الشخص بين الضرورة والحرية:
لقد مهدت العلوم الإنسانية الطريق أمام الإنسان للتعرف على الإكراهات والحتميات التي تتحكم فيه، متقاطعة في ذلك مع بعض التوجهات الفلسفية الحتمية التي تنفي عن الشخص كل مبادرة للفعل الحر، فإذا كانت بعض فلسفات الوعي قد جعلت من الذات سيدة نفسها وأفعالها، فإن هناك توجهات فلسفية وعلمية كشفت على أن الأنا ليس سيد نفسه وأفعاله ولو في عقر منزله الخاص، فكيف يمكن النظر للشخص؟ هل باعتباره ذاتا حرة، أم بوصفه كيانا خاضعا لشروط وإكراهات قد تتجاوز إرادته وتحد من حريته؟ أليس بمقدور الشخص أن يتحدى هذه الشروط والإكراهات وذلك من خلال نزوعه نحو التحرر وقدرته على الاختيار؟
لقد كشف رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد على أن الشخص ليس سيد نفسه وأفعاله، فالجزء الأكبر من سلوكاته وأفعاله يعود إلى حتميات لا شعورية ترتبط بتاريخ الفرد منذ طفولته المبكرة، وذلك من خلال تفاعل مكونات الجهاز النفسي، أي الهو ويمثل الميول والدوافع والغرائز، الأنا الأعلى ويمثل القيم والمعايير الاجتماعية التي يتشربها الطفل من محيطه عن طريق التنشئة الاجتماعية، الأنا وتقوم بوظيفة تنسيقية بين رغبات الهو وإملاءات الأنا الأعلى وإكراهات العالم الخارجي، وهذا التفاعل يوضح أن الشخص محكوم بحتميات لا شعورية قد لا يعيها، وتتجلى في مجموعة من السلوكات اللاواعية (فلتات اللسان، زلات القلم، الأحلام ...)، وفي السياق نفسه، يأتي موقف باروخ اسبينوزا ليؤكد على أن الشعور بالحرية أو القول بحرية الفعل مجرد وهم ناتج عن وعي الإنسان بأفعاله وجهله بأسبابها الحقيقية الكامنة وراءها، ومثال ذلك أن الحجر المتدحرج يتوهم أنه يتحرك عن حرية واختيار ـ إذا ما افترضناه يتوفر على الوعي ـ في الوقت الذي يجهل العلة الخارجية التي كانت سببا في حركته، وبالمثل فالطفل الرضيع يشتهي الحليب، والشاب المنفعل يريد الانتقام أو الهروب، والشخص الثرثار يعتقد أنه حر في أقواله في الوقت الذي يجهل الأسباب الحقيقية الكامنة خلف سلوكه، وعلى خلاف ذلك تقر شخصانية إيمانويل مونيي على أن الشخص كائن حر وهو الذي يقرر مصيره ويتخذ قراراته دون وصاية من أحد فردا كان أو جماعة، وذلك في إطار مجتمع يكفل لأفراده الحماية والوسائل اللازمة لتطوير ميولاتهم وتنميتها، بعيدا عن كل نزعة تنميطية وتحكمية لا تؤمن بالاختلاف، فالشخص ليس وسيلة كما لا ينبغي أن يقوم أحد مقامه في اتخاذ قراراته، فحرية الشخص مشروطة بوضعه الواقعي.
تأسيسا على ما تقدم يتضح أن الوضع البشري يسيج الشخص بجملة من الشروط والإكراهات النفسية والاجتماعية والثقافية، والتي قد تتجاوز إرادته، غير أن قدرته على التخطيط لمشاريعه وتحقيق تطلعاته لا تنفي قدرته على الفعل والاختيار.
استنتاجات عامة:
إن هوية الشخص ليست معطى بسيطا، بل هي عنصرا مركبا يتشكل من مجموع السمات التي تميز ذات الإنسان، والتي تتجلى في الخصائص الجوهرية والثابتة فيه كالعقل، والشعور، والإرادة، إن قيمة الشخص ذات طبيعة مزدوجة، فهي قيمة تمسه كفرد يمتلك كرامة تلزمنا أن نتعامل معه كغاية في ذاته، كما تمسه كعنصر داخل الجماعة ما دامت الجماعة هي التي تمنح الفرد قيمته، إن الشخص يخضع لمجموعة من الشروط التي تتحكم في أفعاله وتصرفاته، لكنه في نفس الوقت يمتلك هامشا من الحرية يستطيع من خلاله أن يعدّل، إن لم نقل يغير تلك الشروط.
