الافتقار الى الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
آلهي وسيدى ومولاي الملائكة والأنبياء والمرسلون
والشهداء والصالحون وكل الخلق لايطلبون سواك ونحن الضعفاء ,
وأنت ربنا , لانلجأ لغيرك , فلا تردنا عن بابك الذي وسع الخلق وقد
شهدوا لك بالربوبية وقد قضيت وقلت : ( أفحسبتم انما خلقناكم
عبثا وأنكم الينا لاترجعون ) بفضلك مؤمنون بالرجعى
اليك فعاملنا بالاحسان اذ الفضل منك واليك
ربما تكون الكلمات أعلاه قد نطقت بافتقار الخلائق كلهم الى الله عز
وجل مهما علت أقدارهم , ويستوي في ذلك الافتقار أهل السموات
وأهل الأرض , فكلهم خلق الله , ويجري عليهم من عطائه غذاء الأرواح
والأجساد , وكما انفرد سبحانه بخلقهم انفرد برزقهم , وشمل رزقه من
آمن به منهم ومن كفر , ومن جحد فضله ومن شكر
ويلجأ العارف بالله الى ربه لجوء المؤمن بربه , المقر بفقره اليه وضعفه
بين يديه في حسن ظن بكرمه الذي يسع السائلين الواقفين ببابه ,
يرجون رحمته وينتظرون احسانه , وهو سبحانه أجود الأجودين , يعطي
بسؤال وغير سؤال ولكن السؤال مظهر من مظاهر افتقار العبد لربه ,
كما هو اقرار بجود الله وكرمه , وبقربه من عبده , يسمع له ويستجيب
وماأرق مايقول سيدي ذو النون المصري رضي الله عنه في دعائه :
: لئن مددت يدي اليك داعيا لطالما كفيتني ساهيا , أأقطع منك رجاى
بما عملت يداي ؟ حسبي من سؤالي علمك بحالي
وهو الذى يقول : أطلب حاجتك بلسان الفقر , ويعرفنا رضي الله عنه
كيف نتحقق بالفقر الى الله تعالى فيقول : من أراد التواضع فليوجه
نفسه الى عظمة الله فانها تذوب وتصفو
ومن نظر الى سلطان الله سبحانه ذهب سلطان نفسه لان النفوس
كلها فقيرة عند هيبته
ويقول سيدى السري السقطي رضي الله عنه : اجعل فقرك اليه
تستغن به عما سواه
ويقول سيدي الحارث المحاسبي رضي الله عنه : صفة العبودية
الا ترى لنفسك ملكا وتعلم انك لاتملك لنفسك ضرا ولا نفعا
كما يقول : اذا أنت لم تسمع نداء الله فكيف تجيب داعي الله ,
ومن استغنى بشىء دون الله جهل قدر الله
ويقول سيدي شقيق البلخي رضي الله عنه : من لم يعرف الله
بالقدرة فانه لايعرفه , قيل وكيف يعرف بالقدرة ؟ فقال يعرف ان
الله قادر اذا كان معه شىء ان يأخذه منه ويعطيه غيره , واذا
لم يكن معه شىء أن يعطيه
ومن أقوالهم هذه نعلم ان الفقر عندهم ليس معناه فقر
الجيوب كما يتبادر الى الذهن , بل معناه الحاجة الى الله
على الدوام في أمرين : في حفظ ما أتاك من فضله , وفي
اعطائك ماتحتاج اليه من أمر الدين أو الدنيا
أما عن حفظ ما آتاك فيضمنه لك شكر نعمته سبحانه فقد
قال تعالى : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) فأكد الحفظ بل وزيادة النعمة
وشكر النعمة عند السادة الصوفية العارفين هو الا تستعملها في
معصية الله فان استعملتها في معصيته تكون قد بدلت نعمة الله كفرا ,
فكفرت النعمة ولم تشكرها
وأما اعطاؤك ماتحتاج اليه من أمر الدين والدنيا فانه تعالى فتح لك باب
كرمه الواسع بقوله سبحانه : ( واذا سألك عبادي عني فاني قريب
أجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
ولما كان الله تعالى قادرا على سلب النعمة فوجب أن يطيعه العبد فيها
ليحفظها عليه ويزيده من فضله
ويستوي في ذلك النعم الظاهرة والنعم الباطنة ( وأسبغ عليكم نعمه
ظاهرة وباطنة )
وينصحنا السادة الصوفية العارفون ان نترك الذنوب الظاهرة شكرا لنعم
الله الظاهرة , وان نترك الذنوب الباطنة شكرا لنعم الله الباطنة
وبذلك الترك تتطهر ظواهرنا وبواطننا فلا نسرق ولا نزنى ولا نغتاب
ولا نقتل النفس التي حرم الله الا بالحق الى غير ذلك من الجرائم
الظاهرة ولا نحقد ولا نحسد ولا نشمت بمصائب الناس الى غير
ذلك من العيوب الباطنة
والنعم الظاهرة هي النعم المحسوسة كالسمع والبصر والرزق ,
والنعم الباطنة هي الخافية كالايمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله
عليه وسلم واليوم الآخر ومايتصل بالعقيدة من خفايا اليقين من
الرضا والصبر والشكر والمحبة
ولايقف أثر الطاعة على حفظ النعم وزيادتها في الدنيا , بل يتعدى
اثر الطاعة والمعصية الى حياتنا الاخروية التى آمنا بها
ولذلك يقول سيدي شقيق البلخي رضى الله عنه : من دار حول
الشهوات فانه يدور بدرجاته فى الجنة ليأكلها , وينقصها فى
الدنيا , كما يقول : جعل الله أهل طاعته أحياء في مماتهم
وأهل المعاصى أمواتا في حياتهم
ونستكمل فيما بعد ان شاء الله
