حكمة الهدهد:
ولكي نفهم ما جرى من حوار وأحداث بين سليمان وملكة سبأ, دعنا نتمعن قليلا في قول الهدهد: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل:24] يقول الهدهد أنه وجدها هي وقومها, يعبدون الشمس من دون الله, ويعلّل ذلك بقوله أن الشيطان زيّن لهم أعمالهم, بمعنى أن الشيطان فتنهم وأوهمهم, وزيّن لهم الباطل على أنه الحق, وعمّى سمعهم وأبصارهم, فعطّل عقولهم عن تمييز الحقيقة من الوهم, فحرمهم القدرة على الحكم على معتقداهم, أهي خطا أم صواب, فعبدوا الشمس على أنها ربهم, وبذلك صدّهم عن السبيل, أي منعهم من الوصول إلى الحقيقة, وهي أن الله هو ربهم, فما دامت أبصارهم قد عميت, ويعتقدون بصوابية عبادة الشمس, فمن أين لهم الهداية وهم على حالهم تلك؟
والرسالة التي وجّهها الهدهد لسليمان من خلال هذا القول, هي أنهم بحاجة لمن يهديهم, ويُزيل الغشاوة عن أبصارهم.
فتكفّل سليمان عليه السلام بهدايتهم, وبإزالة هذه الغشاوة, لعلهم يُبصرون ومن ثم يهتدون, بما أوتي من علم وحكمة, بعد أن شرَّحَ الهدهد حالتهم المرضية وشخَّصَها وأعطى سليمان مفاتيح الحل, والآن دعنا نتعلم منه عليه السلام, هذا الدرس العملي في الدعوة إلى الله.