هو أبو عبّاد عمرو بن كلثوم بن عمرو بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير بن جُشـــم بن حُبَيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل . من قضاعة كان عمرو بن كلثوم نصـرانياً ، ذلك لأن نصرانية تغلب ثابتة حتى القرن الثالث والرابــــع بعد الهجرة ، وكان أبوه كلثوم سيد تغلب وأمّه ليلى بنت المهلهـــل ( عدي بن زيد الشاعر الفارس الذي اشتُهِرَ في حرب تغلب وبكر ) أخي كليب التي اشتهرت بالأنفة وعظم النفس ومن افضل السيدات العربيات قبل الإسلام . وُلِدَ عمرو في شمال الجزيرة العربية في بلاد ربيعة . إن تاريخ ولادته غير معروفة بالتحديد ، فقال ( كوسين دي يرسفال ) أن مولده كان حوالي سنة 525 م ، ومن الثابت أن شاعرنا عاصـــــر عمرو بن هند ( 554 ـ 570 ) م وأنه أدرك النعمان بن المنذر ( 580 ـ 602 ) م، فهجــــاه . وبالنسبة لأولاده فقد ذكرهم في شعره وهم عبّاد والأسود وعبد الله وكلّهم شعراء . وله أخ اسمه مُرَّة قتل النعمان بن المنذر .
نشأ عمرو بن كلثوم في بيت يكتنفه الشرف من الطرفين في قبيلة كانت من أقوى القبائـــــل العربية في العصر الجاهلي ، المرهوبة الجانب ، وقد قيل فيها : ( لو أبطأ الإسلام قليلاً لأكلت بنو تغلب الناس ) . إذن نشأ في بيت من أسياد تغلب ، فكان من الطبيــــعي ن أن يكون معجباً بنفسه ، فخوراً بأهله وقومه ، فتوفّرت فيه كل الخصال الحميدة كالشاعرية ، والفروســـــــية ، والخطابة ، والكرَم ، والشجاعة ، وهذا ما جعله يسود قومه في سنّ مُبَكِّرَة ، فذُكِرَ أنه أصبح سيّد قومه وهو ابن خمسة عشر سنة .
أمّا أخباره فلم يذكر التاريخ إلاً النذر اليسير ، ومنه أن الشاعر قضي حياته مُدافعاً عن قومه ، مُشاركاً إياهم في الحروب والغزوات ، مُتنقّلاً معهم كراً وفرَّاً حتى وافته المنيَّة . وأهم أخباره ثلاثة : إنشاده لمعلّقته ـ قتله لعمرو بن هند ـ أسره .
بالنسبة لسبب إنشاده المعلّقة فسببها حادثة نوردها بإيجاز : أرسل عمرو بن هند مجموعة من بني تغلب وبني بكر إلى جبل طيء فنزلوا بموقع يُدعى الطـــرفة وهو لبني شيبـان وتيم الـــلات وهما أحلاف بني بكر فقيل أنهم منعوا التغلبيين عن الماء فماتوا عطشاً وقيل أصابتهم ســـموم ، وسَلِمَ البكريون . فطلبوا بني تغلب ديّات أبنائهم فرفضت بكر الطلب . فاستـعدً التغلبيون وبـــكر للحرب ، ثم وافقوا على التحكيم من قبل عمرو بن ورد ، فطلب من بكر أن يأتوه بسبعين رجلاً من أشراف بكر كرهينة فإن كان الحــــق لتغلب دفعتهم إليهم وإن لم يكن خلَّيت سبيلـــهم . عند الاجتماع جاءت تغلب يمثّلها عمرو بن كلثوم ، وبكر يمثّلها النعمان بن هَرِم وكان عمرو بن هند يؤثر بني تغلب على بكر وبالكلام بين النعمان وعمرو بن هند ، فغضـــــب عمرو بن هند وهَـمّ بطرد النعمان ، فقام عمرو بن كلثوم وارتجل معلّقـه وقال منها ما وافق مقصده ، وقــــــام بعده الحارث بن حلزة وارتجـــل أيضا قصيدته . إلاّ أن عمرو بن هند فضّل قصيدة الحارث واطلق السبعين بكرياً . فحقد عمرو بن كلثوم على الملك .
