منتديات احلى حكاية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احلى حكاية دخول

موقع خاص بالتصاميم وتحويل الاستايلات واكواد حصريه لخدمه مواقع احلى منتدى


descriptionتَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~ Emptyتَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~

more_horiz
عندما يعلو هدير الثورة ، وتهتف الأمة للقدس الخالدة ؛ فعلى أقزام الأرض التزام جحورها "1.
" نتعمق في الأرض جذوراً ، ونحلق في الأفق طيوراً ، في وطن الخير تلاقينا ، نحميه قلوباً وصدوراً "2.
" النور كيف ظهوره .. إن لم يكن دمنا الوقود
والأقصى كيف نعيده .. إن لم نكن نحن الجنود "3.

تأملته ببسمتي الحزينة ..
تأملته بفرحتي الكبيرة ..

تأملته وقطرات من ندى تسيل على وجنتيّ ..
قطرة .. تليها أخرى ..
تصل الأولى إلى ذقني .. إنها الآن تسقط ..
تحاول الثانية اللحاق بها ، ولكنه في اللحظة الأخيرة يتلقفها ..

ضمني إليه .. قال :
الوطن يا أماه يناجيني ..
بالتضحية لأجله يطالبني .. وعليّ أن ألبي النداء ..

أبعدني عنه مسافة يسيرة ..
أردف وعينيه تشعان قوة :
كيف ألتزم الصمت والأوغاد يحيطوننا في عدوان ؟
كيف أرفع يدي مسلماً لذلك الطغيان ؟
كيف أتكتف والدماء في كل مكان ؟
كيف أنام وأنا أسمع صرخة مليئة بالآلام ؟
صرخة ليست من أي كان .. !
إن وطني يصرخ من كثرة الأحزان .. !
كل حجر فيه يبكي ، كل حبة رمل تشتكي ..
نسمة الهواء تعاتبني لصمتي ، وقطرة المطر تخاصمني لبعدي ..
ولكن الأحياء باتوا عن سماع وفهم ذلك كما الأصنام !
كيف أسمح باستمرار هذا الاحتلال ؟

" ماتـت قلـوب الناس .. ماتت بها النخوة ..
يمكن نسينا في يوم .. إن العـرب إخـوة .. "4.

لقد أعاث العدو هنا وهناك الفساد .. دمر بإغارته وكاد ..
ولن أكون رجلاً إن لم أسعى لإعادة حق هذه البلاد ..
وسأكون سعيداً إن نلت فداه الاستشهاد ..

ابتسمت تحمل ابتسامتي أسمى معاني .. أتذكر برفقتها أبعد ماضي ..
لقد تناسيت واعتقدت أنني نسيت ، ولم أدرك حاجتي لتنشيط عقلي الساهي ..

أراه أمامي الآن ، بوجهه المشع نوراً .. ببسمته الساحرة ..
بكلماته الواثقة .. بروحه الشامخة ..

صدقته من أعماقي ، وقلت بفخر :
قاتل بجرأة وشجاعة ..
اهزم أعداءك ، أعداء الوطن .. وعد إلي مكلّلاً بالنصر ..

" الليل ليس لي والليل ليس لسواي "5.
قالها خالد ، البطل المفضل لوحيدي ..
وودعني ذلك الأخير بجملة تردد صداها في نفسي :
" السيف ليس لي .. والسيف ليس لسواي "

تنشقت عبيره ، بينما قبَّل رأسي ..
رفعت يدي اليمنى مودعة ، اختفى ، ولم أعد أراه ..
لكنني استمررت بالتلويح لخطاه ..
اختفت الدموع من عينيّ ولم يبقى فيهما سوى الدفء ..

" أنا لا أقاتل كي أنتصر ؛ بل كي لا يضيع حقي "6.

لقد انبثقت ذكرى الأب من الابن ، وسمعت صوته الشجي ، يكرر كلماته الندية :
من لا وطن له ؛ ليس له في الثرى ضريح ~
ورأيت مرة أخرى شكل جسد زوجي الجريح ..
الثقوب والأشلاء المكسوة بالدماء ..
ووجهه الذي – رغم الخدوش – ازداد فقط ضياء ..
ولا تزال تلك البسمة الساحرة مرتسمة ..
لم يغر عليها الزمان .. لم تمحها الأوقات العصيبة ..

" كان والدي يردد دائماً : لا يمكن لأحد أن ينتصر إلى الأبد ، لم يحدث أبداً أن ظلت أمة منتصرة إلى الأبد ، أنا أخاف شيئاً واحداً هو أن ننكسر إلى الأبد لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية . قل لهم احرصوا ألا تهزموا إلى الأبد . "7.

