نجل عبدالحكيم عامر يكشف المستور: والدي لم ينتحر ولدي تقرير الطبيب الشرعي.. مقتل المشير ليس له علاقة بكرهي لعبدالناصر.. تشويه صورة والدي بعلاقات نسائية نكتة سخيفة ولا يوجد فيديو يثبت ذلك
عبدالحكيم عامر
ستظل الأسرار تحيط بالعلاقة الأشهر بين الرئيس جمال عبدالناصر، والمشير عبدالحكيم عامر، فهذه العلاقة الأقوى في تاريخ السياسة المصرية انتهت أيضًا بشكل بشع، وسط جدل حول من الظالم والمظلوم، لكن الأكيد أن الشعب هو الذي عانى من علاقة صداقة شهدت تداخلًا ومحاباة من أجل السلطة.
أهم النقاط التي تحمل جدلًا في هذه العلاقة، هي مشهد النهاية، بفراق المشير "عامر"، فهل قتله صديق العمر أم مات منتحرًا بعد نكسة 1967؟ وهذا ما كشفه النجل الأصغر للمشير، وهو الدكتور عمرو عبدالحكيم عامر، الذي أنجبه من الفنانة الراحلة "برلنتي عبدالحميد".
وما نعرفه عن المشير محمد عبد الحكيم عامر أنه أحد رجال ثورة يوليو 1952 في مصر، وكان صديقًا مقربًا للرئيس جمال عبدالناصر وصلاح نصر ووزير الحربية حتى حرب 1967، وقائد عام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش المصري ونائب رئيس الجمهورية.
يقول "عمرو": والدي لم ينتحر، وأمتلك تقرير الطبيب الشرعي المعين من الدولة ـ وقتئذ ـ لمعاينة الجثمان، والذي أكد أن الفراق كان بالقتل وليس الانتحار، موضحًا أن الأسرة حصلت على هذا التقرير في عهد الرئيس الأسبق، أنور السادات، إثر إقامة دعوى قضائية، طالبنا فيها بإعادة التحقيقات حول وفاة المشير، والنائب العام كلف خبير سموم بالتحقيق حول طريقة الوفاة، وظل الخبير يحقق لأكثر من عامين حتى توصل إلى أن "عامر" قٌتل ودون ذلك في تقريره.
وحول إصدار التقرير بهذه الصورة في عهد "السادات" لتجميل صورته على حساب "عبد الناصر"، قال: ليس له أي مصلحة وليس طرفًا، والدكتور محمد دياب خبير السموم والتحاليل بالمركز القومي للبحوث، ليس رجلًا سياسيًا أو موائمًا للنظام، وذكر التقرير 15 سببًا للوفاة، ومن الوقائع الكوميدية أن "عبد الحكيم" توفي في الساعة 6 مساءً، والنيابة حضرت 3 صباحًا، فكيف تأتي النيابة لمعاينة جثمان الرجل الثاني في الدولة بعد 8 ساعات؟، معلقًا: "لو كان بوابًا لكانت جاءت بعد ساعتين"!
وأردف: لم أجزم أن مقتل المشير بأمر من "عبد الناصر"، في النهاية قتل ـ والله أعلم ـ بأمره أو بدون أمره، ولكن هذا ليس له علاقة في عدم حبي لعبد الناصر، الذي كلفتنا سياساته الكثير، رغم أن والدي كان شريكًا في هذه السياسات، ولكن عبد الناصر كان يمتلك "كاريزما" يريد بها أن يكون زعيم الأمة العربية، فكلفتنا الكثير من حرب اليمن، ووهم الوحدة مع سوريا وكان لديه تهور كبير.
وأشار إلى أن الوحدة العربية ادعاءات لم ولن تحدث، هي كانت أملًا عند والدي ومحاولة وفشلت، وحتى اليوم لم نر وحدة، أوروبا توحدت ونحن ننقسم أكثر لدرجة أننا لا نصافح بعضًا في مؤتمر القمة العربية، الذي تكون فيه التوصيات تشابكات بالأيدي وسبابًا بين رؤساء الوفود، نحن لا نمتلك طبيعة وثقافة الوحدة.
وحول حقيقة الانحرافات النسائية يقول "عمرو": أن صلاح نصر كان الضلع الثالث للمثلث، "عبد الناصر" الرئيس، عبد الحكيم "المشير"، صلاح "رئيس المخابرات"، وهو من الذين ظلموا بشكل بين، على الرغم من كونه مؤسسًا لجهاز المخابرات، الذي كان من أقوى الأجهزة في العالم، والسجل المشرف الذي نفتخر به نحن كمصريين لهذا الجهاز، هو الذي خطط له، وفي النهاية ألصقوا به ما اسموه بـ"الانحرافات"، التي لا يوجد لها دليل واحد بفيديو أو صور لصلاح نصر أو المشير مع أي سيدة في وضع منحرف أو مخل، أعداء المشير كانوا بالطوابير، لماذا لم يستطيعوا تصوير صورة واحدة.
