في الجبلة، أي في المقام الأول الدوافع الغريزة الصادرة عن التنظيم البدني والتي تجد في الهذا، من خلال أشكال مجهولة لنا، أول نمط من أنماط التعبير النفسي.
وتحت تأثير العالم الخارجي الواقعي المحيط بنا، يطرأ على شطر من الهذا تطور خاص. فبدءا من الطبقة اللحائية الأصلية المزودة بأعضاء قادرة على تلقي التنبيهات، وكذلك على اتقائها، قام تنظيم خاص وما لبث ان صار وسيطا بين الهذا والخارج. وإنما على هذا الشطر من نفسيتنا نطلق اسم الأنا.