الخصائص النفسية للحمل
د. حسام صطوف
2006-04-28
خاص: "نساء سورية"
الحوافز للحمل
غالباً ما يكون الحمل شئاًء مرغوباً به لأنه ربما يلبي متطلبات نفسية أو اجتماعية. لكن بالطبع ليس لكل الناس.
الحوافز للحمل متنوعة ومعقدة وربما ندرك بعضها فقط, إن الرغبة بالحمل ليست دائما مقترنة بالرغبة بالطفل. وكمثال: قد يراد من الحمل إثبات الشخصية الجنسية. وهذا نلحظه كثيرا في بلادنا -فهو رجل بقدر ما ينجب وهي ملعونة ما فيها أولاد-أو ربما لإثبات سلامة الجهاز التكاثري وهذا نلحظه بالفكرة الشائعة لدينا بوجوب حدوث الحمل في أول سنة من الزواج وتزاحم الزوجات الجدد على عيادات العقم بمجرد انقضاء بضعة أشهر على زواجها بالرغم من أن الطب لا يعترف بنقص الخصوبة أو العقم قبل مضي سنة على الزواج فالحمل في هذه الحالة لإثبات القدرة على الإنجاب وتلبية لضغوطات المجتمع والعائلة, وأظن أن الطفل هو آخر سبب لطلب الحمل في هذه الحالات.
قد يكون الحمل استجابة لفقدان عزيز, أو نتيجة الشعور بالوحدة, فعندما ترزق المرأة بطفل فهذا يعني توفر من تحب ومن يحبها بدوره ويحترمها ويقدر وجودها, ونلاحظ في بلادنا رغبة من عاشوا وحيدين بإنجاب الكثير من الأطفال ليعوضوا سنين وحدتهم ويملؤوا البيت من حولهم بالأطفال.
قد يكون الحمل طريقة للتقرب من الزوج, أو للتمسك به عندما تضعف العلاقة الزوجية, أو كما ذكرت سابقا تلبية لمتطلبات العائلة والمجتمع -هالولد بدو أخ والهالبنت بدها أخت ولازم تجيب صبي يحمل اسمك ولازم تجيب بنت لأنو البنت حنونة على أهلها والى غير ذلك- وفي بلاد الغرب-قد توجد لدينا- لدى المراهقين نوع من الندية للأهل أو العصيان, أو نتيجة الاكتئاب كلها قد تكون مبرر للحمل في هذا السن الحساس.
قد تكون الراحة من العمل الشاق، بعد أن وصلت السيدة للحرفنة في عملها، فهي مشرفة فقط، حافزاً للحمل. وهذا نلحظه لدى السيدات في أواخر سن الإنجاب. فهي فرصة لرعاية طفل. ولكن هذه ظاهرة أظنها غير موجودة لدينا. لكن ربما تظهر مع تغير المجتمع.
طبعا ربما تكون موجودة لدى الرجال مع التنويه أن هذه المحفزات يشترك بها الجنسين وليست حكر على المرأة.
طبعا لدى بعض الثقافات الإنجاب مقترن بالخلود وخاصة إنجاب الذكور فهم سيحملون اسم العائلة للأجيال القادمة, ونحن جزء فعال جدا في هذه الثقافة ومن قال أننا غير فاعلين في الثقافة الإنسانية!!
وبغض النظر عن الضغوط متعددة الأسباب التي تلعب دورا مهما في خيارات المرأة الإنجابية فهي تواجه ضغوطا أخرى أثناء فترات الحمل المتلاحقة والتي سآتي على ذكرها لاحقاً.
وفي النهاية فإن المجتمع من الفرد وبقدر ما نكون قادرين على الارتقاء بسوية الفرد نعكس هذه المقدرة على المجتمع. فإنجاب طفل سليم العقل والجسد هو مشروع قائم بحد ذاته من غير المقبول في عصرنا هذا أن نبرر حدوثه بهفوة أو غلطة كما نسمع, أو لإرضاء المحيط الغير قادر على مساعدة نفسه لا ماديا ولا معنويا, فالإنجاب مشروع بناء إنسان من غير المنطقي أن يكون ردة فعل لقول فلان من الناس أو إرضاء آخر. وفي هذا المضمار كثيرا ما أُسأل ما هي الغاية من اختصاص التوليد وقد كانت النساء تحمل وتلد من دون وجود الأطباء الاختصاصيين في هذا الموضوع.
