جاءت الشريعة ببيان مفصل لكل شيء،
حتى السكوت في الشريعة هو بيان، فما سكت الله عنه فهو عفو ورحمة (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل 89).
وتشير العديد من الأمثلة والنماذج المبثوثة في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسيرته العطرة إلى وجود ثلاث مراتب للأحكام الشرعية:
الأول:
المستوى الأصلي السالم من المعارض مثل مشروعية النكاح حفظاً للجنس البشري
وإمضاءً للفطرة، أو تحريم السرقة وعقوبة السارق حفظاً للملكية.
الثاني: المستوى التبعي بالنظر إلى اعتبار الإضافات والشروط؛ كوجوب النكاح لمن خشي العنت وقدر عليه، ودرء الحد عن شخص بعينه لشبهة عرضت.
ولا يكاد يوجد تكليف إلا ويضع الفقهاء شروط التكليف به، في العبادات أو في غيرها.
الثالث:
المستوى الاستثنائي وهو الذي يقتضي توقف الحكم أو استبدال حكم آخر به
لعارض طارئ يطول أو يقصر؛ كإبطال الحد عام الرمادة، وهذا محل خطورة من حيث
أهميته وضرورته، وخطورة أخرى مثل اتخاذه ذريعة للتنصُّل من تبعات الشريعة
والتهرب من التزامها.
ويظهر
ذلك جلياً في مسألة إقامة الشريعة وإنفاذ أحكامها على الشعوب، فإن ذلك
يقتضي أمراً زائداً على مجرد معرفة الأحكام ومعرفة مفردات الوقائع التي
يراد تنزيل الحكم عليها، ألا وهو معرفة الممكن المقدور عليه من الشريعة
وإمضاؤه ووضع منظومة مدروسة تفضي في نهاية المطاف إلى التطبيق الأمثل
للشريعة دون مجازفة قد تُجهض التجربة وتجور على أصلها، ودون مماطلة وتسويف
يجعل من تحكيم الشريعة شعاراً مجرداً لا خطة معه ولا خارطة طريق.
هنا سنكون أقرب إلى البحث عن حلول شرعية لمشكلات الواقع.
أحياناً
نحن أمام إنسان مبتلى بالإدمان، فإن قطع عنه ما يتعاطاه أفضى إلى هلاكه،
واستبقاء النفوس مطلب، فهل نجيز جرعة متناقصة حتى يتعافى؟
أم نقطع عنه المادة بالكلية كائنة ما تكون النتيجة؟
على
أن القضية لا تدور على حياة فرد أو موته، بل الأمر متصل بنجاح التجربة
الإسلامية أو فشلها، والتي هي جهد بشري تقوم عليه فئة من الناس في دائرة
واسعة متفاوتة الفهم والاحتمال، مختلفة التفكير متباينة المشرب، وهي أيضاً
واقعة ضمن وجود عالمي مترابط يسهل معه التدخل وافتعال المشكلات وتدبير
الأحابيل والألاعيب السياسية.
وإذا قصر الناس في الاجتهاد فهم مؤاخذون، وتلحقهم التبعة فيما يؤول إليه الأمر.
التبشير
بالمشروع الإسلامي يجب أن يتحوّل من شعار عام إلى برامج بديلة ومدروسة في
الاقتصاد، والاجتماع، والإعلام، والإدارة، والتعليم.
من فهم الواقع إدراك التشابك العميق بين العناصر المختلفة؛ النفسية، والسياسية، والاقتصادية، والمحلية، والعالمية.
وحل
المشكلات الناتجة عن أوضاع منبتّة الصلة في العديد من جوانبها عن
المقتضيات الإسلامية، ومتأثرة بأحكام أو أسباب خارجية، وبعضها وافد وبتأثير
الهيمنة الحضارية.
مقصد
السياسة الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تفعيل المجتمع، وحفظ
وحدته وانسجامه، وإقامة العدل، وحفظ ضروريات الحياة ومصالحها، ليس حفظاً
فحسب، بل تنمية وبناءً وتحقيقاً وفتحاً لآفاق جديدة تواكب الحالة التي
تعيشها البشرية، فالإسلام يزيد ولا ينقص، ويعلو ولا يعلى، ويصل ولا يقطع
وهو عين الرحمة والحكمة والمصلحة متى فهمه الناس حق فهمه، ووضعوا أدويته
وعلاجاته مواضعها الصحيحة (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) (العنكبوت 43).
