لا تدمع العين إلا إذا طهرت النفس، وزكت الروح، وصفى القلب، فعندئذ تأتي الرقة فتسيل الدمعة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة من دموع خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله... الحديث"[ رواه الترمذي]
وقد كان البكاء ديدن النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن. قال فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال إني أشتهي أن أسمعه من غيري فقرأت النساء حتى إذا بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} قال: فرفعت رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي - فرأيت دموعه تسيل.(وهذا لفظ مسلم).
وعن عبيد بن عمير أنه قال لعائشة - رضي الله عنها: (( أخبرينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فسكتت ثم قالت: لما كانت ليلة من الليالي. قال: ((ياعائشة ذريني أتعبد الليلة لربي)). قلت: والله إني أحب قُربك، وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت: فلم يزل يبكي، حتى بل حِجرهُ! قالت: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته! قالت: ثم بكى حتى بل الأرض! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يارسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: ((أفلا أكون عبداً شكورا؟! لقد أنزلت علي الليلة آية، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها! {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...} الآية كلها)) [رواه ابن حبان وغيره].
وهكذا كان أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كما أخبر عنهم سبحانه في سورة مريم بقوله: "إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا".
فالبكاء سنة عظيمة وعادة لصالحي المؤمنين قديمة، ورثها أصحاب الرسل عنهم، كما ورثها أصحاب نبينا عن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم.. وقد خطبهم يوما فقال: (( عُرضت عليَّ الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)) قال "أنس": فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه! قال: غطوا رؤوسهم ولهم خَنِينٌ)) [ رواه البخاري ومسلم ].
فهذا الصديق الأكبر لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم الوجع وأذن للصلاة قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف – رقيق القلب – لا يملك دمعه إذا قام يصلي لم يسمع الناس من شدة بكائه. فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فأعادت. فقال: "إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس".
وكان أبو بكر يقول: ابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا، تكلفوا ذلك فإن في ذلك النجاة لكم.
وهذا الذي قاله أبو بكر هو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كما روى ذلك ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص بسند جيد: "اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا".
وليس معنى ذلك أن يظهر الإنسان البكاء رئاء الناس ليحسبوه خاشعًا وليس هو كذلك، وإنما المراد حث النفس وتعويدها على البكاء حتى يصير عادة وسجية لها، وكما جاء في الحديث: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم". فكذلك إنما البكاء بالتباكي والتباكي يستجر البكاء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"[رواه الترمذي بسند حسن عن ابن عباس]. وقال: "لا يلج النار أحد بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع"[رواه الترمذي وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة].
وكما كان هذا حال أبي بكر كذلك كان حال عمر بن الخطاب الخليفة الراشد، فقد ورد عنه أنه كان يكثر من قراءة سورة يوسف في العشاء والفجر، وكان إذا قرأها يبكي حتى يسيل دمعه على ترقوته، وقرأها يومًا حتى بلغ قوله تعالى على لسان يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف:86]. فبكى حتى سمع الناس نشيجه ونحيبه من خلف الصفوف.
وسمع يومًا آية فمرض أيامًا يعوده الناس لا يعرفون سبب مرضه.
وكان في وجه ابن عباس خطان أسودان من كثرة البكاء.
وخطب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه الناس مرة بالبصرة : فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر! وبكى الناس يومئذ بكاءً شديداً.
وقرأ ابن عمر رضي الله عنهما : {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} فلما بلغ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} بكى حتى خرَّ ولم يقدر على قراءة ما بعدها... وكان يقول: (( لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار!))
وبالجملة فقد كان هذا حال الصحابة أجمعين، ولو ذهبنا نستقصي أحوالهم ونذكر مناقبهم في هذا الجانب لطال بنا المقام، ولكن اسمع لوصفهم من رجل يعلم حالهم فهو منهم وإمام من أئمتهم وخليفتهم الرابع عليّ رضي الله عنه: فبعد أن صلى الصبح يومًا جلس يبكي حتى طلعت الشمس، ثم قبض على لحيته وقال: "لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أحدًا يشبههم؛ كانوا يصبحون شعثًا غبرًا صفرًا بين أعينهم كمثل ركب المعزى، قد باتوا لله سجدا وقيامًا يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا طلع الفجر مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع فاخضلت بها لحاهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين". فما رؤى بعدها مبتسمًا حتى مات رضي الله عنه.
كن كالصحابة في زهد وفي ورع .. .. .. الناس هم ليس لهم في الخلق أشباه
رهبان ليل إذا جن الظلام بهــم .. .. .. كم مسبل دمعا فى الخـد أجــراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهـم .. .. .. هبـوا إلى المـوت يستبقون لقيـاه
وجاء من بعد الصحابة التابعون، فسلكوا الجادة واتبعوا سبيلهم واهتدوا بهديهم، فكان حالهم مثل حال الصحابة أو قريبًا منه.
