العزَّة هي مربط الفرس وحجر الزاوية، والنقطة التي تزلُّ فيها الأقدام، ويسيل لها لعاب الحكام وأولو الأمر وأهل المال والنفوذ فيهلكون فيها،ويضيع فيها أيضاً المحكومون ويرتضون المهانة والمذلة ويرخون الحبال لحكامهم فيحكمونها حول رقابهم! هل فهمنا الأمر من الطرفين! كيف،قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف مخبراً عن الغيوب العليَّة
{ إِنّ لله ثَلاثَةَ أَثْوابٍ؛ اتّزَرَ الْعِزَّةَ، وَتَسَرْبَلَ الرّحْمَة، وَارْتَدَى الْكِبرياء، فَمَنْ تَعَزَّزَ بِغَيْرِ ما أَعَزَّهُ الله فَذلِكَ الّذِي يُقال لَهُ: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْكَريمُ)، وَمَنْ رَحِمَ النّاسَ بِرَحْمَةِ الله فَذلِكَ الّذِي تَسَرْبَلَ بِسِر بالِهِ الّذي يَنْبَغي لَهُ، وَمَنْ نَازَعَ الله رِداءَهُ الّذِي يَنْبَغي لَهُ، فَإِنّ الله يَقولُ: لا يَنْبَغي لِمَنْ نازَعَني أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّة }(1)
فالكبرياء ثوب ليس لأحد إلا لله، والرحمة ثوبٌ يحبُّ الله مِنْ خلقه جميعاً أن يتزينوا بها
أما العزَّة فإن الله تعالى يذلُّ كل من تعزز بغير ما أعزَّه الله به!فبمَ أعزنا الله أعزنا الله به سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبدينه الإسلام، واسمعوا لما جرى بين عمر وأبى عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في موقفٍ من أندر الحوادث في التاريخ
{ لما قدم عمر الشام عرضت لـه مخاضه، فنزل عمر عن بعيره ونزع خفيه، ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة، فقال لـه أبو عبيدة لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلاً عظيماً عند أهل الأرض؛ نزعت خفيك وقدمت راحلتك وخضت المخاضة، قال فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة، فقال أوه لو غيرك يقولـها يا أبا عبيدة، أنتم كنتم أقلَّ الناس، وأذلَّ الناس، فأعزَّكم اللـه بالإسلام فمهما تطلبوا العزَّة بغيره يذلُّكم اللـه تعالى }.(2)
فمن أراد العزَّة وأحبَّ أن يكون عزيزاً فليس إلا سبيلٌ واحدٌ
قال تعالى:(إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) (65يونس) فكلها لله، وهو يهبها لمن اتبع دينه فكان على هداه، فصار متسربلاً بسر بال عزة دين الله، وليس لهواه عليه من سبيل
قال تعالى،( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )(8المنافقون)،ويعلم كل طالب للعزة والرفعة والمنعة، أنها حقٌّ أحقَّه الله بدين الله لجميع أهل الإيمان فمهما أعزَّه الله بالمال أو السلطان فلا يرى نفسه فوق الناس فهم جميعاً يلبسون نفس ثوب عزَّة الإسلام، وليس لأحد أن يكون أعزَّ ولا أكرم من إخوانه المسلمين، مهما ولاه الله تعالى من أمورهم وشئونهم
ويأتي الوجه الآخر للقضية، فلو تعزَّز أحد بغير دين الله، وأراد أن يذيق الناس الذَّل والهوان ويخلع عنهم ثوب عزة دين الله الذي أعزَّهم الله به، فهل يتركونه يخلع عنهم ما كساهم الله، لو تركوه يفعل ذلك بهم لاستحقوا الذَّل والهوان لتفريطهم في حقِّهم لماذا، لأن تحذير رسول الله في الحديث للطرفين
المؤمن دائماً عزيز بالله وبدين الله؛ فإن حَكَمَ عزَّ وتعزَّز بالله وبدينه لا بشيء سواه من السلطة، أو الزخرف والجاه والمال وإن حُكِمَ فهو أيضاً عزيز بالله وبدين الله، ولا يرى لحاكمه عزَّة فوق عزته، فكلهم عزتهم بالله وبدينه وهو أبداً لا يرضى بالذل ولا بالهوان، ولا بالاستكانة ولا بالضعف ولا يسمح لأحد ما كان أن يسلبه ثوب العزة
(1)عن أبي هريرة رضي الله، المستدرك على الصحيحين وابن مردويه والبيهقى
(2)عن طارق بن شهاب: المستدرك على الصحيحين
أن العزة هي رأس مال المسلم أينما ذهب وأينما حل، وإليكم الأمثلة،حكي أن عضد الدولة أراد أن يبعث رسولاً إلى الروم، وعلم أنهم يسألون ويناظرون، فأشاروا عليه أن يرسل القاضي أبا بكر، فبعثه إلى قيصر، فلما وصل وأراد الدخول، علم الحاجب أنه لا يسجد للملك كما تفعل الرسل، فصنعوا له باباً قصيراً ليدخل منه إلى قيصر، ولابد له أن ينحني ليدخل، فلما رأى القاضي الباب عرف ذلك ولم يخش إلا الله وأدار ظهره إلى الباب ودخل راكعاً ظهره إلى الباب وإلى الملك فتعجب قيصر من فطنته ووقع في نفسه هيبته وشجاعته وعزَّته وعزَّة الدين الذي أتى باسمه
والقصة لم تنته لأن القاضي بفطنته فقه أنهم يريدون إذلاله والانتقاص من عزَّة دينه فشحذَّ همته وأحبَّ أن يعطيهم مثلاً آخر (أنَّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) فقد رأى القاضي عنده بعض الرهبان فخاطب الراهب وقال له مستهزئاً كيف أنت وكيف أولادك فقال له قيصر إنك مقدم علماء هذه الملة ولا تعلم أنَّ هؤلاء متنزهون عن الزوجة والولد، فقال القاضي فإنكم لا تنزهون الله عن الأهل والولد وتنزهون هؤلاء فرهبانكم أجلُّ وأعزُّ عندكم من الله تعالى، فأفحموا جميعاً وباءوا بالذل والخزي
فقال بعض حاشية طاغية الروم للقاضي يريد أن يذلَّه بالخوض في موضوع الإفك الذي جرى لعائشة رضي الله عنها، فقال للقاضي، اخبرني عن زوجة نبيِّكم عائشة وما قيل فيها فقال القاضي فوراً، قيل في حق عائشة ما قيل في حق مريم بنت عمران، وعائشة لم تلد، ومريم ولدت وقد برأ الله تعالى كل واحدة منهما، فأفحموا ولم ينطقوا بكلمة(1)
وجَّه عمر رضي الله عنه جيشاً إلى الروم وفيهم صحابي يقال له عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، فأسره الروم، وأتوا به ملكهم، وقالوا له إنه من أصحاب محمد. فقال له هل لك أن تتنصر وأشرِكَك في ملكي وسلطاني فرد عليه لو أعطيتني ما تملك وجميع ملك العرب، على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طَرْفة عين ما فعلت فقال إذاً أقتلك، قال أنت وذاك ،فأَمر به فصُلب، وأمر الرماة أن يرعبوه بالسهام وهو يعرض عليه ويأبى، فأمر به فأنزل، ثم دعا بقدر ضخم فيه ماء يغلى فأحرق يداه في الماء، ثم دعا بأسير من المسلمين فألقي في الماء وهو يعرض عليه النصرانية ويأبى، ثم أمر به أن يُلقى فيها؛ فلما ذُهب به بكى، فأعادوه إلى الملك فعرض عليه النصرانية، فأبى، فقال ما أبكاك إذاً قال أبكاني أنك أمرت أن ألقى في القدر فأموت من ساعتي، وكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نَفْسٌ تموت في الله
فقال له الطاغية هل لك أن تقبّل رأسي وأخلّي عنك قال له عبد الله وعن جميع أساري المسلمين قال، نعم، قال عبد الله فقلت في نفسي لا أبالى أن أقبّل رأس عدوٍ من أعداء الله يطلق سراحي ومعي أساري المسلمين؛ فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسرى،ثمانين أسيراً فقدم بهم على عمر رضي الله عنه؛ فقال عمر:
{ حقٌّ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، فقام عمر فقبّل رأسه }(2)
فانظر إلى عزَّتهم، كيف كانت على الأعداء رفعة لشأن الإسلام، وكيف كانت تلك العزة تذوب بينهم فتصير ماءاً زلالاً لينفعوا بعضهم كما
قال تعالى أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (54المائدة)
وكان خلفاء المسلمين وحكامهم أعزَّة على الكافرين في أوقات الحرب والسلم، وكانت ملوك الروم والفرس لا تستطيع أن تشرى عزَّة حكام المسلمين بهداياهم، ولا تغريهم أو ترهبهم بما لديهم أياً ما كان وأنتم تعرفون جيداً ما للهدايا من تأثير على الحكام وأصحاب الرأي والنفوذ،واسمعوا
قدم بريد ملك الروم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستقرضت زوجة عمر ديناراً، فاشترت به عطراً، وجعلته في قوارير، وبعثت به مع البريد إلى امرأة ملك الروم، فلما تسلمت الهدية، أفرغت القوارير وملأتهن جواهر، وأرسلتها إلى امرأة عمر ثانية، فلما أتاها أفرعتهن على البساط، فدخل عمر t فقال ما هذا فأخبرته، فأخذ عمر الجواهر فباعها، ودفع إلى امرأته ديناراً، وجعل ما بقي من ذلك في بيت المال للمسلمين(3)
فهكذا كانت عزَّتهم وتمسُّكهم بدينهم هكذا كانوا يفعلون بالهدايا التي تهدى لهم وهم فى الإمارة وهكذا علَّموا من وراءهم أن الإمارة ليست مغنماً ولا فرصة حدث ذلك فى وقت عمر ولما اتسع ملك المسلمين، تصرفوا أيضاً بعزَّة الإسلام بما يناسب وقتهم وملكهم، كيف
روى أنه أهدى ملك الروم للخليفة المأمون نفائس لتكون له بها يدٌ عليه، ومنها مئة رطل مسك، ومائة حلة سمور وهى هدايا لا تقدر بثمن وقتها، فقال المأمون أضعفوها له ردُّوا له ضعفها-ليعلم عزَّ الإسلام(4)
وفوق ذلك كانت الحكام والخلفاء يعتزُّون بدينهم وبعلمائهم وبحكمائهم، ولا يسمعون الوشاية فيهم من عدوهم لأنهم يعرفون أنهم يريدون الوقيعة بينهم وبين علمائهم وحكمائهم من أتباعهم فيقتلونهم أو يؤذونهم فيهربوا منهم وينفضوا عنهم وينهى الأمر بأن يذلُّ الحكام بعد أن فقدوا علماءهم وحكماءهم بالحاجة إلي أعدائهم، وبالإستقواء بهم وبعلمهم وبمستشاريهم وهذه للأسف من المصائب التي تعرفونها بوضوح، وقد صار إليها المسلمون اليوم كيف ذلك
حكامنا يستمعون إلى أعدائهم وينتصحون بنصحهم بل يذلُّون أنفسهم بالإستقواء بهم ويبلغون أن يتخلصوا من علمائهم وحكمائهم وأكفائهم فيطردونهم أو سيجنونهم ويعذبونهم فيهربون منهم فصارت بلادنا ذابلة ضعيفة واستقوت بلاد الأعداء بمن هرب إليها من علماء المسلمين وحكمائهم، وقامت حضارة بلاد الأعداء على أكتاف من طردوا من بلاد الإسلام
(1)آثار البلاد وأخبار العباد للخطيب محمد القزوينى وغيرها من المراجع
(2)أخرج البيهقي، وابن عساكر عن أبي رافع، حياة الصحابة لمحمد بن يوسف الكاندهلوى، كذا في كنز العمال وغيره
(3)وأخرجه الدِّينوَري في المجالسة عن مالك بن أوس بن الحَدَثان ، حياة الصحابة لمحمد بن يوسف الكاندهلوى، كذا في منتخب الكنز.
(4)سير أعلام النبلاء للذهبى.
