وجود الغير:
إن إشكالية وجود الغير من القضايا التي ركزت عليها الفلسفة الوجودية، ويعتبر هيدغر Heidegger ممن عالجوها من خلال طبيعة علاقة التفاعل التي يمكن أن تجمع الأنا بالغير، حيث يعتقد الفيلسوف أن الأنا لا تستطيع المحافظة على فردانيتها عندما تكون مع الغير، لأن الوجود – مع - الغير يقضي على كل خصوصية وتميز، ومن ثم تذوب الأنا في ذلك الوجود وترفع بذلك من سلطة الغير، هكذا يصبح التماثل في أنماط السلوك هو المهيمن، بحيث تصبح الذات مفتقدة داخل الوجود المشترك، وعلى هذا الأساس يرى هيدغر أن الأنا تسمح للضمير اللامعين On من بسط هيمنته، هكذا يمكن أن نتحدث بهذه الصيغة فنقول مثلا "هناك من أراد ذلك"، كما يمكن القول "لا أحد أراد ذلك"، إن هذا الضمير يستمد سلطته من تأثير وجود الغير بحيث لم يعد وجود الإنسان يتحدد في وجوده الفردي ومن ثم "أصبح الإنسان لا أحد".
إذا كان تصور هيدغر يتأسس على المماثلة على الأقل على مستوى الشعور، والسلوكات، والمواقف التي تقود إلى نمطية في العلاقة بالغير تفرغ الأنا من كل ذاتية متفردة، فإن سارتر على العكس، يعتقد أن العلاقة الأولية بين الأنا والغير هي علاقة سلب، وبالتالي انعدام العلاقة، ومن ثم يصبح القول "أنا لست فلانا" شبيها بالحكم الأنطولوجي "الطاولة ليست كرسيا"، هكذا يتبين أن العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة موضوع بموضوع، إن ذلك لا يعني أن محاولة الانفتاح عن الغير قد تؤدي إلى انكشاف ذاتيته، لأن كل محاولة لمعرفة الغير تحوله إلى موضوع، والعكس صحيح، وقد حاول سارتر من خلال مثال الخجل أن يرمز إلى هذه العلاقة حينما بين أن الأنا بالنظر إلى ذاتها كينونة يفترض أن تمارس ذاتيتها وتحيى كينونتها، لكن بمجرد أن ترفع بصرها فتكتشف آخر ينظر إليها حتى تتوقف تلقائيتها، وتقضي على حريتها فتحس بالخجل لأن الأنا أصبحت تنظر إلى نفسها بنظرة الأخر إليها، وذلك ما يفيد أن الغير يمثل الأنا كمعطى خارجي يكونه ضمن تجربته الخاصة (تماما كما تفعل الأنا بالغير).
إن موقف سارتر يجعلنا ندرك أن هذا الفيلسوف يؤكد ضمنيا استحالة معرفة الغير كما هو بالنظر إلى ذاته، وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: هل معرفة الغير ممكنة؟
إن إشكالية وجود الغير من القضايا التي ركزت عليها الفلسفة الوجودية، ويعتبر هيدغر Heidegger ممن عالجوها من خلال طبيعة علاقة التفاعل التي يمكن أن تجمع الأنا بالغير، حيث يعتقد الفيلسوف أن الأنا لا تستطيع المحافظة على فردانيتها عندما تكون مع الغير، لأن الوجود – مع - الغير يقضي على كل خصوصية وتميز، ومن ثم تذوب الأنا في ذلك الوجود وترفع بذلك من سلطة الغير، هكذا يصبح التماثل في أنماط السلوك هو المهيمن، بحيث تصبح الذات مفتقدة داخل الوجود المشترك، وعلى هذا الأساس يرى هيدغر أن الأنا تسمح للضمير اللامعين On من بسط هيمنته، هكذا يمكن أن نتحدث بهذه الصيغة فنقول مثلا "هناك من أراد ذلك"، كما يمكن القول "لا أحد أراد ذلك"، إن هذا الضمير يستمد سلطته من تأثير وجود الغير بحيث لم يعد وجود الإنسان يتحدد في وجوده الفردي ومن ثم "أصبح الإنسان لا أحد".
إذا كان تصور هيدغر يتأسس على المماثلة على الأقل على مستوى الشعور، والسلوكات، والمواقف التي تقود إلى نمطية في العلاقة بالغير تفرغ الأنا من كل ذاتية متفردة، فإن سارتر على العكس، يعتقد أن العلاقة الأولية بين الأنا والغير هي علاقة سلب، وبالتالي انعدام العلاقة، ومن ثم يصبح القول "أنا لست فلانا" شبيها بالحكم الأنطولوجي "الطاولة ليست كرسيا"، هكذا يتبين أن العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة موضوع بموضوع، إن ذلك لا يعني أن محاولة الانفتاح عن الغير قد تؤدي إلى انكشاف ذاتيته، لأن كل محاولة لمعرفة الغير تحوله إلى موضوع، والعكس صحيح، وقد حاول سارتر من خلال مثال الخجل أن يرمز إلى هذه العلاقة حينما بين أن الأنا بالنظر إلى ذاتها كينونة يفترض أن تمارس ذاتيتها وتحيى كينونتها، لكن بمجرد أن ترفع بصرها فتكتشف آخر ينظر إليها حتى تتوقف تلقائيتها، وتقضي على حريتها فتحس بالخجل لأن الأنا أصبحت تنظر إلى نفسها بنظرة الأخر إليها، وذلك ما يفيد أن الغير يمثل الأنا كمعطى خارجي يكونه ضمن تجربته الخاصة (تماما كما تفعل الأنا بالغير).
إن موقف سارتر يجعلنا ندرك أن هذا الفيلسوف يؤكد ضمنيا استحالة معرفة الغير كما هو بالنظر إلى ذاته، وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: هل معرفة الغير ممكنة؟