محمد بن المنكدر، إمام من أئمة التابعين، بكى يومًا بكاءً شديدًا، فاجتمع عليه أهله فسألوه عن سبب بكائه فاستعجم لسانه، فدعوا أبا حازم سلمة بن دينار، فلما جاء وسكن محمد ساله أبو حازم عن سبب بكائه؟ فقال: قرأت قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:47] فبكيت، فبكى أبو حازم وعاد محمد إلى البكاء، فقال أهله: جئناك تخفف عنه فزدته بكاءً؟!
وعندما احتضر جعل يردد هذه الآية، ثم ابتسم وقال: لو تعلمون لأي شيء أصير لفرحتم.
ووعظ مالك بن دينار رحمه الله يوماً فتكلم، فبكى حوشب، فضرب مالك بيده على منكبه، وقال: (ابكِ يا أبا بشر! فإنه بلغني أن العبد لا زال يبكي؛ حتى يرحمه سيده ، فيعتقه من النار).
فإذا أردت أن تدمع عينك، ويسيل دمعك فدع الذنوب والزم الصدق فبهما يلين القلب قال مكحول رحمه الله : (( أرقُّ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً )) .
وقال أبو معاوية الأسود لأحمد بن سهل: (يا أبا علي من أكثر لله الصدق نَدِيت عيناه، وأجابته إذا دعاهما).
يا طالب العلم ههنا وهــــنا .. .. .. ومعدن العلم بين جنـبيك
إن كنت تبغي جنان الخلد تعمرها .. .. .. فأسبل الدمـع على خديك
وقم إذا قــــام كل مجتـهد .. .. .. وادع لكيما يقـال لبيك
وقال الألبيري - رحمه الله – ناصحا ولده :
ولا تضحكْ مع السفهاءِ يومـاً .. .. .. فإنّك سوف تبكي إن ضحكت !
ومَن لك بالسرور وأنتَ رهنٌ؟ .. .. .. وما تدري أتُفْدى ؟ أم غُلِلْت ؟!
ولو بكت الدّما عيناك خوفاً ! .. .. .. لذنبـك لم أقل لك قـد أمِنْت !
ومَن لك بالأمان وأنتَ عبـدٌ .. .. .. أُمِرْتَ فما ائتمرتَ ولا أطَعْت!
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، وعين لا تدمع... آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول
وقد كان البكاء ديدن النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن. قال فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال إني أشتهي أن أسمعه من غيري فقرأت النساء حتى إذا بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} قال: فرفعت رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي - فرأيت دموعه تسيل.(وهذا لفظ مسلم).
وعن عبيد بن عمير أنه قال لعائشة - رضي الله عنها: (( أخبرينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فسكتت ثم قالت: لما كانت ليلة من الليالي. قال: ((ياعائشة ذريني أتعبد الليلة لربي)). قلت: والله إني أحب قُربك، وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت: فلم يزل يبكي، حتى بل حِجرهُ! قالت: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته! قالت: ثم بكى حتى بل الأرض! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يارسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: ((أفلا أكون عبداً شكورا؟! لقد أنزلت علي الليلة آية، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها! {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...} الآية كلها)) [رواه ابن حبان وغيره].
وهكذا كان أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كما أخبر عنهم سبحانه في سورة مريم بقوله: "إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا".
فالبكاء سنة عظيمة وعادة لصالحي المؤمنين قديمة، ورثها أصحاب الرسل عنهم، كما ورثها أصحاب نبينا عن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم.. وقد خطبهم يوما فقال: (( عُرضت عليَّ الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)) قال "أنس": فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه! قال: غطوا رؤوسهم ولهم خَنِينٌ)) [ رواه البخاري ومسلم ].
فهذا الصديق الأكبر لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم الوجع وأذن للصلاة قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف – رقيق القلب – لا يملك دمعه إذا قام يصلي لم يسمع الناس من شدة بكائه. فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فأعادت. فقال: "إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس".
وكان أبو بكر يقول: ابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا، تكلفوا ذلك فإن في ذلك النجاة لكم.
وهذا الذي قاله أبو بكر هو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كما روى ذلك ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص بسند جيد: "اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا".
وليس معنى ذلك أن يظهر الإنسان البكاء رئاء الناس ليحسبوه خاشعًا وليس هو كذلك، وإنما المراد حث النفس وتعويدها على البكاء حتى يصير عادة وسجية لها، وكما جاء في الحديث: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم". فكذلك إنما البكاء بالتباكي والتباكي يستجر البكاء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"[رواه الترمذي بسند حسن عن ابن عباس]. وقال: "لا يلج النار أحد بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع"[رواه الترمذي وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة].