وبالنسبة لسبب قتله عمرو بن هند : قال عمرو بن هند ذات يوم لندمائه ، هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمّهُ من خدمة أمي ؟ . فقالوا : نعم أمّ عمرو بن كلثوم . قال ولِمَ . قالوا : لأن أباها المهلهل بن ربيعة وعمّها كليب بن وائل أعَزُّ العرب وزجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وابنها عمرو بن كلثوم سيّد قومه . فأرسل الملك إلى عمرو بن كلثوم أن يزوره مع أمّه . فجاء عمرو من الجزيرة إلى الحيرة مع أمّه ليلى ومجمـوعة من تغلب ، طلب الملك حضـــور وجـــوه أهل مملكته . وطلب صرف الخدم . فدخل عمرو بن كلثوم إلى رواق الملك ودخلــت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق . فطلب الملك إحضار المائدة . فقالت هند : ناوليني يا ليلى ذلك الطــبق . فقالت ليلى : لتقم صاحبة الحــاجة إلى حاجتها . فكرّرت هند الطلب فصــــاحت ليلى : وا ذُلاّه يا تغلب ، فسمعها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجههِ ونظر ‘ليه عمرو بن هند فعرف الشــرّ في عينيه . فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيف لعمرو بن هند مُعَلَّق بالرواق وليس هنــاك سيف غيره فضرب بهِ رأس عمرو بن هند ونادى في بني تغلب فانتبهوا في الرواق فغادروا المكان وساروا نحو الجزيرة ، وقيل أن عمرو بن كلثوم أنشـــد عندها معلّقته ، وضُرِبَ به المثل في الفتك . وقام بمعلّقته خطيباً بسوق عكاظ وأيضا في موسم مكّة .
وبالنسبة لخبر أسرِه : أن عمرو بن كلثوم أغار على بني تميم ثُمّ مرّ من غزوه على حيّ من بني قيس بن ثعلبة فملأ يديه منهم وأصاب أسرى وسبــــــايا وكان فيمن أصاب أحمد بن جندل السعدي ثم انتهى إلى بني حنيفة باليمامة وفيهم أناس من عجل . فسمع بها أهل حجر فكان أوّل من أتاه من بني حنيفة بنو سحيم عليهم يزيد بن عمرو بن شمّر فلما رآهم عمرو بن كلثوم قال :
مَمْ عَالَ مِنَّا بَعْدَها فَلا اجْتَبَرْ ***** وَلا سَقَى الماءَ وَلا ارعى الشّجَرْ
بَنُو لُجيمٍ وَجَعَاســيسُ مُضَرْ ***** بِجـــــانبِ الدًّوِّ يُدِيهُـــونَ العَكَــرِ
فانتهى إليه يزيد بن عمرو فطعنه فصرعهُ عن فرسهِ وأسرَه ، وكان يزيد شديداً جسيما فشدّه في القدّ وقال له أنت الذي تقول :
متى تُعْقَد قرينتُنا بحبلٍ ***** نجد الحبل أو نقص القرينا
أما إني سأقرنك إلى ناقتي هذه فأطردكما جميعاً . فنادى عمرو بن كلثوم : يا لربيعة أَمُثلةٌ قال : فاجتمعت بنو لُجيم فنهوه ولم يكن يريد ذلك به . فسار به حتى أتى قصراً بحجر من قصورهم وضرب عليه قبَّة ونحر لهُ وكساه وحمله على نجيبه وسقاهُ الخمر فلمّا أخذت برأسه تَغَنَى :
أأجمعُ صُحبتي الشَّحَرَ ارتحالاً ***** ولم أشْعــــُرْ بِبَينٍ منك هــالا
