يقول الله تعالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي...) (القصص :76- 77 ) .
مشهد واقعي ، ومثال حي لفتنة المال ، يقصه القرآن الكريم علينا للتذكر والاعتبار ، والتحذير من عبودية شهوة المال التي فتن بها قارون فطغى وبغى ، وجحد آلاء الله تعالى ونعمه عليه ، وهو يقول كفرا واغترارا :{ إنما أوتيته على علم عندي } مستكبرا على الله وعلى العباد بمال الله؛ فكان من الهالكين ، وعبرة للناس أجمعين .
وفي مقابل هذا المثال المهين ، تحضر قصة سليمان عليه السلام ، الذي آتاه الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، سلطانا من جنود الإنس والجن والطير والريح والثروات ، ومع كل ذلك ، ما طغى ولا بغى ، وما ينبغي له ، بل كان معترفا بفضل الله عليه ،شاكرا لأنعمه، وهو يقول : (..هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل : 40 ) ، ويقول :( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل : 19 ) .
نموذجان واقعيان متناقضان في كل شيء أمام المال :
أحدهما: يعمل فيه بدوافع الطمع والشره والاستكثار والطغيان والاستكبار ، فوقع بذلك في فتنته الشديدة ، وباء بالكفر والجحود وسوء المصير : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) (القصص : 81 ) .
والثاني: يعمل في المال بعلم بحقيقته، واعتراف بفضل الله عليه، يؤدي حقه ويلتزم حدوده؛ فنعم بخيره وسلم من فتنته . ولما بعثت إليه ملكة سبأ بهدايا افتخاراً واختبارا ،قال : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) (النمل : 36 ) .
إن عناصر الفتنة في دنيا الابتلاء والاختبار كثيرة ، ولا ريب ، ولكن المال أعظمها اختبارا وأشدها فتنة للإنسان ؛ لما أودع الله فيه من سحر الجاذبية والإغراء ؛ فبوجوده ووفرته قد يحصل الغرور والطغيان ، وذلك طريق الهلاك و الخسران (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى . أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) (العلق :6- 7) ، وبفقده أو قلته يحصل الفقر والحرمان و ( كاد الفقر أن يكون كفرا ) .
فكم كانت فتنة المال وراء ضياع الدين وفساد الأخلاق ،وانتشار الانحرافات والمنكرات، وضياع الأخوة ، واندثار أسر ، واشتعال نيران العداوة والشقاق والافتراق ، بل كانت من أسباب الحروب والدمار و إبادة الأمن والاستقرار .وإنما يفتن بالمال من لا يعلم حقيقته، ولا يدرك نعمته،ولا يلتزم حدوده الشرعية وضوابطه العقلية والخلقية في الكسب والتدبير والإنفاق .
من أجل ذلك اعتنى الإسلام بشأن المال عناية كبيرة؛ فجعله من كليات مقاصده الخمس الكبرى ،وأحاطه بقواعد حكيمة وضوابط دقيقة ؛ تجعله وسيلة خير وبركة ونماء واستقرار،وبناء و إعمار، وتعفف للفرد والمجتمع بغير افتتان .
واليكم بعض الحقائق التي يجب على المسلم معرفتها والتزامها في أمر المال ووظيفته وضوابط معاملاته؛ حتى يؤدي أمانته ويسلم من فتنته :
1 ـ فالمال نعمة من الله تعالى عظيمة ، يجب أن تقدر وتشكر : (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل : 53 ).
2 ـ والمال مال الله تعالى ، وإنما الإنسان فيه مستخلف ، لا فضل له فيه إلا بالسعي النزيه والكسب المشروع : (.. وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ..) (النور : 33 ) ، (.. وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ..) (الحديد : 7 ) .
3 ـ والمال من الكليات والضرورات الخمس الكبرى المحفوظة بمقاصد الإسلام ( الدين والنفس والعقل والنسل والمال).
4 ـ والمال عصب الحياة وقوامها الضروري لكل وجود اجتماعي وعمراني وحضاري ، ولكل مستلزمات العيش والحماية والجهاد والاقتصاد .. بل هو المحرك الحيوي في العلاقات، وتبادل المنافع والمصالح بين الناس : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..) (الكهف : 46 ) .
5 ـ والمال محبوب عند الناس بالفطرة،حبـا شديدا ؛ بما جبلوا عليه من شهوة المتاع الدنيوي الذي يرغبهم في الحياة : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر : 20 ) . (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ..) (آل عمران : 14 ) .
