السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)
الكاتب:
الشيخ عائض القرني
هذا وعد من أصدق القائلين، وهي بشرى لعباده المؤمنين، أن سنته الماضية وحكمته القاضية، بأن العسر بعده يسر، فلا يضيق الأمر ويشتد الكرب إلا ويتبعه يسر، فبشر كل مكروب ومنكوب بفجر صادق من الفرج يصادر فلول الشدائد، وما أحسن هذه الآية سلوة للمعذبين بسياط الظالمين، وعزاء للمصابين، وبشرى لأهل البلاء، وهذه الآية هدية غالية لمن طرح في السجن، وغلت يداه، وكبلت رجلاه، ليعلم أن فرجه قريب، وخروجه وشيك إلى عالم الحرية والانطلاق، وهي تحفة ثمينة لمن أقعده المرض، وأضناه البلاء، أنه موعود بشفاء عاجل، وعافية قادمة، فبعد الجوع شبع، وإثر التعب راحة، وعقب السقم شفاء، وخاتمة الشدة رخاء، ونهاية الفقر غنى، النهار يخلف الليل، والنور يطوي الظلام، والماء يزحف على الجدب.
إذا امتدت الصحراء فوراءها رياض خضراء، وإذا اشتد الحبل انقطع، إذا رأيت السحب السود فاعلم أن الغيث الهنئ في جوانحها، وإذا هالك الظلام فتيقن أن الصباح مقبل لا محالة.
إن العسر بعده يسران وليس يسر واحد، لتعلم أن مرارة المعاناة لها نهاية، وشظف العيش إلى انقطاع ، وكبد الحياة إلى راحة، لو أن الخوف دائم لتقطعت النفوس حسرة، ولكن بعد أمن وسكينة، ولو أن الحزن مستمر لزلزلت القلوب زالزالها ولكن يعقبه سرور وأنس، ولو أن اليأس مقيم لاسودت الحياة في العيون، لكن خلفه أمل فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله، لا تصارع الأوهام، وتقاتل الوساوس، بل انظر من بوابة الرجاء لترى العالم المشهود، والحضرة المأنوسة، والسعادة القادمة، ولترى العناية الربانية تغمرك واللطف الإلهي يحوطك.
(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فاغسل همومك بنهر التوكل، (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وذكر نفسك (حسبنا الله ونعم الوكيل)، واحذر من تصديق وعد الأفاك الأثيم والشيطان الرجيم؛ لأنه يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، ولكن صدق موعد أصدق القائلين: )وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) .
فبشر آمالك بمستقبل زاه وغد مشرق وفجر باه جديد؛ لأنه سبحانه ما ابتلاك ليهلكك وما أبدك ليخزيك؛ بل أراد أن يذكرك بسوط من ألم، وأن يوقظك من غفلتك بوخزه من ندم، وينبهك من رقدتك بجرعة من سقم؛ لتتذكر بالمصيبة النعمة، وبالبلاء العافية، وبالمرض الصحة، وبالسجن الحرية، وبالجوع الشبع، وحكيم في المسلكين، ولا تدري بالأصلح، ولا تعلم بالأحسن، بل هو الأعلم الأحكم الأحلم الأرحم، جل في علاه، فارض باختياره، فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك، وعلمه بمصالحك أجل وأعظم من علمك؛ لأنك عبد جاهل فقير ضعيف، وهو عليم غني قوي ملك رحمن رحيم:
عسى فــــرج يكون عـسى
نعلــل نفـــــسنا بعــــــسى
فــلا تجـــــزع إذا قابلـت
همـــــــاً يقطع النفسا
فـــأقرب ما يكـــون المرء
من فــرج إذا يئـــــــسا
( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)
الكاتب:
الشيخ عائض القرني
هذا وعد من أصدق القائلين، وهي بشرى لعباده المؤمنين، أن سنته الماضية وحكمته القاضية، بأن العسر بعده يسر، فلا يضيق الأمر ويشتد الكرب إلا ويتبعه يسر، فبشر كل مكروب ومنكوب بفجر صادق من الفرج يصادر فلول الشدائد، وما أحسن هذه الآية سلوة للمعذبين بسياط الظالمين، وعزاء للمصابين، وبشرى لأهل البلاء، وهذه الآية هدية غالية لمن طرح في السجن، وغلت يداه، وكبلت رجلاه، ليعلم أن فرجه قريب، وخروجه وشيك إلى عالم الحرية والانطلاق، وهي تحفة ثمينة لمن أقعده المرض، وأضناه البلاء، أنه موعود بشفاء عاجل، وعافية قادمة، فبعد الجوع شبع، وإثر التعب راحة، وعقب السقم شفاء، وخاتمة الشدة رخاء، ونهاية الفقر غنى، النهار يخلف الليل، والنور يطوي الظلام، والماء يزحف على الجدب.
إذا امتدت الصحراء فوراءها رياض خضراء، وإذا اشتد الحبل انقطع، إذا رأيت السحب السود فاعلم أن الغيث الهنئ في جوانحها، وإذا هالك الظلام فتيقن أن الصباح مقبل لا محالة.
إن العسر بعده يسران وليس يسر واحد، لتعلم أن مرارة المعاناة لها نهاية، وشظف العيش إلى انقطاع ، وكبد الحياة إلى راحة، لو أن الخوف دائم لتقطعت النفوس حسرة، ولكن بعد أمن وسكينة، ولو أن الحزن مستمر لزلزلت القلوب زالزالها ولكن يعقبه سرور وأنس، ولو أن اليأس مقيم لاسودت الحياة في العيون، لكن خلفه أمل فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله، لا تصارع الأوهام، وتقاتل الوساوس، بل انظر من بوابة الرجاء لترى العالم المشهود، والحضرة المأنوسة، والسعادة القادمة، ولترى العناية الربانية تغمرك واللطف الإلهي يحوطك.
(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فاغسل همومك بنهر التوكل، (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وذكر نفسك (حسبنا الله ونعم الوكيل)، واحذر من تصديق وعد الأفاك الأثيم والشيطان الرجيم؛ لأنه يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، ولكن صدق موعد أصدق القائلين: )وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) .
فبشر آمالك بمستقبل زاه وغد مشرق وفجر باه جديد؛ لأنه سبحانه ما ابتلاك ليهلكك وما أبدك ليخزيك؛ بل أراد أن يذكرك بسوط من ألم، وأن يوقظك من غفلتك بوخزه من ندم، وينبهك من رقدتك بجرعة من سقم؛ لتتذكر بالمصيبة النعمة، وبالبلاء العافية، وبالمرض الصحة، وبالسجن الحرية، وبالجوع الشبع، وحكيم في المسلكين، ولا تدري بالأصلح، ولا تعلم بالأحسن، بل هو الأعلم الأحكم الأحلم الأرحم، جل في علاه، فارض باختياره، فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك، وعلمه بمصالحك أجل وأعظم من علمك؛ لأنك عبد جاهل فقير ضعيف، وهو عليم غني قوي ملك رحمن رحيم:
عسى فــــرج يكون عـسى
نعلــل نفـــــسنا بعــــــسى
فــلا تجـــــزع إذا قابلـت
همـــــــاً يقطع النفسا
فـــأقرب ما يكـــون المرء
من فــرج إذا يئـــــــسا