أمسكت بخيط صوفي وإبرة ..
أحيك لولدي الوحيد كوفية ..
وعندما أنتهي – بمشيئة الله – ..
أفكر في حياكة سترة ..
ولعلي سأرفقها مع طاقية ..

فالشتاء على الأبواب ..
أوحى لي بذلك نبات اللبلاب ..

كان هناك صوت طرقات خافتة ..
وضعت ما بين يدي بعناية ..
وأسرعت للباب متلهفة ..
أتوقع عن ابني أخباراً طيبة ..
فعلى مدى الأشهر الماضية ..
كان يجاهد كما أوصيته ببسالة ..

وضعت أذني عليه ؛ فسمعت همساً :
افتحي يا عمة ، هذا أنا !

أزلت الأقفال ..
تركت لمروره مجال ..

كان هو ذاته الصديق الذي يبلغني دائماً الأنباء ..
يضع على رأسه عمامته ، ويحيط وشاحه رقبته ..
جرح يبدو حديثاً في خده ، وملابسه مضرجة بالدماء ..

توجس قلبي خوفاً ، بالكاد تمالكت نفسي ..
ما إن استدرت حتى أحضر له شيئاً قد يفيد ..
أوقفني قائلاً : لا وقت للتضميد !

أدركت ، فهمت .. وليتني بلا عقل ..
سمعت ، أبصرت .. وليت بحواسي عطل ..

" بسم الله الرحمن الرحيم

ننقل لكم خبر استشهاد ابنكم ، يمتلئ القلب أسفاً والخاطر كدراً ..
أن فقدت ساحة القتال شابّاً بجشاعته وقوته ..
لقد كان كما الجبال راسخاً في المعارك التي خاضها ..
كان كما الأسود شامخاً لا ينحني ولا ييأس برغم الجراح التي نالها ..
لآخر رمق فيه .. ظل يردد : " يا وطني .. ستظل حراً " ..
لآخر رمق فيه ، ظل يجاهد .. لقد كان كما الصخر ..
ولكننا سعداء .. لأنه أصبح في مكان أفضل مع بقية الشهداء ..
وسيتم دفنه بشكل لائق .. بجراحه وملابسه المليئة بالدماء . "

قرأ على مسامعي رسالة النعي ، كان ينظر لي بين الفينة والأخرى ..
أظنه يتوقع صياحاً أو صخباً أو حتى احتاجاً وعدم تصديق بالمرة ..

لكنني لم أكن لأنطق سوى بجملة :
أريد أن أحضر جنازة ابني والثوار الآخرين ..
ولم يكن يملك أمامي أية حيلة ..

" الشيء الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذاك الذي قتلهم ، نزغرد كي لا نجعله يحس لحظة أنه هزمنا ، وإن عشنا .. سأذكرك أننا سنبكي كثيراً بعد أن نتحرر "8.

نفس المشهد يتكرر ، ولكن بهيئة أخرى يتصور ..
هذا ليس زوجي الذي تحملت الحزن عليه لأجل ابني ..
بل إن ابني هو الذي يحمل على الأكتاف أمامي ..
وعلي أن أتحمل الحزن عليه لأجل .. لأجل بلدي .. ؟!

كان بذات ملابسه ، أتنشق ذات رائحته ولكنها أصبحت أجمل وأبهر ..
ووجهه ازداد نصاعة وطهراً ..

هل أبكي عليك يا ولدي .. ؟!
وأي بكاء ذاك الذي سيكفي ليعبر عن حزني .. ؟!
أي بكاء ذاك الذي سينقل للجميع ألمي .. ؟!
الرجال يحيطونني .. والدمع يفر من أعينهم ..
هل أرادوا أن تكون تلك نهايتهم .. ؟!
أم أنهم يبرهنون عن مدى قهرهم .. ؟!
هل يرثون الموتى أم يرثون الوطن .. ؟!
أوَليس المواطنون يعبرون عن الوطن .. ؟!
هل تموت بلادنا مع كل فقيد .. ؟!
أم أن قوتها تتجدد وبأسها يصبح شديد .. ؟!

إنهم رجال ، ويبكون ؛ فما الذي يمنعني أنا .. ؟!
لماذا يا دموعي ترفضين الجريان على خدي .. ؟!
لماذا لا ترغبين يا ترى في أن تخففي عني .. ؟!
ماذا تريدين أن تخبريني ؟!
هل تسألين إن كنا نعامل الشهداء كأي أموات .. ؟!
نبكي وننتحب عليهم في الجنازات .. !!
تسألين إن كان هذا لائق بهم .. بالجهد الذي بذلوه ؟!
إن كان لائقاً بالشجاعة التي كانوا عليها ؟!
أو بالثبات الذي تحلوا به والقوة التي أبدوها ؟!
هل نرثي شهداءنا أم أننا نزفهم ؟! هكذا استفسرتِ ..
وما المسئول بأعلم من السائل .. هكذا أجبتْ ..