وعما أشيع عن علاقات جمعت بين المشير والفنانتين "مها صبري" و"وردة"، فقال: حكايات "مها صبري" نكتة، لأنها كانت بعيدة ومتزوجة من أحد الضباط، وهناك كلام عن وردة ولكن لا يوجد دليل، وصاحبة الشائعة نفسها نفت، والدي رأى "وردة" مرة واحدة عندما كان يمر بموكبه، فوجدها تقف في الشارع وسيارتها معطلة، فأمر إحدى سيارات موكبه بتوصيلها.
وقال: إن أصعب فترة عاشها المشير كانت بعد نكسة 67، من اعتقالات وتحديد إقامة، وانتقل ذلك الأمر إلى الأسرة بعد الوفاة، حيث كان المنع من الخروج أو السفر، الحياة كانت صعبة جدًا، ممنوع العمل أو السعي لجمع قوت يومهم، "عشنا أيامًا سوداء".
وأشار "عمرو" إلى أن جميع أفراد العائلة ظلوا يتعرضون للاعتقال وهجوم زوار الفجر حتى مجيء "السادات"، ما بين المعتقلات والإقامة الجبرية، وفي استقبال زوار الفجر لمدة 3 سنوات للقضاء على الأوراق والمذكرات الخاصة بالمشير في العجوزة والجيزة.
وقال: والدتي اعتقلت لأكثر من شهر، كان وقتها عمري سنة، تركتني مع جدتي، تعرضت للإهانة والتعذيب حتى يصدر منها بيان بانحرافات أبي وتكذيب الحقائق وتشويهه ليذاع على الناس أن كلام زوجته عنه بأنه شخص سيء.
وحول أخطاء المشير يتابع عمرو: والدي لم يكن له أخطاء عسكرية لأنه منفذ وليس صاحب قرار، وإنما هو شريك في المسئولية السياسية مع عبدالناصر، المسئولية كانت جماعية، "عبد الناصر" عندما أخذ قرار التأميم وكل القرارات الإيجابية لم يكن بمفرده، كانت هناك مشاركة في أخذ القرار، وعبدالحكيم ليس صاحب قرار الذهاب بالجيش لسوريا، ولم يحمل نصف الجيش المصري مثلًا في "ميكروباص" إلى اليمن، المشكلة أنه قبل حرب 67 كان بين نارين، إما أن يستقيل ليقال: إنه جبان وترك الجيش، وإما أن يستمر في خطة حرب لم يضعها واستراتيجية يعلم أنه بسببها سينهزم.
ويرى عمرو أنه كان هناك خلاف قبل الحرب بأيام في آخر مايو بين عبد الناصر والمشير، بعد أن كان الاتجاه العام بين القادة، ضرورة أن نبادر بالضربة الجوية الأولى، ولا ننتظر أن تكون بداية الضرب من إسرائيل ما دمنا نحن أصحاب الرغبة في الحرب بغلق الخليج، وسحب قوات الطوارئ، خاصة أننا لا نمتلك وقتها سلاح دفاع جوي يستطيع حماية الطيران المصري، أي يجب أن نضرب الطيران الإسرائيلي قبل أن يضربنا نحن على الأرض، ولهذا كان يجب أن تكون الضربة الأولى لنا، خاصة أن في العسكرية معروف أنه لا تستطيع قوة عسكرية الانتصار بعد تلقيها الضربة الأولى، ولم تحدث إلا مرتين مع أمريكا وروسيا، هما القوتان اللتان استطاعتا المواجهة بعد توجيه الضربة الأولى لهما، ولكن عبد الناصر تراجع عن فكرة أن نكون أصحاب ضربة البداية بعد أن أقنعه الروس بعدم البدء حتى لا يفقد مساندة العالم، وأعلن ذلك عندما اجتمع بالطيارين في قاعدة أبو صوير، بتاريخ 23 مايو 67، وهذا مدون في شهادة اللواء إسماعيل لبيب قائد الدفاع الجوي، حيث صعق الطيارون بعد أن كانوا سعداء وروحهم المعنوية عالية، بقول "ناصر" إن الضربة الأولى لن تكون لهم، وبدأ عبد الناصر كلامه: "إحنا مش حنحارب إسرائيل"، واعترض الطيارون، وتدخل المشير لتهدئتهم، وأوضح عبد الناصر أسبابه الجديدة حول أن نكون أصحاب الرد وليست ضربة البداية، فرد الطيارون بأن "ده لعب قمار".
يذكر أن المشير عبدالحكيم عامر ولد سنة 1919 في قرية أسطال، مركز سمالوط بمحافظة المنيا، لأسرة تعد من الاثرياء حيث كان والده الشيخ على عامر عمدة القرية تخرج من الكلية الحربية في 1939، شارك في حرب 1948 في نفس وحدة جمال عبد الناصر. حصل على نوط الشجاعة في حرب 48 وتم ترقيته مع صلاح سالم استثنائيًا، كان خاله محمد حيدر باشا وزير الدفاع أثناء حرب 1948، تزوج عامر مرتين غير أن زواجه من الفنانة برلنتي عبد الحميد هو الأشهر، وقامت بالاعتزال بعد الزواج عن سن 29 سنة.