عِزَّةُ الحاكم المسلم في وقت الحرب وأما عزَّتهم في الحروب فحدث ولا حرج عن الرفعة والمنعة، ففي سنة سبع وثمانين ومائة خَلَعَت الرومُ ملكتهم ريني، ونصَّبوا نِقْفور، فكتب إلى الرشيد كتاباً فيه { هذا الكتاب من نقفور ملكُ الروم إِلى هارون ملك العرب أَما بعد فإِن الملكة التي كانت قبلي أَقَامتْكَ مقامَ الرُخّ وأَقامت نفسها مقام البَيْدَق فحملت إِليك مِنْ أَموالِها، وذلك لضعف النساء وحمقهنّ، فإِذا قرأْتَ كتابي هذا فارْدُدْ ما حصل قبلك وافْتَدِ نفسك، وَإِلاّ فالسيفُ بيننا }فلما قرأَ الرشيدُ الكتابَ اشتدّ غضبُه وخاف جلساؤه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب { من هارون أَميرِ المؤمنين إِلى نِقْفُور كلب الروم، قرأْتُ كتابك يا ابن الكافرة. والجوابُ ما تراه دون ما تسْمعه } ثم قاد جيشه مسرعاً حتى نزل مدينة هِرَقْلَة، وأَوطأَ الروم قهراً وقتلاً وذُلّ نِقْفور وطلب الموادعة على خراج يدفعه فأَجابه، فلمّا عاد الرشيد نقض نِقْفور عهده، فعرف الرشيد وكرّ راجعاً في صقيع الشتاءِ حتى دخل قصره وهزمه شرَّ هزيمة(1)
فالكلُّ كان عزيزاً ولا أحد أعزَّ من أحد فلا يترك الناس حكامهم ينقصونهم، ويذلونهم، ولا يرهبونهم لأنهم يرون أنفسهم على قدم المساوة معهم بعزة دين الله! فكانوا ينصحونهم ويراجعونهم ولا يذلون أنفسهم لهم ولا يتملقونهم من كان أشدَّ الحكام في الإسلام كما نعلم ،عمر رضي الله عنه! فاسمعوا إذاً لما تقلد عمر ولاية المسلمين قال لهم رضي الله عنه: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليذكرني، فقام إليه بلال أو سلمان فقال، لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا؛ فقال، الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا رأي فيّ اعوجاجاً قومني بسيفه(2)
وأثناء حكمه بدأ الناس يغالون في المهور، فأراد عمر أن يرحم المسلمين بأن يحدد المهور؛ فراجعته امرأة في المسجد على الملأ أثناء خطبته وحاججته بكتاب الله، فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر
وأوقفته خوله بنت ثعلبة في الطريق أثناء خلافته، وهى عجوز مسنَّة وهو على حمارٍه، والناس حوله يعجبون من صبره إذ أوقفته طويلاً ووعظته قائلة ،يا عمرُ، قد كنت تدعى عُمَيراً، ثم قيل عمر، ثم قيل أمير المؤمنين، فاتَّقِ اللـه يا عمر، وأطالت واشتدت عليه فسمع كلامها وأنصت ولم تململ حتى انتهت(3)
وسأل رجلٌ عليًّا رضي الله عنه فأجابه، فردَّ الرجل ليس كذلك يا أمير المؤمنين ولكن كذا؛ فقال علىٌ{ أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم }(4)وكان الناس لا يتنازلون عن كرامتهم وعزَّتهم التي أعزَّهم الله بها لأحد ولا حتى الحاكم إن إنتقصهم أو قلل من شأنهم، وخذوا أمثلة{ روى أن عمر رضي الله عنه قال لطليحة ألأسدي قتلت عكاشة فقلبي لا يحبُّك أبداً، قال فما عشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون على البغضاء(4)
أي لا يمنعك ما تعرفه عنى من أن تلقاني بالعشرة الجميلة فلا داع إذاً لقولك أنك تبغضني لأن الناس يتعاشرون بالحسن وفى القلوب ما فيها{ وقال الوليد وهو الخليفة لرجل إني أبغضك، فردَّ الرجل إنما تجزع النساء من فقد المحبة، ولكن عدل وإنصاف يا أمير المؤمنين }(5)،أي أنت وشأنك، لأنه لا يهتم لما تقول إلا النساء، وأنا أذكرك بالعدل والإنصاف، فهما حقي عليك مهما تكرهني
هل رأيتم كيف كان اعتزاز الناس العاديين بكرامتهم وبعزتهم، ولا يتنازلون عنها لحكامهم الأشداء ولا أمرائهم الأقوياء بل بلغ من فقه الحكام لتساويهم في العزَّة والمقام الإنساني مع المحكومين أن عليًّا وهو أمير للمؤمنين غضب من القاضي شريح لمَّا كنَّاه بأبي الحسن ولم يفعل بخصمه وهما في جلسة القضاء فالكل يلزم حدوده ولا يتعداها إلى حدود الغير وحقوقه، والكل يعلم يقيناً أنهم متساوون بعزة الإسلام، لا سواه
وقال ابن أبي الحواري لأبي سليمان إن فلاناً لا يقع من قلبي فقال ولا من قلبي، ولكنا لعلنا أتينا من قبل أنه ليس فينا خير فلسنا نحب الصالحين، أي أنه عاد باللائمة على نفسه ولم يسمع لحديث النفس أو الإشاعات في فلان هذا، بل جبر غيبته، وفضَّل حسن الظنِّ فيه على سوء الظن(6) وهكذا كانت البطانة التي تعين على الخير وتحذِّر من الشَّرِّ
الموضوع الأصلي : العزة بالله هي الحل المصدر : شبكة دزاير سات الكاتب:Dzair-Sat
{ إِنّ لله ثَلاثَةَ أَثْوابٍ؛ اتّزَرَ الْعِزَّةَ، وَتَسَرْبَلَ الرّحْمَة، وَارْتَدَى الْكِبرياء، فَمَنْ تَعَزَّزَ بِغَيْرِ ما أَعَزَّهُ الله فَذلِكَ الّذِي يُقال لَهُ: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْكَريمُ)، وَمَنْ رَحِمَ النّاسَ بِرَحْمَةِ الله فَذلِكَ الّذِي تَسَرْبَلَ بِسِر بالِهِ الّذي يَنْبَغي لَهُ، وَمَنْ نَازَعَ الله رِداءَهُ الّذِي يَنْبَغي لَهُ، فَإِنّ الله يَقولُ: لا يَنْبَغي لِمَنْ نازَعَني أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّة }(1)
فالكبرياء ثوب ليس لأحد إلا لله، والرحمة ثوبٌ يحبُّ الله مِنْ خلقه جميعاً أن يتزينوا بها
أما العزَّة فإن الله تعالى يذلُّ كل من تعزز بغير ما أعزَّه الله به!فبمَ أعزنا الله أعزنا الله به سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبدينه الإسلام، واسمعوا لما جرى بين عمر وأبى عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في موقفٍ من أندر الحوادث في التاريخ
{ لما قدم عمر الشام عرضت لـه مخاضه، فنزل عمر عن بعيره ونزع خفيه، ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة، فقال لـه أبو عبيدة لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلاً عظيماً عند أهل الأرض؛ نزعت خفيك وقدمت راحلتك وخضت المخاضة، قال فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة، فقال أوه لو غيرك يقولـها يا أبا عبيدة، أنتم كنتم أقلَّ الناس، وأذلَّ الناس، فأعزَّكم اللـه بالإسلام فمهما تطلبوا العزَّة بغيره يذلُّكم اللـه تعالى }.(2)
فمن أراد العزَّة وأحبَّ أن يكون عزيزاً فليس إلا سبيلٌ واحدٌ
قال تعالى:(إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) (65يونس) فكلها لله، وهو يهبها لمن اتبع دينه فكان على هداه، فصار متسربلاً بسر بال عزة دين الله، وليس لهواه عليه من سبيل
قال تعالى،( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )(8المنافقون)،ويعلم كل طالب للعزة والرفعة والمنعة، أنها حقٌّ أحقَّه الله بدين الله لجميع أهل الإيمان فمهما أعزَّه الله بالمال أو السلطان فلا يرى نفسه فوق الناس فهم جميعاً يلبسون نفس ثوب عزَّة الإسلام، وليس لأحد أن يكون أعزَّ ولا أكرم من إخوانه المسلمين، مهما ولاه الله تعالى من أمورهم وشئونهم