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
آلهي وسيدى ومولاي الملائكة والأنبياء والمرسلون
والشهداء والصالحون وكل الخلق لايطلبون سواك ونحن الضعفاء ,
وأنت ربنا , لانلجأ لغيرك , فلا تردنا عن بابك الذي وسع الخلق وقد
شهدوا لك بالربوبية وقد قضيت وقلت : ( أفحسبتم انما خلقناكم
عبثا وأنكم الينا لاترجعون ) بفضلك مؤمنون بالرجعى
اليك فعاملنا بالاحسان اذ الفضل منك واليك
ربما تكون الكلمات أعلاه قد نطقت بافتقار الخلائق كلهم الى الله عز
وجل مهما علت أقدارهم , ويستوي في ذلك الافتقار أهل السموات
وأهل الأرض , فكلهم خلق الله , ويجري عليهم من عطائه غذاء الأرواح
والأجساد , وكما انفرد سبحانه بخلقهم انفرد برزقهم , وشمل رزقه من
آمن به منهم ومن كفر , ومن جحد فضله ومن شكر
ويلجأ العارف بالله الى ربه لجوء المؤمن بربه , المقر بفقره اليه وضعفه
بين يديه في حسن ظن بكرمه الذي يسع السائلين الواقفين ببابه ,
يرجون رحمته وينتظرون احسانه , وهو سبحانه أجود الأجودين , يعطي
بسؤال وغير سؤال ولكن السؤال مظهر من مظاهر افتقار العبد لربه ,
كما هو اقرار بجود الله وكرمه , وبقربه من عبده , يسمع له ويستجيب
وماأرق مايقول سيدي ذو النون المصري رضي الله عنه في دعائه :
: لئن مددت يدي اليك داعيا لطالما كفيتني ساهيا , أأقطع منك رجاى
بما عملت يداي ؟ حسبي من سؤالي علمك بحالي
وهو الذى يقول : أطلب حاجتك بلسان الفقر , ويعرفنا رضي الله عنه
كيف نتحقق بالفقر الى الله تعالى فيقول : من أراد التواضع فليوجه
نفسه الى عظمة الله فانها تذوب وتصفو
ومن نظر الى سلطان الله سبحانه ذهب سلطان نفسه لان النفوس
كلها فقيرة عند هيبته
ويقول سيدى السري السقطي رضي الله عنه : اجعل فقرك اليه
تستغن به عما سواه
ويقول سيدي الحارث المحاسبي رضي الله عنه : صفة العبودية
الا ترى لنفسك ملكا وتعلم انك لاتملك لنفسك ضرا ولا نفعا
كما يقول : اذا أنت لم تسمع نداء الله فكيف تجيب داعي الله ,
ومن استغنى بشىء دون الله جهل قدر الله
ويقول سيدي شقيق البلخي رضي الله عنه : من لم يعرف الله
بالقدرة فانه لايعرفه , قيل وكيف يعرف بالقدرة ؟ فقال يعرف ان
الله قادر اذا كان معه شىء ان يأخذه منه ويعطيه غيره , واذا
لم يكن معه شىء أن يعطيه
ومن أقوالهم هذه نعلم ان الفقر عندهم ليس معناه فقر
الجيوب كما يتبادر الى الذهن , بل معناه الحاجة الى الله
على الدوام في أمرين : في حفظ ما أتاك من فضله , وفي
اعطائك ماتحتاج اليه من أمر الدين أو الدنيا
أما عن حفظ ما آتاك فيضمنه لك شكر نعمته سبحانه فقد
قال تعالى : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) فأكد الحفظ بل وزيادة النعمة
وشكر النعمة عند السادة الصوفية العارفين هو الا تستعملها في
معصية الله فان استعملتها في معصيته تكون قد بدلت نعمة الله كفرا ,
فكفرت النعمة ولم تشكرها
وأما اعطاؤك ماتحتاج اليه من أمر الدين والدنيا فانه تعالى فتح لك باب
كرمه الواسع بقوله سبحانه : ( واذا سألك عبادي عني فاني قريب
أجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
ولما كان الله تعالى قادرا على سلب النعمة فوجب أن يطيعه العبد فيها
ليحفظها عليه ويزيده من فضله
ويستوي في ذلك النعم الظاهرة والنعم الباطنة ( وأسبغ عليكم نعمه
ظاهرة وباطنة )
وينصحنا السادة الصوفية العارفون ان نترك الذنوب الظاهرة شكرا لنعم
الله الظاهرة , وان نترك الذنوب الباطنة شكرا لنعم الله الباطنة
وبذلك الترك تتطهر ظواهرنا وبواطننا فلا نسرق ولا نزنى ولا نغتاب
ولا نقتل النفس التي حرم الله الا بالحق الى غير ذلك من الجرائم
الظاهرة ولا نحقد ولا نحسد ولا نشمت بمصائب الناس الى غير
ذلك من العيوب الباطنة
والنعم الظاهرة هي النعم المحسوسة كالسمع والبصر والرزق ,
والنعم الباطنة هي الخافية كالايمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله
عليه وسلم واليوم الآخر ومايتصل بالعقيدة من خفايا اليقين من
الرضا والصبر والشكر والمحبة
ولايقف أثر الطاعة على حفظ النعم وزيادتها في الدنيا , بل يتعدى
اثر الطاعة والمعصية الى حياتنا الاخروية التى آمنا بها
ولذلك يقول سيدي شقيق البلخي رضى الله عنه : من دار حول
الشهوات فانه يدور بدرجاته فى الجنة ليأكلها , وينقصها فى
الدنيا , كما يقول : جعل الله أهل طاعته أحياء في مماتهم
وأهل المعاصى أمواتا في حياتهم
ونستكمل فيما بعد ان شاء الله
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم