السؤال : ما حكم الفتوى بغير علم ؟
الجواب:
الحمد لله
لما كانت الفتوى بيانا لحكم الله عز وجل في الوقائع والأحداث ،
وهناك من الناس من سيتبع هذا المفتي فيما قاله من أحكام،
كان المفتي بغير علم واقعاً في كبيرتين عظيمتين:
الكبيرة الأولى :
الجرأة على الكذب والافتراء على الله .
قال الله عز وجل :
(قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
الأعراف/33.
والمفتي بغير علم يقول على الله ما لا يعلم ،
وقد قرن الله تعالى تحريم ذلك بتحريم الإشراك به ،
مما يدل عل عظم ذنب من قال على الله ما لا يعلم .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء ،
وجعله من أعظم المحرمات ، بل جعله في المرتبة العليا منها فقال تعالى :
( قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
) الأعراف/33.
فرتب المحرمات أربع مراتب :
وبدأ بأسهلها وهو الفواحش .
ثم ثَنَّى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم .
ثم ثَلَّث بما هو أعظم تحريما منها وهو الشرك به سبحانه .
ثم ربَّع ما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم ،
وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه
وشرعه .
ومما يدل أيضا على أنه من كبائر الإثم قول الله تعالى :
( وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ
الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ
) النحل/116-117.
فتقدم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه ،
وقولهم لما لم يحرمه : هذا حرام ، ولما لم يحله :
هذا حلال ، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول هذا حلال وهذا حرام
إلا بما علم أن الله سبحانه وتعالى أحله وحرمه " انتهى.
" إعلام الموقعين " (1/38) .
الكبيرة الثانية :
إغواء الناس وإضلالهم .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ،
وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ
رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري
(100) ومسلم (2673) .
فالمفتي بغير علم ضلَّ عن الحق ، وأضل غيره ممن اتبعه في فتواه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (32/24) :
" الإفتاء بغير علم حرام , لأنه يتضمن الكذب على الله تعالى ورسوله ,
ويتضمن إضلال الناس , وهو من الكبائر , لقوله تعالى :
(قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق
وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)
, فقرنه بالفواحش والبغي والشرك , ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء ,
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا
جهالا , فسئلوا , فأفتوا بغير علم , فضلوا وأضلوا) .
من أجل ذلك كثر النقل عن السلف إذا سئل أحدهم عما لا يعلم أن يقول للسائل :
لا أدري . نقل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما والقاسم بن محمد
والشعبي ومالك وغيرهم , وينبغي للمفتي أن يستعمل ذلك في موضعه ويعود
نفسه عليه , ثم إن فَعَل المستفتي بناءً على الفتوى أمراً محرماً أو أَدَّى العبادة
المفروضة على وجه فاسد , حمل المفتي بغير علم إثمَه , إن لم يكن المستفتي
قَصَّر في البحث عمن هو أهل للفتيا , وإلا فالإثم عليهما" انتهى.
وقال ابن مسعود : ( من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم
فليقل : الله أعلم ، فإن الله قال لنبيه :
( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .
" إعلام الموقعين " (2/185)
في أمـــــــان الله
الجواب:
الحمد لله
لما كانت الفتوى بيانا لحكم الله عز وجل في الوقائع والأحداث ،
وهناك من الناس من سيتبع هذا المفتي فيما قاله من أحكام،
كان المفتي بغير علم واقعاً في كبيرتين عظيمتين:
الكبيرة الأولى :
الجرأة على الكذب والافتراء على الله .
قال الله عز وجل :
(قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
الأعراف/33.
والمفتي بغير علم يقول على الله ما لا يعلم ،
وقد قرن الله تعالى تحريم ذلك بتحريم الإشراك به ،
مما يدل عل عظم ذنب من قال على الله ما لا يعلم .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء ،
وجعله من أعظم المحرمات ، بل جعله في المرتبة العليا منها فقال تعالى :
( قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
) الأعراف/33.
فرتب المحرمات أربع مراتب :
وبدأ بأسهلها وهو الفواحش .
ثم ثَنَّى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم .
ثم ثَلَّث بما هو أعظم تحريما منها وهو الشرك به سبحانه .
ثم ربَّع ما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم ،
وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه
وشرعه .
ومما يدل أيضا على أنه من كبائر الإثم قول الله تعالى :
( وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ
الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ
) النحل/116-117.
فتقدم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه ،
وقولهم لما لم يحرمه : هذا حرام ، ولما لم يحله :
هذا حلال ، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول هذا حلال وهذا حرام
إلا بما علم أن الله سبحانه وتعالى أحله وحرمه " انتهى.
" إعلام الموقعين " (1/38) .
الكبيرة الثانية :
إغواء الناس وإضلالهم .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ،
وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ
رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري
(100) ومسلم (2673) .
فالمفتي بغير علم ضلَّ عن الحق ، وأضل غيره ممن اتبعه في فتواه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (32/24) :
" الإفتاء بغير علم حرام , لأنه يتضمن الكذب على الله تعالى ورسوله ,
ويتضمن إضلال الناس , وهو من الكبائر , لقوله تعالى :
(قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق
وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)
, فقرنه بالفواحش والبغي والشرك , ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء ,
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا
جهالا , فسئلوا , فأفتوا بغير علم , فضلوا وأضلوا) .
من أجل ذلك كثر النقل عن السلف إذا سئل أحدهم عما لا يعلم أن يقول للسائل :
لا أدري . نقل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما والقاسم بن محمد
والشعبي ومالك وغيرهم , وينبغي للمفتي أن يستعمل ذلك في موضعه ويعود
نفسه عليه , ثم إن فَعَل المستفتي بناءً على الفتوى أمراً محرماً أو أَدَّى العبادة
المفروضة على وجه فاسد , حمل المفتي بغير علم إثمَه , إن لم يكن المستفتي
قَصَّر في البحث عمن هو أهل للفتيا , وإلا فالإثم عليهما" انتهى.
وقال ابن مسعود : ( من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم
فليقل : الله أعلم ، فإن الله قال لنبيه :
( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .
" إعلام الموقعين " (2/185)
في أمـــــــان الله