فيكون جوابي بأن طب التوليد والأمومة وجد للارتقاء بالجنس البشري ككل العلوم فالغاية هي النوع وليس العدد, فما الفائدة من حمل نتيجته طفل متخلف عقليا أو مشلول من أثر نزف دماغي أثناء الولادة, وما الفائدة من امرأة ليس لديها وقت إلا للحمل والإنجاب والإرضاع فكل الأبحاث حاليا تركز على ضرورة الوصول بالأم والجنين لبر الأمان فحمل واحد نتيجته طفل معافى خير من أربعة حمول ينتهوا بموت الجنين أو يكون الطفل معاق أو غير قادر على التعلم.
فالتوليد يهتم بالمرأة لتكون عنصر فعال بالمجتمع إلى جانب وظيفتها الإنجابية والعناية بالجنين ليكون أيضا عضوا فاعلا بالمجتمع لا عالة عليه.
وهكذا نلاحظ أن في هذا السؤال جهل لقيمة الإنسان بشكل عام وقيمة حياة المرأة وحقها بالعيش فمن المعروف الأخطار التي تهدد حياة المرأة أثناء الحمل والولادة واختزال لدور المرأة لربة منزل فقط وعدم الاهتمام إلا بالعدد والرزق على الله.
إن الطفل في وقتنا هذا يطرح تحديات ليس من السهل مواجهتها, أولها الرعاية الصحية, وأهمها التعليم وحاليا للتعليم أدوات قد يكون من الصعب الحصول عليها كالكمبيوتر والمراجع ودورات اللغة والسفر لحضور المؤتمرات والندوات وإلى غير ذلك من تحديات لطالبين المعرفة, وهذا كله يعني الحاجة لاقتصاد قادر على تلبية هذه المتطلبات ومن غير المعقول أن تستطيع الأسرة أن توفر لأبنائها هذه الأموال إلا بالإقلال من عدد الأولاد.
فالمشكلة في أن تنشئ أولادك لا في أن تطعمهم ولو استمرينا في هذا المنطق لغدونا عاجزين عن إطعام أبنائنا أيضا طبعا دون التطرق للحاجات الأساسية الأخرى.
ولا أظن أن أحدا لم يلتق بأحد الناقمين على آبائهم لجلبهم لهذه الحياة بعد أربعة أطفال أو أكثر فالإنجاب حق مشروع للفرد لكن للمجتمع حق على الفرد أن يصون ويعتني بهذا المخلوق ليكون قادرا على الوصول بالمجتمع لمصافي المجتمعات المتطورة.
د. حسام صطوف
2006-04-28
خاص: "نساء سورية"
الحوافز للحمل
غالباً ما يكون الحمل شئاًء مرغوباً به لأنه ربما يلبي متطلبات نفسية أو اجتماعية. لكن بالطبع ليس لكل الناس.
الحوافز للحمل متنوعة ومعقدة وربما ندرك بعضها فقط, إن الرغبة بالحمل ليست دائما مقترنة بالرغبة بالطفل. وكمثال: قد يراد من الحمل إثبات الشخصية الجنسية. وهذا نلحظه كثيرا في بلادنا -فهو رجل بقدر ما ينجب وهي ملعونة ما فيها أولاد-أو ربما لإثبات سلامة الجهاز التكاثري وهذا نلحظه بالفكرة الشائعة لدينا بوجوب حدوث الحمل في أول سنة من الزواج وتزاحم الزوجات الجدد على عيادات العقم بمجرد انقضاء بضعة أشهر على زواجها بالرغم من أن الطب لا يعترف بنقص الخصوبة أو العقم قبل مضي سنة على الزواج فالحمل في هذه الحالة لإثبات القدرة على الإنجاب وتلبية لضغوطات المجتمع والعائلة, وأظن أن الطفل هو آخر سبب لطلب الحمل في هذه الحالات.
قد يكون الحمل استجابة لفقدان عزيز, أو نتيجة الشعور بالوحدة, فعندما ترزق المرأة بطفل فهذا يعني توفر من تحب ومن يحبها بدوره ويحترمها ويقدر وجودها, ونلاحظ في بلادنا رغبة من عاشوا وحيدين بإنجاب الكثير من الأطفال ليعوضوا سنين وحدتهم ويملؤوا البيت من حولهم بالأطفال.
قد يكون الحمل طريقة للتقرب من الزوج, أو للتمسك به عندما تضعف العلاقة الزوجية, أو كما ذكرت سابقا تلبية لمتطلبات العائلة والمجتمع -هالولد بدو أخ والهالبنت بدها أخت ولازم تجيب صبي يحمل اسمك ولازم تجيب بنت لأنو البنت حنونة على أهلها والى غير ذلك- وفي بلاد الغرب-قد توجد لدينا- لدى المراهقين نوع من الندية للأهل أو العصيان, أو نتيجة الاكتئاب كلها قد تكون مبرر للحمل في هذا السن الحساس.
