الــتــلــبــيــنــة
والتلبين لغة:
هو الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، ومنه اشتق اسمه، وقال الهروي ـ رحمه الله: سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها ورقتها.
التلبينة : حساء يُعمل من ملعقتين من مطحون الشعير بنخالته ، ثم يضاف لهما كوب من الماء ، وتطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله: وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق الناضج، لا الغليظ النيئ، وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم. فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحًا والتلبينة تطبخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.
ثم قال ـ رحمه الله: وقوله ـ صلى الله عليه وسلم: (مجمة لفؤاد المريض) يُروَى بوجهين بفتح الميم والجيم، وبضم الميم وكسر الجيم، والأول أشهر ومعناه مريحة له أي تريحه وتسكّنه، من الإجمام وهو الراحة. وقوله: (تذهب ببعض الحزن)، قد يقال ـ وهو الأقرب: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية والله أعلم. ويقول ـ رحمه الله ـ في تفسير حديث عائشة ـ رضي الله عنها: (إنه ليرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) ومعنى يرتو أي يشد ويقوي، ويسرو يكشف ويزيل. ثم يقول ـ رحمه الله: وقد تقدم أن هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه وهو نافع للسعال، وخشونة الحلق، صالح لقمع حدة الفضول، مدر للبول، جلاء لما في المعدة، قاطع للعطش، مطفئ للحرارة.
ثم قال ـ رحمه الله: وصفته (ماء الشعير) أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدارًا ومن الماء العذب الصافي خمسة أمثاله. انتهى كلامه ـ رحمه الله.
أولاً: أهم الأحاديث الواردة في الموضوع:
1 ـ روى الترمذي بسنده عن سُلَيم بن عامر سمعه أبو أُمامة يقول: (ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خبز الشعير).
2 ـ روى الإمام أحمد عن عروة عن عائشة ـرضي الله عنها ـ أنها قالت: (ولا أَكَلَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خُبزًا منخولاً منذ بعثه الله إلى أن قُبِض).
3 ـ في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت إذا مات الميت من أهلها واجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلى أهلهن أمرت بِبُرمَة من تلبينة فطُبخَت، وصنعت ثريدًا ثم صبت التلبينة عليه، ثم قالت: كلوا منها فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (التلبينة مُجِمَّةٌ لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن).
4 ـ روى ابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أخذ أحدًا من أهله الوعكُ أمر بالحساء من شعير فصُنع، ثم أمرهم فَحَسَوا منه ثم يقول: (إنه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها). أخرجه ابن ماجه في الطب باب التلبينة، والترمذي باب ما يطعم المريض، وقال: حسن صحيح.
5 ـ في السنة من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالبغيض النافع التلبين)، قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرمة على النار حتى ينتهي أحد طرفيه ـ يعني يبرأ أو يموت. أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفي سنده جهالة، وله شواهد.
6 ـ وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قيل له إن فلانًا وَجِعٌ لا يطعم الطعام قالعليكم بالتلبينة فحسوه إياها)، ويقول: (والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ).
أشارت هذه الأحاديث إلى استعمال حبوب الشعير غذاء ودواء فقد استعمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل بيته خبزًا، وأمر به للمريض الذي لا يطعم الطعام، وأمر به للحزين، وإصلاح فؤاد المريض، وأمر به للمبطون فإن حساء الشعير يغسل بطن المريض، ويرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم.
البحوث العلمية وبيان وجه الإعجاز في دلالة النصوص
توافقت البحوث الحديثة في مجال الغذاء والاستطباب بالشعير مع هدي سيد الأنام ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأعرض نتائج هذه الأبحاث إثر بيان الدلالة في نص الأحاديث النبوية كالتالي:
أولاً: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: " التلبينة مجمة لفؤاد المريض"
الشعير والكوليسترول
تعريف الشعير: هو نبات حولي من الفصيلة النجيلية ويشبه في شكله العام نبات الشوفان والقمح وهو أقدم غذاء للإنسان واسمه العلمي: Hordeum valgara
من كتاب (العلاج بالتلبينة للأستاذ عبد الكريم التاجوري) نقلاً عن بحث قام به معهد البحوث الزراعية بجامعة ألبرتا بكندا. وكان عنوان البحث: أهمية المنتجات المحتوية على منتجات الشعير على صحة مرضى السكر (النوع الثاتي غير الوراثي) وتحديد أهمية استخدام منتجات الشعير وتأثيرها على نسبة السكر والدهون في الدم، وكانت النتيجة النهائية لهذا البحث توضيح أهمية غذاء الشعير وخبز الشعير كوسيلة لزيادة كمية الألياف المطلوبة للجسم القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لخفض نسبة السكر والدهون في الدم.
والكولسترول: هو مركب دهني نتناوله في طعامنا، وتكونه أجسادنا ويجري في دمائنا وله حد طبيعي إن زاد عنه تترسب هذه الزيادة على جدران الأوعية الدموية وتضيقها، وتُعَدّ زيادته أحد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
أثبتت الدراسات العلمية فاعلية حبوب الشعير الفائقة في تقليل مستوى الكوليسترول في الدم من خلال عدة عمليات حيوية منها:
تحتوي حبوب الشعير على مركبات مشابهة لفيتامين E الذي يعد من أشهر مضادات الأكسدة التي لها القدرة على تثبيط إنزيمات التخليق الحيوي للكوليسترول.
تحتوي ألياف الشعير المنحلة على مادة هامة جدٌّا وهي البيتا جلوكان (Beta-glucan) التي تتحد مع الكوليسترول الزائد في الأطعمة والأحماض الصفراوية مما يقلل وصوله إلى تيار الدم.
وتشير نتائج البحوث إلى انخفاض نسبة الكوليسترول العام بنسبة 10%، وانخفاض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة ldl إلى 8%، وارتفاع نسبة الكوليسترول عالي الكثافة hdl إلى 16%.
ينتج عن تخمر الألياف المنحلة في القولون أحماض تمتص من القولون وتتداخل مع استقلاب الكوليسترول فتعيق ارتفاع نسبته في الدم.
الشعير يكبح جماح ضغط الدم لسببين:
أ. يحتوي على كمية وافرة من عنصر البوتاسيوم حيث يخلق هذا العنصر التوازن اللازم بين الملح والماء داخل الخلية.
ب. الشعير مدر للبول مما يقلل من ضغط الدم.
الشعير ينظم امتصاص السكر إلى الدم مما يحد من ارتفاع السكر المفاجئ لاحتواء أليافه المنحلة القابلة للذوبان على بكتينات تكون مع الماء هلامًا لزجًا يبطئ من هضم وامتصاص النشويات والسكريات، كما أنه قليل السعرات غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة السكرية وغيرها، وهذا يساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم.
والتلبين لغة:
هو الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، ومنه اشتق اسمه، وقال الهروي ـ رحمه الله: سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها ورقتها.
التلبينة : حساء يُعمل من ملعقتين من مطحون الشعير بنخالته ، ثم يضاف لهما كوب من الماء ، وتطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله: وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق الناضج، لا الغليظ النيئ، وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم. فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحًا والتلبينة تطبخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.
ثم قال ـ رحمه الله: وقوله ـ صلى الله عليه وسلم: (مجمة لفؤاد المريض) يُروَى بوجهين بفتح الميم والجيم، وبضم الميم وكسر الجيم، والأول أشهر ومعناه مريحة له أي تريحه وتسكّنه، من الإجمام وهو الراحة. وقوله: (تذهب ببعض الحزن)، قد يقال ـ وهو الأقرب: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية والله أعلم. ويقول ـ رحمه الله ـ في تفسير حديث عائشة ـ رضي الله عنها: (إنه ليرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) ومعنى يرتو أي يشد ويقوي، ويسرو يكشف ويزيل. ثم يقول ـ رحمه الله: وقد تقدم أن هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه وهو نافع للسعال، وخشونة الحلق، صالح لقمع حدة الفضول، مدر للبول، جلاء لما في المعدة، قاطع للعطش، مطفئ للحرارة.
ثم قال ـ رحمه الله: وصفته (ماء الشعير) أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدارًا ومن الماء العذب الصافي خمسة أمثاله. انتهى كلامه ـ رحمه الله.
أولاً: أهم الأحاديث الواردة في الموضوع:
1 ـ روى الترمذي بسنده عن سُلَيم بن عامر سمعه أبو أُمامة يقول: (ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خبز الشعير).
2 ـ روى الإمام أحمد عن عروة عن عائشة ـرضي الله عنها ـ أنها قالت: (ولا أَكَلَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خُبزًا منخولاً منذ بعثه الله إلى أن قُبِض).
3 ـ في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت إذا مات الميت من أهلها واجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلى أهلهن أمرت بِبُرمَة من تلبينة فطُبخَت، وصنعت ثريدًا ثم صبت التلبينة عليه، ثم قالت: كلوا منها فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (التلبينة مُجِمَّةٌ لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن).