6ـ والمال ليس علامة امتياز، ولا مقياس تفاضل في الأقدار عند الله تعالى، مهما بلغ امتلاكه وادخاره (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى ..) (سبأ : 37 ) ، بل هو عنصر ابتلاء واختبار في وجوده وانعدامه،وعامل فتنة ، ليس في ذاته ، وإنما في سوء تصرف الناس فيه (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التغابن : 15 ).
تلكم حقائق يجدر بالمسلم أن يفقهها في نظرته للمال، لمعرفة طبيعته وقدره ومكانته في الإسلام ؛ فالمال ليس مذموما في ذاته ولا في امتلاكه ، وإنما يذم فعل الإنسان الذي يجاوز فيه حدود التصرف المشروع والمعقول؛ لذلك فالإسلام لا يحارب المال ولا يمنع كسبه و إكثاره ؛ لأنه قوام الحياة وضرورة الدين والدنيا والآخرة جميعا ، بل يدعو إلى السعي في طلابه (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ..) (الجمعة : 10 ) .
والنبي صلى الله عليه وسلم اتبعه الفقراء والأغنياء على السواء ، وكان يحضهم على العمل و كسب المال ،وينهاهم عن التقاعس والكسل ، و يتبرأ في دعائه من العجز والكسل والبخل والفقر، ويؤكد أن المؤمن القوي بعمله وكسبه خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف. وأن كسب المال مصدر قوة مادية حيوية ضرورية في كل مجال : ( اليد العليا خير من اليد السفلى) .لكن كل ذلك مشروط بمراعاة الحقائق المذكورة، والتزام الضوابط الشرعية التي يكون بها المال طيبا في كسبه، طيبا في إنفاقه ؛ فيصبح بذلك وسيلة لبناء الحياة الطيبة في الدنيا ونيل ثواب الآخرة. ذلك هو المال الصالح الذي يصلح به حال الأفراد والجماعات والمجتمعات. وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه و سلم :( نعم المال الصالح للرجل الصالح ) رواه أحمد .
فالمال محمود صالح عند الإنسان الصالح الذي يجعله في يده وليس في قلبه ، ويتقي الله فيه، ويبتغي رضاه ورضوانه،حين يسعى في طلبه وفي تدبيره و إنفاقه ومعاملاته ، لا يطغيه ولا يشغله عن أداء حقوق الله تعالى وحقوق العباد : (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور : 37 ).
والمال في يد الفاسق الفاجر ، وسيلة فساد و إفساد، وتكبر واستبداد ، تتولاه الأهواء والأطماع والجشع، دون اعتبار لحدود الدين وضوابط العقل و المروءة ،فهو في طلبه معتد أثيم ، وفي إنفاقه مبذر متلاف ، وفي معاملاته متكبر جبار . كذلك يصفه القرآن الكريم : (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ.الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ. كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ) (الهُمَزَة :1- 5 ).
ولكم في صاحب الجنتين في سورة الكهف شاهد افتتان ببريق المال ،حين اغتر بوفرة ثمار الجنتين ويباهي بها صاحبه جحودا واستكبارا : (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً. وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ..) (الكهف :34- 36 ).
. . وتلك حال عابد المال ،لا يرضيه دونه حق ولا عدل ولا إحسان ، إنما يرضيه الدرهم والدينار . يقول الصادق الأمين: ( تعس عبد الدينار ، والدرهم ، والقطيفة ، والخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط لم يرض ) رواه البخاري.
نسأل الله تعالى أن يعصمنا من فتنة المال وعبوديته ، وأن يلهمنا سبيل الرشاد في أداء أمانته على الوجه الذي يرضيه ، انه ولي التوفيق . أقول هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولجميع المسلمين .
الخطبــــة الثــانيــــــة :
في حديث رواه أحمد والترمذي عن كعب بن عياض ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن لكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتي المال ) صححه الألباني، صدقت يا رسول الله ؛ فما أكثر أحوال ومظاهر الافتتان بالمال الذي يقود العابدين له إلى الاستكبار والطغيان ،و خرق الحدود و إبطال الحقوق ، وارتياد الفواحش والمنكرات .وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم ، وهما مهلكاكم " قال الألباني في صحيح الترغيب : صحيح لغيره ؛ وما ذلك إلا بدوافع جمع المال أو إنفاقه بغير حق ولا وازع من دين ولا خلق ولا ضمير .وليس ذلك من شيم المؤمنين الذين يزنون الأموال وكل أمور حياتهم بميزان شرع الله تعالى ، ويعبدون الله فيه بالتزام حدوده وابتغاء مرضاته.
