الجاحظ (150هـ - 255هـ ، 767 - 868م). أبوعثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الفُقَيْمِيّ ولاءً. أشهر أدباء القرنين الثاني والثالث الهجريين وأوسعهم ثقافة. لقب بالجاحظ لجحوظ عينيه. ولد في البصرة في بيت فقير، ومات أبوه وهو صغير، فقامت على تربيته أمه. نشأ ميالاً للعلم. لكن عوزه دفعه إلى امتهان بيع الخبز والسمك بنهر سَيْحَان بالبصرة نهارًا واكتراء دكاكين الوراقين، يبيت فيها ليلاً للنظر والقراءة. وخالط المسجديين، واختلف إلى الكتاتيب، وتلقى عن العلماء والأدباء والشعراء والنحاة والرواة واللغويين العلم والأدب.
ثم ترك البصرة إلى بغداد عاصمة الخلافة، وتابع درسه هناك في مجالس أعلام العلماء، فأخذ اللغة عن أبي عبيدة والأصمعي والأخفش وأبي زيد الأنصاري، والمنطق والكلام عن النظَّام.
وبعد أن آنس من نفسه القدرة على الكتابة، راح يروض قلمه، فكتب في بعض أبواب الأدب ونشر كتاباته منسوبة إلى أعلام الكتاب السابقين والمعاصرين له كابن المقفع وسهل بن هارون. ووجد في تقبل الناس لهذه الكتب المنسوبة إلى أولئك الكتاب علامة على امتلاكه ناصية الكتابة، فأصبح ينشر كتبه ورسائله معلنًا أنه مؤلفها. وكان من تلك الكتب المبكرة كتاب في الإمامة، قرأه المأمون، فاستدعاه ونصّبه رئيسًا لديوان الرسائل، لكنه استعفى من عمله هذا بعد ثلاثة أيام فأعفي.
وبعد وفاة المأمون لازم الجاحظ وزير المعتصم، محمد ابن عبدالملك الزيات. فعاش في كنفه رضي البال ينفق عن سعة، وينصرف إلى التأليف، ويرحل إن شاء. فرحل إلى دمشق وأنطاكية.
جمع الجاحظ بين العلم والأدب، فكان ملمًا بجميع معارف عصره من لغة وشعر وأخبار وعلم كلام وتفسير وطبيعة، وقد كان كاتبًا متكلمًا معتزليًا، بل كان رأس طائفة من المعتزلة عرفت بالجاحظية نسبة إليه، وكان ناقدًا اجتماعيًا عارفًا بخفايا مجتمعه وطبقاته وفئاته. وتعدكتبه ورسائله وثائق يمكن الاعتماد عليها في معرفة جوانب المجتمع في عصره.
وكان زاده في كل هذا معرفته الواسعة وملاحظته الفاحصة والتجربة أحيانًا، مما يقربه من المنهجية العلمية، فقد اشتهر بالشك بوصفه الطريق إلى اليقين، وبفضوله المعرفي، وبتجربته لفروضه.
عرف أسلوبه بإيقاعيته وقصر عباراته واستطراداته، مع روح ساخرة، سخرت من كل أشكال القبح في عصره حسِّيًا كان أو معنويًا. وأوتي مقدرة بيانية مكَّنته من مدح الشيء وذمِّه.
ويرى مؤرخو البلاغة العربية أنه مؤسس الدرس البلاغي؛ بما عالجه من موضوعاته وأرساه من مصطلحاته. وقد ترك الجاحظ مكتبة ضخمة من الكتب والرسائل. ومن أهم كتبه: كتاب الحيوان؛ البيان والتبيين؛ البخلاء.
كتاب البخلاء. أحد الكتب التي انتقد فيها شريحةً من مجتمعه، فصوّر فيه البخلاء وتصوراتهم وماتنطوي عليه من سخرية لاذعةٍ بسلوكهم. واتخذ من القصص وصناعة الأخبار وسيلة في هذا الكتاب، متهكما بالبخلاء وبفلسفاتهم. ووفر لهذه القصص معالم توهم بواقعيتها ممثلاً في أشكال الإسناد وتحديد أسماء لشخصيات واقعية، وأسماء مدن وقرى وطوائف كانت معروفة في عصره، بالإضافة إلى استعمال اللغة المحكية في حوار شخصياته.
