"دستور الإخوان" تحوّل إلى بضاعة كاسدة... وهذه سيناريوهات الخروج من المأزق
مرسي لا يملك صلاحيات الغائه كما يطالب الثوار.. الحلّ في المادة 105
بات أمام محمد مرسي حلان لا ثالث لهما للخروج من مأزق المطالب التي
تدعوه الى الغاء دستور لم يكن محل توافق المصريين، ولا يملك الرئيس عمليا
صلاحيات إلغاءه. إذًا، فإما العودة الى المادة 105، أو انتخاب برلمان يعيد
النظر في الفصول والمواد محلّ الخلاف بين الليبراليين والإسلاميين.
أحمد حسن من القاهرة:
تساؤلات دستورية وقانونية هامة يطرحها الشارع المصري حولمدى أحقية الرئيس
مرسي في إلغاء نتيجة الاستفتاء على الدستور الذي تم إقراره مؤخرا تلبية
لأحد مطالب الثوار الذين خرجوا في الذكرى الثانية لثورة يناير.
لا صلاحيات لمرسي لإلغائه
من المطالب التي رفعت بميدان التحرير في ذكرى الثورة من جانب القوى
الثورية إلغاء الاستفتاء على الدستور، وإعادة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة
محايدة لكتابة الدستور من جديد مع الاحتفاظ بالمواد التي لا تدور حولها
خلافات في الدستور الحالي.
وردا على تلك المطالب، أكد خبراء الدستور عدم أحقية الرئيس مرسي في
إلغاء نتيجة الاستفتاء بعد موافقة الشعب عليه، وأن السبيل الوحيد أمامه
للخروج من الأزمة وتنفيذ مطالب الثوار يأتي في المادة "150" من الدستور
الحالي، والتي تعطي له الحق في إجراء الاستفتاء على المواد التي عليها خلاف
بعد تعديلها أو دعوته مجلس النواب الجديد تعديل بعض المواد وطرحها في
استفتاء عام جديد.
هكذا تخرج مصر من أزمتها
يؤكد الدكتور صبري السنوسي أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة
لـ"إيلاف" أن الرئيس مرسي لا يملك حق إلغاء نتيجة الاستفتاء بعد موافقة
الناخبين عليه؛ لأن السيادة للشعب على حدّ تعيره.
وبقول: "لا يجوز للرئيس الإعلان عن بطلان الدستور الحالي وإعادته مرة أخرى
للجمعية التأسيسية للدستور، والتي حلت بمقتدى تسليمها مسودة الدستور إلى
الرئيس وفقا للإعلان الصادر في 19 مارس/ آذار 2011.
المخرج الأول
يضيف صبري السنوسي:" الرئيس مرسي يمكنه تلبية مطالب المعارضة في أزمة
الدستور من خلال عدة مخارج قانونية ودستورية من بين تلك المخارج للأزمة:
قيام الرئيس وفقا للمادة (150) بالدستور والتي تنص على أنه: "لرئيس
الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة التي تتصل بمصالح
الدولة العليا، ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة في جميع
الأحوال."
وعليه، يمكن ان يعرض طلب الثوار بإلغاء نتيجة الاستفتاء على الشعب وهو صاحب القرار النهائي في ذلك.
وفي حالة الموافقة على إلغاء النتيجة يترتب عليه العودة لنقطة البداية
من جديد بتشكيل جمعية تأسيسية عن طريق رئيس الجمهورية لعدم وجود مجلس
شعب".
المخرج الثاني
السيناريو الثاني للخروج من هذا المأزق القانوني، حسب الدكتور صبري
السنوسي أستاذ القانون العام بجامعة، هو أن يقوم الرئيس فور انتخاب مجلس
النواب الجديد بالتقدم بتعديلات دستورية لبعض المواد التي تدور حولها
الخلاف على أن تطرح للاستفتاء على الشعب للموافقة، وذلك بدعوة مجلس النواب
لإجراء تعديلات دستورية في بعض المواد التي يدور حولها الخلاف، فالدستور
الجديد أعطى له هذا الحق.
وأشار السنوسي إلى أن الرئيس يجب عليه امتصاص المعارضة والرافضين
للدستور فورا من خلال البدء بتحركات إيجابية نحو طمأنة الشارع بأن يقوم
بتشكيل لجنة من القانونيين والدستوريين بشكل محايد لا تنتمي لأحزاب أو
تيارات سياسية ولا تزيد عن عشر شخصيات تقوم في أقل من شهر بمراجعة الدستور
والمواد التي تستوجب التعديل على أن تعرض تلك التعديلات على البرلمان
الجديد فور انتخابه لإقرارها ثم الاستفتاء عليها.
الحوار الوطني يبعثُ على الشكّ
يرفض السنوسي أن تعدل تلك المواد من خلال الحوار الوطني الذي ترعاه
الرئاسة، إذ يوجد شكوك كبيرة حولها كما حدث في قانون الانتخابات، علاوة على
أن الحوار الوطني لا يمثل جميع طوائف المعارضة والأحزاب فجبهة الإنقاذ،
القوى المعارضة، الآن في المشهد السياسي، ترفض حضور جلسات الحوار.
الحل في المادة "150"
من جانبه يرى الدكتور رجب عبد المنعم، وهو أستاذ القانون الدستوري، أنه
وفقا للمادة" 150" من الدستور من حق الرئيس طرح المواد التي عليها الخلاف
من جانب المعارضة بعد تعديلها سواء من خلال توافق وطني أو من خلال لجنة
قانونية يشكلها الرئيس بالتوافق، على أن تعرض تلك المواد بعد التعديل على
الشعب في استفتاء طالما أن مجلس النواب غير موجود حاليا، وبالتالي تتحقق
مطالب المعارضة والثوار، وحل أزمة دستورية كبيرة عصفت بالبلاد إلى منعطف
خطير.
كما أكد عبد المنعم لـ"إيلاف" على عدم أحقية الرئيس محمد مرسي بإلغاء نتيجة الاستفتاء رغم أنه رئيس منتخب.
مراجعة المواد الخلافية
من جانبه، يرى علاء عبد المنعم الخبير القانوني وعضو جبهة الإنقاذ أن
الرئيس مرسي في يده حل أزمة الدستور المعيب من خلال تشكيل لجنة محايدة تضم
خبراء القانون العام والدستوري وبعض الخبراء السياسيين بما لا يزيد عن 10
شخصيات تقوم بمراجعة مواد الدستور واستقبال اقتراحات الأحزاب والتيارات
السياسية حول المواد المطلوب تغييرها، بشرط أن تكون هذه اللجنة بموافقة
جميع القوى السياسية وتكون مهمتها تحديد المواد التي يجب تغييرها والمقترح
لها بشرط ألا تتجاوز مدة عملها أسبوعين، وبذلك يكون أمام الرئيس أمران:
أولهما: طرح هذه المواد للاستفتاء العام وفقا للمادة "150" من الدستور، وذلك في حالة عدم استكمال انتخاب مجلس النواب.
الأمر الثاني: في حال وجود مجلس النواب على الرئيس أن يعرض تلك المواد
على المجلس حتى تأخذ الطريقة الدستورية على اعتبار أنه هو الذي قدمها
للمجلس للتعديل.
الدستور الحالي في صالح الاخوان
من جانبه يرى طارق سباق، سكرتير مساعد حزب الوفد، أن الرئيس مرسي وجماعة
الإخوان المسلمين ليس لديهم نية لتعديل الدستور الحالي الذي حاربوا من أجل
خروجه بهذا الشكل المعيب، وبالتالي فإن الكلام عن تعديلات جديدة مجرد
مسكنات فقط لحين انتخاب مجلس النواب الجديد بدليل أن قانون الانتخابات تم
"طبخه "لمصلحة الإسلاميين دون اعتبار لاتفاق الحوار الوطني، والذي تعهد
الرئيس بالالتزام بما سوف يخرج من نتائج عن "حوار الطرشان" على حدّ تعبيره.
وأضاف سباق لـ"إيلاف": الرئيس مرسي مسؤول عن أزمة الدستور فكان عليه من
البداية حل المواد التي يدور عليها الخلاف كما وعد، ولكنه خدع الجميع ونفذ
ما أراده الإخوان والتيار الإسلامي السياسي.