الصيام جُنَّة من النار ما لم يخرقها الكلام1، فارقعوها بالاستغفار
هل الغيبة وأخواته مفطرة للصائم؟
الأدلة على ذلك
أقوال العلماء في ذلك
بمَ يرقع ما تخرقه الغيبة وأخواتها، وسيء الكلام والآثام؟
الغيبة مرعى اللئام، وسلوك السفلة ومن لا دين له من الأنام، وكبيرة من الكبائر العظام، وداهية وطامة من الطَّوام الجسام، لا يستطيع التخلص منها إلاَّ أصحاب النفوس الأبية الكرام، لاستصحابهم عظم عقوبة مرتكبيها: "وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"2.
هل تعلم أخي الحبيب أن أولى الناس بالغيبة والداك كما قال أحد السلف: (لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والدي، لأنه يؤخذ من حسناتي لمن اغتبت، وأولى الناس بذلك والداي)، أو كما قال.
وهل تعلم أن من اغتبته فقد حكمته في حسناتك كما قال الحسن البصري رحمه الله لمن قال له: لقد اغتبتني!، : (لم تبلغ مكانتك عندي حتى أحكمك في حسناتي)، أو كما قال.
فالغيبة حرام في كل وقت وحين، ولكن تزداد حرمتها، ويعظم خطرها، ويفحش ضررها بعظم الأمكنة والأزمنة، فالغيبة في رمضان مثلاً ليس كالغيبة في غيره، حيث يتأكد له أن ينزه صومه من الغيبة وأخواتها أكثر من غير الصائم، وفي غير رمضان لمكانة الصيام، وعظم قدر شهر القرآن.
بداية الصفحة
هل الغيبة وأخواتها مفطرة للصائم؟
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين:
ذهب العامة من أهل العلم أنها ليست مفطرة، وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
وذهب الإمام الأوزاعي إلى أنها مفطرة.
والراجح أن هذه الكبائر الغيبة وأخواتها ليست مفطرة للصائم، وإن كانت مذهبة لأجر الصوم وثوابه، وعظيم جزائه، وذلك لأن العبادات لها متعلقان، هما:
تبرئة الذمة، وعدم المطالبة بالقضاء.
الثواب والأجر المترتب على هذه العبادة.
ولكن يطلب من الصائم أن ينزه صيامه عن الغيبة وأخواتها، وأن يحفظ جوارحه عن كل ما حرم الله، وذلك للوعيد الذي ورد فيها.
بداية الصفحة
الأدلة على ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أنْ يدع طعامه وشرابه"3.
وقوله أيضاً: "رب صائم ليس له من صيامه إلاَّ الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلاَّ السهر"4.
وقوله كذلك: "ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، الصيام من اللغو والرفث"5.
أمَّا ما روي عنه: "خمس يفطرن الصائم: الغيبة، والنميمة، والكذب، والقُبلة، واليمين الفاجرة"، حديث باطل لا أصل له كما قال الإمام النووي6، وقال: (وأجاب عنه الماوردي والمتولي وغيرهما بأن المراد بطلان الثواب لا نفس الصوم).
قلت: من بطل ثوابه، فما فائدة صيامه؟!.
بداية الصفحة
أقوال العلماء في ذلك
قال الشيرازي الشافعي في "المهذب": (وينبغي للصائم أنْ ينزه صومه عن الغيبة والشتم، فإنْ شوتم قال: إني صائم)7.
وقال النووي في شرح ما قاله الشيرازي: (وقول المصنف: ينبغي للصائم أن ينزه صومه عن الغيبة والشتم، معناه: يتاكد التنزه عن ذلك في حق الصائم أكثر من غيره للحديث، وإلاَّ فغير الصائم ينبغي له ذلك أيضاً، ويؤمر به في كل حال.
والتنزه التباعد.
فلو اغتاب في صومه، عصى ولم يبطل صومه عندنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة إلاَّ الأوزاعي فقال: يبطل الصوم بالغيبة، ويجب قضاؤه)8.
وقال ابن قدامة: (ويجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذب، والغيبة، والشتم.
قال أحمد: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري9، ويصون صومه.
كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا يغتاب أحداً، ولا يعمل عملاً يجرح به صومه)10.
وقال الشيخ البسام: (ويجب في الصيام وغيره اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم ونحوها، وكونه في زمان فاضل كرمضان، وفي مكان فاضل كالحرمين آكد، لأن الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضلين.
لكنه لا يفطر بشيء من هذه المحرمات بإجماع الأئمة.
قال الإمام أحمد: لو كانت الغيبة تفطر، ما كان لنا صيام، لأنَّ الصوم بظاهر القرآن والسنة، هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع.
قال الشيخ تقي الدين11: هذا مما لا نزاع فيه.
وقال الوزير12: اتفقوا على أنَّ الكذب، والغيبة، والنميمة، والشتم، مكروهات للصائم، ولكنها لا تفطره، وأن صومه صحيح في الحكم)13.
بداية الصفحة
بمَ يرقع ما تخرقه الغيبة وأخواتها، وسيء الكلام والآثام؟
لكل داء دواء، ولكل خرق رقعة، ولكل فساد اصلاح.