وكما كان هذا حال أبي بكر كذلك كان حال عمر بن الخطاب الخليفة الراشد، فقد ورد عنه أنه كان يكثر من قراءة سورة يوسف في العشاء والفجر، وكان إذا قرأها يبكي حتى يسيل دمعه على ترقوته، وقرأها يومًا حتى بلغ قوله تعالى على لسان يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف:86]. فبكى حتى سمع الناس نشيجه ونحيبه من خلف الصفوف.
وسمع يومًا آية فمرض أيامًا يعوده الناس لا يعرفون سبب مرضه.
وكان في وجه ابن عباس خطان أسودان من كثرة البكاء.
وخطب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه الناس مرة بالبصرة : فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر! وبكى الناس يومئذ بكاءً شديداً.
وقرأ ابن عمر رضي الله عنهما : {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} فلما بلغ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} بكى حتى خرَّ ولم يقدر على قراءة ما بعدها... وكان يقول: (( لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار!))
وبالجملة فقد كان هذا حال الصحابة أجمعين، ولو ذهبنا نستقصي أحوالهم ونذكر مناقبهم في هذا الجانب لطال بنا المقام، ولكن اسمع لوصفهم من رجل يعلم حالهم فهو منهم وإمام من أئمتهم وخليفتهم الرابع عليّ رضي الله عنه: فبعد أن صلى الصبح يومًا جلس يبكي حتى طلعت الشمس، ثم قبض على لحيته وقال: "لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أحدًا يشبههم؛ كانوا يصبحون شعثًا غبرًا صفرًا بين أعينهم كمثل ركب المعزى، قد باتوا لله سجدا وقيامًا يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا طلع الفجر مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع فاخضلت بها لحاهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين". فما رؤى بعدها مبتسمًا حتى مات رضي الله عنه.
كن كالصحابة في زهد وفي ورع .. .. .. الناس هم ليس لهم في الخلق أشباه
رهبان ليل إذا جن الظلام بهــم .. .. .. كم مسبل دمعا فى الخـد أجــراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهـم .. .. .. هبـوا إلى المـوت يستبقون لقيـاه
وجاء من بعد الصحابة التابعون، فسلكوا الجادة واتبعوا سبيلهم واهتدوا بهديهم، فكان حالهم مثل حال الصحابة أو قريبًا منه.
محمد بن المنكدر، إمام من أئمة التابعين، بكى يومًا بكاءً شديدًا، فاجتمع عليه أهله فسألوه عن سبب بكائه فاستعجم لسانه، فدعوا أبا حازم سلمة بن دينار، فلما جاء وسكن محمد ساله أبو حازم عن سبب بكائه؟ فقال: قرأت قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:47] فبكيت، فبكى أبو حازم وعاد محمد إلى البكاء، فقال أهله: جئناك تخفف عنه فزدته بكاءً؟!
وعندما احتضر جعل يردد هذه الآية، ثم ابتسم وقال: لو تعلمون لأي شيء أصير لفرحتم.
ووعظ مالك بن دينار رحمه الله يوماً فتكلم، فبكى حوشب، فضرب مالك بيده على منكبه، وقال: (ابكِ يا أبا بشر! فإنه بلغني أن العبد لا زال يبكي؛ حتى يرحمه سيده ، فيعتقه من النار).
فإذا أردت أن تدمع عينك، ويسيل دمعك فدع الذنوب والزم الصدق فبهما يلين القلب قال مكحول رحمه الله : (( أرقُّ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً )) .
وقال أبو معاوية الأسود لأحمد بن سهل: (يا أبا علي من أكثر لله الصدق نَدِيت عيناه، وأجابته إذا دعاهما).
يا طالب العلم ههنا وهــــنا .. .. .. ومعدن العلم بين جنـبيك
إن كنت تبغي جنان الخلد تعمرها .. .. .. فأسبل الدمـع على خديك
وقم إذا قــــام كل مجتـهد .. .. .. وادع لكيما يقـال لبيك
وقال الألبيري - رحمه الله – ناصحا ولده :
ولا تضحكْ مع السفهاءِ يومـاً .. .. .. فإنّك سوف تبكي إن ضحكت !
ومَن لك بالسرور وأنتَ رهنٌ؟ .. .. .. وما تدري أتُفْدى ؟ أم غُلِلْت ؟!
ولو بكت الدّما عيناك خوفاً ! .. .. .. لذنبـك لم أقل لك قـد أمِنْت !
ومَن لك بالأمان وأنتَ عبـدٌ .. .. .. أُمِرْتَ فما ائتمرتَ ولا أطَعْت!
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، وعين لا تدمع... آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول