اَلْفَرْقُ بَيْنَ نَفْيِ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ النَّفْيِ

اَلْفَرْقُ بَيْنَ نَفْيِ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ النَّفْيِ
الكاتب: أ.د. مُحَمَّد يَعْقُوب تُرْكِسْتَانِيّ:


يَشِيعُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُتَحَدِّثِينَ وَأَسِنَّةِ أَقْلَامِ الْكَاتِبِينَ – فِي فُصْحَانَا الْـمُعَاصِرَةِ - اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ ((يَنبَغِي)) وَكَلِمَةِ ((يَجِبُ)) مَسْبُوقَتَيْنِ بـِ((لَا)) النَّافِيَةِ - عِندَ إِرَادَةِ التَّعْبِيرِ عَن وُجُوبِ الْانتِفَاءِ، وَالْانتِهَاءِ مِنْ أَمْرٍ - فِي قَوْلِهِمْ: ((لَا يَنبَغِي أَن تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) وَقَوْلِهِمْ: ((لَا يَجِبُ أَن تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)). وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا سَنَدَ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.

وَالصَّحِيحُ - عِندَ إِرَادَةِ التَّعْبِيرِ عَن وُجُوبِ الْانتِفَاءِ، وَالْانتِهَاءِ مِنْ أَمْرٍ – هُوَ: اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ ((يَنبَغِي)) وَكَلِمَةِ ((يَجِبُ)) مَقْفُوَّتَيْنِ بِـ((لَا)) النَّافِيَةِ؛ لَا مَسْبُوقَتَيْنِ بِهَا. فَيُقَالُ: ((يَنبَغِي أَلَّا تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) وَيُقَالُ: ((يَجِبُ أَلَّا تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) وَهُوَ مَا عَلَيْهِ كَلاَمُ الْعَرَبِ.

وَيُلَاحَظُ الْفَرْقُ الْكَبِيرُ بَيْنَ الْاسْتِعْمَالَيْنِ: الْاسْتِعْمَالِ الشِّائِعِ –الْيَوْمَ- عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُتَحَدِّثِينَ وَأَقْلَامِ الْكَاتِبِينَ فِي تَقْدِيمِ ((لَا)) النَّافِيَةِ عَلَى كَلِمَتَيْ ((يَنبَغِي)) وَ((يَجِبُ))، وَاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْهُمَا.

إِنَّ الْفَرْقَ هُوَ: بَيْنَ نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَوُجُوبِ النَّفْيِ. فَفِي الْاسْتِعْمَالِ الشَّائِعِ –الْيَوْمَ- نَفْيُ الْوُجُوبِ؛ أَيْ: أَنَّهُمْ يَنفُونَ وُجُوبَ التَّرَاخِي فِي الْعَمَلِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ التَّرَاخِيَ فِي الْعَمَلِ؛ فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ. فَهُمْ يَقُولُونَ: ((لَا يَنبَغِي أَن تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) وَ((لَا يَجِبُ أَن تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) فَالتَّرَاخِي – عَلَى هَذَا - فِي عَمَلِكَ جَائِزٌ.

أَمَّا فِي اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ فَهُنَاكَ وُجُوبُ النَّفْيِ؛ أَيْ: أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ نَفْيَ التَّرَاخِي فِي الْعَمَلِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ جَائِزًا. فهم يقولون: ((يَنبَغِي أَلَّا تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)) وَ((يَجِبُ أَلَّا تَتَرَاخَى فِي عَمَلِكَ)). فَالتَّرَاخِي – عَلَى هَذَا - فِي عَمَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.

وَشَتَّانَ مَا هُمَا: أَن يَطْلُبَ الْإِنسَانُ نَفْيَ الْوُجُوبِ، وَ أَن يَطْلُبَ وُجُوبَ النَّفْيِ؛ أَيْ: أَن يَنفِيَ أَن يَكُونَ الْمُرَادُ وَاجِبًا، وَأَن يُوجِبَ فِعْلَهُ.