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (الغيبة تخرق الصيام فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل).
وقال ابن المنكدر موضحاً ما قاله أبو هريرة: معنى ذلك، الصيام جُنَّة14 من النار ما لم يخرقها [الكلام]، والكلام السيء يخرق هذه الجُنَّة، والاستغفار يرقع ما تخرق منها.
قال ابن رجب الحنبلي: (فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع.
كم تخرق صيامنا بسهام الكلام ثمَّ نرقعه وقد اتسع الخرق على الراقع، كم نرفو15 خروقه بمخيط الحسنات، ثمَّ نقطعه بحسام السيئات القاطع.
كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه.
إذا كان هذا حال المحسنين في عبادتهم، فكيف حال المسيئين مثلنا في عبادتهم؟!، ارحموا مَنْ حسناته سيئات، وطاعته كلها غفلات.
استغفر الله مـن صيـــامي طول زماني ومن صلاتي
صيامنـا كلـه خـــــــروق وصلاتـه أيما صـــــلاتي
مستيقظ في الدجـى ولكن أحسن مـن يقظتي سباتي
إلى أنْ قال:
انفع الاستغفار ما قارنته التوبة، وهي حل عقدة الاصرار، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر فيعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول مسدود)16.
جاء في بعض الآثار أن إبليس اللعين قال: اهلكت الناس بالذنوب، واهلكوني بلا إلاه إلاَّ الله، والاستغفار.
(الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، فتختم به الصلاة، والحج، وقيام الليل، ويختم به المجالس، وإنْ كانت ذكراً كان كالطبع عليها، وإنْ كانت لغواً كان كفارة لها فكذلك ينبغي أن يختم صيام رمضان بالاستغفار)17.
علينا أنْ نجتهد جميعاً في صون صيامنا عن الكلام السيء، ونحفظ جوارحنا عن جميع القاذورات، فإنْ فشلنا أو قصرنا في ذلك، فأضعف الإيمان أنْ نتلافى هذا الفشل والتقصير بالتوبة والإنابة إلى الله، وبكثرة الاستغفار، فنلهج به صباحاً ومساءً لعلنا نستدرك ما يمكن استدراكه، ونحصِّل ما يخشى فواته.
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله، ولا تجعلنا من الغافلين، ونعوذ بك أنْ نكون من المفرطين، ومن سوء الختام، ونسألك الجنة، وأنْ نزحزح من النيران.
والحمد لله العظيم المنان، ذي الفضل والإحسان، وصلى الله وسلم على من فضل على سائر الرسل الكرام، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم إلى أنْ تكتمل العدتان.
منقول للافادة
هل الغيبة وأخواته مفطرة للصائم؟
الأدلة على ذلك
أقوال العلماء في ذلك
بمَ يرقع ما تخرقه الغيبة وأخواتها، وسيء الكلام والآثام؟
الغيبة مرعى اللئام، وسلوك السفلة ومن لا دين له من الأنام، وكبيرة من الكبائر العظام، وداهية وطامة من الطَّوام الجسام، لا يستطيع التخلص منها إلاَّ أصحاب النفوس الأبية الكرام، لاستصحابهم عظم عقوبة مرتكبيها: "وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"2.
هل تعلم أخي الحبيب أن أولى الناس بالغيبة والداك كما قال أحد السلف: (لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والدي، لأنه يؤخذ من حسناتي لمن اغتبت، وأولى الناس بذلك والداي)، أو كما قال.
وهل تعلم أن من اغتبته فقد حكمته في حسناتك كما قال الحسن البصري رحمه الله لمن قال له: لقد اغتبتني!، : (لم تبلغ مكانتك عندي حتى أحكمك في حسناتي)، أو كما قال.
فالغيبة حرام في كل وقت وحين، ولكن تزداد حرمتها، ويعظم خطرها، ويفحش ضررها بعظم الأمكنة والأزمنة، فالغيبة في رمضان مثلاً ليس كالغيبة في غيره، حيث يتأكد له أن ينزه صومه من الغيبة وأخواتها أكثر من غير الصائم، وفي غير رمضان لمكانة الصيام، وعظم قدر شهر القرآن.
بداية الصفحة
هل الغيبة وأخواتها مفطرة للصائم؟
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين:
ذهب العامة من أهل العلم أنها ليست مفطرة، وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
وذهب الإمام الأوزاعي إلى أنها مفطرة.
والراجح أن هذه الكبائر الغيبة وأخواتها ليست مفطرة للصائم، وإن كانت مذهبة لأجر الصوم وثوابه، وعظيم جزائه، وذلك لأن العبادات لها متعلقان، هما:
تبرئة الذمة، وعدم المطالبة بالقضاء.
الثواب والأجر المترتب على هذه العبادة.
ولكن يطلب من الصائم أن ينزه صيامه عن الغيبة وأخواتها، وأن يحفظ جوارحه عن كل ما حرم الله، وذلك للوعيد الذي ورد فيها.
بداية الصفحة
الأدلة على ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أنْ يدع طعامه وشرابه"3.
وقوله أيضاً: "رب صائم ليس له من صيامه إلاَّ الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلاَّ السهر"4.
وقوله كذلك: "ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، الصيام من اللغو والرفث"5.
أمَّا ما روي عنه: "خمس يفطرن الصائم: الغيبة، والنميمة، والكذب، والقُبلة، واليمين الفاجرة"، حديث باطل لا أصل له كما قال الإمام النووي6، وقال: (وأجاب عنه الماوردي والمتولي وغيرهما بأن المراد بطلان الثواب لا نفس الصوم).
قلت: من بطل ثوابه، فما فائدة صيامه؟!.
بداية الصفحة
أقوال العلماء في ذلك
قال الشيرازي الشافعي في "المهذب": (وينبغي للصائم أنْ ينزه صومه عن الغيبة والشتم، فإنْ شوتم قال: إني صائم)7.
وقال النووي في شرح ما قاله الشيرازي: (وقول المصنف: ينبغي للصائم أن ينزه صومه عن الغيبة والشتم، معناه: يتاكد التنزه عن ذلك في حق الصائم أكثر من غيره للحديث، وإلاَّ فغير الصائم ينبغي له ذلك أيضاً، ويؤمر به في كل حال.
والتنزه التباعد.
فلو اغتاب في صومه، عصى ولم يبطل صومه عندنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة إلاَّ الأوزاعي فقال: يبطل الصوم بالغيبة، ويجب قضاؤه)8.
وقال ابن قدامة: (ويجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذب، والغيبة، والشتم.
قال أحمد: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري9، ويصون صومه.
كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا يغتاب أحداً، ولا يعمل عملاً يجرح به صومه)10.
وقال الشيخ البسام: (ويجب في الصيام وغيره اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم ونحوها، وكونه في زمان فاضل كرمضان، وفي مكان فاضل كالحرمين آكد، لأن الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضلين.
لكنه لا يفطر بشيء من هذه المحرمات بإجماع الأئمة.
قال الإمام أحمد: لو كانت الغيبة تفطر، ما كان لنا صيام، لأنَّ الصوم بظاهر القرآن والسنة، هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع.
قال الشيخ تقي الدين11: هذا مما لا نزاع فيه.
وقال الوزير12: اتفقوا على أنَّ الكذب، والغيبة، والنميمة، والشتم، مكروهات للصائم، ولكنها لا تفطره، وأن صومه صحيح في الحكم)13.
بداية الصفحة
بمَ يرقع ما تخرقه الغيبة وأخواتها، وسيء الكلام والآثام؟
لكل داء دواء، ولكل خرق رقعة، ولكل فساد اصلاح.
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (الغيبة تخرق الصيام فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل).
وقال ابن المنكدر موضحاً ما قاله أبو هريرة: معنى ذلك، الصيام جُنَّة14 من النار ما لم يخرقها [الكلام]، والكلام السيء يخرق هذه الجُنَّة، والاستغفار يرقع ما تخرق منها.
قال ابن رجب الحنبلي: (فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع.
كم تخرق صيامنا بسهام الكلام ثمَّ نرقعه وقد اتسع الخرق على الراقع، كم نرفو15 خروقه بمخيط الحسنات، ثمَّ نقطعه بحسام السيئات القاطع.
كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه.
إذا كان هذا حال المحسنين في عبادتهم، فكيف حال المسيئين مثلنا في عبادتهم؟!، ارحموا مَنْ حسناته سيئات، وطاعته كلها غفلات.
استغفر الله مـن صيـــامي طول زماني ومن صلاتي
صيامنـا كلـه خـــــــروق وصلاتـه أيما صـــــلاتي
مستيقظ في الدجـى ولكن أحسن مـن يقظتي سباتي
إلى أنْ قال:
انفع الاستغفار ما قارنته التوبة، وهي حل عقدة الاصرار، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر فيعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول مسدود)16.
جاء في بعض الآثار أن إبليس اللعين قال: اهلكت الناس بالذنوب، واهلكوني بلا إلاه إلاَّ الله، والاستغفار.
(الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، فتختم به الصلاة، والحج، وقيام الليل، ويختم به المجالس، وإنْ كانت ذكراً كان كالطبع عليها، وإنْ كانت لغواً كان كفارة لها فكذلك ينبغي أن يختم صيام رمضان بالاستغفار)17.
علينا أنْ نجتهد جميعاً في صون صيامنا عن الكلام السيء، ونحفظ جوارحنا عن جميع القاذورات، فإنْ فشلنا أو قصرنا في ذلك، فأضعف الإيمان أنْ نتلافى هذا الفشل والتقصير بالتوبة والإنابة إلى الله، وبكثرة الاستغفار، فنلهج به صباحاً ومساءً لعلنا نستدرك ما يمكن استدراكه، ونحصِّل ما يخشى فواته.
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله، ولا تجعلنا من الغافلين، ونعوذ بك أنْ نكون من المفرطين، ومن سوء الختام، ونسألك الجنة، وأنْ نزحزح من النيران.
والحمد لله العظيم المنان، ذي الفضل والإحسان، وصلى الله وسلم على من فضل على سائر الرسل الكرام، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم إلى أنْ تكتمل العدتان.
منقول للافادة