أنفقوا من طيبات ما كسبتم
من التوجيهات الأساسية التي دعا إليها القرآن الكريم الإنفاق في وجوه الخيرات، حيث جعل ذلك من أفضل القربات، وخير الطاعات. ولم يكتف القرآن الكريم بالحث على الإنفاق، بل طلب أيضاً أن يكون الإنفاق من المال الحلال الطيب، يقول سبحانه في تقرير هذا المعنى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد } (البقرة:267) .
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية جملة روايات، نذكر منها ما يلي:
أولاً: ما رواه الترمذي عن البراء بن عازب ، في قوله تعالى: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }، قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقِنْو والقنوين، فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصُّفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه، فيسقط من البُسر والتمر فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه، فأنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه }. قالوا: لو أن أحدكم أُهدي إليه مثل ما أعطاه، لم يأخذه إلا على إغماض وحياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح. وروى نحوه ابن ماجه .
ثانياً: روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر، فجاء رجل بتمر رديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة : ( لا تخرص هذا التمر )، فنزل القرآن: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي .
ثالثاً: روى النسائي في (السنن الكبرى) عن سهل بن حنيف عن أبيه، قال: كان الناس يتيممون شرار ثمارهم، فيخرجونها في صدقاتهم، فنزلت: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } .
رابعاً: روى الطبري عن عليٍّ رضي الله عنه، أن هذه الآية نزلت في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيقطعه، فيعزل الجيد ناحية. فإذا جاء صاحب الصدقة، أعطاه من الرديء، فقال عز وجل: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. وروي نحو هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما و الحسن وغيرهما .
غريب الروايات:
(أهل الصُّفة): هم فقراء المهاجرين، ولم يكن لواحد منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه .
(الشيص): التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى. وقد لا يكون له نوى أصلاً .
(الحشف): اليابس الفاسد من التمر .
(القِنْو): الغصن الذي يحمل الرُّطب .
(البَسر): مرحلة من المراحل التي يمر فيها ثمر التمر قبل أن ينضج، مفردها (بُسرة) .
(الخَرْص): هو تقدير ما على النخلة من تمر .
(صاحب الصدقة): الذي يجمع الزكوات ممن تجب عليه .
والروايات الواردة في سبب نزول هذه الآية لا تعارض بينها، بل يشد بعضها أزر بعض، وهي بمجموعها ترشد إلى أن المطلوب من المؤمن ألا يتصدق بالرديء من ماله، بل يتصدق من جيده، أو على الأقل من أوسطه، سواء أكان ذلك في الصدقات الواجبة كالزكاة، أم كان ذلك في الصدقات المندوبة من غير الزكاة .
ومما هو جدير بالانتباه في هذا السياق، أن الآية الكريمة نهت عن التصدق بالمال الرديء، ولو كان مالاً حلالاً، فكان من باب أولى، أن يتضمن هذا النهي التصدق من المال الحرام، وقد صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ) رواه مسلم .
منقول للاافده
من التوجيهات الأساسية التي دعا إليها القرآن الكريم الإنفاق في وجوه الخيرات، حيث جعل ذلك من أفضل القربات، وخير الطاعات. ولم يكتف القرآن الكريم بالحث على الإنفاق، بل طلب أيضاً أن يكون الإنفاق من المال الحلال الطيب، يقول سبحانه في تقرير هذا المعنى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد } (البقرة:267) .
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية جملة روايات، نذكر منها ما يلي:
أولاً: ما رواه الترمذي عن البراء بن عازب ، في قوله تعالى: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }، قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقِنْو والقنوين، فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصُّفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه، فيسقط من البُسر والتمر فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه، فأنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه }. قالوا: لو أن أحدكم أُهدي إليه مثل ما أعطاه، لم يأخذه إلا على إغماض وحياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح. وروى نحوه ابن ماجه .
ثانياً: روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر، فجاء رجل بتمر رديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة : ( لا تخرص هذا التمر )، فنزل القرآن: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي .
ثالثاً: روى النسائي في (السنن الكبرى) عن سهل بن حنيف عن أبيه، قال: كان الناس يتيممون شرار ثمارهم، فيخرجونها في صدقاتهم، فنزلت: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } .
رابعاً: روى الطبري عن عليٍّ رضي الله عنه، أن هذه الآية نزلت في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيقطعه، فيعزل الجيد ناحية. فإذا جاء صاحب الصدقة، أعطاه من الرديء، فقال عز وجل: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. وروي نحو هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما و الحسن وغيرهما .
غريب الروايات:
(أهل الصُّفة): هم فقراء المهاجرين، ولم يكن لواحد منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه .
(الشيص): التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى. وقد لا يكون له نوى أصلاً .
(الحشف): اليابس الفاسد من التمر .
(القِنْو): الغصن الذي يحمل الرُّطب .
(البَسر): مرحلة من المراحل التي يمر فيها ثمر التمر قبل أن ينضج، مفردها (بُسرة) .
(الخَرْص): هو تقدير ما على النخلة من تمر .
(صاحب الصدقة): الذي يجمع الزكوات ممن تجب عليه .
والروايات الواردة في سبب نزول هذه الآية لا تعارض بينها، بل يشد بعضها أزر بعض، وهي بمجموعها ترشد إلى أن المطلوب من المؤمن ألا يتصدق بالرديء من ماله، بل يتصدق من جيده، أو على الأقل من أوسطه، سواء أكان ذلك في الصدقات الواجبة كالزكاة، أم كان ذلك في الصدقات المندوبة من غير الزكاة .
ومما هو جدير بالانتباه في هذا السياق، أن الآية الكريمة نهت عن التصدق بالمال الرديء، ولو كان مالاً حلالاً، فكان من باب أولى، أن يتضمن هذا النهي التصدق من المال الحرام، وقد صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ) رواه مسلم .
منقول للاافده