امبراطورية المغول ، المغول في التاريخ ، المغول في الصين











التمدد الجغرافي للمغول








الإمبراطورية عند موت جنكيز خان





إمبراطورية المغول أو الإمبراطورية المغولية أو الإمبراطورية المنغولية تعتبر ثاني أضخم إمبراطورية في التاريخ من حيث المساحة بعد الإمبراطورية البريطانية، وأعظم رعب مر على أوراسيا. وهي نتاج توحيد قبائل المغول والترك في مايسمى حاليا منغوليا، فبدأت بتيموجين (جنكيز خان) الذي أعلن حاكما لها عام 1206 فكانت فاتحة للغزوات التي وصلت أقصى مدى لها عام 1405 من حوض الدانوب حتى بحر اليابان، ومن فيليكي نوفغورود بالقرب من الحدود الروسية الفنلندية حتى كمبوديا حيث حكمت شعوب تعدادها التقريبي 100 مليون نسمة ومساحة من الأرض مقدارها 33,000,000 كم2 (12,741,000 ميل2)[1]، أي 22% من مساحة اليابسة على الكرة الأرضية.
ظهرت بدايات تمزق تلك الإمبراطورية في أعقاب الحرب على وراثة الحكم عام 1260-1264[معلومة 1] مابين القبيلة الذهبية وخانات الجاكاتاي وهو بواقع الأمر بمثابة استقلال ورفض الخضوع لقوبلاي خان كخاقان للمغول.[2][3] ولكن بعد موت قوبلاي خان انقسمت الإمبراطورية إلى أربعة خانات أو امبراطوريات، وبنهاية القرن الرابع عشر كانت معظم تلك الخانات قد ذابت وانتهى أمرها.


البداية
تمكن جنكيز خان ببراعة سياسية وقبضة عسكرية حديدية من توحيد قبائل منغولية - تركية رحل كانت بالسابق شديدة التنافس فيما بينها فأصبحت تحت إمرته عام 1206. وبسرعة تمكن من غزو ممالك الصين الشمالية وضمها إليه، ثم على الحدود الغربية حيث الدولة الخوارزمية القوية حصلت بعض الاستفزازات فيما بينهما مما حدا بالخان للاتجاه غربا صوب آسيا الوسطى حيث احتل خوارزم ودمرها واحتل بلاد ماوراء النهر وفارس، بعد ذلك هاجم كييف الروسية والقوقاز وضمهم إلى ملكه. قبل مماته وزع تركته الإمبراطورية بين أبنائه وحسب الأعراف يبقى الحكم للأسرة المالكة والتي هي من سلالته فقط.


