الحمد لله العزيز الغفَّار أمر عباده بالاستغفار ومداومة الأذكار لتكفير الذنوب والآثام والصلاة والسلام على سيد الأنام خير من ذكر ربه وصلى وصام وطاف بالبيت الحرام وعلى آله وصحبه الكرام والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت»( رواه البخارى ومسلم ) وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من ساعة تمر على ابن آدم لا يذكر الله فيها إلا تحسّر عليها يوم القيامة»(رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان) وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل قال: «أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل» (رواه ابن أبي الدنيا وصححه الألباني) .
قال بعض أهل العلم: (من اشتغل قلبه ولسانه بذكر الله قذف في قلبه نوراً واشتياقاً إلى لقائه عز وجل). وقال الحسن البصري رحمه الله: (أحب العباد إلى الله أكثرهم له ذكراً و اتقاهم له قلباً). وقال أبو الدرداء :رضى الله عنه (الذي لا يزال لسانه رطباً بذكر الله يدخل الجنة وهو يضحك). وقال أبو الدرداء رضى الله عنه : (لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله).
ولاشك أن القلب يصدأ كما يصدأ الحديد ويعود ذلك إلى أمرين هما: (الغفلة والذنوب) وأن جلاء القلب يعود إلى أمرين هما: (الاستغفار وذكر الله عز وجل).
وقد جعل الله عز وجل لكل شيء سبباً وجعل سبب محبته لعباده على من داوم على طاعته وذكره فمن أراد محبة الله فعليه أن يلهج لسانه بذكره فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الذكر للقلب مثل السمك في الماء، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء).
فإن محبة الله عز وجل ودوام ذكره والالتجاء إليه وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل وإفراده في جميع العبادات بحيث يكون وحده المستولي على هموم العبد وإرادته فتكون له الدنيا جنة ونعيماً، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة قيل: وما هي؟ قال: ذكر الله تعالى).
قال مالك بن دينار رحمه الله: (ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل فليس شيء من الأعمال أخف مؤونة وأعظم لذة وأكثر فرحاً وابتهاجاً للقلب من ذكر الله عز وجل).
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب فوائد قيّمة في فضل الذكر والذاكر لله عز وجل فمنها :
1- يرضي الرحمن. 2- يزيل الهم والغم.
3- يجلب الفرح والسرور والسعادة.
4- ينوّر القلب والبدن. 5- ينوّر الوجه.
6- يجلب الرزق. 7- يفتح أبواب المعرفة.
8- يورث مراقبة الله عز وجل.
9- يحط الخطايا ويرفع الدرجات .
10- يزيل الوحشة بينه وبين الله عز وجل.
11- أن من عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة.
12- سبب لنزول السكينة.
13- سبب لانشغال اللسان عن الغيبة وغيرها.
14- مجالس الذكر مجالس للملائكة.
15- الذكر نورٌ للذاكر في الدنيا والآخرة.
16- الذكر رأس الشكر لله سبحانه وتعالى.
17- القلب لا يليِّنه بعد قسوته إلا ذكر الله عز وجل.
18- الذكر يجلب الرزق والنعم ويدفع النقم.
19- يباهي الله عز وجل ملائكته بالذاكرين له.
20- أفضل الأعمال من كان أكثرهم ذكراً.
21- الملائكة تستغفر للذاكر عز وجل.
22- كثرة الذكر أمان من النفاق.
23- ذكر الله في أماكن متعددة يدل على كثرة الشهود يوم القيامة.
24- ذكر الله ينجّي من عذاب الله عز وجل.
25- ذكر الله يظل الذاكر في يوم القيامة.
26- الذكر أيسر العبادة وأسهلها.
27- الذكر غراس للجنة.
28- الذكر فيه حياة القلوب والأرواح.
29- الذكر يؤمن العبد من الحسرة والندامة في يوم القيامة.
30- الذكر يعدل عتق رقاب.
31- الذكر فيه شفاء القلوب والأبدان.
32- الذكر موجب لصلاة الله وملائكته.
33- ذكر الله فيه إعانة لقضاء الأمور.
34- الذكر سد للذاكر بينه وبين جهنم.
35- الذكر حرز من الشيطان.
36- الذكر روضة من رياض الجنة.
37- الذكر سببٌ في انكسار القلب.
38- الذكر جلاء للقلب من آثار الذنوب والمعاصي.
39- الذكر قامت عليه جميع العبادات.
40- ذكر الله فيه الاشتغال عن الكلام بالباطل.
إذاً فإن الطرق المؤدية للجنة سهلة وميسرة، وتحتاج إلى مجاهدة، ويكون فيها فوز وفلاح، ومن طرق الجنة: ذكر الله فهو أسهلها وأصعبها؛ فمن نعم الله عز وجل على هذه الأمة بأن شرع لها الأذكار في كلامٍ قليلٍ ويكون أجرها كثيراً وعظيماً. والأذكار مشروعة في الليل والنهار منها ما هو مقيد ومنها ما هو مطلق وذكر الله ميسرٌ على من يسره الله عليه فهي عبادة لا تحتاج فيها إلى طهارة ولا استقبال قبلة ولا ستر عورة وإنما هي عبادة وأنت قائمٌ وأنت قاعدٌ وأنت مضطجعٌ فكان هديه صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه وأحواله فلنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
وشكرا