حتى السكوت في الشريعة هو بيان، فما سكت الله عنه فهو عفو ورحمة (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل 89).
وتشير العديد من الأمثلة والنماذج المبثوثة في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسيرته العطرة إلى وجود ثلاث مراتب للأحكام الشرعية:
الأول:
المستوى الأصلي السالم من المعارض مثل مشروعية النكاح حفظاً للجنس البشري
وإمضاءً للفطرة، أو تحريم السرقة وعقوبة السارق حفظاً للملكية.
الثاني: المستوى التبعي بالنظر إلى اعتبار الإضافات والشروط؛ كوجوب النكاح لمن خشي العنت وقدر عليه، ودرء الحد عن شخص بعينه لشبهة عرضت.
ولا يكاد يوجد تكليف إلا ويضع الفقهاء شروط التكليف به، في العبادات أو في غيرها.
الثالث:
المستوى الاستثنائي وهو الذي يقتضي توقف الحكم أو استبدال حكم آخر به
لعارض طارئ يطول أو يقصر؛ كإبطال الحد عام الرمادة، وهذا محل خطورة من حيث
أهميته وضرورته، وخطورة أخرى مثل اتخاذه ذريعة للتنصُّل من تبعات الشريعة
والتهرب من التزامها.
ويظهر
ذلك جلياً في مسألة إقامة الشريعة وإنفاذ أحكامها على الشعوب، فإن ذلك
يقتضي أمراً زائداً على مجرد معرفة الأحكام ومعرفة مفردات الوقائع التي
يراد تنزيل الحكم عليها، ألا وهو معرفة الممكن المقدور عليه من الشريعة
وإمضاؤه ووضع منظومة مدروسة تفضي في نهاية المطاف إلى التطبيق الأمثل
للشريعة دون مجازفة قد تُجهض التجربة وتجور على أصلها، ودون مماطلة وتسويف
يجعل من تحكيم الشريعة شعاراً مجرداً لا خطة معه ولا خارطة طريق.
هنا سنكون أقرب إلى البحث عن حلول شرعية لمشكلات الواقع.
أحياناً
نحن أمام إنسان مبتلى بالإدمان، فإن قطع عنه ما يتعاطاه أفضى إلى هلاكه،
واستبقاء النفوس مطلب، فهل نجيز جرعة متناقصة حتى يتعافى؟
أم نقطع عنه المادة بالكلية كائنة ما تكون النتيجة؟
على
أن القضية لا تدور على حياة فرد أو موته، بل الأمر متصل بنجاح التجربة
الإسلامية أو فشلها، والتي هي جهد بشري تقوم عليه فئة من الناس في دائرة
واسعة متفاوتة الفهم والاحتمال، مختلفة التفكير متباينة المشرب، وهي أيضاً
واقعة ضمن وجود عالمي مترابط يسهل معه التدخل وافتعال المشكلات وتدبير
الأحابيل والألاعيب السياسية.
وإذا قصر الناس في الاجتهاد فهم مؤاخذون، وتلحقهم التبعة فيما يؤول إليه الأمر.
التبشير
بالمشروع الإسلامي يجب أن يتحوّل من شعار عام إلى برامج بديلة ومدروسة في
الاقتصاد، والاجتماع، والإعلام، والإدارة، والتعليم.
من فهم الواقع إدراك التشابك العميق بين العناصر المختلفة؛ النفسية، والسياسية، والاقتصادية، والمحلية، والعالمية.
وحل
المشكلات الناتجة عن أوضاع منبتّة الصلة في العديد من جوانبها عن
المقتضيات الإسلامية، ومتأثرة بأحكام أو أسباب خارجية، وبعضها وافد وبتأثير
الهيمنة الحضارية.
مقصد
السياسة الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تفعيل المجتمع، وحفظ
وحدته وانسجامه، وإقامة العدل، وحفظ ضروريات الحياة ومصالحها، ليس حفظاً
فحسب، بل تنمية وبناءً وتحقيقاً وفتحاً لآفاق جديدة تواكب الحالة التي
تعيشها البشرية، فالإسلام يزيد ولا ينقص، ويعلو ولا يعلى، ويصل ولا يقطع
وهو عين الرحمة والحكمة والمصلحة متى فهمه الناس حق فهمه، ووضعوا أدويته
وعلاجاته مواضعها الصحيحة (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) (العنكبوت 43).