خارطة سياسية للعالم قبل ظهور المغول
الحملات العسكرية خلال حكم جنكيز خان
تسلسل الأحداث المهمة
1206 تيموجين يسيطر على منغوليا ويلقب باسم جنكيز خان ومعناها الملك الذي لايلين.
1207 غزو الصين بدءا بدولة هسيا الغربية التي تشمل أراضي ضخمة من الشمال الغربي للصين وجزء من التبت ولم تنتهي إلا بعام 1210 عندما خضع ملك هسيا الغربية لحكم جنكيز خان، وخلال تلك الفترة خضع الأويغور الترك بسهولة للمغول مما سهل لهم الوصول إلى المناصب العليا بالإمبراطورية.
1211 عبر جنكيز خان بجيوشه صحراء جوبي لاحتلال مملكة جين الصينية الموجودة بشمال الصين.
1215 انتهاء العمليات العسكرية على مملكة جين بتدميرها والحاقها بالإمبراطورية.
1218 أخذ المغول زيتسو وحوض تاريم وكاشغر.
1218 شاه خوارزم يقتل مبعوث جنكيز خان مما أدى إلى اندفاع المغول غربا.
1219 توغل المغول غربا وعبورهم نهر سيحون وبداية غزواتهم لبلاد ما وراء النهر.
1219-1221 وبينما الحملة على شمال الصين لاتزال مستعرة شن المغول حربا لاهواده لها بأواسط آسيا ودمروا الدولة الخوارزمية، الملاحظة المهمة هنا أن الحملة انطلقت بعدة اتجاهات مرة واحدة والملاحظة الأخرى أن جنكيز خان جهز بنفسه وحدات خاصة للبحث عن السلطان محمد خان الخوارزم الذي هرب منهم وانتهى به المطاف مقتولا بجزيرة في بحر قزوين.
1223 ازدادت قوة المغول بعد نصرهم الحاسم بمعركة نهر كالكا على الروس السلاف وإبادتهم الجيش الروسي بالكامل بواسطة القائد سوبوتاي.
1227 موت الخان العظيم قائد المغول وعودة جميع القواد إلى مجلس الحكم قوريلتاي بالعاصمة المنغولية، هنا تكون الإمبراطورية قد وصلت إلى مساحة 26 مليون كم مربع تقريبا بمعنى أكبر بأربع مرات الإمبراطورية الرومانية أو حتى إمبراطورية الإسكندر الأكبر بأوجهما.
1237 القائد المغولي باتو خان مؤسس القبيلة الذهبية وحفيد جنكيز خان يعود بجيوشه غربا لإخضاع الروس السلاف.
1240 كييف يتم نهبها بالكامل، وبنفس الوقت إرسال حملة عسكرية لغزو كوريا.
1241 سحق الجيوش الهنغارية والكرواتية بمعركة ساجو، والبولنديين مع فرسان الهيكل والفرسان التويتونيين والبروس بمعركة لجنيكا.
1241-1242 غزو بلغاريا وإجبارهم على دفع الجزية السنوية وإظهار الخضوع والتبعية للمغول.
1251 إعلان مونكو خانا عظيما للمغول.
1258 تدمير هولاكو لبغداد ونهبها
1260 هزيمة المغول أمام المماليك بقيادة قطز في معركة عين جالوت.
1294 موت كوبلاي خان، وبموته تفككت الإمبراطورية إلى خانات.


التنظيم


التنظيم العسكري
التنظيم العسكري المغولي بسيط ولكنه فعال، اعتمد على تقليد قديم للسهوب وهو النظام العشري حيث تتكون الفرق العسكرية من مجاميع وكل مجموعة تحتوي على عشرة رجال تسمى Arban أربانِ، 100 Yaghun ياغون، 1000 Minghan منغان، 10000 Tumen تومين. كل قائد مجموعة يخضع للقائد الذي أعلى منه كماهو التنظيم المتبع بالتنظيمات العسكرية الحديثة.
وعلى عكس الجيوش المتحركة مثل قبائل الهسيانج نو القديمة والهون وحتى الفايكنج، كان المغول مهرة بنظام حصار المدن، وحذرين بتجنيد العمال المهرة والعسكر المحترفين من المدن التي غزوها، ومن خلال جيش من المهندسين الصينين المهرة ومن باقي الممالك التي احتلوها كانوا خبراء ببناء المجانيق والكمائن الآلية التي يُعتمد عليها بحصار المواقع المحصنة، وكان لها فعالية قوية بالحملات الأوربية بقيادة سوباتاي (أفضل قادة جنكيز خان وأوقطاي خان). وكانت تلك الآلات العسكرية تبنى بالأماكن التي يجب توفر المواد الأولية لها كالغابات والأشجار.
تعمل القوات المغولية بالتنسيق مع بعضها البعض بالمعركة وبما أنهم مشهورون بالرماية من خلال الخيل، والقطعات المقاتلة متساوية بالقدرة وهو الشيء الأساسي لنجاحهم، أيضا استخدامهم المهندسين بالمعركة وذلك باستعمال المنجنيق والآلات العسكرية لكسر التحصينات وعمل الصواريخ والدخان لخلخلة تنظيمات العدو وكسر ثباتهم والنقطة المهمة لاستخدامهم الدخان هو عزل العدو وتدميره قبل وصول التعزيزات من حلفائهم.
الإنضباط العسكري شديد لقوادهم، تكون القوات الخاضعة لإمرة الامبرطور مدربة ومنظمة ومجهزة للحركة السريعة، ولعمل ذلك يكون تجهيز الجنود خفيف نسبيا بالمقارنة مع الجيوش التي واجهوها، بالإضافة لذلك يعمل العسكر بشكل منفصل عن خطوط الإمداد لتسريع القطعات العسكرية بشكل أفضل. التفنن باستخدام البريد يجب أن يكون عالي المستوى للمحافظة على الإتصال بين قطعات الجيش مع بعضهم البعض وبين رؤسائهم وقوادهم، هذا الإنضباط نمى فيهم ويسمى بالنيرج nerge كما كتبه علاء الدين الجويني (أحد الوزراء المقربين لهولاكو وولاه على العراق). للعلم النيرج هو نظام منغولي قديم ومعناه التكتيك بالصيد وهو أن الحيوان أو العدو يكون محاصر ثم تضيق دائرة الحصار ويقتل أي شيء يحاول الفرار من الحصار، ويكون الصيد متميز بتلك الثقافة عن أي ثقافة أخرى.
جميع الحملات العسكرية كان يسبقها التخطيط الجيد والاستكشاف وجلب المعلومات الحساسة المتعلقة بمناطق العدو ووجود قواته، النجاح والتنظيم وسهولة الحركة للجيوش المغولية ساعدهم على القتال بعدة جبهات بالمرة الواحدة. الذكور الذين أعمارهم من 15 إلى 60 القادرين على اجتياز التدريبات الصارمة كانت تؤهلهم للتجنيد بالجيش، وهو مصدر فخر بالتقليد العسكري القبلي.
الميزة الأخرى للمغول هي مقدرتهم على اجتياز مساحات شاسعة وبأشد حالات البرد قسوة، خصوصا الأنهار المتجمدة التي تعمل لهم كطرق سريعة، بالإضافة إلى هندسة الحصار وخبرتهم بمجال الأنهار كعبور قبائل الكومان المنغولية بقيادة باتو خان لنهر ساجو وقت فيضانات الربيع ب30 ألف فارس بليلة واحدة في معركة موهي في أبريل 1241، وهزيمتهم لملك هنغاريا بيلا الرابع. ونفس الشيء في هجومهم ضد الدولة الخوارزمية المسلمة فقد استعملوا أسطول صغير من المراكب لمنع الهروب خلال النهر.


القانون والحكم
الإمبراطورية المغولية حُكِمت بواسطة دستور لأحكام القانون ابتكرها جنكيز خان وتسمى الياسا ومعناها القانون أو الحكم، شريعة هذا القانون هو المساواة مابين عامة الناس مع الخاصة بالواجبات، وفرض الجزاءات القاسية للمخالفين مثل القتل للسارق أو الهروب من الخدمة العسكرية. بشكل عام الانضباطية الصارمة للقوانين حفظت الإمبراطورية بشكل تام وحافظ على استمراريتها، الرحالة الأوروبيين كانوا متعجبين من قوة التنظيم والصرامة بالقوانين داخل الإمبراطورية.
تحكم الإمبراطورية بواسطة برلمان غير منتخب ويكون كمجلس مركزي ويسمى قوريلتاي حيث الزعماء يلتقون بالخان العظيم للمناقشة بالشؤون المحلية والسياسات الخارجية.
أظهر جنكيز خان الحرية والتسامح الديني مع الآخرين ولم يضطهد أي شعب بسبب معتقداتهم الدينية، وهذه كانت سياسة عسكرية ناجحة كمثال على ذلك، عندما كان في حرب مع السلطان محمد شاه خوارزم لم تتدخل أي دولة إسلامية وتشترك بالحرب ضده، وبالعكس من ذلك إنهم رأوها حربا عادية بين دولتين.
طرق التجارة والنظام البريدي (يام) داخل الإمبراطورية متوفرة وسالكة مابين الصين والشرق الأوسط وأوروبا، وقد تم إنشاء شعار للدولة وشجع على التعليم في منغوليا وأعفى المعلمين والمحامين والفنانين من الضرائب وإن كانت ثقيلة على التصنيفات الأخرى بالدولة، مع ذلك فإن أي رفض أو مقاومة للقانون المنغولي كان يواجه بردة فعل شرسة وعنيفة جدا، وقد خربت مدن وذبح سكانها لأنهم تحدوا الأوامر المنغولية.


