من كلمـــات الإمام علي رضي الله عنه
إِنَّ المَالَ وَالبَنِينَ حَرْثُ الدُّنْيَا،
والعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الاْخِرَةِ،
وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا اللهُ لاَِقْوَام،
فَاحْذَرُوا مِنَ اللهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ،
وَاخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتُ بَتَعْذِير،
وَاعْمَلُوا في غَيْرِ رِيَاء وَلاَ سُمْعَة;
فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللهِ يَكِلْهُ اللهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ.
نَسْأَلُ اللهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ،
وَمُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الاَْنْبِيَاءِ.
---------------
وَأَنْتُمْ طُرَدَاءُ الْمَوْتِ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخْذَكُمْ،
وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَككُمْ، وَهُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ،
الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ،
وَالدُّنْيَا تُطْوَى مِنْ خَلْفِكُمْ
-------------
فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ، إِمَامُ الْهُدَى وَإِمَامُ الرَّدَى،
وَوَلِيُّ النَّبِىِّ وَعَدُوُّ النَّبِيِّ،
وَلَقَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله):
"إِنِّي لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِكاً،
أَمَّا الْمُؤمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللهُ بِإِيمَانِهِ،
وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اللهُ بِشِرْكِهِ،
لكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مَنَافِقِ الْجَنَانِ، عَالِمِ اللِّسَانِ،
يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ، وَ يَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ
-------------
أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ، وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ،
وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ،
وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ،
وَقَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ، وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا،
وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَ الاَْيَّامِ،
وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ،
وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الاَْوَّلِينَ،
وَ سِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ،
فَانْظُرْ مَا فَعَلُواعَمَّا انْتَقَلُوا،
وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا!
فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ انْتَقَلُوا عَنِ الاَْحِبَّةِ،
وَحَلُّوا دَارَالْغُرْبَةِ،
وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيل قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ.
-----------
فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ،
وَ دَعِ الْقَوْلَ فِيَما لاَ تَعْرِفُ، وَالْخِطَابَ فِيَما لَمْ تُكَلَّفْ،
وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِيق إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ،
فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الاَْهْوَالِ،
وَأْمُرْ بالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ،
وَ أَنْكِرِ المُنكَرَ بِيَدِكَ وَلِسَانِكَ،
وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ،
وَ جَاهِدْ فِي اللهِ حَقَّ جَهَادِهِ،
وَلاَ تَأْخُذْكَ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئم،
وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إلَى الحَقِّ حَيْثُ كَانَ،
وَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَعَوِّدْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ،
وَنِعْمَ الْخُلُقُ التَّصَبُّرُ،
وَأَلْجِىءْ نَفْسَكَ فِي الاُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلهِكَ،
------------
أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ،
وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ،
وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الاِْخْلاصُ لَهُ،
وَكَمَالُ الاِْخْلاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ،
لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَة أَنَّها غَيْرُ المَوْصُوفِ،
وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوف أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ،
فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ
،وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ،
[وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أشَارَ إِلَيْهِ،
وَمَنْ أشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ،
وَمَنْ قَالَ: «فِيمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ،
وَمَنْ قَالَ: «عَلاَمَ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنُهُ.
كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث , مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَم،
مَعَ كُلِّ شَيْء لاَ بِمُقَارَنَة،
وَغَيْرُ كُلِّ شيء لا بِمُزَايَلَة ، فَاعِلٌ لا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَالاْلةِ،
بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ،
مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتوْحِشُ لِفَقْدِهِ.
أَنْشَأَ الخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً،
بِلاَ رَوِيَّة أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَة اسْتَفَادَهَا،
وَلاَ حَرَكَة أَحْدَثَهَا،
وَلاَ هَمَامَةِ نَفْس اظْطَرَبَ فِيهَا.
أَحَالَ الاْشياءَ لاَِوْقَاتِهَا،
وَلاََمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَغَرَّزَ غَرائِزَهَ ،
وَأَلزَمَهَا أشْبَاحَهَا، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا،
مُحِيطاً بِحُدُودِها وَانْتِهَائِهَا، عَارفاً بِقَرَائِنِها وَأَحْنَائِهَا
--------------------
ومنها:
و يعني آل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ، وَملَجَأُ(1) أَمْرِهِ،
وَعَيْبَةُ(2) عِلْمِهِ،
وَمَوْئِلُ(3) حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ دِينِه،
بِهِمْ أَقَامَ انْحِناءَ ظَهْرِهِ، وَأذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ(4).
منها: يعني بها قوماً آخرين
زَرَعُوا الفُجُورَ، وَسَقَوْهُ الغُرُورَ،
وَحَصَدُوا الثُّبُورَ(5)،
لا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّد(عليهم السلام)مِنْ هذِهِ الاُمَّةِ أَحَدٌ،
وَلا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أبَداً.
هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ،
إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي(6)،
وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ،
وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ،
وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ.
--------------
1 اللّجَأ ـ محرّكةً ـ: المَلاَذُ وما تلتجىء وتعتصم به.
2 العَيْبَةُ ـ بالفتح ـ: الوعاء.
3 المَوْئِلُ: المَرْجِع.
4 الفَرَائص: جمع فريصة،
وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف لاتزال تُرْعَدُ من الدابة.
5 الثّبُور: الهلاك.
6 الغالي: المبالغ، الذي يُجاوز الحد بالافراط.
