القراءة في الأدب والإبحار فيه والكتابة منه وعنه، ليس بالأمر اليسير إنْ لم يكن العسير، خاصة عند الأديب الباحث الذي يستقصي باحترافية مباحثه من مضان الكتب لكي يستقي مادة مبحثه بكل دقة وأمانة، فهي مهمة شاقة وعسيرة فيما يلاقيه من صعوبة تعتري طريقه فيما ينشده لمبحثه، نتيجة ندرة وقدمية المصادر والمراجع التاريخية التي تتعلّق بالأدب قديمه وحديثه، والتي متى توفّرت لديه بعد جهد جهيد، فإنّ الأديب الناقد الباحث تهفو نفسه التوّاقة الطموحة أن يمضي قدماً في مواصلة البحث والتنقيب من خلال هذه المراجع، يستقري معلومة ناقصة في مرجع ويتتبّع أثرها بمرجع آخر، ويحاول المواءمة بالتوافق بين هذه وتلك المعلومة ثم يدبجها بيراعه، فأتى إبداعه في محطات رائعة تستلفت نظر القارئ ليتوقف عند مفرداتها واتساقها الجميل ويستلهم معرفة ثرية حافلة بالأخبار والأشعار التي اكتنزها دفّة الكتاب، كمادة أدبية ثقافية استخلصت من مراجع موسومة بالصدق والأمانة مدعمة بالبراهين والمواثيق الدالة على صدقية هذا العمل الذي نهج إليه الأديب في بحثه المضني بالتعب الذي تكلّل بنجاح عمله .. وهذا هو ديدن الناقد الباحث عن الحقيقة الموثقة، فإنه يعرف من خلال العمل الذي نهض به، بأنّ عمله هذا سيكون بين اثنين لا ثالث لهما، فإما أن يكون محسوباً له، وإما أن يكون محسوباً عليه. وأحسب وهو في حكم المؤكد أنّ مؤلف (قضايا أدبية) قدم لنا عملاً شيقاً محسوباً له لا عليه. وهو العمل الأدبي المثمر المستحق للقراءة!!
كتاب (قضايا أدبية) تستدعي تفاصيلها وفصولها تخيّلات كثيرة لمشاهدة صور حية نابضة تتراءى أمام ناظري القارئ، كأنه يعيش في أجواء الزمان والمكان ويقع على مسمعه همهمة شعراء العصر الجاهلي وشعراء العصر الإسلامي وشعراء العصر التتري والمملوكي والعثماني. كل ذلك حاضر بشخوصه وأطلاله ومراتعه ومرابعه كمشهد سينمائي بانورامي أخّاذ، يأخذ القارئ بدهشة في تداعي الصور والحكايات ودقة الوصف والشمول وجزالة العبارة، فشكّل ذلك كله حالة التباس عند القارئ ليأتي تساؤله في قريرة نفسه بعد انتباه، هل ما قرأته حقيقة أم خيال، فيرتد ناظره فيرى ما بين اليدين!!
(قضايا أدبية) للدكتور الناقد الأستاذ عبدالعزيز بن محمد الفيصل، الأستاذ بقسم الآداب في كلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض .. أتت القضايا الأدبية، سهلة ومبسطة لقارئها، بحسب أقدميتها وأهميتها، بنظرة ثاقبة في شرح الشعر الجاهلي ومناهجه حيث الفصل الأول، يحوي مبحثين المبحث الأول - مناهج شرح المعلّقات ويعرض منهج ابن الأنباري ومنهج النحاس ومنهج الزوزني ومنهج التبريزي، والمبحث الثاني يعرض مناهج شرح دواوين الشعر الجاهلي وهي: منهج ابن السكيت ومنهج الطوسي ومنهج ثعلب ومنهج السكري ومنهج الأعلم الشنتمري ومنهج البطليوسي، والفصل الثاني يحوي قضية دعوة ضعف شعر صدر الإسلام. وبه خمسة مباحث: الأول قوة الشعر الجاهلي وسلطته في النفوس. والثاني ضعف الشعر الجاهلي في زمن البعثة. والثالث ضعف الشعر في عصر صدر الإسلام. والرابع شعر جاهلي في عصر صدر الإسلام. والخامس دفاع عن دعوى ضعف شعر صدر الإسلام. والفصل الثالث مطلع القصائد ومقدماتها في الشعر العربي. وهو في ستة مباحث الأول: مطلع القصيدة ومقدمتها قبل امرئ القيس والثاني: مطلع القصيدة ومقدمتها في العصر الجاهلي. والثالث مطلع القصيدة ومقدمتها في الشعر الاسلامي. والرابع: مطلع القصيدة ومقدمتها في العصر الحديث .. والفصل الرابع: المعارضات في الشعر العربي