كما كنا أطفالا، تغلق النوافذ والدكاكين والمقاهى أبوابها حزنا بسبب رجل نبيل رحل، يأتى صوت الراديو على مؤشر القرآن الكريم. بينما فى الكنيسة المجاورة ترانيم تشدو شجنا يحمل دموعا سخية.
الحزن فى وطنى مثل فارس. يقف على صهوة جواده وهو ينظر للسماء، يعرف قدر من نفقده فى رحيل بلا عودة، يخفض البكاء صوته حتى لايزعج أحدا. لكنه يخفى حزنا أكبر من المحتمل.
السبت عند منتصف الليل. وكنت أؤجل كتابة هذا المقال. أعرف خبر الرحيل من صفحات الفيس بوك. تتوالى التعازى من كل نقطة فى بلدى. وتختلط الأسماء حتى لا تعرف من يبكى من؟ تتغير صور البروفايل فتصبح للراحل الكبير وهو يحمل عصاه ويجلس على كرسيه البابوى فى عظته الأخيرة.
رحيله يبدأ زمنا كنا نتصور أننا فقدناه. يكشف عن مصر التى مهما تاهت فى زحام الأزمات تبقى على كل عاداتها القديمة التى لا تفقدها واحدة، وإن شذ البعض عن القاعدة لكى يختلف أو لأنه جاهل أو محرض على فتنة. تبقى مصر وخلطة سرها معها من التسامح والحب. تبقى وطنا أعمق ما فيه بساطة العلاقة بين الناس وبعضها.
مصر ليست بهوا باردا من رخام، هى دافئة دفء شمسها، تعرف كيف تودع الأحباب بأن تطمئنهم فى صمتهم الأخير، إن أهلها كما يختلفون كل صباح.. يجمعهم الليل على حب واحد وأمل واحد.. وصلاة واحدة لإله واحد.
إن الصورة التى ودعنا بها مصريين البابا شنودة تفسر أننا وطن يحمل قلبا نقيا ولو لوثه البعض أو حاول. وأننا أهل مصر النبلاء بكل مامنحته لنا مصر من حب وتسامح وأخلاق.
رحيل رجل كان من هنا، كان أديباً مرهفاً مبدعاً قبل أن يكون رجل دين. يعرف تماماً ما يفرق القلوب وما يجمع أطراف الوطن. مخلص لوطنه وسوف يحسب له صموده أمام أزمات كثيرة، كان يمكن أن تتحول كلمة واحدة منه إلى نيران تحرق كل الوطن. لكنه استراح لأن يكون دبلوماسياً محترماً وفارساً. كانت مصر أولنا وهى التى قال عنها عبارته التى لن تنسى: إن مصر ليست وطنا نعيش فيه.. لكنها وطن يعيش فينا.
لايحتاج الحزن على البابا شنودة فتوى كما لايحتاج العزاء فيه إلى انتظار اتصال تليفونى من شيخ يحلل ويحرم ويجوز ولا يجوز، الرجل يستحق حزناً عاماً لأنه مصرى خالص قدم لنا جميعا سنوات طويلة من حكمته وخبرته، وسوف أفتقد بشكل شخصى حضوره الفريد وكلماته المؤثرة فى الأوقات الصعبة.
رحمه الله والبقاء لله. ولنبقى معا من أجل وطن جميل.
منقول للافاده
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الحزن فى وطنى مثل فارس. يقف على صهوة جواده وهو ينظر للسماء، يعرف قدر من نفقده فى رحيل بلا عودة، يخفض البكاء صوته حتى لايزعج أحدا. لكنه يخفى حزنا أكبر من المحتمل.
السبت عند منتصف الليل. وكنت أؤجل كتابة هذا المقال. أعرف خبر الرحيل من صفحات الفيس بوك. تتوالى التعازى من كل نقطة فى بلدى. وتختلط الأسماء حتى لا تعرف من يبكى من؟ تتغير صور البروفايل فتصبح للراحل الكبير وهو يحمل عصاه ويجلس على كرسيه البابوى فى عظته الأخيرة.
رحيله يبدأ زمنا كنا نتصور أننا فقدناه. يكشف عن مصر التى مهما تاهت فى زحام الأزمات تبقى على كل عاداتها القديمة التى لا تفقدها واحدة، وإن شذ البعض عن القاعدة لكى يختلف أو لأنه جاهل أو محرض على فتنة. تبقى مصر وخلطة سرها معها من التسامح والحب. تبقى وطنا أعمق ما فيه بساطة العلاقة بين الناس وبعضها.
مصر ليست بهوا باردا من رخام، هى دافئة دفء شمسها، تعرف كيف تودع الأحباب بأن تطمئنهم فى صمتهم الأخير، إن أهلها كما يختلفون كل صباح.. يجمعهم الليل على حب واحد وأمل واحد.. وصلاة واحدة لإله واحد.
إن الصورة التى ودعنا بها مصريين البابا شنودة تفسر أننا وطن يحمل قلبا نقيا ولو لوثه البعض أو حاول. وأننا أهل مصر النبلاء بكل مامنحته لنا مصر من حب وتسامح وأخلاق.
رحيل رجل كان من هنا، كان أديباً مرهفاً مبدعاً قبل أن يكون رجل دين. يعرف تماماً ما يفرق القلوب وما يجمع أطراف الوطن. مخلص لوطنه وسوف يحسب له صموده أمام أزمات كثيرة، كان يمكن أن تتحول كلمة واحدة منه إلى نيران تحرق كل الوطن. لكنه استراح لأن يكون دبلوماسياً محترماً وفارساً. كانت مصر أولنا وهى التى قال عنها عبارته التى لن تنسى: إن مصر ليست وطنا نعيش فيه.. لكنها وطن يعيش فينا.
لايحتاج الحزن على البابا شنودة فتوى كما لايحتاج العزاء فيه إلى انتظار اتصال تليفونى من شيخ يحلل ويحرم ويجوز ولا يجوز، الرجل يستحق حزناً عاماً لأنه مصرى خالص قدم لنا جميعا سنوات طويلة من حكمته وخبرته، وسوف أفتقد بشكل شخصى حضوره الفريد وكلماته المؤثرة فى الأوقات الصعبة.
رحمه الله والبقاء لله. ولنبقى معا من أجل وطن جميل.
منقول للافاده
ــــــــــــــــــــــــــــــ