الديانات
كما أسلفنا كان تساهل المغول للديانات إلى حد بعيد، وكانوا يرعون كذا ديانة بنفس الوقت. بزمن جنكيز خان تقريبا كل ديانة وجدت لها متحولون، البوذية للمسيحية والمانوية للإسلام، ولمنع النزاعات أنشأ جنكيز خان نظام للتأكد من الحرية الكاملة للمعتقدات الدينية. مع أنه هو نفسه يؤمن بالسحر والأرواح، وخلال حكمه أعفى زعماء الطوائف الدينية من الضرائب[4] والخدمة العامة، بالبداية كانت هناك قلة بأماكن العبادة بسبب نمط الحياة البدائي ولكن خلال حكم أوقطاي خان تم بناء الكثير من المعابد ودور العبادة في قرة قورم العاصمة لأصحاب الديانات البوذية والإسلام والمسيحية والطاوية، والدين السائد بذاك الوقت كان المسيحية حيث أن زوجة أوقطاي خان كانت مسيحية[5] وأيضا أخوتها الذين سهلوا لنشر الدين.


رسالة من اوليجايتو إلى فيليب الرابع ملك فرنسا عام 1305
شبكات التجارة
احترم المغول التجارة والعلاقات التجارية مع القوى الصناعية المجاورة، واستمرت تلك السياسة خلال الغزوات والتوسع بدولتهم. معظم التجار والسفراء لهم ترخيص خاص ووثائق للسفر للعبور خلال المملكة مع الحماية المطلوبة، وقد ازدادت التجارة البرية بشدة خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وازداد التجار الأوروبيين بالمئات وربما الآلاف بالعبور من أوروبا إلى بلاد الصين البعيدة، ولكن لم يعرف منهم إلا ماركو بولو الذي كون علاقات بكثرة أسفاره وعرف الطرق المؤدية من حوض البحر الأبيض المتوسط إلى الصين. بالنسبة للتجارة البحرية فالمغول كانوا قليلي الإهتمام بها.


النظام البريدي
النظام البريدي لدى الإمبراطورية متقدم وفعال بالنسبة لزمانهم ويسمى باليام والسعاة يكونوا مهيئين بالطعام والملابس اللازمة وأحيانا يزودون بخيل إضافية ليغطوا جميع أنحاء الإمبراطورية المترامية الأطراف. فهو يسافر لمسافة 25 ميل بالمرحلة الواحدة ومن ثم له الحرية إما أن يغير حصانه بحصان جديد ويكمل المسير أو يسلم البريد لمراسل آخر فيكمل عنه الطريق.
هذا النظام استخدم لاحقا بالولايات المتحدة لفترة بسيطة ويسمى Ponny Express بوني اكسبرس[6]، الجوال المنغولي يسافر لمسافة 125 ميل باليوم وهذا أسرع من أسرع تسجيل للبوني اكسبريس الذي أتي بعده ب 600 سنة.


الحملات العسكرية
بدأت الحملات العسكرية في أواسط آسيا عندما وحد الخان العظيم العديد من القبائل المغولية والتركية تحت راية موحدة ووطن واحد التي هي نواة الإمبراطورية المنغولية، فتمدد بحملاته بدأ بالصين وكوريا واليابان شرقا ثم اتجه غربا صوب خوارزم وروسيا وشرق أوروبا والشرق الأوسط.
كان مندوب البابا إلى خان المغول قد كتب في مذكراته عندما مر على كييف فبراير 1246: أنهم هاجموا روسيا وتركوا ورائهم خراب عظيم من تدمير للمدن والقلاع وذبح البشر، وقد دخلوا كييف عاصمة الروس بعد حصار طويل فأعملوا فيها السيف ولم يتركوا أحدا، وعندما مررنا خلال تلك الديار وجدنا عددا لايحصى من الهياكل العظمية والعظام متناثرة بمساحة ضخمة من الأرض. كييف كانت مدينة ذات كثافة سكانية والآن لانرى من البشر أحدا هنا، ومن لم يقتل بالسيف فقد أخذوه كسخرة وعبيد[7].