ويأتي الوجه الآخر للقضية، فلو تعزَّز أحد بغير دين الله، وأراد أن يذيق الناس الذَّل والهوان ويخلع عنهم ثوب عزة دين الله الذي أعزَّهم الله به، فهل يتركونه يخلع عنهم ما كساهم الله، لو تركوه يفعل ذلك بهم لاستحقوا الذَّل والهوان لتفريطهم في حقِّهم لماذا، لأن تحذير رسول الله في الحديث للطرفين
المؤمن دائماً عزيز بالله وبدين الله؛ فإن حَكَمَ عزَّ وتعزَّز بالله وبدينه لا بشيء سواه من السلطة، أو الزخرف والجاه والمال وإن حُكِمَ فهو أيضاً عزيز بالله وبدين الله، ولا يرى لحاكمه عزَّة فوق عزته، فكلهم عزتهم بالله وبدينه وهو أبداً لا يرضى بالذل ولا بالهوان، ولا بالاستكانة ولا بالضعف ولا يسمح لأحد ما كان أن يسلبه ثوب العزة
(1)عن أبي هريرة رضي الله، المستدرك على الصحيحين وابن مردويه والبيهقى
(2)عن طارق بن شهاب: المستدرك على الصحيحين
أن العزة هي رأس مال المسلم أينما ذهب وأينما حل، وإليكم الأمثلة،حكي أن عضد الدولة أراد أن يبعث رسولاً إلى الروم، وعلم أنهم يسألون ويناظرون، فأشاروا عليه أن يرسل القاضي أبا بكر، فبعثه إلى قيصر، فلما وصل وأراد الدخول، علم الحاجب أنه لا يسجد للملك كما تفعل الرسل، فصنعوا له باباً قصيراً ليدخل منه إلى قيصر، ولابد له أن ينحني ليدخل، فلما رأى القاضي الباب عرف ذلك ولم يخش إلا الله وأدار ظهره إلى الباب ودخل راكعاً ظهره إلى الباب وإلى الملك فتعجب قيصر من فطنته ووقع في نفسه هيبته وشجاعته وعزَّته وعزَّة الدين الذي أتى باسمه
والقصة لم تنته لأن القاضي بفطنته فقه أنهم يريدون إذلاله والانتقاص من عزَّة دينه فشحذَّ همته وأحبَّ أن يعطيهم مثلاً آخر (أنَّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) فقد رأى القاضي عنده بعض الرهبان فخاطب الراهب وقال له مستهزئاً كيف أنت وكيف أولادك فقال له قيصر إنك مقدم علماء هذه الملة ولا تعلم أنَّ هؤلاء متنزهون عن الزوجة والولد، فقال القاضي فإنكم لا تنزهون الله عن الأهل والولد وتنزهون هؤلاء فرهبانكم أجلُّ وأعزُّ عندكم من الله تعالى، فأفحموا جميعاً وباءوا بالذل والخزي
فقال بعض حاشية طاغية الروم للقاضي يريد أن يذلَّه بالخوض في موضوع الإفك الذي جرى لعائشة رضي الله عنها، فقال للقاضي، اخبرني عن زوجة نبيِّكم عائشة وما قيل فيها فقال القاضي فوراً، قيل في حق عائشة ما قيل في حق مريم بنت عمران، وعائشة لم تلد، ومريم ولدت وقد برأ الله تعالى كل واحدة منهما، فأفحموا ولم ينطقوا بكلمة(1)
وجَّه عمر رضي الله عنه جيشاً إلى الروم وفيهم صحابي يقال له عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، فأسره الروم، وأتوا به ملكهم، وقالوا له إنه من أصحاب محمد. فقال له هل لك أن تتنصر وأشرِكَك في ملكي وسلطاني فرد عليه لو أعطيتني ما تملك وجميع ملك العرب، على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طَرْفة عين ما فعلت فقال إذاً أقتلك، قال أنت وذاك ،فأَمر به فصُلب، وأمر الرماة أن يرعبوه بالسهام وهو يعرض عليه ويأبى، فأمر به فأنزل، ثم دعا بقدر ضخم فيه ماء يغلى فأحرق يداه في الماء، ثم دعا بأسير من المسلمين فألقي في الماء وهو يعرض عليه النصرانية ويأبى، ثم أمر به أن يُلقى فيها؛ فلما ذُهب به بكى، فأعادوه إلى الملك فعرض عليه النصرانية، فأبى، فقال ما أبكاك إذاً قال أبكاني أنك أمرت أن ألقى في القدر فأموت من ساعتي، وكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نَفْسٌ تموت في الله