ولـــم أرَ مثلَ هـــالَةَ في معَـــدٍّ ***** أُشَبّهُ حســـــْنَها إلاَّ الهِــــلالا
ألا أبْلــــغ بني جُشــــَمِ بْنَ بكرٍ ***** وتغــــلبَ كلّما أتَيـــا حَـــلالا
بأنَّ المـــاجدَ القرْمَ ابن عمـرو ***** غداة نُطاعُ قد صدَقَ القِتـــالا
كتيبَتُـــــــهُ مُلَمــــلمَــــةٌ رَداحٌ ***** إذا يرمـــــونها تُفني النّبـــالا
جزى الله الأغَــــ رَّ يزيدَ خيراً ***** ولقَّاه المسَـــــرَّة والجمــــالا
بمآخذِه ابنَ كُلثــــومَ بنَ عمرٍو ***** يــــزيدُ الخـــيرِ نازَلَــهُ نِزالا
بِجمعٍ مِن بني قــــرَّان صِـــيدٍ ***** يُجيلونَ الطّعـــانَ إذا أجــــالا
يـــزيدُ يُقَـــدّم السُّــــفراءَ حتى ***** يُروّي صدرها الأسَلَ النِّهالا
نشأ عمرو بن كلثوم في بيت يكتنفه الشرف من الطرفين في قبيلة كانت من أقوى القبائـــــل العربية في العصر الجاهلي ، المرهوبة الجانب ، وقد قيل فيها : ( لو أبطأ الإسلام قليلاً لأكلت بنو تغلب الناس ) . إذن نشأ في بيت من أسياد تغلب ، فكان من الطبيــــعي ن أن يكون معجباً بنفسه ، فخوراً بأهله وقومه ، فتوفّرت فيه كل الخصال الحميدة كالشاعرية ، والفروســـــــية ، والخطابة ، والكرَم ، والشجاعة ، وهذا ما جعله يسود قومه في سنّ مُبَكِّرَة ، فذُكِرَ أنه أصبح سيّد قومه وهو ابن خمسة عشر سنة .
أمّا أخباره فلم يذكر التاريخ إلاً النذر اليسير ، ومنه أن الشاعر قضي حياته مُدافعاً عن قومه ، مُشاركاً إياهم في الحروب والغزوات ، مُتنقّلاً معهم كراً وفرَّاً حتى وافته المنيَّة . وأهم أخباره ثلاثة : إنشاده لمعلّقته ـ قتله لعمرو بن هند ـ أسره .
بالنسبة لسبب إنشاده المعلّقة فسببها حادثة نوردها بإيجاز : أرسل عمرو بن هند مجموعة من بني تغلب وبني بكر إلى جبل طيء فنزلوا بموقع يُدعى الطـــرفة وهو لبني شيبـان وتيم الـــلات وهما أحلاف بني بكر فقيل أنهم منعوا التغلبيين عن الماء فماتوا عطشاً وقيل أصابتهم ســـموم ، وسَلِمَ البكريون . فطلبوا بني تغلب ديّات أبنائهم فرفضت بكر الطلب . فاستـعدً التغلبيون وبـــكر للحرب ، ثم وافقوا على التحكيم من قبل عمرو بن ورد ، فطلب من بكر أن يأتوه بسبعين رجلاً من أشراف بكر كرهينة فإن كان الحــــق لتغلب دفعتهم إليهم وإن لم يكن خلَّيت سبيلـــهم . عند الاجتماع جاءت تغلب يمثّلها عمرو بن كلثوم ، وبكر يمثّلها النعمان بن هَرِم وكان عمرو بن هند يؤثر بني تغلب على بكر وبالكلام بين النعمان وعمرو بن هند ، فغضـــــب عمرو بن هند وهَـمّ بطرد النعمان ، فقام عمرو بن كلثوم وارتجل معلّقـه وقال منها ما وافق مقصده ، وقــــــام بعده الحارث بن حلزة وارتجـــل أيضا قصيدته . إلاّ أن عمرو بن هند فضّل قصيدة الحارث واطلق السبعين بكرياً . فحقد عمرو بن كلثوم على الملك .
