ندد رجال دين وخبراء بإعلان تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) إقامة دولة "الخلافة الإسلامية" وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة، وقالوا في حديثهم للشرفة إن هذا الإعلان يشكل استهزاء بالدين الإسلامي.
وجاء إعلان دولة الخلافة من قبل المتحدث باسم داعش أبو محمد العدناني بتاريخ 29 حزيران/يونيو في تسجيل صوتي أعلن فيه عن قيام "الخلافة الإسلامية"، مشيراً إلى أن أبي بكر البغدادي "قبِل البيعة ليصبح بذلك خليفة للمسلمين".
ونبّه العدناني أنه بإعلان الخلافة، صار واجباً على جميع المسلمين مبايعة البغدادي على أن تبطل شرعية "جميع الولايات والإمارات والتنظيمات" الأخرى.
وأعلن العدناني أيضا أن داعش ستُعرف بعد اليوم باسم "الدولة الإسلامية".
’تشويه للإسلام‘
واعتبر أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الشيخ محمود الجبلي، أن داعش بهذا الإعلان "وصلت للقمة باستغلال الدين الإسلامي وتشويهه".
وقال للشرفة "هذا الإعلان يوضح مدى استهتارها بالموروثات الإسلامية التي استمرت لمئات القرون".
وأضاف "فما تقوم به هذه العصابة من إعلان للخلافة وتنصيب للخليفة ليس إلا كذباً وافتراء، ومؤشراً لزيادة في الظلم الممارس على الناس في المناطق التي يتواجدون بها حالياً في سوريا والعراق".
وأضاف الجبلي أن إعلان الخلافة لدى المسلمين له شروط وضوابط شرعية وهي غير متوفرة في حالة دولة البغدادي، وبالتالي فإن إعلانه هذا هو "إعلان باطل لافتقاره لأدنى مقومات الدولة الاسلامية، وهي أن تكون الدولة قد مدت سيطرتها وسلطانها على كافة الأراضي، والمقصود بسيطرتها هو السيطرة بالكلام والإقناع وليس بالدماء والقتل كما تتصرف داعش".
ويبدو واضحا بحسب الجبلي أن داعش تحرف معنى الخلافة لأغراض خاصة بها، "وهو أمر لا يقتنع فيه إلا الجاهل في دينه".
كما يشترط لدى اختيار الخليفة تعدد المرشحين لتتم مبايعة أحدهم بطريقة تشبه الانتخاب، وفق ما أوضح الجبلي، حيث يكون عدد المرشحين ستة أشخاص يتم اختيار اثنين منهم ومن ثم يتم اختيار الخليفة، عوضا عن إعلان أحادي الجانب بتولي السلطة.
من جهته، قال اللواء المتقاعد في الجيش المصري والمتخصص بالجماعات الإرهابية، يحيى محمد علي، إن إعلان داعش ينذر بتزايد الشرخ بين داعش والتنظيمات الأخرى المرتبطة بالقاعدة.
وأكد أن الإعلان "ينبئ بالمزيد من المعارك العنيفة بين داعش ومن يعارضها في المناطق التي تسيطر عليها في العراق وسوريا خصوصا مع جبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى".
وأشار محمد علي إلى أن "إعلان العدناني هو رسالة واضحة لتنظيم القاعدة، إذ إن إعلان الخلافة يسقط ’الولايات الإسلامية‘ الأخرى وولاية أمرائها، إن كانوا تابعين لداعش أو لأي تنظيم آخر".
استغلال للجهل
وأضاف "للأسف فإن داعش والقاعدة وغيرها تتغذى من وجود عديمي الاطلاع على العلوم الدينية وتستغل جهلهم لغسل عقولهم وجعلهم أدوات مطيعة في يدها".
من جهته، اعتبر الشيخ معاذ عبد الكريم الذي كان خطيباً في مسجد العمر في حلب السورية قبل أن ينتقل إلى القاهرة، أن إعلان الخلافة الإسلامية وتنصيب البغدادي خليفة هو "استكمال المسرحية الدموية التي يتم عرضها في سوريا والعراق".
ورأى في حديثه للشرفة أن لجوء داعش إلى منصب الخليفة ليس إلا لجوء إلى رمز إسلامي وتاريخي لحماية وجوده في ظل ممانعة معظم المواطنين له و عدم اقتناعهم بوجوده من الأصل.
وإعلان الخلافة يشوبه الكثير من النقاط، بحسب عبد الكريم، موضحا أن "من شروط الخليفة أن يكون على اطلاع واسع بالعلوم الدينية ومجتهدا في الدين وهذا الشرط لا يستوفيه البغدادي ولم يعرف عنه العلوم الواسعة في الدين".
وأضاف قائلا: "لو سلمنا جدلاً بأن داعش تسعى لإقامة دولة الخلافة، فالبيعة للخليفة لا تكون من حاشيته وجنده، بل تكون من جميع سكان البلاد التي سيحكمها في الدولة المزعومة".
وتابع قائلاً "هذا من أول الشروط الواجب توافرها في تنصيب الخليفة الجديد، وهو ما ليس متوفراً خصوصاً بعد النقمة الكبيرة من أهالي سوريا ضد داعش بسبب الممارسات غير المقبولة التي تقوم بها باسم الدين، كالاعتقالات التعسفية و فرض الجزية و الأتاوات و الإعدامات ".
’كلام فارغ دون معنى ومضمون‘
وأكد عبد الكريم أن القصد من إقامة هذه الدولة هو "ضمان وجود للعصابة المسماة داعش" ووجود المزيد من العصابات التي تتبعها عن طريق البيعة.
كما إن داعش تسعى إلى بسط يدها على الأموال والموارد المتوفرة في المناطق التي يسيطرون عليها، حسبما أضاف.
ولفت عبد الكريم إلى أن كلام العدناني حول إقامة كافة جوانب الدولة الإسلامية الشرعية ليس أكثر من "كلام فارغ دون معنى ومضمون".
وقال "الجميع يعرف كيف يطبّق الشرع والحد في مناطق داعش وضد من، فغالبية من تطبق الأحكام الشرعية بحقهم هم من معارضي داعش وليسوا مجرمين أو قتلة، ومن الواضح أنهم يُقتلون بدماء باردة تحت ستارة الدين".