فقال له الطاغية هل لك أن تقبّل رأسي وأخلّي عنك قال له عبد الله وعن جميع أساري المسلمين قال، نعم، قال عبد الله فقلت في نفسي لا أبالى أن أقبّل رأس عدوٍ من أعداء الله يطلق سراحي ومعي أساري المسلمين؛ فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسرى،ثمانين أسيراً فقدم بهم على عمر رضي الله عنه؛ فقال عمر:
{ حقٌّ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، فقام عمر فقبّل رأسه }(2)
فانظر إلى عزَّتهم، كيف كانت على الأعداء رفعة لشأن الإسلام، وكيف كانت تلك العزة تذوب بينهم فتصير ماءاً زلالاً لينفعوا بعضهم كما
قال تعالى أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (54المائدة)
وكان خلفاء المسلمين وحكامهم أعزَّة على الكافرين في أوقات الحرب والسلم، وكانت ملوك الروم والفرس لا تستطيع أن تشرى عزَّة حكام المسلمين بهداياهم، ولا تغريهم أو ترهبهم بما لديهم أياً ما كان وأنتم تعرفون جيداً ما للهدايا من تأثير على الحكام وأصحاب الرأي والنفوذ،واسمعوا
قدم بريد ملك الروم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستقرضت زوجة عمر ديناراً، فاشترت به عطراً، وجعلته في قوارير، وبعثت به مع البريد إلى امرأة ملك الروم، فلما تسلمت الهدية، أفرغت القوارير وملأتهن جواهر، وأرسلتها إلى امرأة عمر ثانية، فلما أتاها أفرعتهن على البساط، فدخل عمر t فقال ما هذا فأخبرته، فأخذ عمر الجواهر فباعها، ودفع إلى امرأته ديناراً، وجعل ما بقي من ذلك في بيت المال للمسلمين(3)
فهكذا كانت عزَّتهم وتمسُّكهم بدينهم هكذا كانوا يفعلون بالهدايا التي تهدى لهم وهم فى الإمارة وهكذا علَّموا من وراءهم أن الإمارة ليست مغنماً ولا فرصة حدث ذلك فى وقت عمر ولما اتسع ملك المسلمين، تصرفوا أيضاً بعزَّة الإسلام بما يناسب وقتهم وملكهم، كيف
روى أنه أهدى ملك الروم للخليفة المأمون نفائس لتكون له بها يدٌ عليه، ومنها مئة رطل مسك، ومائة حلة سمور وهى هدايا لا تقدر بثمن وقتها، فقال المأمون أضعفوها له ردُّوا له ضعفها-ليعلم عزَّ الإسلام(4)
وفوق ذلك كانت الحكام والخلفاء يعتزُّون بدينهم وبعلمائهم وبحكمائهم، ولا يسمعون الوشاية فيهم من عدوهم لأنهم يعرفون أنهم يريدون الوقيعة بينهم وبين علمائهم وحكمائهم من أتباعهم فيقتلونهم أو يؤذونهم فيهربوا منهم وينفضوا عنهم وينهى الأمر بأن يذلُّ الحكام بعد أن فقدوا علماءهم وحكماءهم بالحاجة إلي أعدائهم، وبالإستقواء بهم وبعلمهم وبمستشاريهم وهذه للأسف من المصائب التي تعرفونها بوضوح، وقد صار إليها المسلمون اليوم كيف ذلك
حكامنا يستمعون إلى أعدائهم وينتصحون بنصحهم بل يذلُّون أنفسهم بالإستقواء بهم ويبلغون أن يتخلصوا من علمائهم وحكمائهم وأكفائهم فيطردونهم أو سيجنونهم ويعذبونهم فيهربون منهم فصارت بلادنا ذابلة ضعيفة واستقوت بلاد الأعداء بمن هرب إليها من علماء المسلمين وحكمائهم، وقامت حضارة بلاد الأعداء على أكتاف من طردوا من بلاد الإسلام
(1)آثار البلاد وأخبار العباد للخطيب محمد القزوينى وغيرها من المراجع
(2)أخرج البيهقي، وابن عساكر عن أبي رافع، حياة الصحابة لمحمد بن يوسف الكاندهلوى، كذا في كنز العمال وغيره
(3)وأخرجه الدِّينوَري في المجالسة عن مالك بن أوس بن الحَدَثان ، حياة الصحابة لمحمد بن يوسف الكاندهلوى، كذا في منتخب الكنز.
(4)سير أعلام النبلاء للذهبى.
عِزَّةُ الحاكم المسلم في وقت الحرب وأما عزَّتهم في الحروب فحدث ولا حرج عن الرفعة والمنعة، ففي سنة سبع وثمانين ومائة خَلَعَت الرومُ ملكتهم ريني، ونصَّبوا نِقْفور، فكتب إلى الرشيد كتاباً فيه { هذا الكتاب من نقفور ملكُ الروم إِلى هارون ملك العرب أَما بعد فإِن الملكة التي كانت قبلي أَقَامتْكَ مقامَ الرُخّ وأَقامت نفسها مقام البَيْدَق فحملت إِليك مِنْ أَموالِها، وذلك لضعف النساء وحمقهنّ، فإِذا قرأْتَ كتابي هذا فارْدُدْ ما حصل قبلك وافْتَدِ نفسك، وَإِلاّ فالسيفُ بيننا }فلما قرأَ الرشيدُ الكتابَ اشتدّ غضبُه وخاف جلساؤه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب { من هارون أَميرِ المؤمنين إِلى نِقْفُور كلب الروم، قرأْتُ كتابك يا ابن الكافرة. والجوابُ ما تراه دون ما تسْمعه } ثم قاد جيشه مسرعاً حتى نزل مدينة هِرَقْلَة، وأَوطأَ الروم قهراً وقتلاً وذُلّ نِقْفور وطلب الموادعة على خراج يدفعه فأَجابه، فلمّا عاد الرشيد نقض نِقْفور عهده، فعرف الرشيد وكرّ راجعاً في صقيع الشتاءِ حتى دخل قصره وهزمه شرَّ هزيمة(1)
فالكلُّ كان عزيزاً ولا أحد أعزَّ من أحد فلا يترك الناس حكامهم ينقصونهم، ويذلونهم، ولا يرهبونهم لأنهم يرون أنفسهم على قدم المساوة معهم بعزة دين الله! فكانوا ينصحونهم ويراجعونهم ولا يذلون أنفسهم لهم ولا يتملقونهم من كان أشدَّ الحكام في الإسلام كما نعلم ،عمر رضي الله عنه! فاسمعوا إذاً لما تقلد عمر ولاية المسلمين قال لهم رضي الله عنه: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليذكرني، فقام إليه بلال أو سلمان فقال، لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا؛ فقال، الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا رأي فيّ اعوجاجاً قومني بسيفه(2)
وأثناء حكمه بدأ الناس يغالون في المهور، فأراد عمر أن يرحم المسلمين بأن يحدد المهور؛ فراجعته امرأة في المسجد على الملأ أثناء خطبته وحاججته بكتاب الله، فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر
وأوقفته خوله بنت ثعلبة في الطريق أثناء خلافته، وهى عجوز مسنَّة وهو على حمارٍه، والناس حوله يعجبون من صبره إذ أوقفته طويلاً ووعظته قائلة ،يا عمرُ، قد كنت تدعى عُمَيراً، ثم قيل عمر، ثم قيل أمير المؤمنين، فاتَّقِ اللـه يا عمر، وأطالت واشتدت عليه فسمع كلامها وأنصت ولم تململ حتى انتهت(3)
وسأل رجلٌ عليًّا رضي الله عنه فأجابه، فردَّ الرجل ليس كذلك يا أمير المؤمنين ولكن كذا؛ فقال علىٌ{ أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم }(4)وكان الناس لا يتنازلون عن كرامتهم وعزَّتهم التي أعزَّهم الله بها لأحد ولا حتى الحاكم إن إنتقصهم أو قلل من شأنهم، وخذوا أمثلة{ روى أن عمر رضي الله عنه قال لطليحة ألأسدي قتلت عكاشة فقلبي لا يحبُّك أبداً، قال فما عشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون على البغضاء(4)
أي لا يمنعك ما تعرفه عنى من أن تلقاني بالعشرة الجميلة فلا داع إذاً لقولك أنك تبغضني لأن الناس يتعاشرون بالحسن وفى القلوب ما فيها{ وقال الوليد وهو الخليفة لرجل إني أبغضك، فردَّ الرجل إنما تجزع النساء من فقد المحبة، ولكن عدل وإنصاف يا أمير المؤمنين }(5)،أي أنت وشأنك، لأنه لا يهتم لما تقول إلا النساء، وأنا أذكرك بالعدل والإنصاف، فهما حقي عليك مهما تكرهني
هل رأيتم كيف كان اعتزاز الناس العاديين بكرامتهم وبعزتهم، ولا يتنازلون عنها لحكامهم الأشداء ولا أمرائهم الأقوياء بل بلغ من فقه الحكام لتساويهم في العزَّة والمقام الإنساني مع المحكومين أن عليًّا وهو أمير للمؤمنين غضب من القاضي شريح لمَّا كنَّاه بأبي الحسن ولم يفعل بخصمه وهما في جلسة القضاء فالكل يلزم حدوده ولا يتعداها إلى حدود الغير وحقوقه، والكل يعلم يقيناً أنهم متساوون بعزة الإسلام، لا سواه
وقال ابن أبي الحواري لأبي سليمان إن فلاناً لا يقع من قلبي فقال ولا من قلبي، ولكنا لعلنا أتينا من قبل أنه ليس فينا خير فلسنا نحب الصالحين، أي أنه عاد باللائمة على نفسه ولم يسمع لحديث النفس أو الإشاعات في فلان هذا، بل جبر غيبته، وفضَّل حسن الظنِّ فيه على سوء الظن(6) وهكذا كانت البطانة التي تعين على الخير وتحذِّر من الشَّرِّ
الموضوع الأصلي : العزة بالله هي الحل المصدر : شبكة دزاير سات الكاتب:Dzair-Sat