ومن أجل الوقاية من فتنة المال ، ننبه إخوتنا الكرام إلى أهم وجوه الانحراف السائدة في تداوله ،عملا بواجب التذكير (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات : 55 ):
1ـ الاشتغال والانشغال بالمال ولو كان حلالا عن طاعة الله تعالى وذكره وشكره ، فهو من نعم الله تعالى ، يجب أن يستعان به على طاعته وشكره : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون : 9 ).
2ـ الامتناع عن أداء واجب إنفاقه ، كمنع الزكاة المفروضة وهي من أركان الإسلام : (.. وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة : 34 ).
3ـ المكاسب المحرمة ، كالربا والسرقة والغصب وكل أشكال أكل أموال الناس بالباطل ،بالغش والتدليس والرشوة وغيرها : (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة : 188 ).
4ـ أكل أموال اليتامى والأجراء وأموال الدولة بأي وجه كان (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء : 10 ).
5ـ إنفاق المال في المحرمات والمنكرات ، كالخمر والميسر والفواحش ، و كل ما يصد عن ذكر الله تعالى وعبادته : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) (المائدة : 91 ).
6ـ الشح والتقتير في النفقات الواجبة على الأهل والعيال ، وفي وجوه البر والإحسان الضرورية ؛ ففي الحديث( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول ) رواه مسلم والترمذي .
أما الذين يسخرون الأموال عنوة لإفساد الأمة الإسلامية وصد الناس عن دين الله تعالى؛ فلهم الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (الأنفال : 36 ). 7ـ الإسراف والتبذير للمال في غيرما نفع ولا بر ولا إصلاح : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً .إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء :26- 27 ).
فاتقوا الله ، عباد الله ، في مال الله، فإنما أنتم فيه مستخلفون ، مؤتمنون ومختبرون، واذكروا قول الله تعالى واعتبروا : (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى.وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى.فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى.وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى.فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى.وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى) (الليل :5- 11 ).
جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب .
فصلوا على رسول الله .
منقول للافاده
مشهد واقعي ، ومثال حي لفتنة المال ، يقصه القرآن الكريم علينا للتذكر والاعتبار ، والتحذير من عبودية شهوة المال التي فتن بها قارون فطغى وبغى ، وجحد آلاء الله تعالى ونعمه عليه ، وهو يقول كفرا واغترارا :{ إنما أوتيته على علم عندي } مستكبرا على الله وعلى العباد بمال الله؛ فكان من الهالكين ، وعبرة للناس أجمعين .
وفي مقابل هذا المثال المهين ، تحضر قصة سليمان عليه السلام ، الذي آتاه الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، سلطانا من جنود الإنس والجن والطير والريح والثروات ، ومع كل ذلك ، ما طغى ولا بغى ، وما ينبغي له ، بل كان معترفا بفضل الله عليه ،شاكرا لأنعمه، وهو يقول : (..هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل : 40 ) ، ويقول :( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل : 19 ) .
نموذجان واقعيان متناقضان في كل شيء أمام المال :
أحدهما: يعمل فيه بدوافع الطمع والشره والاستكثار والطغيان والاستكبار ، فوقع بذلك في فتنته الشديدة ، وباء بالكفر والجحود وسوء المصير : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) (القصص : 81 ) .
والثاني: يعمل في المال بعلم بحقيقته، واعتراف بفضل الله عليه، يؤدي حقه ويلتزم حدوده؛ فنعم بخيره وسلم من فتنته . ولما بعثت إليه ملكة سبأ بهدايا افتخاراً واختبارا ،قال : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) (النمل : 36 ) .
إن عناصر الفتنة في دنيا الابتلاء والاختبار كثيرة ، ولا ريب ، ولكن المال أعظمها اختبارا وأشدها فتنة للإنسان ؛ لما أودع الله فيه من سحر الجاذبية والإغراء ؛ فبوجوده ووفرته قد يحصل الغرور والطغيان ، وذلك طريق الهلاك و الخسران (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى . أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) (العلق :6- 7) ، وبفقده أو قلته يحصل الفقر والحرمان و ( كاد الفقر أن يكون كفرا ) .
