بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ترك التشاحن : أي يأمر الإمام الناس أن
يتركوا التشاحن فيما بينهم وهي : الشحناء والعداوة والبغضاء ، لأن التشاحن
سبب لرفع الخير .ودليل ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم " خرج ذات يوم
ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحا رجلان من المسلمين فرُفعت " [ أخرجه
البخاري ] أي : رُفع العلم بها أي : أن الرسول عليه الصلاة والسلام أنسيها
من أجل التشاحن .قال العلماء : فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من
الله فلابد أن ندع التشاحن فيما بيننا .فإذا قال قائل : كيف يمكن أن يزيل
الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه ؟
الجواب : يستطيع الإنسان أن يتخلص من ذلك بمايلي :
أولا : أن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المأثم وفوات الخير ، حتى إن
الأعمال تعرض على الله يوم الإثنين والخميس ، فإذا كان بين اثنين شحناء قال
:" أنظروا هذين حتى يصطلحا " أي : الرب عزّوجل لا ينظر في عملك يوم
الإثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء .
ثانيا : أن يعلم أن العفو والإصطلاح فيه خير كثير للعافي ، وأنه لا يزيده
ذلك العفو إلا عزا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما زاد الله عبدا
بعفو إلا عزا " [ أخرجه مسلم ] .
ثالثا : أن يعلم أن الشيطان ـ وهو عدوه ـ هو الذي يوقد نار العداوة
والشحناء بين المؤمنين ، لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين ويفرح
إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم . فإذا ذكر الإنسان المنافع
والمضار فإنه لابد أن يأخذ ما فيه المصالح والمنافع ، ويدع ما فيه المضار
والمفاسد . فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر ، فإنك تعزها في
الحقيقة ، لأن من تواضع لله رفعه ،وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا . وجرب
تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش
في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب ، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم
أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم ، ويأتيك الشيطان
بكل احتمالات يحتملها كلامه ، أي : لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك
الشيطان : احمله على الشر . مع أن المشروع أن يحمل الإنسان كلام إخوانه على
الخير ما وجد له محملا . فمتى وجدت محملا للخير فاحمله على الخير ، سواء
في الأقوال أو في الأفعال ، ولا تحمله على الشر . وبعض الناس ـ والعياذ
بالله ـ يحمل الفعل أو القول على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على
أخيه ، ويتابع أخاه ، وينظر ماذا فعل ؟ وماذا قال ؟ فتجده دائما يحلل
أقواله وأفعاله ، وليته يحمله على الأحسن ، أو على الحسن ، ولكن على السيء
والأسوء ، وذلك بإيحاء الشيطان ـ والعياذ بالله ـ والذي يجب على المؤمن
إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد
قرائن قوية تمنع حمله على الخير ، فهذا شيء آخر ، فلو صدر مثل هذا ، من
رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد ما كان بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه
، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر ، فإذا وجد في كلامه ، أو في فعاله ما
يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح . وربما يصاب هذا الرجل
الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من
يتابعه هو بنفسه ، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تبع الله
عورته فضحه ولو في جوف بيته .
المصدر :
شبكة سحاب السلفية
الشرح الممتع على زاد المستقنع
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج 2 ص 341 ] .
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ترك التشاحن : أي يأمر الإمام الناس أن
يتركوا التشاحن فيما بينهم وهي : الشحناء والعداوة والبغضاء ، لأن التشاحن
سبب لرفع الخير .ودليل ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم " خرج ذات يوم
ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحا رجلان من المسلمين فرُفعت " [ أخرجه
البخاري ] أي : رُفع العلم بها أي : أن الرسول عليه الصلاة والسلام أنسيها
من أجل التشاحن .قال العلماء : فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من
الله فلابد أن ندع التشاحن فيما بيننا .فإذا قال قائل : كيف يمكن أن يزيل
الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه ؟
الجواب : يستطيع الإنسان أن يتخلص من ذلك بمايلي :
أولا : أن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المأثم وفوات الخير ، حتى إن
الأعمال تعرض على الله يوم الإثنين والخميس ، فإذا كان بين اثنين شحناء قال
:" أنظروا هذين حتى يصطلحا " أي : الرب عزّوجل لا ينظر في عملك يوم
الإثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء .
ثانيا : أن يعلم أن العفو والإصطلاح فيه خير كثير للعافي ، وأنه لا يزيده
ذلك العفو إلا عزا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما زاد الله عبدا
بعفو إلا عزا " [ أخرجه مسلم ] .
ثالثا : أن يعلم أن الشيطان ـ وهو عدوه ـ هو الذي يوقد نار العداوة
والشحناء بين المؤمنين ، لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين ويفرح
إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم . فإذا ذكر الإنسان المنافع
والمضار فإنه لابد أن يأخذ ما فيه المصالح والمنافع ، ويدع ما فيه المضار
والمفاسد . فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر ، فإنك تعزها في
الحقيقة ، لأن من تواضع لله رفعه ،وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا . وجرب
تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش
في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب ، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم
أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم ، ويأتيك الشيطان
بكل احتمالات يحتملها كلامه ، أي : لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك
الشيطان : احمله على الشر . مع أن المشروع أن يحمل الإنسان كلام إخوانه على
الخير ما وجد له محملا . فمتى وجدت محملا للخير فاحمله على الخير ، سواء
في الأقوال أو في الأفعال ، ولا تحمله على الشر . وبعض الناس ـ والعياذ
بالله ـ يحمل الفعل أو القول على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على
أخيه ، ويتابع أخاه ، وينظر ماذا فعل ؟ وماذا قال ؟ فتجده دائما يحلل
أقواله وأفعاله ، وليته يحمله على الأحسن ، أو على الحسن ، ولكن على السيء
والأسوء ، وذلك بإيحاء الشيطان ـ والعياذ بالله ـ والذي يجب على المؤمن
إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد
قرائن قوية تمنع حمله على الخير ، فهذا شيء آخر ، فلو صدر مثل هذا ، من
رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد ما كان بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه
، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر ، فإذا وجد في كلامه ، أو في فعاله ما
يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح . وربما يصاب هذا الرجل
الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من
يتابعه هو بنفسه ، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تبع الله
عورته فضحه ولو في جوف بيته .
المصدر :
شبكة سحاب السلفية
الشرح الممتع على زاد المستقنع
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج 2 ص 341 ] .