ان الله يغفر الذنوب جميعا
الكثير من الناس يتساءلون مستغربين ، عن بعض الذين أسرفوا على أنفسهم في الملذات ، وقضوا أعمارهم في ارتكاب المعاصي والمحرمات ، ولم يعملوا شيئا من الحسنات ، أنى يغفر الله لهم ؟ .
نقول لهؤلاء جميعا ، رويدكم أيها الأخوة الكرام ، واستمعوا إلى هذا النداء الرباني "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
واستمعوا إلى نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يحدثنا عن أحد محترفي القتل من المجرمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟! فقال: لا ، فقتله فكمل مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟! فقال: نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلي أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله - تعالي- فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلي أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلي الله تعالي، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم- أي حكما - فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلي أيتها كان أدني فهو له، فقاسوا فوجدوه أدني إلي الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة " متفق عليه .
نعم أيها الأخوة الكرام ، من يحول بين هؤلاء وبين التوبة ، ومن يحجب رحمة الله عن عباده .. "إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" .
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم .
بل نزيد هؤلاء الأخوة المقبلين على ربهم ببشرى أعظم من تلكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة يؤتى برجل فيقول : نحّوا عنه كبار ذنوبه ، وسلوه عن صغارها ، قال : فيقال له : عملت يوم كذا ، كذا وكذا ، وعملت يوم كذا ، كذا وكذا ، فيقول: نعم ، لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا ، فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة ، فيقول : يا رب عملت أشياء لا أراها ها هنا. قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى بدت نواجذه " . رواه مسلم .