لقد مهدت العلوم الإنسانية الطريق أمام الإنسان للتعرف على الإكراهات والحتميات التي تتحكم فيه، متقاطعة في ذلك مع بعض التوجهات الفلسفية الحتمية التي تنفي عن الشخص كل مبادرة للفعل الحر، فإذا كانت بعض فلسفات الوعي قد جعلت من الذات سيدة نفسها وأفعالها، فإن هناك توجهات فلسفية وعلمية كشفت على أن الأنا ليس سيد نفسه وأفعاله ولو في عقر منزله الخاص، فكيف يمكن النظر للشخص؟ هل باعتباره ذاتا حرة، أم بوصفه كيانا خاضعا لشروط وإكراهات قد تتجاوز إرادته وتحد من حريته؟ أليس بمقدور الشخص أن يتحدى هذه الشروط والإكراهات وذلك من خلال نزوعه نحو التحرر وقدرته على الاختيار؟
لقد كشف رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد على أن الشخص ليس سيد نفسه وأفعاله، فالجزء الأكبر من سلوكاته وأفعاله يعود إلى حتميات لا شعورية ترتبط بتاريخ الفرد منذ طفولته المبكرة، وذلك من خلال تفاعل مكونات الجهاز النفسي، أي الهو ويمثل الميول والدوافع والغرائز، الأنا الأعلى ويمثل القيم والمعايير الاجتماعية التي يتشربها الطفل من محيطه عن طريق التنشئة الاجتماعية، الأنا وتقوم بوظيفة تنسيقية بين رغبات الهو وإملاءات الأنا الأعلى وإكراهات العالم الخارجي، وهذا التفاعل يوضح أن الشخص محكوم بحتميات لا شعورية قد لا يعيها، وتتجلى في مجموعة من السلوكات اللاواعية (فلتات اللسان، زلات القلم، الأحلام ...)، وفي السياق نفسه، يأتي موقف باروخ اسبينوزا ليؤكد على أن الشعور بالحرية أو القول بحرية الفعل مجرد وهم ناتج عن وعي الإنسان بأفعاله وجهله بأسبابها الحقيقية الكامنة وراءها، ومثال ذلك أن الحجر المتدحرج يتوهم أنه يتحرك عن حرية واختيار ـ إذا ما افترضناه يتوفر على الوعي ـ في الوقت الذي يجهل العلة الخارجية التي كانت سببا في حركته، وبالمثل فالطفل الرضيع يشتهي الحليب، والشاب المنفعل يريد الانتقام أو الهروب، والشخص الثرثار يعتقد أنه حر في أقواله في الوقت الذي يجهل الأسباب الحقيقية الكامنة خلف سلوكه، وعلى خلاف ذلك تقر شخصانية إيمانويل مونيي على أن الشخص كائن حر وهو الذي يقرر مصيره ويتخذ قراراته دون وصاية من أحد فردا كان أو جماعة، وذلك في إطار مجتمع يكفل لأفراده الحماية والوسائل اللازمة لتطوير ميولاتهم وتنميتها، بعيدا عن كل نزعة تنميطية وتحكمية لا تؤمن بالاختلاف، فالشخص ليس وسيلة كما لا ينبغي أن يقوم أحد مقامه في اتخاذ قراراته، فحرية الشخص مشروطة بوضعه الواقعي.
تأسيسا على ما تقدم يتضح أن الوضع البشري يسيج الشخص بجملة من الشروط والإكراهات النفسية والاجتماعية والثقافية، والتي قد تتجاوز إرادته، غير أن قدرته على التخطيط لمشاريعه وتحقيق تطلعاته لا تنفي قدرته على الفعل والاختيار.
استنتاجات عامة:
إن هوية الشخص ليست معطى بسيطا، بل هي عنصرا مركبا يتشكل من مجموع السمات التي تميز ذات الإنسان، والتي تتجلى في الخصائص الجوهرية والثابتة فيه كالعقل، والشعور، والإرادة، إن قيمة الشخص ذات طبيعة مزدوجة، فهي قيمة تمسه كفرد يمتلك كرامة تلزمنا أن نتعامل معه كغاية في ذاته، كما تمسه كعنصر داخل الجماعة ما دامت الجماعة هي التي تمنح الفرد قيمته، إن الشخص يخضع لمجموعة من الشروط التي تتحكم في أفعاله وتصرفاته، لكنه في نفس الوقت يمتلك هامشا من الحرية يستطيع من خلاله أن يعدّل، إن لم نقل يغير تلك الشروط.