ويقع في خمسة مباحث: الأول تعريف المعارضات، والثاني صفة القصيدة المعارضة، والثالث صفة القصيدة المعارضة، والرابع: التكرار من قبل المعارض، والخامس: المعارضات والاتجاه الإسلامي في الشعر. والفصل الخامس: القصص في الأندلس ويحوي تعريف القصة القديم والقصة الحديث، والثاني أنواع القصص في الأندلس ويحوي القصص التاريخية وقصص الحب كما في (طوق الحمامة) والمقامات والقصص الشعرية (قصص بثينة بنت المعتمد أنموذجاً) والقصص الفلسفية (حي بن يقظان أنموذجاً) والقصص الخيالية (التوابع والزوابع أنموذجاً). والفصل السادس المناظرات بالأندلس ويقع في مبحثين. الأول: تعريف المناظرات والثاني أنواع المناظرات، ويحوي المناظرات بين القوة وبسط الحجة (كما في المناظرة بين السيف والقلم، والمناظرات بين العلماء، والمناظرات بين البلدان والمناظرات بين الأزهار). والفصل الرابع: المدارس الأدبية وأثرها في تجديد الشعر العربي الحديث، ويقع في مبحثين الأول: أثر الحضارة الغربية في العالم العربي. والثاني المدارس الأدبية في تجديد الشعر العربي الحديث ويحوي الرابطة القلمية. والعصبة الأندلسية. ومدرسة الديوان ومدرسة أبولو! ذلك ما كان من مقدمة قضايا أدبية. أما ما أود الإشارة إليه فإن هناك الكثير من الأشعار والسير تستوقفني وأود التحدث عنها.. ولكن! ليس باستطاعتي إلا اختيار النزر القليل منها!!
لذلك رأيت بعدما فرغت من قراءة الكتاب بمباحثه وفصوله، وأسلوبه السلس المشوق، أنني أتوق لإعادة قراءة قصتين من القصص التاريخية، الأولى، قال عمرو بن هند ملك الحيرة يفتخر بقوة ملكه في مجالسه عند ندمائه وجلسائه، هل تعلمون امرأة من العرب تأنف من خدمة أمي؟ فقالوا نعم، إنها ليلى بنت المهلهل فوالدها المهلهل، وعمها كليب وبعلها كلثوم بن مالك فارس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم السيد المطاع في قومه، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يدعوه لزيارته، كما أن أمه هند دعت ليلى أم عمرو بن كلثوم للقرابة بين المرأتين في ظاهر الأمر، فالمرأتان تمتان بنسب قرابة لأسرة امرئ القيس، الشاعر المشهور وآخر ملوك كنده في نجد، أما ما خفي من الأمر على عمرو بن كلثوم وأمه فهو إهانه ليلى بنت المهلهل من قبل هند أم ملك الحيرة، وقد قدم الوفد التغلبي، ومنه وجوه تغلب، فاستضافهم عمرو بن هند، كما أن أم الملك استقبلت أم عمرو بن كلثوم، وكانت هند أبعدت الخدم بعد أن وضعت المائدة فطلبت هند من ليلى أن تناولها طبقاً فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فكررت هند الطلب وألحت فيه، فصاحت ليلى - وآ ذلاه! يا تغلب فسمع عمرو بن كلثوم استغاثة أمه، فغضب أشد الغضب والتفت إلى سيف معلق، فانتزعه من موضعه وضرب به رأس عمرو بن هند، وانتهبت ممتلكات عمرو بن هند. وقال عمرو بن كلثوم معلقته المشهورة:
كتاب (قضايا أدبية) تستدعي تفاصيلها وفصولها تخيّلات كثيرة لمشاهدة صور حية نابضة تتراءى أمام ناظري القارئ، كأنه يعيش في أجواء الزمان والمكان ويقع على مسمعه همهمة شعراء العصر الجاهلي وشعراء العصر الإسلامي وشعراء العصر التتري والمملوكي والعثماني. كل ذلك حاضر بشخوصه وأطلاله ومراتعه ومرابعه كمشهد سينمائي بانورامي أخّاذ، يأخذ القارئ بدهشة في تداعي الصور والحكايات ودقة الوصف والشمول وجزالة العبارة، فشكّل ذلك كله حالة التباس عند القارئ ليأتي تساؤله في قريرة نفسه بعد انتباه، هل ما قرأته حقيقة أم خيال، فيرتد ناظره فيرى ما بين اليدين!!
(قضايا أدبية) للدكتور الناقد الأستاذ عبدالعزيز بن محمد الفيصل، الأستاذ بقسم الآداب في كلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض .. أتت القضايا الأدبية، سهلة ومبسطة لقارئها، بحسب أقدميتها وأهميتها، بنظرة ثاقبة في شرح الشعر الجاهلي ومناهجه حيث الفصل الأول، يحوي مبحثين المبحث الأول - مناهج شرح المعلّقات ويعرض منهج ابن الأنباري ومنهج النحاس ومنهج الزوزني ومنهج التبريزي، والمبحث الثاني يعرض مناهج شرح دواوين الشعر الجاهلي وهي: منهج ابن السكيت ومنهج الطوسي ومنهج ثعلب ومنهج السكري ومنهج الأعلم الشنتمري ومنهج البطليوسي، والفصل الثاني يحوي قضية دعوة ضعف شعر صدر الإسلام. وبه خمسة مباحث: الأول قوة الشعر الجاهلي وسلطته في النفوس. والثاني ضعف الشعر الجاهلي في زمن البعثة. والثالث ضعف الشعر في عصر صدر الإسلام. والرابع شعر جاهلي في عصر صدر الإسلام. والخامس دفاع عن دعوى ضعف شعر صدر الإسلام. والفصل الثالث مطلع القصائد ومقدماتها في الشعر العربي. وهو في ستة مباحث الأول: مطلع القصيدة ومقدمتها قبل امرئ القيس والثاني: مطلع القصيدة ومقدمتها في العصر الجاهلي. والثالث مطلع القصيدة ومقدمتها في الشعر الاسلامي. والرابع: مطلع القصيدة ومقدمتها في العصر الحديث .. والفصل الرابع: المعارضات في الشعر العربي ويقع في خمسة مباحث: الأول تعريف المعارضات، والثاني صفة القصيدة المعارضة، والثالث صفة القصيدة المعارضة، والرابع: التكرار من قبل المعارض، والخامس: المعارضات والاتجاه الإسلامي في الشعر. والفصل الخامس: القصص في الأندلس ويحوي تعريف القصة القديم والقصة الحديث، والثاني أنواع القصص في الأندلس ويحوي القصص التاريخية وقصص الحب كما في (طوق الحمامة) والمقامات والقصص الشعرية (قصص بثينة بنت المعتمد أنموذجاً) والقصص الفلسفية (حي بن يقظان أنموذجاً) والقصص الخيالية (التوابع والزوابع أنموذجاً). والفصل السادس المناظرات بالأندلس ويقع في مبحثين. الأول: تعريف المناظرات والثاني أنواع المناظرات، ويحوي المناظرات بين القوة وبسط الحجة (كما في المناظرة بين السيف والقلم، والمناظرات بين العلماء، والمناظرات بين البلدان والمناظرات بين الأزهار). والفصل الرابع: المدارس الأدبية وأثرها في تجديد الشعر العربي الحديث، ويقع في مبحثين الأول: أثر الحضارة الغربية في العالم العربي. والثاني المدارس الأدبية في تجديد الشعر العربي الحديث ويحوي الرابطة القلمية. والعصبة الأندلسية. ومدرسة الديوان ومدرسة أبولو! ذلك ما كان من مقدمة قضايا أدبية. أما ما أود الإشارة إليه فإن هناك الكثير من الأشعار والسير تستوقفني وأود التحدث عنها.. ولكن! ليس باستطاعتي إلا اختيار النزر القليل منها!!
لذلك رأيت بعدما فرغت من قراءة الكتاب بمباحثه وفصوله، وأسلوبه السلس المشوق، أنني أتوق لإعادة قراءة قصتين من القصص التاريخية، الأولى، قال عمرو بن هند ملك الحيرة يفتخر بقوة ملكه في مجالسه عند ندمائه وجلسائه، هل تعلمون امرأة من العرب تأنف من خدمة أمي؟ فقالوا نعم، إنها ليلى بنت المهلهل فوالدها المهلهل، وعمها كليب وبعلها كلثوم بن مالك فارس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم السيد المطاع في قومه، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يدعوه لزيارته، كما أن أمه هند دعت ليلى أم عمرو بن كلثوم للقرابة بين المرأتين في ظاهر الأمر، فالمرأتان تمتان بنسب قرابة لأسرة امرئ القيس، الشاعر المشهور وآخر ملوك كنده في نجد، أما ما خفي من الأمر على عمرو بن كلثوم وأمه فهو إهانه ليلى بنت المهلهل من قبل هند أم ملك الحيرة، وقد قدم الوفد التغلبي، ومنه وجوه تغلب، فاستضافهم عمرو بن هند، كما أن أم الملك استقبلت أم عمرو بن كلثوم، وكانت هند أبعدت الخدم بعد أن وضعت المائدة فطلبت هند من ليلى أن تناولها طبقاً فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فكررت هند الطلب وألحت فيه، فصاحت ليلى - وآ ذلاه! يا تغلب فسمع عمرو بن كلثوم استغاثة أمه، فغضب أشد الغضب والتفت إلى سيف معلق، فانتزعه من موضعه وضرب به رأس عمرو بن هند، وانتهبت ممتلكات عمرو بن هند. وقال عمرو بن كلثوم معلقته المشهورة: