لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


فقد أسعدني هذا السؤال الذي يدل على همة عالية ورغبة في طاعة الكبير المتعال، ومرحباً بك في موقعك وبين آباء وإخوان يتمنون لك التوفيق في كل مجال، ونسأل الله أن يصلح لنا دنيانا، وأن يسعدنا بحبه في المآل.
لقد سألت يا بني عن أمر عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، فارفع أكف الضراعة وردد: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن قال له: إني لأحبك، ثم أمره أن يردد هذا الدعاء دبر كل صلاة.
ولا يخفى على أمثالك أن أفضل ما تقرب العباد به إلى الله هو أداء الفرائض التي فرضها، ثم الاهتمام بالأعمال بحسب درجاتها في الشرع، فإن الشيطان إذا عجز عن صد الإنسان عن الخير شغله بالمفضول من الأعمال على حساب الفاضل، والفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد.
واعلم أن درجة الأعمال ترتفع بحسب إخلاص وصدق العاملين، فعمر قلبك بالإخلاص، ودرب نفسك على الصدق، واعلم أن العبادة تفضل غيرها عند حضور وقتها، فإذا أذن المؤذن للصلاة فليس هناك أفضل من إجابة النداء، وإذا دعى داعي الجهاد فليس هناك أفضل من الجلاد، وإذا دخل رمضان فليس هناك أفضل من إتقان هذه العبادة وصيانتها عن اللغو والرفث.


وتذكر أن الله ربط في كتابه بين عبادته وطاعة الوالدين، فاجتهد في برهما أحياء وأمواتاً، واعلم أن لا إله إلا الله هي أفضل ما قاله رسولنا والنبيون، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة رضي الله عنها –وقد تركها تسبح الله– ثم رجع بعد أن ارتفع النهار: (لقد قلت بعدك أربع كلمات تعدل ما قلتيه منذ الصباح، لقد قلت: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته).


وعليك بتلاوة القرآن، فإن الحرف بعشر حسنات، واعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة.


واجتهد في أن يكون عملك احتساباً وقولك احتساباً وصيامك احتساباً، فإن العمل بلا نية جهد بلا إنتاج، وتعب بلا ثمر، واجتنب المعاصي فإن ترك الذنوب أولى من معالجة التوبة، وابحث عن ثمرة الصيام التي هي تقوى الله على الدوام، ومراقبة من لا يغفل ولا ينام، ورطب لسانك بذكره فإن الله يقول: (( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ))[العنكبوت:45].
ونسأل الله أن يوفقك للخير، وبالله التوفيق.