رسائل الجاحظ. هذه الرسائل من الكثرة بحيث يصعب حصرها، وموضوعاتها متعددة، لكن يظهر فيها ماظهر في كتاب البخلاء من اهتمام بفئات مهمشة في كتب التاريخ الرسمية، مثل خيال لصوص النهار، حيل سراق الليل، ورسائل القيان، والبرصان والعرجان والعميان ومعلمي الصبيان، والترك
ثم ترك البصرة إلى بغداد عاصمة الخلافة، وتابع درسه هناك في مجالس أعلام العلماء، فأخذ اللغة عن أبي عبيدة والأصمعي والأخفش وأبي زيد الأنصاري، والمنطق والكلام عن النظَّام.
وبعد أن آنس من نفسه القدرة على الكتابة، راح يروض قلمه، فكتب في بعض أبواب الأدب ونشر كتاباته منسوبة إلى أعلام الكتاب السابقين والمعاصرين له كابن المقفع وسهل بن هارون. ووجد في تقبل الناس لهذه الكتب المنسوبة إلى أولئك الكتاب علامة على امتلاكه ناصية الكتابة، فأصبح ينشر كتبه ورسائله معلنًا أنه مؤلفها. وكان من تلك الكتب المبكرة كتاب في الإمامة، قرأه المأمون، فاستدعاه ونصّبه رئيسًا لديوان الرسائل، لكنه استعفى من عمله هذا بعد ثلاثة أيام فأعفي.
وبعد وفاة المأمون لازم الجاحظ وزير المعتصم، محمد ابن عبدالملك الزيات. فعاش في كنفه رضي البال ينفق عن سعة، وينصرف إلى التأليف، ويرحل إن شاء. فرحل إلى دمشق وأنطاكية.
جمع الجاحظ بين العلم والأدب، فكان ملمًا بجميع معارف عصره من لغة وشعر وأخبار وعلم كلام وتفسير وطبيعة، وقد كان كاتبًا متكلمًا معتزليًا، بل كان رأس طائفة من المعتزلة عرفت بالجاحظية نسبة إليه، وكان ناقدًا اجتماعيًا عارفًا بخفايا مجتمعه وطبقاته وفئاته. وتعدكتبه ورسائله وثائق يمكن الاعتماد عليها في معرفة جوانب المجتمع في عصره.
وكان زاده في كل هذا معرفته الواسعة وملاحظته الفاحصة والتجربة أحيانًا، مما يقربه من المنهجية العلمية، فقد اشتهر بالشك بوصفه الطريق إلى اليقين، وبفضوله المعرفي، وبتجربته لفروضه.
عرف أسلوبه بإيقاعيته وقصر عباراته واستطراداته، مع روح ساخرة، سخرت من كل أشكال القبح في عصره حسِّيًا كان أو معنويًا. وأوتي مقدرة بيانية مكَّنته من مدح الشيء وذمِّه.
ويرى مؤرخو البلاغة العربية أنه مؤسس الدرس البلاغي؛ بما عالجه من موضوعاته وأرساه من مصطلحاته. وقد ترك الجاحظ مكتبة ضخمة من الكتب والرسائل. ومن أهم كتبه: كتاب الحيوان؛ البيان والتبيين؛ البخلاء.
كتاب البخلاء. أحد الكتب التي انتقد فيها شريحةً من مجتمعه، فصوّر فيه البخلاء وتصوراتهم وماتنطوي عليه من سخرية لاذعةٍ بسلوكهم. واتخذ من القصص وصناعة الأخبار وسيلة في هذا الكتاب، متهكما بالبخلاء وبفلسفاتهم. ووفر لهذه القصص معالم توهم بواقعيتها ممثلاً في أشكال الإسناد وتحديد أسماء لشخصيات واقعية، وأسماء مدن وقرى وطوائف كانت معروفة في عصره، بالإضافة إلى استعمال اللغة المحكية في حوار شخصياته.
رسائل الجاحظ. هذه الرسائل من الكثرة بحيث يصعب حصرها، وموضوعاتها متعددة، لكن يظهر فيها ماظهر في كتاب البخلاء من اهتمام بفئات مهمشة في كتب التاريخ الرسمية، مثل خيال لصوص النهار، حيل سراق الليل، ورسائل القيان، والبرصان والعرجان والعميان ومعلمي الصبيان، والترك