4 ـ روى ابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أخذ أحدًا من أهله الوعكُ أمر بالحساء من شعير فصُنع، ثم أمرهم فَحَسَوا منه ثم يقول: (إنه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها). أخرجه ابن ماجه في الطب باب التلبينة، والترمذي باب ما يطعم المريض، وقال: حسن صحيح.
5 ـ في السنة من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالبغيض النافع التلبين)، قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرمة على النار حتى ينتهي أحد طرفيه ـ يعني يبرأ أو يموت. أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفي سنده جهالة، وله شواهد.
6 ـ وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قيل له إن فلانًا وَجِعٌ لا يطعم الطعام قالعليكم بالتلبينة فحسوه إياها)، ويقول: (والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ).
أشارت هذه الأحاديث إلى استعمال حبوب الشعير غذاء ودواء فقد استعمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل بيته خبزًا، وأمر به للمريض الذي لا يطعم الطعام، وأمر به للحزين، وإصلاح فؤاد المريض، وأمر به للمبطون فإن حساء الشعير يغسل بطن المريض، ويرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم.
البحوث العلمية وبيان وجه الإعجاز في دلالة النصوص
توافقت البحوث الحديثة في مجال الغذاء والاستطباب بالشعير مع هدي سيد الأنام ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأعرض نتائج هذه الأبحاث إثر بيان الدلالة في نص الأحاديث النبوية كالتالي:
أولاً: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: " التلبينة مجمة لفؤاد المريض"
الشعير والكوليسترول
تعريف الشعير: هو نبات حولي من الفصيلة النجيلية ويشبه في شكله العام نبات الشوفان والقمح وهو أقدم غذاء للإنسان واسمه العلمي: Hordeum valgara
من كتاب (العلاج بالتلبينة للأستاذ عبد الكريم التاجوري) نقلاً عن بحث قام به معهد البحوث الزراعية بجامعة ألبرتا بكندا. وكان عنوان البحث: أهمية المنتجات المحتوية على منتجات الشعير على صحة مرضى السكر (النوع الثاتي غير الوراثي) وتحديد أهمية استخدام منتجات الشعير وتأثيرها على نسبة السكر والدهون في الدم، وكانت النتيجة النهائية لهذا البحث توضيح أهمية غذاء الشعير وخبز الشعير كوسيلة لزيادة كمية الألياف المطلوبة للجسم القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لخفض نسبة السكر والدهون في الدم.
والكولسترول: هو مركب دهني نتناوله في طعامنا، وتكونه أجسادنا ويجري في دمائنا وله حد طبيعي إن زاد عنه تترسب هذه الزيادة على جدران الأوعية الدموية وتضيقها، وتُعَدّ زيادته أحد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
أثبتت الدراسات العلمية فاعلية حبوب الشعير الفائقة في تقليل مستوى الكوليسترول في الدم من خلال عدة عمليات حيوية منها:
تحتوي حبوب الشعير على مركبات مشابهة لفيتامين E الذي يعد من أشهر مضادات الأكسدة التي لها القدرة على تثبيط إنزيمات التخليق الحيوي للكوليسترول.
تحتوي ألياف الشعير المنحلة على مادة هامة جدٌّا وهي البيتا جلوكان (Beta-glucan) التي تتحد مع الكوليسترول الزائد في الأطعمة والأحماض الصفراوية مما يقلل وصوله إلى تيار الدم.
وتشير نتائج البحوث إلى انخفاض نسبة الكوليسترول العام بنسبة 10%، وانخفاض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة ldl إلى 8%، وارتفاع نسبة الكوليسترول عالي الكثافة hdl إلى 16%.
ينتج عن تخمر الألياف المنحلة في القولون أحماض تمتص من القولون وتتداخل مع استقلاب الكوليسترول فتعيق ارتفاع نسبته في الدم.
الشعير يكبح جماح ضغط الدم لسببين:
أ. يحتوي على كمية وافرة من عنصر البوتاسيوم حيث يخلق هذا العنصر التوازن اللازم بين الملح والماء داخل الخلية.
ب. الشعير مدر للبول مما يقلل من ضغط الدم.
الشعير ينظم امتصاص السكر إلى الدم مما يحد من ارتفاع السكر المفاجئ لاحتواء أليافه المنحلة القابلة للذوبان على بكتينات تكون مع الماء هلامًا لزجًا يبطئ من هضم وامتصاص النشويات والسكريات، كما أنه قليل السعرات غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة السكرية وغيرها، وهذا يساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم.