في مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 658هـ ، انتصر المسلمون بقيادة المجاهد المؤمن سيف الدين قطز في المعركة الخالدة عين جالوت ، حيث قهرت الجيوش المصرية التتار الذين قتلوا ملايين البشر من المسلمين وغيرهم ، وقضوا على الخليفة ودولة الخلافة وعاصمتها بغداد في عام 656هـ .

فبعدما سحق التتار كل الإمارات الإسلامية من الصين في أقصى الشرق مروراً بوسط آسيا وإيران والعراق والشام ، فلم يتبقَّ لهم في حصادهم البشري إلا مصر ، التي لو سقطت حينها لأمكن للتتار أن يرتعوا في القارة الأوربية ، فضلاً عن إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي ، لا يردهم في ذلك رادٌّ .

وبكل صلف وغرور ، وبعدما احتل التتار بمعاونة الصليبيين وبعض الخونة ممَن ينتسبون للإسلام اسماً - بلادَ الشام ، أرسلوا رسالة فيها من التهديد والوعيد إلى سلطان مصر قطز ، يخبروه فيها بضرورة تسليم مصر بكل هدوء حتى لا تكون كمثيلاتها من البلدان الأخرى ، ولكن المجاهد المؤمن لا يغتر بمثل هذه التُّرَّهات ، ومن ثَمَّ أمر بقطع رءوس الرسل المغول وتعليقها في أبواب القاهرة ؛ لطمأنة عموم الناس ، وبثّ الأمل والثقة فيهم .

وعلى الفور أمر قطز بجمع الجيوش بمعونة من كبار العلماء كالعالم المجاهد عز الدين بن عبد السلام رحمه الله ، فسارت القوات الإسلامية صوب الشام لملاقاة التتار ، ولم تنتظر مصيرها في بلدها كالبلاد الأخرى ، "وبلغ ذلك كتبغا نائب هولاكو على الشام ، فجمع مَن بالشام مِن التتر ، وسار إلى قتال المسلمين ومعه صاحب الصبيبة السعيد بن العزيز بن العادل بن أيوب ، والتقوا في الغور يوم الجمعة 25 رمضان عام 658هـ ، فانهزمت التتر هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين ، وقُتل مقدمهم كتبغا وتم أسر ابنه ، وتعلق من سلم منهم برءوس الجبال وتبعهم المسلمون فأفنوهم ، وهرب من سلم إلى الشرق .



وجرد قطز بيبرس البندقداري في أثرهم ، فتبعهم إلى أطراف البلاد .

وكان أيضاً في صحبة التتر الأشرف موسى صاحب حمص ففارقهم وأمّنه قطز ، وأقرّه على حمص ومضافاتها .

وأما صاحب الصبيبة فأُحضر أسيراً بين يدي قطز ، فضربت عنقه لما اعتمد من السفك والفسق ، وأحسن قطز إلى المنصور صاحب حماة ، وزاده على حماة وبارين المعرَّةَ ، وكانت بيد الحلبيين من سنة 635هـ ، وأخذ سَلَمِيَّة منه وأعطاها أمير العرب .

وأتم المظفر قطز السير بالعساكر وصحبته المنصور صاحب حماة إلى دمشق ، وتضاعف شكر العالم لله تعالى على هذا النصر العظيم من بعد اليأس من النصرة على التتر ؛ لاستيلائهم على معظم بلاد الإسلام ، ولأنهم ما قصدوا إقليماً إلاَّ فتحوه ، ولا عسكر إلا هزموه ، ويوم دخوله دمشق شنق جماعة من المنتسبين إلى التتر ، منهم حسين الطبردار .