فكم كانت فتنة المال وراء ضياع الدين وفساد الأخلاق ،وانتشار الانحرافات والمنكرات، وضياع الأخوة ، واندثار أسر ، واشتعال نيران العداوة والشقاق والافتراق ، بل كانت من أسباب الحروب والدمار و إبادة الأمن والاستقرار .وإنما يفتن بالمال من لا يعلم حقيقته، ولا يدرك نعمته،ولا يلتزم حدوده الشرعية وضوابطه العقلية والخلقية في الكسب والتدبير والإنفاق .
من أجل ذلك اعتنى الإسلام بشأن المال عناية كبيرة؛ فجعله من كليات مقاصده الخمس الكبرى ،وأحاطه بقواعد حكيمة وضوابط دقيقة ؛ تجعله وسيلة خير وبركة ونماء واستقرار،وبناء و إعمار، وتعفف للفرد والمجتمع بغير افتتان .
واليكم بعض الحقائق التي يجب على المسلم معرفتها والتزامها في أمر المال ووظيفته وضوابط معاملاته؛ حتى يؤدي أمانته ويسلم من فتنته :
1 ـ فالمال نعمة من الله تعالى عظيمة ، يجب أن تقدر وتشكر : (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل : 53 ).
2 ـ والمال مال الله تعالى ، وإنما الإنسان فيه مستخلف ، لا فضل له فيه إلا بالسعي النزيه والكسب المشروع : (.. وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ..) (النور : 33 ) ، (.. وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ..) (الحديد : 7 ) .
3 ـ والمال من الكليات والضرورات الخمس الكبرى المحفوظة بمقاصد الإسلام ( الدين والنفس والعقل والنسل والمال).
4 ـ والمال عصب الحياة وقوامها الضروري لكل وجود اجتماعي وعمراني وحضاري ، ولكل مستلزمات العيش والحماية والجهاد والاقتصاد .. بل هو المحرك الحيوي في العلاقات، وتبادل المنافع والمصالح بين الناس : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..) (الكهف : 46 ) .
5 ـ والمال محبوب عند الناس بالفطرة،حبـا شديدا ؛ بما جبلوا عليه من شهوة المتاع الدنيوي الذي يرغبهم في الحياة : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر : 20 ) . (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ..) (آل عمران : 14 ) .
6ـ والمال ليس علامة امتياز، ولا مقياس تفاضل في الأقدار عند الله تعالى، مهما بلغ امتلاكه وادخاره (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى ..) (سبأ : 37 ) ، بل هو عنصر ابتلاء واختبار في وجوده وانعدامه،وعامل فتنة ، ليس في ذاته ، وإنما في سوء تصرف الناس فيه (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التغابن : 15 ).
تلكم حقائق يجدر بالمسلم أن يفقهها في نظرته للمال، لمعرفة طبيعته وقدره ومكانته في الإسلام ؛ فالمال ليس مذموما في ذاته ولا في امتلاكه ، وإنما يذم فعل الإنسان الذي يجاوز فيه حدود التصرف المشروع والمعقول؛ لذلك فالإسلام لا يحارب المال ولا يمنع كسبه و إكثاره ؛ لأنه قوام الحياة وضرورة الدين والدنيا والآخرة جميعا ، بل يدعو إلى السعي في طلابه (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ..) (الجمعة : 10 ) .
والنبي صلى الله عليه وسلم اتبعه الفقراء والأغنياء على السواء ، وكان يحضهم على العمل و كسب المال ،وينهاهم عن التقاعس والكسل ، و يتبرأ في دعائه من العجز والكسل والبخل والفقر، ويؤكد أن المؤمن القوي بعمله وكسبه خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف. وأن كسب المال مصدر قوة مادية حيوية ضرورية في كل مجال : ( اليد العليا خير من اليد السفلى) .لكن كل ذلك مشروط بمراعاة الحقائق المذكورة، والتزام الضوابط الشرعية التي يكون بها المال طيبا في كسبه، طيبا في إنفاقه ؛ فيصبح بذلك وسيلة لبناء الحياة الطيبة في الدنيا ونيل ثواب الآخرة. ذلك هو المال الصالح الذي يصلح به حال الأفراد والجماعات والمجتمعات. وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه و سلم :( نعم المال الصالح للرجل الصالح ) رواه أحمد .
