شارل بودلير 1821-1867

شاعر وناقد فني فرنسي.

بودلير بدأ كتابة قصائده النثرية عام 1857 عقب نشر ديوانه ازهار الشر ، مدفوعا بالرغبة في شكل شعري يمكنه استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية في المدن الكبري حتي يقتنص في شباكه الوجه النسبي الهارب للجمال ، وجد بودلير ضالته فيما كتبه الوزيوس بيرتيران من پالادات نثرية مستوحاة من ترجمات البالادات الاسكتلندية والالمانية الي الفرنسية. والبالاد هو النص الذي يشبه الموال القصصي في العربية وهو الشكل الذي استوحاه وردزورث وكوليريدج في ثورتهما علي جمود الكلاسيكية.

وفي عام 1861 بدأ بودلير في محاولة لتدقيق اقتراحه الجمالي وتنفيذه فكتب هذه القصائد التي تمثل المدينة اهم ملامحها ، وتعتبر معينا لا ينضب من النماذج والاحلام.

يعتبر بودلير من أبرز شعراء القرن التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم.و لقد كان شعر بودلير متقدما عن شعر زمنه فلم يفهم جيدا الا بعد وفاته.

وكان الشاعر شارل بودلير يري ان الحياة الباريسية غنية بالموضوعات الشعرية الرائعة وهي القصائد التي اضيفت الي ازهار الشر في طبعته الثانية عام 1861 تحت عنوان لوحات باريسية.

لم ينشر ديوان سأم باريس في حياة بودلير ، وهو الديوان الذي لم يتحمس له غوستاف لانسون وسانت ـ بيف ، هذا الديوان الذي اثر تأثيرا عارما في الاجيال اللاحقة.


يوميات بودلير

أن تقرأ يوميات بودلير يعني أن ترى الحياة بعين شاعر حقيقي ، يكتب كما يعيش ويعيش كما يكتب .. أن تُستلب بالتأملات والرؤى البكر التي قُدر لها أن تصلنا (على الأرجح) في صورة الدفق الأول ، وذلك لأنها نُشرت بعد وفاة كاتبها بعشرين عاما ، ما يعني أنه لم يتح له أن يشذبها أو يجري عليها عمليات تجميل .. يتبدى لنا بودلير في هذه اليوميات (وكما يصفه مترجمها إلى العربية الشاعر التونسي آدم فتحي) كأوضح ما تكون الرؤية : يفكر ويشك ، يحسم ويتراجع ، ينحاز ويتخلى ، يهجم ويدافع ، يمدح ويهجو ، يقارع الحجة بالحجة ، ويتخذ لنفسه موقعا من كل ما حفل به عصره (بودلير عاش في الفترة ما بين عامي 1821 و 1867) ، هذا العصر الذي نضح بمتغيرات عدة ، وعج بأسماء لامعة في الفكر والفلسفة والعلوم والأدب (نيتشه، هيجل ، كانت ، كارل ماركس ، فكتور هوجو ، فلوبير ، أوغست كونت ، داروين ، شوبنهاور .. الخ) ولعل هذا ما يصنع لهذه اليوميات أهميتها التاريخية .. قد نشاطر بودلير اعجابه بـ (ادجار ألان بو) أو (أوفيد) أو (فاجنر) ، وقد لا نشاطره سخريته من فولتير وموليير وجورج صاند ، لكننا نسجل له أنه مارس حريته في قول مايريد (بل وفعْل ما يشاء) ومضى ، هو الذي يتحدث في يومياته عن أن الروح تمر بحالات تكاد تكون فوق طبيعية ، يتجلى أثناءها عمق الحياة بأكمله في أي مشهد يتاح للعين مهما كان عاديا .. ان النظر إلى عمق الحياة هي مهمة الشاعر الحقيقي .. لكن الشاعر لا بد أن يكون إنسانا قبل كل شيء ، بما يحمله هذا الإنسان بداخله من تناقضات صارخة : الحب والكراهية ، الصدق والكذب ، الخوف والاقدام ، النبل والخسة ، الغموض والوضوح .. ان المواءمة بين الشرط الشعري والشرط الإنساني هي التي تصنع الشاعر الحقيقي أو ما يسميه بودلير (الداندي) نسبة إلى (الدانديزم) الذي يعرفه بودلير بأنه المعادلة الخيميائية التي بفضلها يلتحم الشاعر بالإنسان لانجاب الكائن الأسمى : الداندي .. هذا الداندي عليه ، حسب بودلير ، أن يعيش ويموت أمام مرآة ، وأن يكون عظيما في نظر نفسه قبل كل شيء اذ أن (الأمم لا تنجب العظماء الا مرغمة .. اذن لن يكون الرجل عظيما الا اذا انتصر على أمته جمعاء) ، كما أن الداندي عاشق للفن والجمال ، ولكن ليس الجمال النمطي المكرس والقار .. الجميل عند بودلير هو شيء ما متأجج وحزين ، شيء ما يفسح المجال للتخمين .. ويجعل من شروطه الغموض والندم ، ويضيف اليهما شرط التعاسة .. وهو بذلك لا يزعم أن الفرح لا يجتمع مع الجمال ، لكنه يعتقد أن الفرح حلية من أكثر حلي الجمال سوقية ، بينما الكآبة هي اذا صح القول قرينة الجمال الرفيعة إلى الحد الذي لا يتصور معه بودلير نموذجا للجمال لا تسكنه التعاسة
]
شذرات من يوميات بودلير

عندما يأوي المرء إلى فراشه ، تتمثل الرغبة الدفينة لجميع أصدقائه تقريبا في أن يروه يموت .. بعضهم للوقوف على أن صحته كانت أسوأ من صحتهم .. والآخرون يخامرهم أمل ما ، في معاينة الاحتضار .

**
ما من فتنة للحياة حقيقية غير فتنة اللعب .. ولكن ماذا لو كنا غير مبالين بأن نكسب أو نخسر ؟.


فيما يختص بالنوم ، تلك المغامرة الكئيبة لكل ليلة ، كان يمكن القول ان الناس ينامون يوميا بجرأة غير معقولة ، لولا أننا نعرف أنها جرأة الجاهل بالخطر .
لا حرام مافي احلى من النوم

يقال ان عمري ثلاثون سنة .. ولكن اذا عشتُ ثلاث دقائق في كل دقيقة ، ألا أكون في التسعين ؟
متشائم

الإنسان يحب الإنسان ، إلى حد أنه لا يهجر المدينة الا ليبحث عن الحشد مرة أخرى ، أي ليعيد صنع المدينة في الريف
....|||||||||||||||||||


يبدو لي الإنسان المتعلق بالمتعة ، أي بالحاضر ، في هيئة رجل متدحرج من عل ، أراد أن يتشبث بشجيرات ، فاقتلعها وجرفها معه في سقوط