لا أعرف ما علي فعله في هذه اللحظة الصماء ..
لا أريد أن أنكس رأسك يا وطني ..
الدمع لن يظهر .. القوة لن تتقهقر .. يوماً ما يجب أن نتحرر ..
يوماً يقدره الله كيفما يشاء .. سنبكي حينها كما نشاء ..
سننتحب ونمني أنفسنا بالآخرة .. سنتأمل السماء نتخيل أبناءنا ..
أما الآن .. علينا توزيع الكثير من الابتسامات بسخاء ..

وبينما لسان حالي يقول : حسبنا الله ونعم الوكيل ..
كنت أنا أتشرب من ملامح ولدي الجميل ..

" كثرة الأحزان يا عمي جعلت الناس مفاجيع أفراح "9.

رحلت تاركاً في نفسي الفراغ ..
رحلت لاحقاً كل الذي راح ..
أثكلك يا بني بزغرودة سعيدة ..
وقلبي مثقل من حمل الجراح ..

أتذكر ابتسامتك الندية ..
أتذكر ضحكتك البهية ..
قبلتك التي زينت بها جبيني ..
وتلك التي طبعتها على يديّ ..
يوم ابتهجت بشأن الرحيل ..
أخبرتني ألا أقلق عليك ..
أخبرتني أن أدعو إليك ..
قلت بالنص : لن تكون رجلاً حتى تعيد حق بلادك الأبية ..

كنت شديد السعادة عندما أتتك رسالة تدعوك إلى الجهاد ..
كنت تريد أن تسكت صدى الآهات .. أردت أن تبدلها ضحكات ..
أردت مسح كل الدمعات .. أن ترسم مكانها الابتسامات ..
أردت أن تعيد الحقوق التي سلبت ..
حقوق بلاد أعيث فيها الفساد ..
حقوق أطفال ، لم يعرفوا معنى الفرحات ..
نساء ثكلت ورجال سفهت .. غمروا جميعاً بفعل ظالم ..
والظلم يوم القيامة ظلمات ..

أوصيتني ألا أبتئس ما دمت حيّاً ..
وقد رحلت عن هذه الدنيا ..
فهل أيأس الآن يا بنيَّ ..
أم أصبر على كل الذي فات .. ؟!
وكم في مقدوري الصبر ..
وقد مات من مات .. ؟!

طويلاً فيك فكرت ..
عن كيفية استقبالك تساءلت ..
لم تعرف مقدار تلهفي للقائك ..
لضمك إلى صدري لاستنشاق عبيرك ..
لم تحصي الورود التي وضعتها في البيت ..
لم تدرك كمَّ العطر الذي نشرت ..
جهلت كيف زرعت النبت ..
وكيف لك الملابس حكت ..
قبل أن ترى كل هذا .. أنت مت .. قتلت ..

آه يا وحيدي .. آه يا قرة العينِ ..
قلبي دامي يبكي ..
ولكن مقلتي جافتين كالحجرِ ..
وكيف أنتحب على من مات فداءً للوطنِ .. ؟!
كيف أشمت فينا أوغاد البشرِ .. ؟!

الجراح أثقلتني ..
الشيب تزايد في رأسي ..
أكثر بكثير مما كان منذ تركتني ..

أشعر بالألم ولا أستطيع عنه تعبيرَا ..
يا ويلتاه يا ولدي .. يا ويلتاه يا بلدي ..
يا ويلتاه يا روحي التي تسحب مني ..
ببطء شديد .. بقسوة مريعة ..
تنتزع تاركة فراغاً في جسدي ..
عيني تحرقانني .. أنفي محمر ..
ولكن الدموع تأبى الظهور .. تأبى المسير بيسر ..

"كفي النواح فقد دعاني الداعي .. وتجلدي أماه يوم وداعي
وسلي لنا النصر العزيز مؤزراً .. إني إلى ساح القتال لساعي
وذري البكاء فليس ينفعك البكاء .. إن التجلد منك خير متاع "10.

descriptionتَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~ Emptyرد: تَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~

more_horiz

بارك الله فيكم على الطرح الطيب :)
جزيتم ألف خير يارب _تقبوآ تحيـآت أخوكم تقوى الله

descriptionتَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~ Emptyرد: تَرْتِيلَةُ أَحْزَانٍ تَخْتَرِقُ الآفَاقَ - ضَوْءٌ مُظْلِمٌ ~

more_horiz
بارك الله فيكم على الطرح الطيب :)
جزيتم ألف خير يارب _تقبوآ تحيـآت أخوكم تقوى الله
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد