وأجابَ الأول عنهُ : بأنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: كان يصومُ يوم الخميس ، فوصلَ الجمعةَ بهِ. واختُلفَ ، في الحكمةِ ، التي كره الصوم لأجلها ، والصحيح : كما قالَ النووي : انهُ كرهَ : لأنهُ يومٌ شُرعَ ، فيهِ عبادات كثيرة ، منْ الذكرِ ، والدُّعاءِ ، والقراءةِ ، والصلاتِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فاستُحبَ فِطره ، ليكون أعون على أداءِ ، هذهِ الوظائفِ بنشاطٍ ، منْ غيرِ مللٍ ، ولا سآمةٍ ، وهو نظير الحاج بعرفاتٍ ، فإنَّ الأوْلَى لهُ الفطر: لهذهِ الحكمةِ . قالَ : فإنْ قيلَ : لو كانَ كذلكَ ، لم تزلْ هذهِ الكراهة بصومٍ قبله ، أو بعده ، لبقاءِ المعنى المذكور ؟؟؟ . فالجواب : أنهُ ، يحصل لهُ بفضيلةِ الصومِ ، الذي قبله أو بعده ، ما يَجبر بهِ ، ما قد يحصل منْ فتورٍ ، أو تقصيرٍ ، في وظائفِ يوم الجُمعةِ ـ بسببِ صومه. وقيلَ : الحكمة : خوف المبالغة ، في تعظيمهِ ، بحيث يُفتَتَنُ بهِ ، كما أفتتنَ قومٌ بالسبتِ. قالَ : وهذا باطلٌ مُنتقضٌ بصلاةِ الجُمعةِ ، وسائرِ ما شُرعَ فيهِ ، من أنواعِ الشعائرِ، والتعظيمِ ، مِمَّا ليسَ في غيرهِ . وقيلَ : الحكمة : خوف اعتقاد وجوبه ؟؟ . قالَ : وهذا مُنتقضٌ بغيرهِ ، منْ الأيامِ ، التي نُدِب صومها ، هذا ما ذكرهُ النوويُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وحكى غيره قولاً آخر : أنَّ علتهُ كونهُ عيداً ، والعيد : لا يُصام ، واختارهُ ابن حجرٍ ، وأيدهُ ، بحديثِ ِ ، عنْ أبي هريرة مرفوعا ً: {{ يومُ الجُمعةِ عيدٌ ، فلا تجعلوا يوم عيدكم ـ يوم صيامكم ـ إلا أنْ تصوموا قبلهُ أو بعدهُ }}5*. وأخرجَ أبنُ أبي شيبة : عنْ عليٍّ بن أبي طالب كرَّمَ اللهُ وجههُ ، قالَ : {{ مَنْ كانَ منكم مُتطوعاً ، مِنْ الشَّهرِ أياماً ، فليكنْ صومهُ : يوم الخميس ، ولا يصم يوم الجُمعةِ : فإنهُ يومُ طعامٍ وشرابٍ وذكرٍ ، فيجمع الله يومين صالحين : يوم صيامه ويوم نسكه مع المسلمينَ}}. وقالَ آخرونَ : بل الحكمة : مخالفة اليهود ، فإنهم يصومونَ يوم عيدهم ، أي يُفردونهُ بالصومِ ، فنهى عنْ التشبهِ بهم ، كما خوُلفوا ، في يومِ عاشوراء ، بصيامِ يومٍ قبله أو بعده ، وهذا القول ؛ هو المختارُ عندي ، لأنه لا ينتقضُ بشيءٍ. الثالثة :أنهُ يُكرهُ تخصيص ليلتهِ بالقيامِ . للحديثِ السَّابقِ ، لكنْ أخرجَ الخطيبُ ، في الرواةِ : عنْ مالكٍ بن أنسٍ ، منْ طريقِ : إسماعيل بن أبي أويس : عنْ زوجتهِ : بنت مالك بن أنس : {{ أنَّ أباها كانَ ، يُحيي ليلة الجمعةِ}}. ــــــــــ 5* [( الحاكم عن أبى هريرة ) أخرجه الحاكم (1/603 ، رقم 1595) وقال : صحيح الإسناد ، ورواه أحمد في مسنده : تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ]. الرابعة : قراءة : الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ... : ( سورة السَّجدة ) ، هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ ... : ( سورة ألإنسان ) ، في صَبيحتهِ ، ( أي صباح يوم الجمعة ). أخرجَ الشَّيخانِ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ ، قَالَ : {{ كَانَ النَّبِيُّصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ ، فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ ، آلَم تَنْزيلُ ، السَّجْدَةَ ، وَ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}}. وفي الباب : عنْ ابنِ عباسٍ ، وابنِ مسعودٍ ، وعليٍّ ، وغيرهم ، ولفظ ابن مسعود عند الطبراني : {{ يُدِيمُ ذلكَ }}. قيلَ : والحكمة ، في قراءتهما ََ!!! الإشارة إلى ما فيهما ، من ذكرِ خَلْقِ آدم ، وأحوال يوم القيامة ، لأنَّ ذلكَ ، كانَ يقعُ يوم الجمعةِ ، ذكرهُ : ابن دِحْيَةَ. وقالَ غيرهُ : بلْ قصدُ السُّجودِ الزائدِ. وأخرجَ : ابنُ أبي شيبة : عن إبراهيم النَّخَعِي ، أنهُ قالَ : {{ يُسْتَحبُّ ، أنْ يُقرأَ ، في الصبحِ : يوم الجمعةِ ، بسورةِ سَجْدَةٌ }}. وأخرجَ أيضاً عنهُ : أنهُ قرأََ : سورة مريم ، وأخرجَ : عنْ ابنِ عونٍ ، قالَ : {{ كانوا يقرؤونَ ، في الصبحِ : يوم الجمعةِ ، بسورةٍ فيها سجدة }} . الخامسة : أنَّ صُبحها : أفضل الصلواتِ عندَ اللهِ. أخرجَ : سعيد بن منصور، في سننهِ ، عنْ ابنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما : {{ أنهُ فقدَ : حُمران ، في صلاةِ الصبحِ ، فلمَّا جاءَ ، قالَ : ما شَغَلكَ عنْ هذهِ الصلاة ؟؟؟ أما علمتَ : أنَّ أوجَهَ الصلاة ، عندَ اللهِ تعالى !!! ، غداة يوم الجمعةِ ، منْ يومِ الجُمعةِ ، في جماعةِ المسلمينَ }} . وأخرجهُ البيهقيُ ، في الشعبِ : مُصرِّحاً برفعهِ ، بلفظ : {{ إنَّ أفضلَ الصلواتِ ، عندَ اللهِ : صلاة الصبحِ ، يوم الجمعةِ ، في جماعةٍ }} .