(فويل للمصلين )* الذين هم عن صلاتهم ساهون
تفسير قوله تعالى: )فويل للمصلين):
لإبن كثير:
قال تعالى ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) قال بن عباس وغيره يعني المنافقين الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر ولهذا قال ( للمصلين ) الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها ثم هم عنها ساهون إما عن فعلها بالكلية
وقال عطاء بن دينار الحمد لله الذي قال ( عن صلاتهم ساهون ) ولم يقل في صلاتهم ساهون وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها فاللفظ يشمل ذلك كله ولكن من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها وكمل له النفاق العملي كما ثبت في الصحيحين 622 أن رسول الله قال تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى كما ثبت به النص إلى آخر وقتها وهو وقت كراهة ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب لم يطمئن ولا خشع فيها أيضا ولهذا قال لا يذكر الله فيها إلا قليلا ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس لا ابتغاء وجه الله فهو كما إذا لم يصل بالكلية قال الله تعالى ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا )
تفسير القرطبي:
{فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، ويمنعون الماعون}
قوله تعالى: "فويل للمصلين" أي عذاب لهم. وقد تقدم في غير موضع. "الذين هم عن صلاتهم ساهون" فروى الضحاك عن ابن عباس قال هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا، وإن تركها لم يخش عليها عقابا. وعنه أيضا: الذين يؤخرونها عن أوقاتها. وكذا روى المغيرة عن إبراهيم، قال: ساهون بإضاعة الوقت. وعن أبي العالية: لا يصلونها لمواقيتها، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها.
قلت: ويدل على هذا قوله تعالى: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة" [مريم: 59] حسب ما تقدم بيانه في سورة "مريم" عليها السلام. وروي عن إبراهيم أيضا: أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا. وقال قطرب: هو ألا يقرأ ولا يذكر الله. وفي قراءة عبدالله "الذين هم عن صلاتهم لاهون". وقال سعد بن أبي وقاص: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" - قال - : (الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، تهاونا بها). وعن ابن عباس أيضا: هم المنافقون يتركون الصلاة سرا، يصلونها علانية "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" [النساء: 142] .. الآية. ويدل على أنها في المنافقين قوله: "الذين هم يراؤون"، وقال ابن وهب عن مالك. قال ابن عباس: ولو قال في صلا:الم وقال عطاء: الحمد لله الذي قال "عن صلاتهم" ولم يقل في صلاتهم. قال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين قوله: "عن صلاتهم"، وبين قولك: في صلاتهم؟ قلت: معنى "عن" أنهم ساهون عنها سهو ترك لها، وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين، أو الفسقة الشطار من المسلمين. ومعنى "في" أن السهو يعتريهم فيها، بوسوسة شيطان، أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته، فضلا عن غيره؛ ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم. قال ابن العربي: لأن السلامة من السهو محال، وقد سها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة: وكل من لا يسهو في صلاته، فذلك رجل لا يتدبرها، ولا يعقل قراءتها، وإنما همه في أعدادها؛ وهذا رجل يأكل القشور، ويرمي اللب. وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها؛ اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له: اذكر كذا، اذكر كذا؛ لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى.
تفسير الجلالين:
(فويل للمصلين)
5 - (الذين هم عن صلاتهم ساهون) غافلون يؤخرونها عن وقتها.
وصلى الله على سيدنا محمد