وبالنسبة لسبب قتله عمرو بن هند : قال عمرو بن هند ذات يوم لندمائه ، هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمّهُ من خدمة أمي ؟ . فقالوا : نعم أمّ عمرو بن كلثوم . قال ولِمَ . قالوا : لأن أباها المهلهل بن ربيعة وعمّها كليب بن وائل أعَزُّ العرب وزجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وابنها عمرو بن كلثوم سيّد قومه . فأرسل الملك إلى عمرو بن كلثوم أن يزوره مع أمّه . فجاء عمرو من الجزيرة إلى الحيرة مع أمّه ليلى ومجمـوعة من تغلب ، طلب الملك حضـــور وجـــوه أهل مملكته . وطلب صرف الخدم . فدخل عمرو بن كلثوم إلى رواق الملك ودخلــت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق . فطلب الملك إحضار المائدة . فقالت هند : ناوليني يا ليلى ذلك الطــبق . فقالت ليلى : لتقم صاحبة الحــاجة إلى حاجتها . فكرّرت هند الطلب فصــــاحت ليلى : وا ذُلاّه يا تغلب ، فسمعها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجههِ ونظر ‘ليه عمرو بن هند فعرف الشــرّ في عينيه . فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيف لعمرو بن هند مُعَلَّق بالرواق وليس هنــاك سيف غيره فضرب بهِ رأس عمرو بن هند ونادى في بني تغلب فانتبهوا في الرواق فغادروا المكان وساروا نحو الجزيرة ، وقيل أن عمرو بن كلثوم أنشـــد عندها معلّقته ، وضُرِبَ به المثل في الفتك . وقام بمعلّقته خطيباً بسوق عكاظ وأيضا في موسم مكّة .
وبالنسبة لخبر أسرِه : أن عمرو بن كلثوم أغار على بني تميم ثُمّ مرّ من غزوه على حيّ من بني قيس بن ثعلبة فملأ يديه منهم وأصاب أسرى وسبــــــايا وكان فيمن أصاب أحمد بن جندل السعدي ثم انتهى إلى بني حنيفة باليمامة وفيهم أناس من عجل . فسمع بها أهل حجر فكان أوّل من أتاه من بني حنيفة بنو سحيم عليهم يزيد بن عمرو بن شمّر فلما رآهم عمرو بن كلثوم قال :
مَمْ عَالَ مِنَّا بَعْدَها فَلا اجْتَبَرْ ***** وَلا سَقَى الماءَ وَلا ارعى الشّجَرْ
بَنُو لُجيمٍ وَجَعَاســيسُ مُضَرْ ***** بِجـــــانبِ الدًّوِّ يُدِيهُـــونَ العَكَــرِ
فانتهى إليه يزيد بن عمرو فطعنه فصرعهُ عن فرسهِ وأسرَه ، وكان يزيد شديداً جسيما فشدّه في القدّ وقال له أنت الذي تقول :
متى تُعْقَد قرينتُنا بحبلٍ ***** نجد الحبل أو نقص القرينا
أما إني سأقرنك إلى ناقتي هذه فأطردكما جميعاً . فنادى عمرو بن كلثوم : يا لربيعة أَمُثلةٌ قال : فاجتمعت بنو لُجيم فنهوه ولم يكن يريد ذلك به . فسار به حتى أتى قصراً بحجر من قصورهم وضرب عليه قبَّة ونحر لهُ وكساه وحمله على نجيبه وسقاهُ الخمر فلمّا أخذت برأسه تَغَنَى :
أأجمعُ صُحبتي الشَّحَرَ ارتحالاً ***** ولم أشْعــــُرْ بِبَينٍ منك هــالا
ولـــم أرَ مثلَ هـــالَةَ في معَـــدٍّ ***** أُشَبّهُ حســـــْنَها إلاَّ الهِــــلالا
ألا أبْلــــغ بني جُشــــَمِ بْنَ بكرٍ ***** وتغــــلبَ كلّما أتَيـــا حَـــلالا
بأنَّ المـــاجدَ القرْمَ ابن عمـرو ***** غداة نُطاعُ قد صدَقَ القِتـــالا
كتيبَتُـــــــهُ مُلَمــــلمَــــةٌ رَداحٌ ***** إذا يرمـــــونها تُفني النّبـــالا
جزى الله الأغَــــ رَّ يزيدَ خيراً ***** ولقَّاه المسَـــــرَّة والجمــــالا
بمآخذِه ابنَ كُلثــــومَ بنَ عمرٍو ***** يــــزيدُ الخـــيرِ نازَلَــهُ نِزالا
بِجمعٍ مِن بني قــــرَّان صِـــيدٍ ***** يُجيلونَ الطّعـــانَ إذا أجــــالا
يـــزيدُ يُقَـــدّم السُّــــفراءَ حتى ***** يُروّي صدرها الأسَلَ النِّهالا