قال فضيلة المفتي السابق للديار المصرية جاد الحق علي جاد الحق: إن من الأعذار المبيحة للفطر بالنسبة للنساء الحمل والإرضاع؛ ففي فقه المذهب الحنفي أنه إذا خافت الحامل أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر، سواء كان الخوف على نفس المرضع والحامل وعلى الولد والحمل جميعًا، أو كان الخوف على نفس كل منهم فقط. ويجب على الحامل والمرضع القضاء عند القدرة بدون فدية وبغير تتابع الصوم في القضاء، ولا فرق في المرضع من أن تكون أمًّا أو مستأجرًا للإرضاع، وكذلك لا فرق بين أن تتعين للإرضاع أم لا؛ لأن الأم واجب عليها الإرضاع ديانة، والمستأجر واجب عليها الإرضاع بحكم العقد.
وفي الفقه المالكي أن الحامل والمرضع سواء كانت هذه الأخيرة أمًّا أو مستأجرًا إذا خافتا بالصوم مرضًا أو زيادته، سواء كان الخوف على نفس كل منها أو على الولد أو الحمل، يجوز لهما الإفطار وعليهما القضاء، ولا فدية على الحامل بخلاف المرضع فعليها الفدية، أما إذا خافتا الهلاك أو وقوع ضرر شديد لأنفسهما أو الولد فيجب عليهما الفطر، وإنما يباح الفطر للمرضع إذا تعينت للإرضاع.
وقد أجاز فقهاء الحنابلة للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما والولد والحمل جميعًا، أو خافتا على أنفسهما فقط، وعليهما في هاتين الحالتين القضاء فقط، أما إذا كان الخوف من الصوم على الولد فقط فلهما الفطر وعليهما القضاء والفدية. وأوجب فقهاء الشافعية على الحامل والمرضع الفطر في رمضان إذا خافتا بالصوم ضررًا لا يحتمل في أنفسهما والولد جميعًا أو على أنفسهما، وعليهما القضاء فقط في الحالتين الأوليين، أما في حالة الخوف على الولد فقط فعليهما القضاء والفدية.
وبعد، فإن الله قد يسَّر للمسلمين عبادته فقال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [size=14][التغابن: 16]، وإن الله سائل كل مسلم عن أمانة العبادة وغيرها من الأمانات، حفظ أم ضيَّع، وهو العليم بالسرائر المحاسِب عليها، فليتقِ الله كل مسلم وليؤدِّ ما فرض الله عليه، ولا يتخلق أعذارًا ليست قائمة بذات نفسه؛ توصلاً للتحلُّل من تأدية العبادة، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ويوفِّق للخير والحق[1].[/size]