فالمال محمود صالح عند الإنسان الصالح الذي يجعله في يده وليس في قلبه ، ويتقي الله فيه، ويبتغي رضاه ورضوانه،حين يسعى في طلبه وفي تدبيره و إنفاقه ومعاملاته ، لا يطغيه ولا يشغله عن أداء حقوق الله تعالى وحقوق العباد : (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور : 37 ).
والمال في يد الفاسق الفاجر ، وسيلة فساد و إفساد، وتكبر واستبداد ، تتولاه الأهواء والأطماع والجشع، دون اعتبار لحدود الدين وضوابط العقل و المروءة ،فهو في طلبه معتد أثيم ، وفي إنفاقه مبذر متلاف ، وفي معاملاته متكبر جبار . كذلك يصفه القرآن الكريم : (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ.الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ. كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ) (الهُمَزَة :1- 5 ).
ولكم في صاحب الجنتين في سورة الكهف شاهد افتتان ببريق المال ،حين اغتر بوفرة ثمار الجنتين ويباهي بها صاحبه جحودا واستكبارا : (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً. وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ..) (الكهف :34- 36 ).
. . وتلك حال عابد المال ،لا يرضيه دونه حق ولا عدل ولا إحسان ، إنما يرضيه الدرهم والدينار . يقول الصادق الأمين: ( تعس عبد الدينار ، والدرهم ، والقطيفة ، والخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط لم يرض ) رواه البخاري.
نسأل الله تعالى أن يعصمنا من فتنة المال وعبوديته ، وأن يلهمنا سبيل الرشاد في أداء أمانته على الوجه الذي يرضيه ، انه ولي التوفيق . أقول هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولجميع المسلمين .
الخطبــــة الثــانيــــــة :
في حديث رواه أحمد والترمذي عن كعب بن عياض ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن لكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتي المال ) صححه الألباني، صدقت يا رسول الله ؛ فما أكثر أحوال ومظاهر الافتتان بالمال الذي يقود العابدين له إلى الاستكبار والطغيان ،و خرق الحدود و إبطال الحقوق ، وارتياد الفواحش والمنكرات .وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم ، وهما مهلكاكم " قال الألباني في صحيح الترغيب : صحيح لغيره ؛ وما ذلك إلا بدوافع جمع المال أو إنفاقه بغير حق ولا وازع من دين ولا خلق ولا ضمير .وليس ذلك من شيم المؤمنين الذين يزنون الأموال وكل أمور حياتهم بميزان شرع الله تعالى ، ويعبدون الله فيه بالتزام حدوده وابتغاء مرضاته.
ومن أجل الوقاية من فتنة المال ، ننبه إخوتنا الكرام إلى أهم وجوه الانحراف السائدة في تداوله ،عملا بواجب التذكير (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات : 55 ):
1ـ الاشتغال والانشغال بالمال ولو كان حلالا عن طاعة الله تعالى وذكره وشكره ، فهو من نعم الله تعالى ، يجب أن يستعان به على طاعته وشكره : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون : 9 ).
2ـ الامتناع عن أداء واجب إنفاقه ، كمنع الزكاة المفروضة وهي من أركان الإسلام : (.. وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة : 34 ).
3ـ المكاسب المحرمة ، كالربا والسرقة والغصب وكل أشكال أكل أموال الناس بالباطل ،بالغش والتدليس والرشوة وغيرها : (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة : 188 ).
4ـ أكل أموال اليتامى والأجراء وأموال الدولة بأي وجه كان (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء : 10 ).
5ـ إنفاق المال في المحرمات والمنكرات ، كالخمر والميسر والفواحش ، و كل ما يصد عن ذكر الله تعالى وعبادته : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) (المائدة : 91 ).
6ـ الشح والتقتير في النفقات الواجبة على الأهل والعيال ، وفي وجوه البر والإحسان الضرورية ؛ ففي الحديث( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول ) رواه مسلم والترمذي .
أما الذين يسخرون الأموال عنوة لإفساد الأمة الإسلامية وصد الناس عن دين الله تعالى؛ فلهم الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (الأنفال : 36 ). 7ـ الإسراف والتبذير للمال في غيرما نفع ولا بر ولا إصلاح : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً .إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء :26- 27 ).
فاتقوا الله ، عباد الله ، في مال الله، فإنما أنتم فيه مستخلفون ، مؤتمنون ومختبرون، واذكروا قول الله تعالى واعتبروا : (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى.وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى.فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى.وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى.فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى.وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى) (الليل :5- 11 ).
جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب .
فصلوا على رسول الله .
منقول للافاده