------------
من كتاب نهج البلاغة
إِنَّ المَالَ وَالبَنِينَ حَرْثُ الدُّنْيَا،
والعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الاْخِرَةِ،
وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا اللهُ لاَِقْوَام،
فَاحْذَرُوا مِنَ اللهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ،
وَاخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتُ بَتَعْذِير،
وَاعْمَلُوا في غَيْرِ رِيَاء وَلاَ سُمْعَة;
فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللهِ يَكِلْهُ اللهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ.
نَسْأَلُ اللهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ،
وَمُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الاَْنْبِيَاءِ.
---------------
وَأَنْتُمْ طُرَدَاءُ الْمَوْتِ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخْذَكُمْ،
وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَككُمْ، وَهُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ،
الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ،
وَالدُّنْيَا تُطْوَى مِنْ خَلْفِكُمْ
-------------
فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ، إِمَامُ الْهُدَى وَإِمَامُ الرَّدَى،
وَوَلِيُّ النَّبِىِّ وَعَدُوُّ النَّبِيِّ،
وَلَقَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله):
"إِنِّي لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِكاً،
أَمَّا الْمُؤمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللهُ بِإِيمَانِهِ،
وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اللهُ بِشِرْكِهِ،
لكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مَنَافِقِ الْجَنَانِ، عَالِمِ اللِّسَانِ،
يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ، وَ يَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ
-------------
أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ، وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ،
وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ،
وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ،
وَقَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ، وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا،
وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَ الاَْيَّامِ،
وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ،
وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الاَْوَّلِينَ،
وَ سِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ،
فَانْظُرْ مَا فَعَلُواعَمَّا انْتَقَلُوا،
وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا!
فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ انْتَقَلُوا عَنِ الاَْحِبَّةِ،
وَحَلُّوا دَارَالْغُرْبَةِ،
وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيل قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ.
-----------
فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ،
وَ دَعِ الْقَوْلَ فِيَما لاَ تَعْرِفُ، وَالْخِطَابَ فِيَما لَمْ تُكَلَّفْ،
وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِيق إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ،
فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الاَْهْوَالِ،
وَأْمُرْ بالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ،
وَ أَنْكِرِ المُنكَرَ بِيَدِكَ وَلِسَانِكَ،
وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ،
وَ جَاهِدْ فِي اللهِ حَقَّ جَهَادِهِ،
وَلاَ تَأْخُذْكَ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئم،
وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إلَى الحَقِّ حَيْثُ كَانَ،
وَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَعَوِّدْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ،
وَنِعْمَ الْخُلُقُ التَّصَبُّرُ،
وَأَلْجِىءْ نَفْسَكَ فِي الاُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلهِكَ،
------------
أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ،
وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ،
وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الاِْخْلاصُ لَهُ،
وَكَمَالُ الاِْخْلاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ،
لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَة أَنَّها غَيْرُ المَوْصُوفِ،
وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوف أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ،
فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ
،وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ،
[وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أشَارَ إِلَيْهِ،
وَمَنْ أشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ،
وَمَنْ قَالَ: «فِيمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ،
وَمَنْ قَالَ: «عَلاَمَ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنُهُ.
كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث , مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَم،
مَعَ كُلِّ شَيْء لاَ بِمُقَارَنَة،
وَغَيْرُ كُلِّ شيء لا بِمُزَايَلَة ، فَاعِلٌ لا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَالاْلةِ،
بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ،
مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتوْحِشُ لِفَقْدِهِ.
أَنْشَأَ الخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً،
بِلاَ رَوِيَّة أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَة اسْتَفَادَهَا،
وَلاَ حَرَكَة أَحْدَثَهَا،
وَلاَ هَمَامَةِ نَفْس اظْطَرَبَ فِيهَا.
أَحَالَ الاْشياءَ لاَِوْقَاتِهَا،
وَلاََمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَغَرَّزَ غَرائِزَهَ ،
وَأَلزَمَهَا أشْبَاحَهَا، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا،
مُحِيطاً بِحُدُودِها وَانْتِهَائِهَا، عَارفاً بِقَرَائِنِها وَأَحْنَائِهَا
--------------------
ومنها:
و يعني آل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ، وَملَجَأُ(1) أَمْرِهِ،
وَعَيْبَةُ(2) عِلْمِهِ،
وَمَوْئِلُ(3) حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ دِينِه،
بِهِمْ أَقَامَ انْحِناءَ ظَهْرِهِ، وَأذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ(4).
منها: يعني بها قوماً آخرين
زَرَعُوا الفُجُورَ، وَسَقَوْهُ الغُرُورَ،
وَحَصَدُوا الثُّبُورَ(5)،
لا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّد(عليهم السلام)مِنْ هذِهِ الاُمَّةِ أَحَدٌ،
وَلا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أبَداً.
هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ،
إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي(6)،
وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ،
وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ،
وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ.
--------------
1 اللّجَأ ـ محرّكةً ـ: المَلاَذُ وما تلتجىء وتعتصم به.
2 العَيْبَةُ ـ بالفتح ـ: الوعاء.
3 المَوْئِلُ: المَرْجِع.
4 الفَرَائص: جمع فريصة،
وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف لاتزال تُرْعَدُ من الدابة.
5 الثّبُور: الهلاك.
6 الغالي: المبالغ، الذي يُجاوز الحد بالافراط.
------------
من كتاب نهج البلاغة