قد تكون الراحة من العمل الشاق، بعد أن وصلت السيدة للحرفنة في عملها، فهي مشرفة فقط، حافزاً للحمل. وهذا نلحظه لدى السيدات في أواخر سن الإنجاب. فهي فرصة لرعاية طفل. ولكن هذه ظاهرة أظنها غير موجودة لدينا. لكن ربما تظهر مع تغير المجتمع.
طبعا ربما تكون موجودة لدى الرجال مع التنويه أن هذه المحفزات يشترك بها الجنسين وليست حكر على المرأة.
طبعا لدى بعض الثقافات الإنجاب مقترن بالخلود وخاصة إنجاب الذكور فهم سيحملون اسم العائلة للأجيال القادمة, ونحن جزء فعال جدا في هذه الثقافة ومن قال أننا غير فاعلين في الثقافة الإنسانية!!
وبغض النظر عن الضغوط متعددة الأسباب التي تلعب دورا مهما في خيارات المرأة الإنجابية فهي تواجه ضغوطا أخرى أثناء فترات الحمل المتلاحقة والتي سآتي على ذكرها لاحقاً.
وفي النهاية فإن المجتمع من الفرد وبقدر ما نكون قادرين على الارتقاء بسوية الفرد نعكس هذه المقدرة على المجتمع. فإنجاب طفل سليم العقل والجسد هو مشروع قائم بحد ذاته من غير المقبول في عصرنا هذا أن نبرر حدوثه بهفوة أو غلطة كما نسمع, أو لإرضاء المحيط الغير قادر على مساعدة نفسه لا ماديا ولا معنويا, فالإنجاب مشروع بناء إنسان من غير المنطقي أن يكون ردة فعل لقول فلان من الناس أو إرضاء آخر. وفي هذا المضمار كثيرا ما أُسأل ما هي الغاية من اختصاص التوليد وقد كانت النساء تحمل وتلد من دون وجود الأطباء الاختصاصيين في هذا الموضوع.
فيكون جوابي بأن طب التوليد والأمومة وجد للارتقاء بالجنس البشري ككل العلوم فالغاية هي النوع وليس العدد, فما الفائدة من حمل نتيجته طفل متخلف عقليا أو مشلول من أثر نزف دماغي أثناء الولادة, وما الفائدة من امرأة ليس لديها وقت إلا للحمل والإنجاب والإرضاع فكل الأبحاث حاليا تركز على ضرورة الوصول بالأم والجنين لبر الأمان فحمل واحد نتيجته طفل معافى خير من أربعة حمول ينتهوا بموت الجنين أو يكون الطفل معاق أو غير قادر على التعلم.
فالتوليد يهتم بالمرأة لتكون عنصر فعال بالمجتمع إلى جانب وظيفتها الإنجابية والعناية بالجنين ليكون أيضا عضوا فاعلا بالمجتمع لا عالة عليه.
وهكذا نلاحظ أن في هذا السؤال جهل لقيمة الإنسان بشكل عام وقيمة حياة المرأة وحقها بالعيش فمن المعروف الأخطار التي تهدد حياة المرأة أثناء الحمل والولادة واختزال لدور المرأة لربة منزل فقط وعدم الاهتمام إلا بالعدد والرزق على الله.
إن الطفل في وقتنا هذا يطرح تحديات ليس من السهل مواجهتها, أولها الرعاية الصحية, وأهمها التعليم وحاليا للتعليم أدوات قد يكون من الصعب الحصول عليها كالكمبيوتر والمراجع ودورات اللغة والسفر لحضور المؤتمرات والندوات وإلى غير ذلك من تحديات لطالبين المعرفة, وهذا كله يعني الحاجة لاقتصاد قادر على تلبية هذه المتطلبات ومن غير المعقول أن تستطيع الأسرة أن توفر لأبنائها هذه الأموال إلا بالإقلال من عدد الأولاد.
فالمشكلة في أن تنشئ أولادك لا في أن تطعمهم ولو استمرينا في هذا المنطق لغدونا عاجزين عن إطعام أبنائنا أيضا طبعا دون التطرق للحاجات الأساسية الأخرى.
ولا أظن أن أحدا لم يلتق بأحد الناقمين على آبائهم لجلبهم لهذه الحياة بعد أربعة أطفال أو أكثر فالإنجاب حق مشروع للفرد لكن للمجتمع حق على الفرد أن يصون ويعتني بهذا المخلوق ليكون قادرا على الوصول بالمجتمع لمصافي المجتمعات المتطورة.